الموضوع:- التنبيه التاسع ( حكم تعارض الاستصحابين وتعارض الاستصحاب مع غيره )- تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

التنبيه التاسع:- حكم تعارض الاستصحابين وتعارض الاستصحاب مع غيره.

تارةً تقع المعارضة بين استصحابين ويقع الكلام في أيهما هو المقدّم، وأخرى يقع الكلام في أنه لو تعارض الاستصحاب مع غيره من الأصول العملية كأصل البراءة أو أصل الطهارة مثلاً فما هو الحكم في مثل هذه الحالة.

أما بالنسبة إلى تعارض الاستصحابين:- فهناك صور متعددة للبحث نقتصر على اثنين منها:-

الصورة الأولى:- ما لو تعارض الاستصحاب السببي مع الاستصحاب المسبَّبي.

الصورة الثانية:- ما لو تعارض الاستصحابان للعلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة في أحد الطرفين، كما لو كان عندنا اناءان حالتهما السابقة هي الطهارة مثلاً وعلمنا بتغير الحالة في أحدهما إلى النجاسة فهنا سوف يتعارض الاستصحابان للعلم بانتقاض الطهارة السابقة المتيقنة في أحدهما.

أما الصورة الأولى:- فالمعروف هو تقدم الأصل السببي - وإن لم يكن أصلاً محرزاً كأصل الطهارة - على المسبَّبي سواء كان الأصل المسبَّبي محرزاً كالاستصحاب أو غير محرز كأصل الطهارة، فلو كان عندنا ماء يشك في طهارته وغسلنا به ثوباً هو متنجّسٌ سابقاً ففي مثل هذه الحالة سوف نحكم بطهارة الثوب فإنَّ الماء وإن كان مشكوك الطهارة ولكن هناك أصل يجري فيه وهو أصل الطهارة وهو ليس أصلاً محرزاً، فإذا جرى فيه أصل الطهارة فحينئذٍ لا يجري استصحاب النجايسة في الثوب رغم أنَّ الاستصحاب فيه هو أصلٌ محرزٌ لأنَّ أصل الطهارة أصلٌ سببيٌّ فيكون هو المقدم.

وأيضاً الأصل السببي يكون هو المقدّمٌ على الأصل المسبَّبي سواءً كانا متوافقين أم كانا متخالفين، ففي المثال المتقدم الأصل الحاكم هو أصل الطهارة أما الأصل المحكوم - الذي هو الأصل المسبَّبي والذي هو محرز - هو أصل النجاسة ولكن مع ذلك يقدَّم الأصل السببي الحاكم بالطهارة على الأصل المسبَّبي الحاكم بالنجاسة.

وأما مثال المتوافقين ما لو فرض أنَّ الحالة السابقة في الماء هي النجاسة وشككنا هل أصابه المطر أو لا ثم غسلنا به الثوب المتنجّس ففي مثل هذه الحالة نحكم ببقاء نجاسة الثوب لأجل استصحاب بقاء نجاسة الماء وليس لأجل استصحاب نجاسة الثوب، إذ الفرض أنَّ استصحاب نجاسة الماء أصلٌ سببي ومع وجود الأصل السببي لا تصل النوبة إلى الأصل المسبَّبي.