« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

مخالفة أحاديث الجمع مع حكم العقل

موضوع: مخالفة أحاديث الجمع مع حكم العقل

 

رابعا: مخالفة أحاديث الجمع مع حكم العقل [1]

الروايات الاثنتان والعشرون التي ذكرناها في جمع القرآن مخالفة لحكم العقل فإن عظمة القرآن الكريم بحد ذاتها واهتمام النبي "صلى الله عليه وآله" بحفظ القرآن وقراءة القرآن واهتمام المسلمين بتداول القرآن الكريم واهتمام المسلمين بما يهتم به رسول الله "صلى الله عليه وآله" وما يستوجبه ذلك من الثواب كل هذا ينافي أن لا يجمع القرآن في عهد النبي "صلى الله عليه وآله" وأن يجمع القرآن في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان بحيث يحتاج المسلمون إلى شاهد أو شاهدين لكي تكتب آيات كتاب الله وتثبت أنها آيات قرآنية هذا القرآن الذي اشتهر بين الأطفال والنساء فضلا عن الرجال تصل النوبة إلى أن يختلف في آياته ويحتاج إلى الإتيان بشاهد أو شاهدين لكي تثبت أنها آية من آيات كتاب الله هناك عدة جهات تمنع قبول هذه الروايات الدالة على جمع القرآن بعد النبي "صلى الله عليه وآله".

بهذه الطريقة يذكر السيد الخوئي "رحمه الله" أربع نقاط:

النقطة الأولى بلاغة القرآن العرب كانت تهتم بحفظ القصائد والمعلقات والكلمات والحكم البليغة فكانوا يحفظون أشعار الجاهلية وخطب الجاهلية فكيف بالقرآن الذي تحدى ببلاغته العرب في الإتيان بمثله والقرآن الذي تحدى كل بليغ واخرس كل فصيح هل يحتاج في حفظه وتدوينه إلى شاهد أو شاهدين خصوصا أن الدواعي لحفظه قد تحققت فالمسلم يتشرف أن يحفظه والكافر يحفظه لكي يتحداه ويعارضه ويخالفه فإذن النقطة الأولى بلاغة القرآن تقتضي الاهتمام به والعناية بحفظه وتدوينه.

النقطة الثانية إظهار النبي "صلى الله عليه وآله" رغبته في حفظ القرآن والاحتفاظ بالقرآن وكانت السلطة تحت يد النبي "صلى الله عليه وآله" ومن الواضح بأن الزعيم إذا اظهر رغبته في العناية بحفظ كتاب أو قراءة كتاب فإن هذا الكتاب سيكون رائجا في تلك الدولة وستعمل الرعية على العناية بذلك الكتاب رضا للدين أو الدنيا.

النقطة الثالثة حفظ القرآن كان سببا لارتفاع شأن ولارتفاع منزلة الشخص بين الناس وتعظيمه بينهم فإذا راجعنا التاريخ سنجد ما للقراء وحفاظ القرآن من منزلة عظيمة وكبيرة ومقام رفيع بين الناس وهذا أقوى سبب لاهتمام الناس بحفظ القرآن الكريم إلى يومنا هذا يفتخر فلان حافظ كل القرآن الكريم.

النقطة الرابعة والأخيرة الأجر والثواب الذي يستحقه حافظ القرآن وحافظ القرآن كلا أو بعضا هذه أهم العوامل التي تستدعي حفظ القرآن وتدوين القرآن والاحتفاظ بالقرآن وقد كان المسلمون يهتمون بالقرآن الكريم أكثر من اهتمامهم بأنفسهم وأولادهم وقد ورد أن بعض النساء قد جمعت القرآن:

اخرج ابن سعد في الطبقات أنبأنا الفضل بن دكين طبعا ابن سعد لعله متوفى سنة 260 هجرية من أقدم الكتب حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع قال حدثتني جدتي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يزورها ويسميها الشهيدة وكانت قد جمعت القرآن[2] هنا الشاهد وكانت قد جمعت قرآن أم ورقة أصلا غير معروفة وغير مشهورة وهي جمعت القرآن الكريم[3] إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين غزا بدرا قالت له أتأذن لي فأخرج معكم أداوي جرحاكم وامرض مرضاكم لعل الله يهديلي شهادة قال إن الله مهد لكي شهادة كان يسميها الشهيدة[4] إذا كان هذا حال النساء قد جمعنه القرآن الكريم فكيف بحال الرجال وقد عد من حفاظ القرآن على عهد رسول الله جمع غفير.

قال القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن الكريم قد قتل يوم اليمامة سبعون من القراء وقد قتل في عهد النبي ببئر معونة مثل هذا العدد[5] هذا على ما نقل عنه السيوطي في الإتقان وإذا رجعنا إلى تفسير القرطبي الجزء الأول صفحة 59 يقول وقتل منهم يعني القراء في ذلك اليوم يوم اليمامة فيما قيل سبعمائة[6] يعني قيل سبعمائة وقيل أربعمائة وقيل سبعون وتقدم في الرواية العاشرة[7] من الروايات الاثنتي والعشرين أنه قتل من القراء في يوم القيامة أربعمائة رجل وشدة اهتمام النبي بالقرآن الكريم بحيث أنه جعل له كتاب عديدين خصوصا أن القرآن الكريم نزل مفرقا ومنجما خلال ثلاثة وعشرين سنة وكان النبي يعتني بتدوين القرآن عنده كتاب أو لا يقولون السنة معاوية كاتب الوحي وفلان كاتب الوحي صار معاوية يختلق الروايات ويقول إنه من كتاب الوحي لكي يتشرف بهذه المهنة والمهمة لأنها كانت مشهورة أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان له كتاب يكتبون ما يوحى إليه.

روى زيد بن ثابت كنا عند رسول نؤلف القرآن من الرقاع[8] يعني نكتب القرآن من الرقاع قال الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك على الصحيحين هذا حديث صحيح على شرط الشيخين[9] البخاري ومسلم ولم يخرجاه يعني لم يذكراه في صحيحيهما ولكنه على شروطهما في الحديث يكون هذا الحديث صحيحا هذا الحديث فيه الدليل الواضح أن القرآن إنما جمع على عهد النبي "صلى الله عليه وآله" وأما حفظ بعض السور هذا ما شاء الله كان منتشر بكثرة لأنه كان من مهر المرأة أن يأتي الرجل ببعض الآيات إلى الآن في الكتب الفقهية يذكر أن يكون سورة أو بعض سورة.

روى عبادة بن صامت قال كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يشغل يعني يكون مشغولا فإذا قدم رجل مهاجر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن[10] وروى كليب قال (كنت مع علي "عليه السلام" فسمع ضجتهم في المسجد يقرؤون القرآن فقال طوبى لهؤلاء)[11] وعن عبادة بن الصامت أيضا قال كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي "صلى الله عليه وآله" إلى رجل منا يعلمه القرآن وكان يسمع لمسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ضجة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا[12] ، إذن النقطة الرابعة تامة.

النقطة الخامسة مخالفة أحاديث الجمع للإجماع هذه الروايات مخالفة لما اجمع عليه المسلمون قاطبة سنة وشيعة على أن القرآن الكريم لا طريق لإثباته إلا بالتواتر ولا يكفي خبر الواحد وهذه الروايات أخبار آحاد تدل على أن القرآن وصلنا بشاهد أو شاهدين فيكون هذا الوصول ليس بحجة في حقنا.

إذن أخبار روايات الجمع في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان مخالفة لما اجمع عليه المسلمون من أن القرآن الكريم لا طريق لإثباته إلا بالتواتر.

فهذه الروايات تقول إن إثبات آيات القرآن كان منحصرا بشهادة شاهدين وفي بعض الموارد بشهادة شاهد تعدل شهادتين خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فيكون يلزم من هذه الروايات لازمها أن يثبت القرآن بخبر الواحد ولا يمكن للمسلم أن يلتزم بذلك.

ثم يعبر السيد الخوئي تعبير حلو ويقول ولست أدري كيف يجتمع القول بصحة هذه الروايات التي تدل على ثبوت القرآن بالبينة شاهدين عادلين مع القول أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر أفلا يكون القطع بلزوم كون القرآن متواترا سببا للقطع بكذب هذه الروايات اجمع.

إذا التزمنا أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وهذه الروايات تقول إن القرآن قد ثبت بالبينة وخبر الواحد ولم يثبت بالتواتر فالقطع بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر يوجب القطع ببطلان هذه الروايات.

لذلك ذهب بعضهم إلى تأويل هذه الروايات يقول السيد الخوئي "رحمه الله":

ومن الغريب أن بعضهم كابن حجر فسر الشاهدين في الروايات بالكتابة والحفظ يعني كانوا يحتاجون إلى شاهد أو شاهدين ليس لإثبات النص القرآني فإن النص القرآني لا يثبت إلا بالتواتر الشاهد أو الشاهدين لإثبات أن فلان حافظ أو لإثبات أن فلان كتب فالشاهد أو الشاهدين لإثبات الكتابة أو الحفظ.

ثم يقول السيد الخوئي يقول وفي ظني أن ابن حجر ذهب إلى هذا القول وحمل هذه الروايات على أن الشاهد أو الشاهدين ليس لإثبات النص القرآني الذي لا يثبت إلا بالتواتر وإنما لإثبات الكتابة ولإثبات الحفظ لأنه هناك مسألة واضحة من أن القرآن لا طريق لوصوله إلينا إلا بالتواتر فاصتطدم بن حجر بهذه المقولة هذه الروايات تقول قد ثبت بشاهد أو شاهدين ومن جهة أخرى لا يثبت النص القرآني إلا بالتواتر فقال إن الشاهد أو الشاهدين ليس لإثبات النص القرآني وإنما لإثبات الكتابة أو لإثبات الحفظ.

ثم يناقش السيد الخوئي هذا الحمل بثلاث مناقشات:

المناقشة الأولى إذا قيل هذه إن هذه الروايات هي يؤتى بشاهد أو شاهدين لإثبات الكتابة والحفظ فمعنى ذلك لو عدنا نص قرآني وهذا النص القرآني وصلنا بالتواتر ولكن هذا النص لم يكتب نقل كابر عن كابر ووصل في ذلك الزمن بالتواتر في زمن أبي بكر لو كان هذا النص قد وصلهم بالتواتر عن النبي وهذا النص لم يكن مكتوبا يلزم من ذلك أن لا يكتب لأن الشاهد أو الشاهدين لإثبات المكتوب لا لإثبات النص القرآني وبالتالي يلزم أن يكون القرآن ناقص لأن الإتيان بشاهد أو شاهدين لإثبات ما كتب من القرآن وليس لإثبات النص القرآني وبالتالي يلزم من هذا الكلام أنهم قد اسقطوا من القرآن ما ثبت بالتواتر إذا لم يكن مكتوبا وهذا لا يمكن الالتزام به.

المناقشة الثانية السيد الخوئي جعلها أولى مخالفة هذا الحمل لصريح الروايات لجمع القرآن الروايات تقول إن الشاهد أو الشاهدين لإثبات ما جمع من القرآن يعني لإثبات النص القرآني لإثبات جميع نصوص القرآن فحمل هذه الروايات على أن الشاهد أو الشاهدين إنما هو لإثبات المكتوب خلاف صريح هذه الروايات.

المناقشة الثالثة إذا ثبت النص بالتواتر لا حاجة لإقامة شاهد أو شاهدين على الكتابة أو الحفظ فالمدار كل المدار على وصول النص القرآني بالتواتر هذا هو الملاك أن يصلنا النص القرآني بالتواتر فإذا وصلنا النص بالتواتر حتى لو لم يكن محفوظا وحتى لو لم يكن مكتوبا وبالتالي الكتابة والحفظ بمجردهما ولوحدهما لا يثبتان النص القرآني لان النص القرآني إنما يثبت بالتواتر وإذا ثبت النص القرآني بالتواتر لا حاجة إلى الكتابة ولا حاجة إلى الحفظ فإذا ثبت القرآن بالتواتر ثبت النص القرآني من دون حاجة إلى الكتابة والحفظ هذه بعض الملاحظات التي ذكرها السيد الخوئي لطرح هذه الروايات.

والخلاصة روايات جمع القرآن في عهد أبي بكر أو عثمان مخالفة لإجماع المسلمين قاطبة على أن النص القرآني لا يثبت ِإلا إذا وصلنا بالتواتر.

النقطة السادسة والأخيرة

أحاديث الجمع والتحريف بالزيادة [13]

أحاديث الجمع استدل بها على تحريف القرآن بالنقيصة وتحريف القرآن بالنقيصة هو التحريف المختلف فيه وأما تحريف القرآن بالزيادة فقد اتفق المسلمون جميعا على عدم وقوع الزيادة في القرآن الكريم المستشكل استدل بروايات جمع القرآن في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان على إمكان وقوع النقيصة والتحريف بالنقيصة مختلف فيه قال بعضهم بوقوعه وقال بعضهم بعدم وقوعه.

إن سلمت بروايات الجمع في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان فإن هذه الروايات كما يحتمل فيها وقوع نقيصة في القرآن يحتمل فيها أيضا وقوع زيادة في القرآن لأن الجمع البشري عادة يعتريه السهو والغفلة الآن إذا شخص يجمع أشعار شاعر معين أو يجمع خطب وكلمات خطيب وكاتب معين فكما يحتمل النقيصة من أنه غفل من بعض الأشعار أو لم تصله بعض الأشعار أو لم يلتفت إلى بعض الأشعار ولم يدرجها في الديوان يحتمل الزيادة أيضا من أنه ذكر أشعار غيره ونسبه إلى هذا الشاعر المعين فكما تحتمل النقيصة تحتمل أيضا الزيادة.

قد تقول هذا إنما يتم في جمع أشعار شاعر أو خطب خطيب أو كلمات متكلم ولكن هذا لا يكون بالنسبة لكتاب الله "عز وجل" لأن الله "عز وجل" قد تحدى الناس جميعا أن يأتوا بمثل القرآن ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ثم تحداهم أن يأتوا بسورة إذن لا يمكن أن تتحقق الزيادة بالنسبة إلى جمع القرآن الكريم.

والجواب إن الله "عز وجل" تحدى الناس أن يأتوا بسورة كاملة أو عشر سور أو قرآن بالكامل لكن ما تحداهم أن يأتوا بكلمة أو كلمتين من القرآن وما تحداهم أن يأتوا بآية خصوصا إذا كانت الآية قصيرة لأن بعض الآيات في القرآن كلمة واحدة.

فإذن الزيادة بكلمة أو كلمتين أو آية أو آيتين معقول وممكن في القرآن الكريم وبالتالي إذا آمنا وسلمنا بروايات الجمع فكما يعقل ويمكن أن يكون الجامعون قد انقصوا في القرآن الكريم بسبب جمعهم يحتمل أيضا أنهم قد زادوا كلمة أو كلمتين أو آية أو آيتين والقول بتحريف القرآن بنحو الزيادة مجمع على بطلانه.

المناقشة السادسة مناقشة نقضية أي أنه إذا سلمنا بروايات الجمع في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان فكما أنه يلزم منها تحقق النقيصة كذلك يلزم منها تحقق الزيادة والقول بتحريف القرآن بنحو الزيادة باطل ومجمع على بطلانه عند جميع المسلمين بل هناك شاهد على إمكانية زيادة كلمة أو كلمتين أو آية أو آيتين هذه الروايات لماذا اشترط الإتيان بشاهد أو شاهدين لأنهم يحتملون أن تزيد كلمة أو كلمتين أو آية أو آيتين فهذه روايات الجمع تقول كان يؤتى بشاهد أو شاهدين لأنه يحتمل أن تكون هناك زيادة أو نقيصة لكلمة أو كلمتين أو آية أو آيتين فلا مناص للقائل بالتحريف من القول بالزيادة أيضا وهذا خلاف إجماع المسلمين.

خلاصة جميع ما تقدم

إسناد جمع القرآن الكريم إلى الخلفاء أمر موهوم ومخالف للأدلة الأربعة.

لاحظ منهج السيد الخوئي البديع مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل فلا يمكن القائل بالتحريف أن يستدل بروايات جمع القرآن على دعواه من وقوع التحريف بالنقيصة في كتاب الله ولو سلمنا وتنزلنا وقلنا إن القرآن قد جمع في عهد أبي بكر فلا نسلم أن القرآن قد جمع بهذه الكيفية بحيث يقفون على عتبة المسجد أو الدار ويقولون من يأتي بآية وعنده شاهد أو شاهدين هذه الطريقة وهي إثبات النص القرآني بخبر الواحد أو البينية غير تامة لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر.

ومن الواضح بين المسلمين وقد وقع عليه الإجماع وهو أن النص القرآني لا يثبت إلا بالتواتر أصلا هذا أمر مسلم منذ زمن النبي إلى يومنا هذا في جميع البلدان الإسلامية يتداولون النصوص القرآنية ويتداولون الحفظ.

نعم لا شك من وقوع جمع في زمان عثمان ولكن ما هو المراد بالجمع؟

المراد توحيد القراءة وليس توحيد النسخ لأن توحيد النسخ لأنه كانت النسخ تكتب بالخط الكوفي والخط الكوفي ليس فيه نقاط فتختلف القراءات لا نقط ولا حركات فعثمان جمع السور والآيات ووحدها في قراءة كانت متواترة ومتداولة زمن النبي "صلى الله عليه وآله" وبالتالي عثمان بن عفان قام بعملين احدهما مرضي والآخر غير مرضي، الأمر الأول المرضي هو أنه وحد جميع الناس على قراءة واحدة وعلى مصحف واحد.

هذا مرضي لأنه لو لم يوحدهم على قراءة واحدة وعلى مصحف واحد لاختلف القراء واختلفت القراءات وتوسع في حديث الأحرف السبعة.

وأما الأمر الآخر غير المرضي وهو أنه احرق بقية المصاحف هذا تراث قرآني صحابة النبي "صلى الله عليه وآله" كتبوا هذه القرائيين كتبوا هذه المصاحف هذا تراث على أي أساس أنت تأتي وتحرقه كان بالإمكان توحيد الناس على مصحف واحد مع الاحتفاظ بهذه المصاحف أما أن تجمع بقية المصاحف وتحرقها فهذا أمر ممقوت لذلك بعضهم سماه حراق المصاحف.

قال الحارث المحاسبي المشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان وليس كذلك إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي انزل بها القرآن[14]

وقد ذكرنا فيما سبق إن القرآن المتداول اليوم هو القرآن المروي عن أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" فهذا القرآن العثماني هو القرآن الكوفي بقراءة عاصم بن أبي النجود برواية حفص عن عاصم هذا القرآن المتداول اليوم.

حفص اخذ القراءة عن عاصم وعاصم أخذها عن ابن أبي النجود عبد الرحمن بن أبي النجود وهو من تلامذة أمير المؤمنين "سلام الله عليه" حتى في القرآن المتداول اليوم موجود ابن أبي النجود عن عثمان وعلي و..... فهذه القراءة الموجودة اليوم والمتداولة اليوم ما أخذت عن علي "عليه السلام" عن النبي "صلى الله عليه وآله".

النتيجة النهائية نقرأ نص كلام السيد الخوئي قال ومما ذكر قد تبين للقارئ أن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل أو من ألجأه إليه يجب القول به والحب يعمي ويصم وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته.

هذا تمام الكلام في هذا البحث الهام فكرة عن جمع القرآن.

حجية ظواهر القرآن يأتي عليها الكلام.

 


logo