< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ( استصحاب الكلي والفرد المردد )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

النقطة الخامسة: - الاستصحاب في الشبهات المفهومية.

هناك كلام في أنَّه إذا كانت الشبهة مفهومية هل يمكن جريان الاستصحاب في مثل ذلك أو لا؟

ومثال ذلك: - أنه توجد عندنا روايات تقول يحل وقت صلاة المغرب عند غروب الشمس، ولكن ما المقصود من غروب الشمس فهل المقصود هو استتار قرصها تحت الافق أو أنَّ المقصود أكثر من ذلك وهو استتار قرصها بإضافة زوال الحمرة المشرقية وزوال الحمرة المشرقية يصير بعد استتار القرص بعد عشرة دقائق أو اثنا عشر دقيقة، فهنا وقع كلام، والروايات لم تحدد المقصود من الغروب، ففي مثل هذه الحالة سوف يصير وقت صلاة المغرب مردّد بين سقوط القرص وذهاب الحمرة المشرقية، وقد يقول قائل:- يمكننا اثبات كون المدار على ذهاب الحمرة المشرقية من خلال الاستصحاب فنقول قبل سقوط القرص المغرب لم يكن متحققاً فإذا استتر القرص نشك هل تحقق المغرب رغم عدم ذهاب الحمرة المشرقية أو لا فنستصحب عدم تحققه إلى حين ذهاب الحمرة المشرقية، وهذا استصحاب في شبهة مفهومية لأنَّ مفهوم المغرب مردّد بين استتار القرص وبين استتاره بإضافة الحمرة المشرقية ففي الاستصحاب نثبت ذلك، فهذا استصحاب في شبهة مفهومية والمعروف بين الاصوليين بل هو شيء متفق عليه هو أنه لا يجري الاستصحاب في الشبهات المفهومية، والنكتة في ذلك واضحة:- لأنك حينما تستصحب عدم الغروب فأنت تستصحبه بأيّ معنى فهل تستصحبه بمعنى استتار القرص فهذا قد تحقق جزماً أو تقصد منه استتار القرص مع ذهاب الحمرة المشرقية فهو لم يتحقق جزماً، فعلى التقدير الأول متيقن التحقق وعلى التقدير الثاني متحقق الارتفاع، فإذاً لا يجري الاستصحاب في الشبهات المفهومية.

وهكذا العدالة، كما لو كان الشخص عادلاً وفعل بعض الصغائر فهنا نشك هل زالت عدالته أو لا فنستصحب العدالة فنقول إنه كان عادلاً وبعد ارتكاب الصغيرة نشك في ارتفاع عدالته فنستصحب عدالته، ولكن هذا باطل لأنَّ العدالة الموجودة سابقاً والتي تريد أن تستصحبها هل تقصد منها عدم فعل الصغيرة والكبيرة معاً فهذه قد انتقضت بعفل الصغائر جزماً وأما إذا كانت تزول بفعل الكبائر فقط فهذا الشخص لم تزل عدالته، فالاستصحاب هنا لا يجري لأنَّ العدالة إما أنها زالت جزماً أو لم ترتفع جزماً.

فإذاً الاستصحاب لا يجري في الشبهات المفهومية.

وهناك قضية أخرى لا بأس بيانها: - وهي أنه ينبغي التفصيل بين الشبهات المفهومية فلا يجري فيها الاستصحاب وبين الشبهات الموضوعية فيجري فيها.

ومثال الشبهة المفهومية: - ما تقدم.

ومثال الشبهة الموضوعية: - الكرية، فالكرية مفهومها ليس مردداً ولكن شككنا هل هذا الماء الذي كان كراً نقص عن كريته أو لا، فهنا الشك في شبهة موضوعية، ولا بأس بجريان الاستصحاب هنا فنقول قبلاً كان هذا الماء كراً ونشك الآن في زوالها فنستصحب الكرية.

كما أنه ينبغي التفصيل في الشبهات الحكمية بين ما إذا كانت مفهومية فلا يجري الاستصحاب وبين ما إذا لم تكن مفهومية فيجري الاستصحاب: -

ومثال الشبهة الحكمية المفهومية: - مسألة المغرب وأنه هل يتحقق باستتار القرص أو يتحقق باستتاره بإضافة ذهاب الحمرة المشرقية، فهنا الشبهة حكمية ومفهومية، فنحن نشك في الحكم من جهة الشك في المفهوم، فلا يجري الاستصحاب لتردّد أمرها بين اليقين بالانتقاض واليقين بعدم الانتقاض.

ومثال الشبهة الحكمية الموضوعية: - ما إذا كان الماء كراً - ومفهوم الكرّ ليس مردّداً - وأخذنا منه مقداراً قليلاً وشككنا هل سقط عن الكرّية أو لا فهنا يجري الاستصحاب بقاء الكرّية وبالتالي يترتّب جواز الاغتسال به وما شاكل ذلك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo