< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

وذكر صاحب الحدائق(قده) في اكثر من مورد:- انَّ التقية لا تختص في مقابل المخالفين وبالتالي لا يلزم أن تكون التقية ثابتة للأخبار الموافقة للعامة فقط بل تعم المخالفة لهم أيضاً، فدائرة التقية وسعية وتعم كلا القسمين، واستشهد لذلك ببعض الروايات، قال:- ( وحيث إنَّ اصحابنا رضوان الله عليهم خصوا الحمل على التقية بوجود قائلٍ من العامة وهو خلاف ما أدى إليه الفهم الكليل والفكر العليل من اخبارهم صلوات الله عليهم رأينا ان نبسط الكلام بنقل جملةٍ من الاخبار الدالة على ذلك لئلا يحملنا الناظر على مخالفة الاصحاب من غير دليل وينسبنا إلى الظلال والتظليل، فمن ذلك ما رواه في الكافي في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام[1] :- "سألته عن مسألة فاجابني ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما اجابني وجاء رجل آخر فاجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي فلما خرج الرجلان قلت يا ابن رسول الله رجلان من اهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فاجبت كل واحد منهما بغير ما اجبت به صاحبه؟! فقال:- يا زرارة إنَّ هذا خير لنا وابقى لكم ... قال:- ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- شيعتكم لو حملتموهم على الاسنَّة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين؟! قال:- فأجباني بمثل جواب أبيه " )[2] .

ثم اثار هذه القضية مرة اخرى عند استعراضه لاخبار نافلة الظهرين، فبعضها دل على كون المدار في وقت نافلة الظهر أن يبلغ الظل قدمان ومضي أربعة أقدام لنافلة العصر وبعضها دل على أنَّ وقت نافلة الظهر أن تأتي بها قبل صلاة الظهر ثم تأتي بنافلة العصر قبل صلاة العصر من دون تحديدٍ لذلك بالاقدام، قال:- ( والاظهر عندي أن منشأ هذا الاختلاف في الاخبار إنما هو التقية التي هي أصل كل محنةٍ في الدين وبليَّة )[3] ، ثم أخذ يستعرض الاخبار الدالة على التقية من جديد.

وفي التعليق نقول:- هنا قضيتان ينبغي التمييز بينهما:-

الأولى:- ما هو سبب كثرة الاختلاف والتعارض بين الروايات؟

نقول:- إنه لأجل التحفّظ على الشيعة كما ذكر ذلك الامام عليه السلام في الرواية.

الثانية:- متى نحمل أحد الخبرين المتعارضين على التقية؟

والمهم لنا هو القضية الأولى، ويظهر من صاحب الحدائق(قده) أنه يريد أن يحمل الخبر على التقية حتى لو كان مخالفاً للعامة، فالتقية عنده لا تختص بكون الخبر موافقاً لهم بل هي شاملة حتى للخبر المخالف ايضاً لأنَّه بهذا يحصل التحفّظ على الشيعة.

ولكن نقول:- إنَّ الائمة عليهم السلام قالوا إذا تعارض الخبران فخذوا بما وافق الكتاب وأما إذا كانا موافقين له فخذوا بما خالف العامة، من قبيل ما رواه صاحب الوسائل عن سيعد بن هبة الله الراوندي في رسالته التي ألفها في أحوال احاديث أصحابنا واثبات صحتها عن محمد وعلي ابني علي بن عبد الصمد ... عن محمد بن ابي عمير عن عند الرحمن بن ابي عبد الله قال:- قال الصادق عليه السلام:- ( إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردّوه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على اخبار العامة فما وافق اخبارهم فذروه وما خالف اخبارهم فخذوه " )[4] ، حيث نستفيد من هذه الرواية وغيرها انَّه إذا كان أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم فحيمل الموافق لهم على التقية لا ما إذا كانا معاً مخالفين للعامة، وعلى ذلك جرت سيرة فقهائنا. وهذان مطلبان ينبغي عدم الخلط بينهما.

وعليه فلا معنى لما ذكره صاحب الحدائق(قده)، نعم ما ذكره صحيحٌ في باب الاخبار التي صدرت مخالفةً للعامة، وأما في باب الخبرين المتعارضين وأردنا تقديم احدهما على الآخر فهنا يلزم أن يكون المدار على المخالفة حيث يقدَّم ما كان مخالفاً لهم أما الموافق لهم فنحمله على التقية لا أنه عند التعارض نحمل كل خبرٍ على التقية حتى لو لم يكن موافقاً لهم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo