< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/10/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

مطلبان يرتبطان بالبحث:-

المطلب الأول:- قد يقال إنَّ المرجّح لأحد الخبرين المتعارضين ليس هو الموافقة للكتاب الكريم بل هو عدم المخالفة له.

والفرق بين الموافقة وعدم المخالفة واضح، وهو أنَّ الموافقة شرطها وجود مضمون الخبر في الكتاب الكريم فحينئذٍ يصدق على الخبر أنه موافقٌ لكتاب الكريم، أما عدم المخالفة فيكفي فيها عدم وجود مضمون الخبر في الكتاب الكريم رأساً.

والجواب:- إنه لابد من التفرقة بين شيئين، بين حجية الخبر في حدّ نفسه وبذاته بقطع النظر عن وجود المعارض له وبين أن يكون له معارض، فالخبر في حدّ نفسه إذا لم يكن مضمونه مخالفاً للكتاب الكريم فهو حجة وهذا هو مناط حجية الخبر، وأما إذا كان للخبر خبرٌ آخر معارض فحينئذٍ لا يكفي في حجيته عدم مخالفته للكتاب الكريم بل تلزم موافقته له.

المطلب الثاني:- إنَّ المخالفة الموجبة لسقوط الخبر المعارض عن الحجية هل هي المخالفة بنحو التباين للكتاب الكريم أو هي المخالفة بنحو العموم من وجه؟

والجواب:- إنَّ المخالفة المقصودة ليست بهذين النحوين، فإنَّ المخالفة إذا كانت بنحو التباين أو بنحو العموم من وجه فيمكن أن يقال إنها تُسقِط الخبر عن الحجية في حدّ نفسه بقطع النظر عن وجود المعارض له، فإذا جاءنا خبر ليس له خبر معارض ولكنه كان مخالفاً للكتاب الكريم بنحو التباين أو العموم من وجه فهذا يكون ساقطاً عن الحجية في حدّ نفسه.

وعليه فالمخالفة للكتاب الكريم التي توجب سقوط الخبر عن الحجية في حالة المعارضة هي ما إذا كانت المخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق لا بنحو التباين ولا بنحو العموم من وجه.

ويوجد مطلب آخر يجدر الالتفات إليه:- وهو أنه حينما نقول إذا كان الخبر موافقاً للعامة فعند المعارضة بخبرٍ آخر مخالف لهم يسقط الخبر الموافق لهم عن الحجة وأما المخالف لهم فهو الحجة أيَّ مخالفةٍ وأيّ موافقةٍ توجب ذلك؟

الجواب:- قد يتوهم أنَّ المقصود هو الموافقة أو المخالفة لرواياتهم، وهو أننا نرجع إلى كتبهم الروائية ونلاحظ رواياتهم في المسألة فإذا جاءنا من قبل أئمتنا روايتان متعارضتان فالرواية الموافقة لرواياتهم تسقط عن الاعتبار وأما المخالفة لرواياتهم تكون هي المعتبرة.

ولكن نقول:- إنَّ هذا شيءٌ مقبولٌ ولكن ليس المدار على الموافقة والمخالفة لرواياتهم فقط بل المدار على الموافقة والمخالفة ولو لفتاواهم أيضاً، فإذا وجدت عندهم فتاوى معروفة بينهم فالرواية الموافقة لفتاواهم تحمل على التقية وتسقط عن الاعتبار وأما المخالفة فتكون حجة.

فإذاً المدار ليس على الموافقة والمخالفة لرواياتهم بل تكفي الموافقة والمخالفة لفتاواهم أيضاً.

إن قلت:- من أين لك هذا التعميم ؟

قلت:- إن كان هناك اطلاق في روايات المتعارضين وأنه يؤخذ بما خالف العامة وكان يفهم منه الاطلاق لما خالف رواياتهم وفتاواهم أيضاً فسوف نأخذ به، وإن فرض عدم وجود اطلاقٍ والقدر المتيقن كان هو الروايات فقط فيمكن أن نعمم الامر للموافقة أو المخالفة لآرائهم من خلال التمسك بفكرة إلغاء الخصوصية - المعبر عنها اصولياً بتنقيح المناط[1] - بمعنى أنَّ الائمة عليهم السلام حينما كان يصدر منهم الخبر الموافق للعامة نقول إنه لا خصوصية للموافقة لرواياتهم بل أعم من كون فتوى الامام موافقة لرواياتهم أو فتاواهم، فإنَّ الامام عليه السلام إذا كان يحذر على شيعته فالحذر يتناسب مع التقية من حيث الروايات ومن حيث الفتاوى، وعليه فلا خصوصية لخصوص الموافق لرواياتهم، بل إذا فرض أنَّ الرواية الصادرة من المعصوم عليه السلام كانت موافقة لبعض آرائهم المهمة ومن فقائهم المعروفين كفى ذلك في حملها على التقية.


[1] والتي يعبر عنها في بعض الموارد بمناسبات الحكم والموضوع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo