« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

ترخيص قراءة السور في الصلاة

موضوع: ترخيص قراءة السور في الصلاة

 

ترخيص قراءة السور في الصلاة[1]

الدليل الرابع على عدم وقوع التحريف بالنقيصة في القرآن الكريم:

عندنا روايات عن أئمة أهل البيت "عليهم السلام" تأمر بقراءة سورة تامة في الصلاة بعد سورة الحمد ففي الركعتين الأوليين من صلاة الفريضة.

ذهب مشهور فقهائنا إلى وجوب قراءة سورة بعد الحمد وخالف في ذلك بعض الفقهاء كالشيخ حسين العصفور العلامة في البحرين فقد ذهب إلى استحباب قراءة السورة بعد الحمد في الصلاة لكن المشهور بين الفقهاء وجوب قراءة سورة تامة بعد الحمد في الفريضة واستحباب قراءة السورة بعد الحمد في النافلة المستحبة.

كما أن الفقهاء ذكروا صلاة الآيات وهي مؤلفة من ركعتين وفي كل ركعة خمسة ركعات فالمجموع عشر ركعات فقالوا في صلاة الآيات تقرأ بعد سورة الحمد سورة كاملة أو آية من سورة في كل ركعة فإذا اخترت قراءة سورة التوحيد فإنه في الركعة الأولى تقرأ ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ وفي الركعة الثانية ﴿قل هو الله احد﴾ وفي الركعة الثالثة ﴿الله الصمد﴾ وفي الركعة الرابعة ﴿لم يلد ولم يولد﴾ وفي الركعة الخامسة ﴿ولم يكن له كفوا احد﴾ أي تقرأ الحمد ﴿بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين﴾ إلى أن تقول ﴿والضالين﴾ بعد ذلك لا تبسمل ولا تقرأ شيء آخر فقط مقطع من السورة يعني آية من السورة ﴿ولم يكن له كفوا احد﴾ هذا أيضا على المشهور بناء على أن البسملة جزء من أي سورة هذا هو مشهور فقهاء الامامية البسملة جزء من الحمد وجزء من جميع سور القرآن عدى سورة براءة.

وخالف في ذلك أيضا السيد السيستاني والسيد الخامنه اي فذهبا إلى أن البسملة ليست جزءا إلا من سورة الحمد وأما بقية السور فهي افتتاح فبناء على رأي السيد السيستاني والسيد القائد لا يجزي أن تكتفي بالبسملة في أول ركعة ﴿بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين﴾ إلى أن تقول ﴿والضالين﴾ ثم تقول ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ وتكتفي هذا لا يجزي وإنما تأتي بالبسملة والآية الأولى تقول مثلا ﴿بسم الله الرحمن الرحيم إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ هذه الركعة الأولى الركعة الثانية ﴿وما أدراك ما ليلة القدر﴾ الثالثة ﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ الرابعة ﴿تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر﴾ الخامسة ﴿سلام هي حتى مطلع الفجر﴾ فبالتالي لا يمكن أن تأتي بسورة التوحيد لأنها بالبسملة تصبح خمس آيات بدون البسملة أربع آيات ولكن سورة القدر البسملة مع أول آية إنا أنزلناه في ليلة القدر يصير المجموع خمس يعني مع البسملة يصير المجموع ست عموما الآن بحثنا ليس بحثا فقهي بحث قرآني.

الدليل الخامس على أن التحريف بالنقيصة لم يقع في القرآن الكريم

هو ما ذهب إليه الفقهاء تبعا لأوامر أئمة أهل البيت "عليهم السلام" من أنه يجب قراءة سورة كاملة بعد الحمد في الركعتين الأوليين من الفريضة كما أنه يجب قراءة سورة كاملة في كل ركعة من الركعات الخمس الأولى أو الخمس الثانية في صلاة الآيات أو لا اقل قراءة آية من السورة في كل ركعة من الركعات الخمس الأولى أو الثانية وهذا يكشف عن صيانة القرآن الكريم من التحريف.

فلو كان القرآن محرفا ففي هذه الحالة كيف تجتزئ بالإتيان بالسورة بعد الحمد فلعلها سورة ناقصة وهكذا كيف تجتزئ بسورة مكونة ومؤلفة من خمس آيات كسورة التوحيد أو سورة إنا أنزلناه سورة القدر بناء على أن البسملة ليست جزءا من القرآن فلعله قد وقعت في سورة التوحيد أو سورة القدر نقيصة وبالتالي يحصل عندنا علم إجمالي نعلم أجمالا بأن جميع القرآن أو لا أقل في بعض سوره أو آياته وقعت النقيصة فيكون الإتيان بسورة بعد سورة الحمد غير ممكنا وغير مقدورا ويلزم من ذلك عدم إتيان الواجب الإنسان ما يستطيع أن يمتثل أمر الصلاة أقيموا الصلاة. هذه خلاصة الدليل الخامس بشكل موجز ومبسط.

وأما تفصيله مع بيان المناقشات والإيرادات وردها فيقال قد أمر أئمة أهل البيت "عليهم السلام" بقراءة سورة تامة بعد سورة الفاتحة في الركعتين الأوليين من الفريضة وحكموا أيضا بجواز تقسيم السورة التامة أو أكثر في صلاة الآيات ومن الواضح أن هذه الأحكام ثبتت في الشريعة بثبوت أصل تشريع الصلاة وأن هذه الأحكام وجوب الإتيان بالسورة أو جواز تقسيم السورة في صلاة الآيات ليست من أحكام التقية ولا مجال للتقية فيها فيكون اللازم على القائلين بتحريف القرآن بالنقيصة أن لا يأتوا ما يحتمل فيه النقيصة من السور لأن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ويستدعي البراءة اليقيني وقد علمنا قطعا باشتغال ذمتنا بالصلاة فهي واجبة فلابد أن نتيقن من فراغ ذمتنا وخروج وجوب الصلاة من عهدتنا وذمتنا بالإتيان بسورة كاملة بعد سورة الفاتحة وهذا ما لا يمكن أن نتيقن به لاحتمال وجود النقيصة في أي سورة من سور القرآن الكريم.

إذن مقتضى القاعدة الأصولية الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني أن لا يمكن امتثال ولا يمكن التيقن بفراغ ذمتنا بوجوب الإتيان بسورة تامة بعد الفاتحة بناء على القول بتحريف القرآن بالنقيصة.

ولكن قد يجد القائلون بالتحريف مخرجا وهو أنه هناك قاعدة أصولية يستحيل التكليف بغير المقدور ويستحيل أن يكلفنا الله "عز وجل" بأمر غير ممكن فإذا قلنا إن هناك علما إجماليا بوجود نقيصة في آيات القرآن الكريم لكننا لا نعلم الآيات الناقصة على وجه الدقة والتحديد ففي هذه الحالة يكون الإتيان بسورة تامة بعد الفاتحة أمرا غير ممكن لأنه كل سور القرآن يحتمل فيها أنها محرفة وأنها ناقصة فلا يجب علينا الإتيان بسورة تامة بعد الصلاة لأنه يستحيل التكليف بغير المقدور.

القاعدة تقول يستحيل التكليف بغير المقدور رب العالمين كلفنا بالإتيان بسورة تامة بعد سورة الحمد فإذا علمنا إجمالا بوجود تحريف بالنقيصة في سور القرآن ففي هذه الحالة نقطع أننا لا نستطيع أن نأتي بسورة تامة بعد سورة الحمد لأنه في هذه الحالة يكون الإتيان بسورة تامة نقطع أنها غير ناقصة تكليف غير مقدور وغير ممكن فلعدم إحرازنا إمكانية الإتيان بسورة تامة بعد الفاتحة هنا في هذه الحالة يرتفع عنا التكليف لأنه التكليف بغير الممكن وبغير المقدور.

وفيه التكليف بالإتيان بسورة تامة أمر ممكن ومقدور وليس مستحيلا في جميع سور القرآن فلو قلنا هناك سور مسلم أنها لم يقع فيها تحريف كسورة التوحيد وسورة القدر وأما باقي سور القرآن فلا نحرز.

فحينئذ لو أمرنا الله واوجب علينا أن نأتي بسورة بعد التوحيد يكون التكليف بالإتيان بسورة بعد التوحيد أمرا ممكنا لأنه يمكن أن أتي بسورة التوحيد أو أتي بسورة القدر وأنا أحرز أنهما لم تقع فيهما نقيصة.

نعم لا استطيع ولا أتمكن من بعض القرآن وهو ما عداهما لاحتمال وجود النقيصة فيه.

إذن لا يمكن التمسك بقاعدة استحالة التكليف بغير المقدور لأن الإتيان ببعض سور القرآن التامة أمر مقدور فيما لو سلمنا بعدم وقوع التحريف في بعض سور القرآن كسورة التوحيد أو سورة القدر وبالتالي يكون المصلي ملزما بقراءة خصوص سورة التوحيد أو سورة القدر ولا يجوز له أن يقرأ غيرهما وهذا يستظن مع إمضاء الأئمة "عليهم السلام" لجواز الإتيان بأي سورة تامة من القرآن المتداول اليوم.

هنا القائل بالتحريف قد يقول هذه المقالة يقول بحسب الحكم الأولي والأصل الأولي يجوز الإتيان بسورة التوحيد أو القدر لكونهما من السور المسلم أنها ليست ناقصة وأما ما عداهما من سور القرآن فلا يجوز الإتيان به لاحتمال وقوع التحريف بالنقيصة فيه.

نعم رفعنا اليد عن هذا الحكم الأولي وهو عدم الجواز الإتيان بسورة تامة غير سورتي القدر والتوحيد بسبب إمضاء الأئمة فإمضاء الأئمة اثبت الجواز بعد أن كان الحكم الأولي هو عدم الجواز.

إن قال القائل بالتحريف هكذا قلنا العكس هو الصحيح الترخيص من الأئمة "عليهم السلام" دليل بنفسه على عدم وقوع التحريف في القرآن وإلا لو كان التحريف قد وقع في القرآن الكريم في ما عدا سورة التوحيد وسورة القدر لكان هذا التحريف مستلزما لفوات الصلاة الواجبة على المسلم من دون سببا موجب وهذا قبيح عند العقلاء الله "عز وجل" يوجب عليك أن تقرأ سورة من سور القرآن بعد الحمد يعني 113 سورة يجوز لك أن تأتي بها كاملة بعد سورة الحمد ثم لا يبقى من 113 سورة إلا سورتين سورة التوحيد وسورة القدر وأما الباقي فلا تتمكن من الإتيان به لوقوع التحريف فهذا التحريف يستلزم تفويت الصلاة الواجبة على المكلف فإنه من الواضح أن الإلزام يعني كيف رب العالمين يلزمنا بقراءة سور وقع فيها تحريف إذا قلت الأئمة امضوا يعني هذه السور جميع سور القرآن عدى الحمد والتوحيد والقدر هذا من باب المثال يعني 111 سورة وقع فيها التحريف والأئمة "عليهم السلام" امضوا ذلك خب الإمضاء لا يكون للتقية لا توجد تقية حتى يمضي الأئمة قراءة 111 سورة بعد الفاتحة إلا أن يدعى هذا الادعاء أن يدعى نسخ وجوب قراءة السورة التامة يعني في البداية اوجب الله علينا قراءة سورة تامة في الصلاة ثم هذا الحكم قد نسخ واستبدل بوجوب قراءة سورة تامة من القرآن الموجود.

ما الفرق بين الأمرين؟

الأمر الأول وجوب قراءة سورة تامة يعني واقعا يعني لابد أن تأتي بسورة تامة في الواقع ثم علمنا أنه وقع التحريف فلما جاء الإمضاء من الأئمة يصير الحكم الأولي وجوب قراءة سورة تامة واقعا قد نسخ إلى وجوب قراءة سورة تامة من القرآن المتداول اليوم يعني هذا القرآن المتداول اليوم وقعت فيه النقيصة وقع فيه التحريف ولكن الأئمة امضوا قالوا ما دام هذه السورة تامة في هذا القرآن المتداول يجزي أن تأتي بها وإن لم تكن تامة في الواقع وإن وقع فيها النقيصة في الواقع.

فقد يقول القائلون بالتحريف إن الروايات الواردة عن الأئمة "عليهم السلام" والتي تجيز قراءة سورة تامة من القرآن المتداول اليوم تدل على النسخ نسخ وجوب قراءة سورة تامة واقعا إلى وجوب قراءة سورة تامة في القرآن المتداول اليوم

السيد الخوئي يقول ولا أظن القائل بالتحريف يلتزم بذلك هذا مجرد وجه علمي لم يقل به القائل بالتحريف لأن النسخ لم يقع في زمن النبي “صلى الله عليه وآله” هم لا يدعون أن التحريف بالنقيصة وقع في زمن النبي بل يدعون أن النسخ والنقيصة قد وقعت بعد النبي “صلى الله عليه وآله” وإن كان في علوم القرآن يبحثون هل يمكن النسخ بعد النبي أو يمتنع النسخ بعد النبي يوجد خلاف بين العلماء وبحث هذا الخلاف خارج عن محل بحثنا وهو تحريف القرآن بالنقيصة إذن لو قيل إن وجوب قراءة سورة تامة واقعية أنزلت على النبي ويجب على المكلفين قراءتها بعد سورة الحمد في الصلاة قد نسخ هذا الحكم بوجوب قراءة سورة تامة في القرآن المتداول اليوم القرآن المتداول اليوم متى اقر على المشهور يقولون إما جمع في عهد أبي بكر أو جمع في عهد عثمان فهذا معناه إن النسخ قد وقع بعد النبي “صلى الله عليه وآله” ومن الواضح أن النسخ ومن الثابت أن النسخ يقع في زمن النبي لا في ما بعد زمن النبي “صلى الله عليه وآله”.

خلاصة هذا الدليل يلخصه السيد الخوئي تحت عنوان وجملة القول يقول هكذا لا ريب ولا شك في أمر أهل البيت "عليهم السلام" بقراءة سورة من القرآن المتداول اليوم ووجوب قراءة سورة تامة من القرآن المتداول اليوم في الصلاة الفريضة بعد سورة الحمد وهذا الحكم ثابت ومجال للتقية فيه فهذا الحكم الثابت إما أن يكون قد ثبت في زمن النبي وإما أن يكون قد ثبت بعد زمن النبي “صلى الله عليه وآله” إن قلنا إن الحكم بوجوب سورة تامة بعد سورة الحمد من القرآن المتداول اليوم قد ثبت في زمن بعد النبي فهذا باطل عاطل لأن نسخ الأحكام الشرعية وإقرارها إنما يكون في خصوص زمن النبي “صلى الله عليه وآله” لا بعده.

طبعا بعده هناك خلاف لأنه الشيعة الإمامية عندهم التشريع حتى ما بعد زمن النبي يعني من زمن النبي إلى عهد الإمام العسكري "صلوات الله وسلامه عليه" بعد ذلك غاب الإمام الحجة ولكن بناء على مبنى السنة من أن التشريع مختص بالنبي فيكون النسخ إمكان النسخ فضلا عن إثباته باطل عاطل لا يمكن أن يكون النسخ بعد النبي “صلى الله عليه وآله” إذن لابد أن يكون الحكم ثابت على عهد النبي “صلى الله عليه وآله” عهد النبي هو وجوب قراءة سورة من القرآن الموجود الذي بأيدينا وهذا يكشف عن عدم وقوع التحريف إذا أمرنا بقراءة سورة تامة من القرآن الذي بأيدينا منذ زمن النبي إلى يومنا هذا فهذا يكشف عن عدم وقوع التحريف بالنقيصة في القرآن الكريم وهذا الحكم رتبه أهل البيت "عليهم السلام" على قراءة سورة كاملة أو آية كاملة كما في صلاة الآيات، هذا تمام الكلام في الدليل الرابع فيستفاد من التلخيص بقراءة سورة كاملة أو آية كاملة في الصلاة أن القرآن المتداول اليوم ليس محرفا بالنقيصة ومن الواضح أن الدليل الرابع ناظر إلى الفترة زمن النبي “صلى الله عليه وآله” بالتالي يقع الكلام في الفترة بعد زمن النبي وهي ما تبحث في الدليل الخامس، دعوى وقوع التحريف من الخلفاء.

الدليل الخامس يأتي عليه الكلام.

 


logo