« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

47/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

التعقیبات في الصلاة

الموضوع: التعقیبات في الصلاة

 

في فلاح السائل عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا× يَقُولُ‌: لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ عِنْدَ نَوْمِنَا عَشْرُ خِصَالٍ إِلَى أَنْ قَالَ وَتَسْبِيحُ‌اللَّهِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ وَ تَحْمِيدُهُ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ وَ تَكْبِيرُهُ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ[1] . و التكبير فيها متاخر

وفيه بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَدِّهِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي جَيِّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الشَّيْخِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِيمَا رَوَاهُ فِي كِتَابِهِ كِتَابِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‌: إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ كَرِيمٌ وَ شَيْطَانٌ مَرِيدٌ فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ اخْتِمْ يَوْمَكَ بِخَيْرٍ وَ افْتَحْ لَيْلَكَ بِخَيْرٍ وَ يَقُولُ لَهُ الشَّيْطَانُ اخْتِمْ يَوْمَكَ بِإِثْمٍ وَ افْتَحْ لَيْلَكَ بِإِثْمٍ قَالَ فَإِنْ أَطَاعَ الْمَلَكَ الْكَرِيمَ وَ خَتَمَ يَوْمَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ وَ فَتَحَ لَيْلَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَ كَبَّرَ اللَّهَ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً وَ سَبَّحَ اللَّهَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً وَ حَمَّدَ اللَّهَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً زَجَرَ الْمَلَكُ الشَّيْطَانَ عَنْهُ فَتَنَحَّى وَ كَلَأَهُ الْمَلَكُ حَتَّى يَنْتَبِهَ مِنْ رَقْدَتِهِ الْخَبَرَ.[2]

و في معتبرة وَهْبِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ× يَقُولُ‌: مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةَ÷ بَدَأَ وَ كَبَّرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً وَ سَبَّحَهُ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَ وَصَلَ التَّسْبِيحَ بِالتَّكْبِيرِ وَ حَمَّدَ اللَّهَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً وَ وَصَلَ‌ التَّحْمِيدَ بِالتَّسْبِيحِ‌ الْخَبَرَ.[3]

و الظاهر ان الرواية صحيحة قال النجاشي في وهب ثقة له كتاب يرويه جماعة

و منها رواية الاحتجاج عَنْ صَاحِبِ الزَّمَانِ× أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ÷- مَنْ سَهَا فَجَازَ التَّكْبِيرَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ هَلْ‌ يَرْجِعُ‌ إِلَى‌ أَرْبَعٍ‌ وَ ثَلَاثِينَ‌ أَوْ يَسْتَأْنِفُ وَ إِذَا سَبَّحَ تَمَامَ سَبْعَةٍ وَ سِتِّينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى سِتٍّ وَ سِتِّينَ أَوْ يَسْتَأْنِفُ وَ مَا الَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ× إِذَا سَهَا فِي التَّكْبِيرِ حَتَّى تَجَاوَزَ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ عَادَ إِلَى ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ يَبْنِي عَلَيْهَا وَ إِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيحِ فَتَجَاوَزَ سَبْعاً وَ سِتِّينَ تَسْبِيحَةً عَادَ إِلَى سِتَّةٍ وَ سِتِّينَ وَ بَنَى عَلَيْهَا فَإِذَا جَاوَزَ التَّحْمِيدَ مِائَةً فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ.[4]

و منها التسبيح الوراد في زيارة السيدة فاطمة المعصومة ÷ والتسبيح فيها مقدم على التحميد و هذه الزيارة نقلها العلامة المجلسي عن بعض كتب الزيارات عن الامام الرضا× و لم يذكر اسمه و لكن يمكن ان يقال بصحتها من خلال قرائن موجودة في نفس الزيارة منها

التسليم بضمير الغائب للانبياء^ و بالخطاب للنبي| و الائمة ^

توصيف حضرة فاطمة المعصومة ببنت الحسن و الحسين‘

توصيف الحجة في الصلاة عليه اللهم صل على نورك و سراجك

 

وقد جمع بين الطائفتين من الروايات باربعة وجوه

الاول بتقديم الطائفة الاولى و القول بتقديم التحميد على التسبيح كما يظهر من المفيد و الشيخ في النهاية و المبسوط و العلامة و ابن البراج و ابن ادريس و صاحب الوسائل و صاحب الجواهر و الحدائق و المستند. و ذلك لما ذكر من صحة روايات التحميد و موافقة المشهور نصا و فتوى و امكان حمل ما ورد في تقديم التسبيح بعدم ظهوره في التعيين و الترتيب لان الواو تاتي لمطلق الجمع كما في الوسائل و الجواهر بخلاف روايات التحميد كصحيحة ابن عذافر و ابي بصير مضافا الى انها موافقة للعامة فان اكثر رواتها من العامة فحينئذ يرجح الطائفة الاولى

واما رويات التسبيح فروايتان معتبرتان و هما رواية وهب بن عبد ربه و رواية اسماعيل بن عمار وصدرها اسماعيل بن احمد بن ادريس من مشايخ الصدوق ترضى عليه و يحتمل غيره و اما رواية وهب ففي سند ابن طاووس الى التلعكبري اذا كان محمد بن هارون لم يرد فيه الا ترحم النجاشي عليه

ولكن نجد ان رويات متعددة معتبرة من الطائفة الثانية و ليست الروايات الصحيحة مختصة في الطائفة الاولى كما ان روايات الطائفة الثانية اكثر عددا من الاولى ففيها شهرة روائية. كما ان الظاهر ان دلالة الواو على الترتيب و اما انها لا تدل على الترتيب فهو خلاف الظاهر، كما ان روايات متعددة من رويات العامة الحمد مقدم على التسبيح فهي لا توافق العامة في كل الروايات

الثاني: التفصيل بين التعقيب و النوم فيقدم التحميد على التسبيح في التعقيب و التسبيح على التحميد في النوم و لكن ضعف كما في الجواهر و غيره بانه لم يقل به احد مع ان الظاهر اتحاد تسبيح الزهراء عليها السلام الذي علمه رسول الله | لها لا انه تسبيحان مضافا الى انه قد وردت النصوص المتخالفة في كل من الامرين فقط ورد في التعقيب تقيم التسبيح كما في صحيحة وهب.[5] وورد ايضا في النوم تقديم التحميد كما في صحيحة هشام .[6]

الثالث : حمل الطائفة الثانية على التقية وذلك لان ماورد عنهم في عمل المسنون بعد السلام كما في المغني و المجموع و نيل الاوطار تقديم التسبيح على التحميد و لم يذكروا الخلاف في العكس فالروايات المذكورة موافقة معهم و من ذلك يقوى انها وردت تقية

و يضعف بان المذكور في كلماتهم في الكتب المذكورة تاخير التكبير كما ورد في عدة من هذه الروايات مع انه في اكثرها ورد التكبير مقدما على التسبيح و التحميد فهو خلاف التقية مضافا الى انه ورد في رواياتهم تقديم التحميد على التسبيح ايضا كما ذكرنا في كنز العمال فحمل جميع هذه الروايات على التقية بعيد. نعم، يمكن ان يقال انه موجب للترجيح و تقديم روايات الطائفة الاولى

الرابع: التخيير و ان كان الاولى و الاحوط الاول، كما يظهر من الماتن و من لم يعلق عليه احد الا واحد من المتاخرين فهو قائل بتعيين الاول و يظهر من المحقق الهمداني و هو مقتضى القاعدة في الجمع بين المتخالفين و عدم الترجيح و قال في المصباح يؤيده قوله× في صحيحة ابن سنان: يبدأ بالتكبير فانه مشعر بانه لا ترتيب بين التحميد و التسبيح و الا لنبه عليه ايضا كما نبه على تقديم التكبير وكذلك ورد هذا في موثقة مسعدة بن صدقة و كذلك ما ورد في خبر وهب بن عبد ربه من وصل التسبيح بالتحميد اشارة الى انها ليس اذكارا مستقلة الترتيب بين التسبيح و التحميد و انما الشرط هو الاتصال و الظاهر ان هذا الوجه هو اقوى الوجوه

واما وجه التفضيل في تقديم الحمد على التسبيح، فيمكن ان يقال ان السر في تقديم الحمد بعد التعقيب من جهة الشكر لما وفقه‌الله تعالى للصلاة التي هي من خير الاعمال و اما في رويات النوم فانه لم يعمل شيئاً و يريد ان يعمل فالاحسن تقديم التسبيح، ولكن بعدما رأينا تقديم التسبيح حتى بعد الصلاة فرجحنا التخيير كما قال الماتن+.

 


[1] ـ مستدرك الوسائل، ج‌5، ص:39، أبواب التعقيب و ما يناسبه ب9 ح1.
[2] ـ مستدرك الوسائل، ج‌5، ص:40، أبواب التعقيب و ما يناسبه ب9 ح2.
[3] ـ مستدرك الوسائل، ج‌5، ص:64، أبواب التعقيب و ما يناسبه ب19 ح1.
[4] ـ الوسائل، ج6، ص:464، أبواب التعقيب ب21 ح3.
[5] ـ مستدرك الوسائل، ج‌5، ص:64، أبواب التعقيب و ما يناسبه ب19 ح1.
[6] ـ الوسائل، ج6، ص:450، أبواب التعقيب ب12 ح10.
logo