< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حكم التعارض على مقتضى القاعدة الثانوية - تعارض الادلة.

أمورٌ جانبيةٌ في مجال حجية الخبر:-

الأمر الأول:- إذا كان عندنا خبرٌ اطلاقه يخالف الكتاب الكريم بنحو العموم من وجه ففي مثل هذه الحالة هل يسقط اطلاقه فقط عن الحجية - أي تسقط سعة هذا الاطلاق التي هي المخالفة للكتاب الكريم - دون ذات الخبر - فإنَّ ذات الخبر ليس مخالفاً للكتاب الكريم وإنما اطلاقه وسعته هي المخالفة للكتاب الكريم – أو أنه يسقط بالكامل حتى ذات الخبر؟

والجواب:- إذا كان الاطلاق هو الذي يخالف الكتاب الكريم دون ذات الخبر فالمناسب هو سقوط الاطلاق فقط دون ذات الخبر، لأنَّ سعة الخبر واطلاقه هي المخالفة للكتاب الكريم.

ولو تنزّلنا وقلنا إنَّ المخالفة كما تصدق على اطلاق الخبر هي تصدق أيضاً على ذات الخبر ولكن يمكن أن يقال إنَّ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي التضييق بخصوص الاطلاق، فالاطلاق هو الذي يسقط، يعني صحيح أنَّ كامل الخبر يصدق عليه أنه مخالفٌ للكتاب الكريم ولكن رغم هذا نقول إنَّ الساقط عن الحجية هو الاطلاق فقط دون ذات الخبر؛ إذ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي أنَّ مقدار المخالف للكتاب الكريم هو الذي يسقط، والمقدار المخالف له حقيقةً هو حيثية الاطلاق دون ذات الخبر، وحينئذٍ لا موجب لسقوط ذات الخبر عن الاعتبار.

الامر الثاني:- هل المدار في سقوط الخبر عن الاعتبار على مخالفة الكتاب الكريم بعنوانه وخصوصه أو يعم كل دليلٍ قطعي وإن لم يكن هو الكتاب الكريم كالسنَّة المتواترة فإنها تفيد القطع، فلو كان هناك خبر يخالف هذه السنَّة القطعية هل يسقط عن الاعتبار كسقوطه لو كان مخالفاً للكتاب الكريم أو لا يسقط؟، فهل هناك خصوصية لمخالفة الكتاب الكريم أو أنَّ السقوط عن الحجية يعم كل خبرٍ يخالف الدليل القطعي أعم من كون ذلك الدليل القطعي هو القرآن الكريم أو السنَّة القطعية؟

والجواب:- لا يبعد أنَّ المناسب هو التعدّي إلى كل دليلٍ قطعي، فإنَّ العرف يفهم من سقوط الخبر المخالف للكتاب الكريم هو أنه يسقط لأجل أنَّ الكتاب الكريم شيءٌ قطعيٌ ويمثل حكماً قطعياً عن الله عزَّ وجل، فإذا كانت النكتة هي هذه فمن المناسب تعميم ذلك لمخالفة كل دليلٍ قطعي من دون خصوصيةٍ للكتاب الكريم.

الامر الثالث:- قد يخطر إلى الذهن شبهة واشكال فيقال:- إذا كان الخبر مخالفاً للكتاب الكريم فحيث إنَّ الكتاب الكريم يمثّل دليلاً قطعياً فحينئذٍ لا نحتاج في سقوط الخبر المخالف للكتاب الكريم إلى نصٍّ خاصٍّ يدل على ذلك وإنما يمكن أن نحكم بذلك من دون حاجةٍ إلى رواية خاصة فنقول إنَّ الخبر متى ما خالف الكتاب الكريم سقط عن الاعتبار، وإذا كان عندنا خبران احدهما موافق للكتاب الكريم والآخر مخالف له فالمخالف للكتاب ساقط عن الاعتبار من دون حاجةٍ إلى ورود روايات تدل على ذلك، والنكتة في ذلك هي أنَّ الكتاب الكريم حيث إنه دليلٌ قطعيٌ فالحكم الذي نستفيده منه سوف يكون قطعياً، ومع القطع بالحكم المستفاد من الكتاب الكريم سوف نقطع ببطلان الخبر المخالف له؛ إذ المفروض أننا قطعنا بمضمون الكتاب الكريم فالمخالف له سوف نقطع بكذبه وبالتالي يسقط عن الحجية من دون حاجةٍ إلى ورود طائفةٍ من الاخبار تدل على أنه عند تعارض الخبرين يطرح المخالف للكتاب الكريم ويؤخذ بالموافق له.

وفي الجواب عن هذه الشبهة نقول:- إنَّ هذا يتم فيما إذا كانت دلالة الكتاب الكريم قطعية كنسبته إلى الله عزَّ وجل فإنها قطعية، فإذا كان الحكم الذي استفدناه من الكتاب الكريم قطعياً فما ذكر يكون تاماً، كما إذا فرض أنَّ الكتاب الكريم كان يدل على حكمٍ معينٍ على مستوى النصّ والصراحة لا يقبل التشكيك لا أنه دلَّ عليه بمستوى الظاهر فهنا سوف نقطع ببطلان الحكم المخالف له، ولكن ليس الأمر كذلك وإنما الكتاب الكريم عادةً دلالته تكون على مستوى الظهور وليس على مستوى الصراحة، وعليه فلا يمكن أن يحصل قطعٌ بالحكم من الكتاب الكريم حتى يكون المخالف له مقطوع البطلان إلا في بعض الموارد التي تكون فيها دلالة الكتاب الكريم على مستوى الصراحة في آيةٍ واحدةٍ أو أكثر فهنا يكون ما ذكر في هذه الشبهة تاماً وإلا فلا يتم، وعادةً الأمر ليس كذلك حتى تأتي هذه الشبهة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo