الموضوع:- موارد أخرى لتقديم بعض الأدلة على بعضها الآخر - تعارض الادلة.

المورد الثامن:- ما إذا فرض وجود ثلاث طوائف من الروايات الأولى تثبت كفارةً واحدةً على من افطر في شهر رمضان وهي الاطعام مثلاً والثانية تثبت عليه كفارة الجمع، وفي مثل هذه الحالة يحصل التنافي بين الروايتين، فإذا فرض مجيء رواية ثالثة تفصّل وتقول ( إذا افطر على الحلال فعليه كفارة واحدة وإذا افطر على الحرام فعليه كفارة الجمع ) فهنا نقول إنَّ الطائفة الثالثة تصلح أن تصير شاهد جمعٍ بين الروايتين الأولى والثانية فنقول إنه بقرينة الرواية الثالثة المفصِّلة تحمل الرواية الأولى على من افطر على الحلال وتحمل الرواية الثانية على من افطر على الحرام.

وهناك موردٌ آخر قد يُعدُّ مورداً تاسعاً:- وهو ما إذا فرض أنه كان لدينا خبرٌ مردّدٌ بين احتمالين إما هذا الاحتمال أو ذاك الاحتمال ويأتي خبرٌ آخر ينفي أحد هذين الاحتمالين فهنا قد يقال سوف يتعين كون المقصود من الخبر الأول هو ذلك الاحتمال الآخر غير المنفي بالخبر الثاني، كما لو فرض أنه جاءت وراية تقول ( من افطر فعليه الكفارة ) وسكتت عن كونها كفارة جمعٍ أو كفارة الواحدة وجاءت رواية ثانية تقول ( من افطر فلا تجب عليه كفارة الجمع )، فتصير الرواية الثانية شاهداً على تعيّن أحد الاحتمالين في الرواية الأولى وهو الكفارة الواحدة وينتفي الاحتمال الثاني الذي هو كفارة الجمع.

ولكن نقول:- إنَّ عدّ هذا مورداً تاسعاً ليس في محلّه فإنَّ كلامنا هو فيما إذا حصل تعارض بين الروايات ونأتي بروايةٍ ثالثة لترفع هذا التعارض، بينما هذا المورد ليس من التعارض بين الروايات وإنما هي رواية واحدة مجملة قالت ( من افطر فعليه الكفارة ) ولا نعرف أنها كفارة واحدة أو هي كفارة جمعٍ ثم جاءت الرواية الثانية التي نفت أحد هذين الاحتمالين فرفعت الاجمال في الأولى لا أنها رفعت التعارض بين روايتين وفرقٌ بين المطلبين، فهذا رفع للاجمال وليس رفعاً للتعارض بين الروايات.

وبهذا ننهي كلامنا عن هذا الموضوع وبالتالي نختم كلامنا عن التعارض غير المستقر.

التعارض المستقر:-

وهذا التعارض له نحوان، فمرة يكون بنحو التباين الكلي مثل ( اكرم كل فقير ) ثم تأتي الرواية الثانية وتقول ( لا يجوز اكرام الفقير )، وأخرى يكون التباين بنحو العموم والخصوص من وجه، وعلى كلا التقديرين تارةً يقع الكلام فيما يقتضيه الاصل الاولي وأخرى فيما يقا تقتضيه الاخبار العلاجية.