< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

الوجه الثالث:- أن يقال إنَّ وجوب امتثال كل تكليفٍ هو مقيدٌ عقلاً بعدم المزاحمة بتكليفٍ آخر معلوم الأهمية أو معلوم المساواة في الملاك أما إذا كان مزاحماً بتكليفٍ آخر أهم ملاكاً فلا يجب امتثال التكليف الأول، وأما إذا كان مزاحماً بتكليفٍ يعلم بمساواته له في الملاك فأيضاً لا يتعين امتثال التكليف الأول بل يتمكن المكلف أن يأخذ بالتكليف الثاني.

وبناءً على هذا يتضح أنه إذا كان أحد التكليفين إما أهم أو مساوٍ في الملاك للتكليف الآخر كالصلاة مع الاوالة فإنَّ الصلاة واجبة في ضيق وقتها الازالة أيضاً كانت مضيَّقة ففي مثل هذه الحالة نقول حيث نحتمل أهمية وجوب الصلاة - لأنها عمود الدين مثلاً - فيصير وجوب الازالة مقيداً بعدم وجوب الصلاة التي هي أهم أو مساوية في الملاك، فعند التزاحم بينهما تقدَّم الصلاة لأنَّ ملاكها إما أهم أو مساوٍ ولا نحتمل أنه أقل أهمية من الازالة حسب الفرض، وهذا بخلاف وجوب الازالة فإننا نحتمل كون ملاكها مساوياً أو اقل أهمية من وجوب الصلاة فعند المزاحمة بينهما في ضيق الوقت تقدم الصلاة لأنَّنا قد افترضنا أنَّ ملاكها إما أهم أو لا أقل هو مساوٍ لملاك الازالة أما أنه اقل أهمية فهذا ليس بمحتمل لأننا قد فرضنا ذلك، وهذا بخلاف وجوب الازالة فإننا قد فرضنا أنَّ ملاكها أقل أهميةً من ملاك الصلاة، وعليه فدائماً حينما يتزاحم واجبان بهذا الشكل يتقدم الأهم أو المساوي ملاكاً على الآخر، وهذه قاعدة كلية.

والسؤال:- كيف نثبت أنَّ وجوب أي واجبٍ هو مقيدٌ بعدم الزاحمة بما هو أهم ملاكاً أو مساوياً له في الملاك، فكيف تثبت أنَّ المدار على العلم وأنه يلزم تقديم ما يعلم بكونه إما أهم أو مساوٍ في الملاك وأما الذي لا يعلم بكونه أهم أو مساوياً في الملاك فلا يقدم، فمن أين اتينا بهذا القيد؟

والجواب:- صحيحٌ إنَّ مقتضى اطلاق الأدلة هو أنَّ كل واحدٍ من التكليفين هو ثابتٌ بنحو الاطلاق، إذ دليل ( أقم الصلاة ) مطلقٌ سواء زوحم بتكليفٍ آخر مساوٍ له في الملاك أو اهم منه أو أقل منه، وهكذا دليل ( أزل ) هو مطلقٌ من هذه الناحية أيضاً، فدليل كلا الحكمين مطلقٌ من ناحية عدم وجود مزاحمٍ والمزاحم لا فرق بين كونه أقوى ملاكاً أو مساوياً ملاكاً أو أقل ملاكاً فإنَّ مقتضى الاطلاق اللفظي لـ( أقم الصلام الصلاة ) ولـ( أزل ) هو ثبوت كلٍّ منهما بشكلٍ مطلق ولكن حيث إنَّ ثبوت الاطلاق في كلا الدليلين غير ممكن، فليس من الممكن أن يثبت وجوب الصلاة ووجوب الازالة في وقتٍ واحدٍ فإنَّ قدرة المكلف تضيق عن ذلك وشرط التكليف هو قدرة المكلف عليه وهنا لا قدرة للمكلف على امتثال التكليف، وعليه فكلا التكليفين لا يمكن أن يكونا ثابتين وبالتالي يرفع العقل هذه المعارضة بيهما بأقل شيءٍ ممكن فيقدّم الواجب الذي ملاكه معلوم الأهمية أو معلوم المساواة على الواجب الآخر الذي ليس فيه هذه الميزة، فالعقل يحكم باستثناء هذه الحالة من اطلاق كلا الدليلين، وبهذه الطريقة اثبتنا أنَّ كل واجبٍ هو مقيدٌ بهذا القيد، وأما إذا زوحم بواجبٍ آخر أهمية الملاك فيه معلومة أو السماواة في الملاك فيه معلومة فلا يثبت الوجوب الأول حينئذٍ، وهذا تقييد عقلي. وإذا سلمنا بهذه القضية نطبق ما قلنا على ما أشرنا إليه سابقاً حيث قلنا إنه عند المزاحمة بين الصلاة والازالة فحيث فرضنا أنَّ ملاك الصلاة أما أهم أو مساوٍ بخلاف ملاك الازالة - فإنه لا يعلم فيه ذلك أذ يحتمل أنه اقل من حيث الملاك - فحينئذٍ يكون المقدم هو الصلاة.

الموقف تجاه المتعارضين:-

إذا واجهنا دليلين متعارضين فعلينا أولاً أن نلاحظ هل يمكن الجمع العرفي بينهما أو لا يمكن ذلك، فإن أمكن ذلك بالتخصيص أو التقييد فلابد من اعمال ذلك الجمع العرفي فيحكم بالتخصيص أو التقييد، وإن لم يمكن ذلك فحينئذٍ يتساقطان إذا فرض عدم وجود المرجّح لاحدهما، ويصطلح على حالة عدم امكان الجمع بينهما اصولياً بالتعارض المستقر، كما يصطلح على حالة امكان الجمع العرفي بينهما بالتعارض غير المستقر.

وإذا فرضنا أنَّ النصوص العلاجية كانت هي أيضاً متعارضة فيما بينها أو فرض أنها كانت خاصةً بالاخبار وحصل تعارضٌ في غير الاخبار ففي مثل هذه الحالة ما هو مقتضى الاصل الاولي في المتعارضين بعد فرض قصور الأدلة عن شمول مثل هذا المورد؟

وينبغي أن نتلكم فيما يقتضيه الأصل في حالة التعارض المستقر وما هو الموقف المناسب؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo