< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

المورد الثالث[1] :- الاطلاق الشمولي والبدلي.

ومن امثلته ( لا تكرم الفاسق ) و( اكرم عالماً )، فإنَّ الاطلاق في ( اكرم عالماً ) بدلي وفي ( لا تكرم الفاسق ) شمولي - يعني أيُّ فاسقٍ لا تكرمه وإن كان عالماً، والسؤال:- لو اجتمع الاطلاق البدلي مع الاطلاق الشمولي هل يقدم الاطلاق الشمولي على البدلي وبالتالي لا يجزي اكرام الفاسق رغم كونه عالماً أو لا تقديم للاطلاق الشمولي؟

إنَّ هذه قضية وقعت محلاً للخلاف بين العلمين الشيخ الاعظم( قده) وتلميذه الشيخ الخراساني(قده):-

أما الشيخ الأعظم(قده) في مطارح الانظار[2] :- فقد قدم الاطلاق الشمولي على البدلي، وتكون النتيجة هي أنه لا يجوز اكرام العالم الفاسق، فإنَّ الاطلاق الشمولي الذي يقول ( لا تكرم الفاسق ) هو المقدَّم، يعني أيّ فاسقٍ لا تكرمه بما في ذلك العالم.

وعلق الشيخ الخراساني(قده) في كفايته[3] وقال :- إنه لا موجب لتقديم للاطلاق الشمولي على البدلي بعد كون مدركهما معاً هو الاطلاق ومقدمات الحكمة؟!

وانتصر السيد الشهيد(قده) للشيخ الأعظم(قده)[4] وقال:- إنَّ الاطلاق الشمولي يدل على احكامٍ متعددة بعدد افراد الفاسق، فهذا الفاسق لا تكرمه وذاك الفاسق لا تكرمه ... وهكذا، بينما الاطلاق البدلي يدل على حكمٍ واحدٍ - يعني وجوب واحد للاكرام - غايته أنَّ المكلف مرخَّص في تطبيقه على هذا العالم أو ذلك العالم الثاني أو ذلك العالم الثالث ... وهكذا، وباتضاح هذا يقال:- إنَّ اهتمام المتكلم في بيان أصل الحكم اقوى من اهتمامه في بيان سعته شمولاً وضيقاً، ويترتب على هذا تقديم الاطلاق الشمولي لأنه يدل على احكامٍ متعددةٍ بعدد افراد العالم، فلو كان عدد العلماء مائة فهو يشتمل على مائة حكمٍ بوجوب الاكرام، وبالتالي مادام اهتمام المتكلم ببيان أصل الحكم اقوى من اهتمامه ببيانه سعةً وضيقاً فيكون الاطلاق الشمولي - الذي هو مثل ( لا تكرم الفاسق ) - هو احكام متعددة واهتمام المتكلم ببيان اصل الحكم اقوى من اهتمامه بستعته الموجودة في ( اكرم عالماً ) فإنه باطلاقه وسعته يشمل حتى الفاسق، فإذا كان اهتمام المتكلم ببيان اصل الحكم اقوى من اهتمامة بستعه وضيقه فيكون الدليل الأول - وهو الخطاب الشمولي الذي هو ( لا تكرم الفاسق ) - هو الاقوى فيكون هو المتقدم على اطلاق (أكرم عالماً)[5] .

وفي التعليق نقول:- إنَّ ما افيد – من أنَّ اهتمام المولى ببيان الحكم اقوى من اهتمامه ببيان سعته وضيقه - وجيه إذا فرض أنَّ الانحلال والتعدد في الحكم كان صادراً من نفس المولى بأن فرض أنه بنفسه قال ( لا تكرم الفاسق العالم ولا تكرم الفاسق غير العالم ولا تكرم الفاسق الشاعر ولا تكرم الفاسق الكاتب ... ولا تكرم الفاسق العالم ) فهو بنفسه قد اصدر أحكاماً متعددة بعدد افراد الفاسق، ولكن المفروض في محل كلامنا هو أنَّ المولى في مقام الجعل والتشريع لم تصدر منه احكام متعددة بعدد افراد الفاسق كي يقال إنَّ احدها هو الفاسق العالم وأنه لا تكرمه وإنما الصادر منه في مقام الجعل في كلا الحكيمن هو حكمٌ واحد وليس أحكاماً متعددة، نعم التعدد هو في مقام الانحلال وتطبيق الحكم على مصاديقه لا أنه متعدد في مقام الجعل، ومعه يكون الصادر من المولى في مقام الجعل واحداً سواء كان الاطلاق شمولياً أم بدلياً، وبعد كونه واحداً فلا مجال حينئذٍ لتطبيق قاعدة ( انَّ اهتمام المولى في بيان اصل الحكم اقوى من اهتمامه في بيان سعته وضيقه )، وعليه فيكون ما ذكره السيد الشهيد(قده) قابل للمناقشة.


[1] هذا هو المورد الثالث من الموارد التي وقع فيها كلام وهل هي من موارد الجمع العرفي أو لا.
[5] وهناك توجد مقدمة لم نذكرها وهي إنَّ اقوى الدليلين لابد وأن يكون هو المقدَّم والاقوى ما كان اطلاقه شمولياً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo