< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ( استصحاب الكلي والفرد المردد )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

القسم الثاني من استصحاب الكلي: - أن يكون الكلي ثابتاً في فردٍ واحدٍ ولكن ذلك الفرد الواحد مردّد بين القصير والطويل.

ومثاله العرفي: - أن أعلم بوجود حيوان له خرطوم وهو إما البق أو الفيل، فلو علمت وبجوده صباحاً ثم شككت في بقائه إلى الليل فإن كان فيلاً فهو باقٍ جزماً وإن كان بقّاً فهو ميت، ففي مثل هذه الحالة هل يجري استصحاب الكلي - أي كلي الحيوان - بأن يقال الحيوان الذي له خرطوم كان موجوداً صباحاً والآن اشك في بقائه - مع فرض وجود ثمرة كما لو كنت ناذراً بأن لو كان موجوداً فسوف أرسل له الطعام – فاستصحب بقاءه؟

ومثاله الشرعي: - ما إذا خرج من المكلف بلل وشك أنه بول أو مني وفرضنا أنه توضأ فقط ولم يغتسل، فهنا سوف يشك في بقاء ذلك الحدث، لأنه إذا كان الحدث السابق هو الأكبر فهو بَعدُ باقٍ وإلا فقد ارتفع، فهو مردّد بين مجزوم البقاء ومجزوم الارتفاع.

وقد أشكل على هذا القسم بعدّة اشكالات: -

الاشكال الأول: - إنه لا يقين بالحدوث أو أنه يوجد يقين بالارتفاع، والوجه في ذلك: - هو أنه بما أنَّ الحيوان الذي يمكن أن يبقى هو الفيل وهذا لا يقين لنا بحدوثه وأما هو البقّ فلو كان البق هو الحادث ضمن الكلي فهو مرتفع يقيناً.

وإن شئت قلت: - إنَّ الكلي يوجد ضمن الحصَّة، وإحدى الحصّتين من الكلي على تقدير حدوثها يجزم بارتفاعها والحصة الثانية يشك في أصل حدوثها، فالكلي مردَّد بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع، ومعه كيف يجري استصحاب الكلي؟

والجواب: - يوجد شيء مشترك بين البقّ والفيل وهو الحيوانية، وهي يعلم بحدوثها ويشك في بقائها، وعليه فسوف يجري الاستصحاب.

وإذا قيل: - إنَّ الحيوانية موجودة من خلال الحصَّة، فحصَّة من الحيوانية موجودة في الفيل وحصَّة منها موجودة في البقّ، والحصة الموجودة في الفيل معلومة البقاء والحصة الموجودة في البق معلومة الارتفاع فكيف يجري الاستصحاب؟

ومن هنا أنكر بعض الأصوليين جريان الاستصحاب في الكلّي من القسم الثاني، ومن جملتهم السيد الروحاني(قده) في منتقى الأصول[1] حيث استند إلى هذه القضية.

وفي مقام الجواب نقول: - نسلّم أنَّ الكلي موجودٌ بالحصص ولكن رغم ذلك هناك شيءٌ مشترك بين الحصص، وهو أنَّ تلك الحصص جميعاً هي من فصيلة الحيوان والحيوانية، فهناك حيوانية مشتركة بين جميع هذه الحصص وهذا لا يمكن انكاره، فصحيح أنَّ هذا الفرد فيه حصّة من الحيوانية وذاك الفرد فيه حصّة من الحيوانية ولكن بالتالي الحيوانية سوف تصير عنصراً مشتركاً بينهما، وهذا العنصر المشترك نحن نعلم بوجوده سابقاً ونشك في بقائه لاحقاً فيجري فيه الاستصحاب.

والنكتة المهمة التي أشرنا إليها هي أنَّ التسليم بكون الكلي يوجد من خلال الحصَّة والحصص لا يتنافى مع وجود شيءٍ مشترك، إذ يوجد بين الحصص شيء مشترك وهو الحيوانية، فكل فردٍ فيه حصّة من الحيوانية ولكن الاثنين هما حيوان، فبالتالي نعلم أن هذا الواحد - وهو الحيوان - موجود سابقاً ونشك في بقائه لاحقاً فيجري فيه الاستصحاب.


[1] منتقى ألأصول، السيد الروحاني، ج6، ص172.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo