< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه التاسع ( حكم تعارض الاستصحابين وتعارض الاستصحاب مع غيره )- تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

ولكن هناك شرطان لتقدم الأصل السببي على الأصل المسبَّبي وكونه حاكماً عليه:-

الشرط الأول:- أن يكون الترتب شرعياً.

ومثال مثال الترتب الشرعي:- ما ذكرناه، فإنَّ الشارع قد رتَّب طهارة الشيء المغسول على طهارة الماء ولم يعكس - يعني لم يقل إذا كان الثوب باقياً على النجاسة فالماء نجس - فإنه لا يوجد عندنا هكذا دليل وإنما هذه ملازمات غير شرعية، بل الذي دلت عليه الروايات هو أنه اغسل ثوبك بالماء يعني بالماء الطاهر فإذا غسل الثوب بالماء الطاهر فقد طهر، وحينئذٍ إذا جرى استصحاب طهارة الماء فسوف يثبت لنا طهارة الثوب ويزول الشك المسبَّبي.

وأما مثال عدم الترتب الشرعي - أي لعدم السببيَّة الشرعية -:- فهو استصحاب الكلي من القسم الثاني المردَّد بين الفرد الطويل والفرد القصير، كما لو فرض أننا علمنا بوجود حيوانٍ له خرطوم مردّد بين البق والفيل، فهو مردّد بين الباقي جزماً والمرتفع جزماً، ففي مثل هذه المعروف بين الأصوليين جريان استصحاب بقاء الحيوان - مع فرض وجود ثمرةٍ كارسال الطعام إليه - الذي هو من استصحاب الكلي من القسم الثاني والحال أنه قد يقال إنَّ هذا الاسصحاب معارضٌ باستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل وهو الفيل في مثالنا.

والجواب:- إنَّ هذا الأصل لا يترتب عليه شرعاً عدم بقاء الحيوان الذي له خرطوم فإنه لا توجد رواية تقول إذا لم يكن الحادث هو الفيل فإذاً الحيوان الذي له خرطوم والذي قد حدث جزماً قد ارتفع جزماً، وإنما هذا هو علمنا الخارجي وليست ملازمة شرعية وعليه فلا يجري الأصل.

فإذاً الشرط الأول لجريان الاستصحاب السببي ليكون حاكماً على الاستصحاب المسبَّبي أن تكون السببيَّة سببيَّة شرعية وإلا فلا يكون حاكماً.

الشرط الثاني:- أن يكون الأصل السببي رافعاً للشك المسبَّبي، ومثال الرافع واضح، كاستصحاب طهارة الماء فإنه يرفع الشك عن الثوب فيجزم بطهارة الثوب لو طُهّر به.

ولكن هناك حالة لعدم كون الأصل السببي رافعاً للشك المسبَّبي، ومثالها ما لو شككنا في جواز الصلاة في ثوبٍ من ناحية أننا لا ندري أنه صنع من جلد حيوانٍ مأكول اللحم حتى تحل الصلاة فيه أو مما لا يحل أكله فلا تصح الصلاة فيه ففي مثل هذه الحالة قد يقال نجري أصالة الحل في هذا الجلد فنقول ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) ويثبت بذلك أنه حلال لقاعدة الحلّية.

وفي الجواب نقول:- إنَّ أصل الحل هنا لا يرفع الشك السببي، لأنَّ الروايات قد دلت على أنَّ الذي يجوز الصلاة فيه هو ما كان من اجزاء محللة الاكل كالشاة والبقر والابل فإنها قالت مثلاً ( صلّ في أبوال ما يؤكل لحمه ... )، لا أنَّ حلال بمعنى أنَّ أصالة الحل تجري فيه وإنما المقصود هو الأفراد محلَّلة الأكل كالابل أو البقر أو الشاة وأصالة الحل لا تثبت لك أنه من مصاديق الغنم أو البقر أو ما شاكل ذلك من الحيوانات التي يحل أكل لحمها وإنما تثبت لك أنَّ هذا حلال الاكل أو حلال الاستعمال، وعليه فأصالة الحلّ لا ترفع الشك السببي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo