< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ( استصحاب الكلي والفرد المردد )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

الاشكال الثالث:- أن يقال إنَّ الفرد القصير يعلم بعدم بقائه - لأنه قصير ولا يمكن بقاؤه لهذه الفترة الطويلة - والفرد الطويل يشك في أصل حدوثه فينفى بالأصل، وبضم الوجدان - الذي ثبت من خلاله انتفاء الفرد القصير - إلى الأصل - الذي ينفي أصل ثبوت الفرد الطويل - سوف ينتفي بقاء الفرد القصير وينتفي حدوث الفرد الطويل أيضاً وبالتالي يحرز عدم الكلي، وبالتالي سوف تقع معارضة بين الأصل في الفرد الطويل والوجدان في الفرد القصير من جانب وبين استصحاب بقاء الكلي فلا يجري استصحاب الكلي، فإنَّ ضم الوجدان في الفرد القصير إلى الأصل في الفرد الطويل يقول لا الفرد القصير موجود ولا الفرد الطويل موجود، فيتنافى هذا المجموع الثنائي مع استصحاب بقاء الكلي فلا يجري استصحاب الكلي.

والجواب واضح حيث يقال: - إنَّ هذا لا يتم إلا بناءً على حجية الأصل المثبت وهو ليس بحجة، لأنك قلت إذا كان الفرد القصير ليس بموجود بالوجدان والفرد الطويل ليس بباقٍ بالأصل تريدنا أن ننفي بقاء الكلي، ومن المعلوم أنَّ هذه السببَّية ليست شرعية - إذ لا توجد آية أو رواية تقول إذا انتفى كلا فردي اللي ولو بضم الوجدان إلى الأصل فالكلي ليس بباقٍ - وإنما هي ملازمة عقلية، فالعقل يقول إذا كان كلا الفردين منتفيان فالكلي ليس بباقٍ، وعليه فهذا الترتّب ليس ترتباً شرعياً وهذا الأثر ليس أثراً شرعياً.

إن قلت:- إنه بناءً على هذا سوف لا يمكن اثبات أو نفي جميع الموضوعات المركبة، لأن هذه قضية سيّالة، والحال أننا في الفقه أحياناً نضم الوجدان إلى الأصل في الموضوعات المركبة ونقول هذا الجزء من الموضوع ليس بثابت بالوجدان الآن وذاك الجزء الآخر ليس بموجود من البداية بالأصل، أما بناءً على ما ذكرته يلزم عدم امكان اثبات أو نفي الموضوع المركب بجريان الأصل في أحد جزأيه مع ضمّه إلى الوجدان في الجزء الآخر منه لأجل هذه المعارضة، وهكذا الحال دائماً، وهذا لا يلتزم به فقيه، لأنَّ الفقيه أحياناً يجري الأصل ويضمه إلى الوجدان وبالتالي يرتّب نفي الأثر.

قلت:- إنَّ ضم الوجدان إلى الأصل وجيه ومقبول فيما إذا كان الأثر مترتباً على ذات الجزأين إذا تحققا في زمانٍ واحد ولم يترتب على عنوان المجموع، فإذا كان مترتباً على ذات الجزأين ففي مثل هذه الحالة يمكن ضمّ الوجدان إلى الأصل ولا محذور في ذلك لأنَّ الأثر مترتبٌ على تحقق ذوات الأجزاء، وذوات الأجزاء قد يمكن اثباتها بضم الأصل إلى الوجدان فيثبت ترتب الأثر ولا يعارض باستصحاب عدم ترتب الأثر على المجموع فإنَّ الأثر لم يترتب على عنوان المجموع وإنما هو منصبٌّ على ذوات الأجزاء إذا تحققا في زمانٍ واحد، من قبيل أن يقال لك ( إذا هل هلال شهر رمضان كنت صحيحاً فيجب عليك الصوم )، فهنا الأثر منصبٌّ على ذوات الأجزاء، فإذا تحقق ثبوت هلال رمضان وكنت صحيحاً في زمانٍ واحد وجب عليَّك الصوم، ومقصودنا من الزمان الواحد هو أنَّ عنوان الوحدة ليس قيداً وإنما واقع الزمان الواحد، والآن لو رؤي الهلال وكنت صحيحاً في الزمان السابق وشككت الآن هل ابقى صحيحاً إلى يوم غدٍ أو لا فبالاستصحاب اثبت كوني صحيحاً غداً، وكذلك قد ثبت الهلال بالوجدان، فيثبت وجوب الصوم عليَّ، ولا يعارض هذا باستصحاب عدم الوجوب السابق فإنَّ هذا باطل، لأنَّ الأثر لم يترتب على المجموع بما هو مجموع وإنما هو مترتب على واقع المجموع وهو ذوات الأجزاء إذا تحققت في زمانٍ واحد، وذوات الأجزاء متحققة وموجودة هنا، فأنا صحيحٌ بالاستصحاب وقد ثبت هلال شهر رمضان بالوجدان، فحينئذٍ تحقق وجوب الصوم جزماً، فلا معنى حينئذٍ لاستصحاب عدم وجوب الصوم.

نعم إذا فرض أنهما أخذا بنحو التقييد، يعني إذا كنت صحيحاً هذه الصحة المقيدة بوقت إلى حلول شهر رمضان أو حلول شهر رمضان المقيد بالصحة ففي مثل هذه الحالة بضم الوجدان إلى الأصل لا يترتب الأثر، لأنه مترتب على عنوان التقييد والتقييد لا يثبت إلا بنحو الأصل المثبت، أما إذا كان منصبّاً على ذوات الأجزاء فالأثر يثبت حينئذٍ ولا يجري استصحاب عدم وجوب الصوم لفرض أنَّ كلا الجزأين قد تحققا بالوجدان.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo