< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه الثامن( وجه تقدم الامارات على الاستصحاب ) - تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

وفي مقام الجواب نقول: - إنَّ هذا مبنيٌّ على تفسير كلمة اليقين في قوله عليه السلام: ( ولكن انقضه بيقينٍ آخر ) بالحجة، ولكن هذا مخالفٌ للظاهر ولا يصار إليه إلا بقرينةٍ وهي مفقودة، فإنَّ الظاهر من كلمة اليقين هو نفس اليقين لا الحجَّة.

إن قلت: - أوليس يجوز نقض اليقين الذي هو حجَّة بالحجَّة فإنَّ هذا نقضٌ للحجَّة بالحجَّة ونقض الحجَّة بالحجَّة شيءٌ وجيه ومقبول، وعليه فما افاده الشيخ الخراساني(قده) يكون وجيهاً.

قلت: - صحيحٌ أنَّ الحجة تنقضها الحجَّة ولكن في مفروض كلامنا أنَّ المنقوض ليس هو الحجَّة وإنما هو اليقين، ومن حقنا أن نقول إنَّ اليقين لا يُنقَض إلا بيقينٍ لا أنه ينقض بمطلق الحجَّة، فنقض اليقين بالحجَّة وإن لم تكن يقيناً هو أول الكلام.

وأما الاحتمال الرابع وهو الحكومة:- فقد ذهب إليه العلمان الشيخ النائيني(قده)[1] والسيد الخوئي(قده)[2] ، بتقريب: انّ المجعول في باب الأمارات هو العلمية، ففي باب خير الثقة نقول هو أمارة ومعنى أمارة هو أنَّ الشارع جعل فيها العلمية، أي أنَّ المكلف الواصل إليه الخبر جعله الشارع عالماً، فإذا كان المجعول هو العلمية فحينئذٍ سوف يرتفع موضوع الاستصحاب، لأنَّ دليل الاستصحاب قال:- ( لا تنقض اليقين بالشك ولكن انقضه بيقينٍ آخر ) والمفروض أنَّ الشرع المقدس جعل الامارة يقيناً وعلماً اعتباراً ولازم ذلك عدم جريان الاستصحاب وتصير الامارة التي جعل فيها العملية بمثابة اليقين فتكون مقدّمة على الاستصحاب من باب الحكومة، والمقصود من الحكومة هو رفع الموضوع تعبداً، فموضوع الاستصحاب سوف يرتفع تعبّداً بالنظر والحكومة، يعني فائدة دليل حجية الامارة الذي يجعل العلمية للأمارة هو أنه يريد أن يقول الموارد المطلوب فيها العلمية - كما في باب الاستصحاب فإنَّ نقض اليقين لابد أن يكون باليقين - إذا حصلت فيها الأمارة فهي يقينٌ، وحينئذٍ لا يجري الاستصحاب فيكون دليل حجّية الأمارة ناظراً إلى الاستصحاب ويرفع موضوعه.

وفي مقام الاشكال نقول:- إنَّ المستند المهم لحجية الأمارة هو السيرة العقلائية وهي تبني على العمل بخبر الثقة الذي هو أمارة بلحاظ عالم التنجيز والتعذير، فهي تجعل الامارة -كخبر الثقة - منجّزاً ومعذّراً، يعني لابد من السير على طبقه فهو ينجّز إذا دلَّ على أنَّ هذا الشيء واجباً ويعذّر إذا دل على أنَّ هذا الشيء مباحاً، فالمكلف لو لم يرتكبه أو ارتكبه يكون معذوراً حتى لو كان حراماً أو واجباً، فالمجعول في العلمية في نظر العقلاء هو من زاوية التنجيز والتعذير، ولكن سيرة العقلاء على حجية خبر الثقة هل تشمل غير التنجيز والتعذير يعني من حيث آثار القطع الموضوعي فهل يجعلون خبر الثقة علماً حتى من هذا الحيث أو أنهم يجعلونه علماً من حيث التنجيز والتعذير فقط؟! إنَّ القدر المتيقن أنهم يجعلونه علماً من حيث التنجيز والتعذير أما من حيث آثار القطع الموضوعي كي لا يجري الاستصحاب فهو أول الكلام.

فنحن نسلّم للعلمين أنَّ المجعول في الامارة هو العلمية ولكن القدر المتيقن من جعل العلمية هو العلمية من زاوية التنجيز والتعذير أما من زاوية ترتيب آثار القطع الموضوعي كما في موردنا - لأنَّ القطع مأخوذ في موضوع الاستصحاب لأنَّ الرواية قالت ( ولكن انقضه بيقينٍ آخر ) - وترتيب آثار القطع الموضوعي هو أوّل الكلام، فحتى لو سلّمنا بما افاداه من حيث المبنى ولكن نناقشهم في سعة هذه السيرة وأنها هل هي وسيعة بحيث تشمل جعل الامارة علماً حتى من زاوية القطع الموضوعي أو لا فإنَّ هذا ليس بمعلوم، وعليه فلا يمكن التمسك بهذا البيان.


[1] فوائد الأصول النائيني، ج4، ص595.
[2] مصباح الأصول، الخوئي، ج3، ص251.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo