< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ( استصحاب الكلي والفرد المردد )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

ثم إنَّ الفرق بين هذا القسم والأقسام الثلاثة المتقدمة واضح:- فإنه في هذا القسم يوجد استصحابان متعارضان استصحاب الطهارة من ليلة الخميس إلى يوم الجمعة مع استصحاب بقاء الحدث من حين رؤية المني الذي رآه يوم الجمعة، فهو جزماً كان محدثاً فيشك هل الحدث باقٍ أو لا فيستصحب بقاء الحدث، وهذا بخلافه في الأقسام الثلاثة الأُوَل فإنه لا يوجد استصحابان وإنما يوجد استصحابٌ واحد، أما في القسم الأول - وهو أنَّ الكلي يحدث ضمن فردٍ ويشك في بقاء ذلك الفرد - فيستصحب بقاء تلك الجنابة وبالتالي يستصحب كلي الحدث ولا يوجد استصحابان متعارضان في البين، وأما في القسم الثاني - وهو الذي يتردد الأمر فيه في كون الحادث هو الفرد الطويل أو القصير - فأيضاً هنا يجري استصحابٌ واحد وهو استصحاب كلي الحيوان الذي له خرطوم فيقال كان هناك حيوان له خرطوم والآن هو موجودٌ بالاستصحاب، وهكذا بالنسبة إلى استصحاب الكلي من القسم الثالث - وهو أن يعلم بحدوث الكلي ضمن فردٍ ويعلم بزوال ذلك الفرد ولكن يحتمل حدوث فردٍ ثانٍ قبيل خروج الأول أو حين خروجه - ففي مثل هذه الحالة نستصحب كلي الانسان الذي كان ثابتاً ضمن زيدٍ والآن هو ثابتٌ ضمن عمروٍ، وهنا يوجد استصحابٌ واحد وليس استصحابان متعارضان.

فالأقسام الثلاثة المتقدّمة الاستصحاب الجاري فيها واحد وليس استصحابان متعارضان، وهذا بخلافه في استصحاب الكلي من القسم الرابع فإنه يوجد فيه استصحابان متعارضان كما أوضحه السيد الخوئي(قده). ولعله توجد فوارقٌ أخرى ولكن نحن الآن لسنا بصدد بيان جميع الفروق.

وذكر الشيخ أغا رضا الهمداني في مصباح الفقيه[1] :- أنه تارةً يفترض أنَّ الشخص يتوضأ وضوأين ثم يصدر منه حدثٌ لا يعلم أنه حصل قبل الوضوء الثاني حتى يكون متطهراً الآن أو حصل بعد الوضوء الثاني حتى يكون محدثاً الآن، وأخرى يفترض أنه كانت عنده جنابة ليلة الخميس ثم رأى منياً يوم الجمعة، فلابد من التفرقة بين هاتين الحالتين، فنفرقٌ بين حالة وجود وضوأين وبين حالة وجود حدثين - ولكن بهذا المعنى حدث في ليلة الخميس واغتسل منه ولكن رأى منياً في يوم الجمعة رأى منياً -.

أما الحالة الأولى:- ففي مثلها تحصل معارضة بين استصحاب الطهارة واستصحاب الحدث، لأنَّ المفروض أنه قد صدر منه طهارتان وصدر منه حدث ولكنه لا يدري أنَّ الحدث صدر قبل الوضوء الثاني أو بعده، فحيث يعلم أنه قد صدرت منه طهارة فيستصحب بقاء الطهارة إلى الآن، وفي نفس الوقت حيث يعلم بتحقق الحدث منه جزماً ولكن لا يدري أنه حصل قبل الطهارة الثانية حتى يكون طاهراً الآن أو حصل بعد الطهارة الثانية حتى يكون محدثاً الآن فيستصحب بقاء الحدث، فتقع معارضة بين استصحاب الطهارة وبين استصحاب الحدث، وبالتالي سوف يحتاج إلى وضوء جديد للدخول في الصلاة.

وأما الحالة الثانية: - فهو قد أجنب ليلة الخميس واغتسل جزماً ثم رأى منيّاً يوم الجمعة ففي هذه الحالة الثانية لا يجزم بصدور حديثين لاحتمال أنّ المني الذي رآه يوم الجمعة هو باقٍ من الحدث الأوّل الصادر ليلة الخميس، فلا يجري آنذاك استصحاب الجنابة لأنه قد اغتسل ليلة الخميس حزماً وصار طاهراً، كما لا يجزم بحصول جنابةٍ أخرى وإنما هو يحتمل ذلك، فلا يجري استصحاب الجنابة وإنما يجري استصحاب الطهارة فقط من دون معارضةٍ باستصحاب الحدث، فنحكم بالطهارة.


[1] مصباح الفقيه، الاغا رضا الهمداني، ج3، ص170.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo