الموضوع: - التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ( استصحاب الكلي والفرد المردد )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

الاشكال الثاني: - إنَّ بقاء الكلي مسبَّبٌ عن حدوث الفرد الطويل لا الفرد القصير، فإذا أردنا أن نقول أنَّ الكلي باقٍ فهذا مسبَّبٌ عن حدوث الفرد الطويل، يعني إذا حدث الفرد الطويل كالحدث الأكبر مثلاً فالكلي بَعدُ باقٍ، أما إذا لم يحدث الفرد الطويل فالكلي - أي كلي الحدث - لا يكون باقياً، وهذا شك مسبَّبي، فإن شكنا في بقاء الكلي مسبَّبٌ عن الشك في حدوث الفرد الطويل، ومعه نجري الأصل في السبب ونقول الأصل هو عدم حدوث الفرد الطويل - لأننا نشك في حدوثه - ومعه لا تصل النوبة إلى استصحاب الكلي، فإن استصحاب الكلي مسبَّبٌ عن بقاء الفرد الطويل ونحن ننفي حدوث الفرد الطويل بالأصل، وعلى هذا الأساس يصير المورد من الشك السببي والمسبَّبي فيجري الأصل في السبب ولا تصل النوبة إلى المسبَّب، يعني نحن نشك في حدوث الفرد الطويل وعدم حدوثه فالأصل عدم حدوثه ولا تصل النوبة إلى الاستصحاب المسبَّبي وهو استصحاب بقاء الكلي فإنَّ الشك في بقاء الكلي مسبَّبٌ عن الشك في حدوث الفرد الطويل وباستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل لا يجري الأصل المسبَّبي - يعني استصحاب بقاء الكلي - فإنَّ الأصل السببي إذا جرى يكون حاكماً على الأصل المسبَّبي.

والجواب واضح حيث نقول: - صحيحٌ إذا جرى الأصل السببي لا تصل النوبة إلى الأصل المسبَّبي ولكن هذا مقبول فيما إذا كانت هناك سببيَّة شرعية وترتُّبٌ شرعي بحيث رتَّب الشرع بقاء هذا الكلي على حدوث الفرد الطويل، فإن وجدت سببيَّة شرعية فالأمر كما ذكر - أي يكون الأصل السببي حاكماً على الأصل المسبَّبي- وإن فرض عدم وجود ترتّب شرعي فحينئذٍ الأصل السببي لا ينفي الأصل المسبَّبي، إذ المفروض عدم وجود سببيَّة شرعية.

هذا مضافاً وجود إلى جوابٍ آخر وهو أن نقول: - إنه ذُكِر أنه بأصالة عدم حدوث الفرد الطويل لا يجري حينئذٍ استصحاب بقاء الكلي فإنه حاكم عليه، ولكن نقول: إنَّ أصالة عدم حدوث الفرد الطويل لا تجري في حدّ نفسها، وذلك باعتبار أنها معارضة بأصالة عدم حدوث الفرد القصير، فكما أنَّ الأصل هو عدم حدوث الفرد الطويل كذلك الأصل هو عدم حدوث الفرد القصير، فكلاهما مشكوك الحدوث.

فإذاً لا يمكن أن نقول نحن نجري استصحاب عدم حدوث الفرد الطويل فينتفي بقاء الكلي.