< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

والجواب:- إنه إذا نظرنا إلى الطائفة الاولى مع الطائفة الثانية لوجدنا بينهما معارضة، وفي مثل هذه الحالة نقول بانقلاب النسبة حيث نقول نحن نأخذ الطائفة الأولى التي جعلت المدار في التنجّس على التغير مع الطائفة الثالثة الواردة في الماء القيليل إذا لاقته والتي حكمت بالتنجس فنرى إنَّ الطائفة الثالثة أخصُّ من الطائفة الأولى، فإنَّ الأولى باطلاقها تشمل الكثير والقليل فتأتي الطائفة الثالثة وتخرج القليل منها وتبقى الطائفة الأولى خاصة بالماء الكثير، وبعدما صارت الطائفة الأولى مخصَّصة فسوف تصير النتيجة هي أنَّ غير القليل - يعني ما كان كرّاً فما فوق - لا ينجّس بالملاقاة إلا إذا تغير بأوصافها، وهذا سوف يعارض الطائفة الثانية، لأنَّ الطائفة الثانية قالت الكرّ لا يتنجّس مطلقاً - يعني حتى إذا تغير - فصارت النسبة بينهما نسبة الخاص والعام وحينئذٍ نقيد الطائفة الثانية فنخرج منها حالة التغير ونقول الماء الكثير لا يتنجس إلا إذا تغير، فإنَّ النسبة بين الطائفة الثانية وبين الطائفة الأولى قد انقلبت إلى نسبة الأخص والاعم، وهذا الانقلاب إنما حصل بسبب اجراء تقييد الطائفة الأولى التي تقول المدار في الماء غير القليل على التغير، لأنَّ القليل قد خرج بالطائفة الثالثة، فالطائفة الأولى تجعل المدار على التغير بينما الطائفة الثانية هي أعم حيث تقول إذا كان الماء كراً لا يتنجس تغير أو لم يتغير، فتصير الطائفة الاولى التي جعلت المدار على التغير والتي خرج منها القليل بسبب الطائفة الثالثة أخصَّ من الطائفة الثانية فتقيد الطائفة الثانية.

هذه هي فكرة انقلاب النسبة، وحاصلها أنه توجد ثلاثة اصنافٍ من الأدلة النسبة بين بعضها وبعضٍ أعم مطلقاً والنسبة بين بعضها والبعض الآخر هي التباين، وحينئذٍ نحن نخصّص الطائفة الاعم بالطائفة الأخص، وبعد هذا التخصيص لعل النسبة بحسب النتيجة تنقلب بينها وبين تلك الطائفة الاخرى فيحصل تخصيصٌ لتلك الطائفة الاخرى كما مثلنا.

وهل انقلاب النسبة مقبول أو ليس بمقبول؟

والجواب:- قد يدّعى أنه من الجمع العرفي، ولكن نقول: إنه ليس من المصاديق الواضحة، ونحن اتينا بهذا المثال كشاهدٍ على ما نقول.

هذا كله فيما إذا فرض أنَّ النسبة بين الأدلة كانت كما ذكرنا، وأما إذا فرض أنه كان لدينا عامٌّ واحدٌ وورد عليه مخصِّصان فهل نخصصه أولاً بالمخصّص الأول ثم نلاحظ النسبة بعد التخصيص بينه وبين المخصص الثاني ويكون من موارد انقلاب النسبة أو اننا نخصّص العام بهذين الأخصّين دفعةً واحدةً وفي آنٍ واحدٍ ولا يكون من موارد انقلاب النسبة؟ إنَّ هذا ليس من انقلاب النسبة المقصود، بل يلزم أن نخصّص العام بهما دفعةً واحدة، وإنما كلامنا في المثال الذي أوردناه وهو أنَّ النسبة لم تكن نسبة الخاصين إلى العام الواحد وإنما هي نسبة الخاص إلى العام ونسبة الاعم من وجه إلى الاعم من وجه، يعني يوجد بين العام وأحد الخاصين نسبة العموم والخصوص من وجه، وتوجد بين العام والخاص الثاني نسبة العموم والخصوص المطلق لا ما إذا كانت النسبة هي نسبة العام الواحد إلى الخاصّين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo