40/03/27
معنى التحريف ورأي المسلمين فيه
موضوع: معنى التحريف ورأي المسلمين فيه
صيانة القرآن من التحريف[1]
هذا البحث من الأبحاث الهامة جدا في علوم القرآن والتحريف إما أن يكون في المعنى وإما أن يكون في اللفظ
والتحريف في اللفظ على أنحاء:
النحو الأول التغيير في بعض الحروف والحركات إما بالزيادة وإما بالنقيصة.
النحو الثاني التغيير في بعض الكلمات إما بالزيادة وإما بالنقيصة.
النحو الثالث التحريف والتغيير في بعض الآيات إما بالزيادة وإما بالنقيصة.
النحو الرابع التحريف في بعض القرآن كتغيير سورة كاملة أو عدة سور وهو على نحويين إما أن يكون بالزيادة وإما أن يكون بالنقيصة فصار النحو الرابع هو تحريف وتغيير بعض القرآن بالزيادة والنحو الخامس تغيير وتحريف بعض القرآن بالنقيصة.
من هنا ذكر السيد الخوئي “رحمه الله” ستة معاني للتحريف:
المعنى الأول التحريف المعنوي
المعنى الثاني التحريف اللفظي ببعض حروف القرآن أو الحركات إما بالزيادة وإما بالنقيصة
المعنى الثالث التحريف اللفظي لبعض الكلمات إما بالزيادة وإما بالنقيصة.
النحو الرابع التحريف للآيات إما بالزيادة وإما بالنقيصة.
النحو الخامس تحريف بعض القرآن بالزيادة.
والنحو السادس تحريف بعض القرآن بالنقيصة.
هذه معان ستة للتحريف وقد وقع الاتفاق بين جميع المسلمين من السنة والشيعة على وقوع بعضها كما وقع الاتفاق بين جميع المسلمين على عدم وقوع بعضها وقد وقع الاختلاف بين المسلمين في وقوع بعضها هل وقعت أو لا؟
أما اتفاق المسلمين على وقوع التحريف فهو في النوع الأول القسم الأول التحريف المعنوي ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾[2] فكل من يفسر القرآن بغير معناه قد حرفه تحريفا معنويا وهذا واقع قطعا باتفاق المسلمين منذ أن نزل القرآن إلى يومنا هذا فنص القرآن مضبوط ولكن معاني الكلمات المضبوطة قد يتلاعب بها المتلاعبون لذلك كان إلى جنب القرآن عدل القرآن وهم العترة الطاهرة لتفسير القرآن فهم القرآن الناطق إذن التحريف المعنوي قطعا قد وقع.
وأما التحريف الذي اتفق المسلمون جميعا على عدم وقوعه فهو التحريف بالزيادة وأن القرآن المتداول اليوم بعضه زائد يعني فيه سور زائدة هناك اتفاق بين جميع المسلمين على أن القرآن المتداول اليوم ليس فيه زيادة فإذا قطعنا بعدم وجود الزيادة في القرآن الكريم أمكن أن نستدل بالقرآن الكريم على عدم التحريف فنقول إن الدليل على عدم وقوع التحريف قوله "عز من قائل" (إنه لقرآن كريم في لوح محفوظ) (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فلو كانت الزيادة في القرآن ليس متفقا عليها قد يقول القائل إن نفس هذه الآية زائدة فإذا قيل إن قوله "عز من قائل" (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) هي آية زائدة (بل هو قرآن كريم في لوح محفوظ) هذه آية زائدة فحينئذ لا يمكن الاستدلال بها على صيانة القرآن من التحريف.
إذن المعنى الأول للتحريف وهو التحريف المعنوي متفق على وقوعه
المعنى الخامس للتحريف وهو زيادة بعض القرآن متفق على عدم وقوعه
وقع الخلاف في المعنى السادس هل هذا القرآن المتداول اليوم ناقص أو لا هل بعض القرآن لم يصل إلينا أو لا هنا موطن الخلاف ومربط الفرس فمثلا قوله "عز من قائل" ﴿يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾[3] في بعض الروايات هكذا يا أيها النبي بلغ ما انزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته[4] .
قوله في علي هل هي من ضمن الآية الكريمة أو هي زيادة تفسيرية؟
ذهب المحدث النوري “رحمه الله” الميرزا حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل إلى التحريف واستدل بعدة أدلة منها ما ورد في مصحف الإمام علي "عليه السلام" كهذه الآية التي نقلت يا أيها النبي بلغ ما انزل إليك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته فيقول أن القرآن المتداول اليوم قد حذف منه لفظ في علي فهو ناقص.
طبعا المحدث النوري “رحمه الله” يقال قد تراجع عن ذلك في أواخر حياته وقد نص على هذا التراجع وعلى هذه الكتابة تلميذه الوفي المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني “رحمه الله” في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة وله رسالة مستقلة المحدث النوري بحث عنها هو ممنوع طباعته كتاب المحدث النوري ولكن في المكتبات العامة للباحثين يمكن أن يعطونهم النسخة الحجرية في تحرير كتاب رب الأرباب والكتاب كبير جدا طبعا علماء الشيعة ردوا عليه بردود كثيرة.
إذن الخلاصة من قال بتحريف القرآن من علماء السنة ومن علماء الشيعة إنما يقصد خصوص التحريف بالنقيصة لا التحريف بالزيادة وأما التحريف بالزيادة فلم يقل به أحد فقد اتفق علماء السنة والشيعة قاطبة على عدم وقوع التحريف بالزيادة كما اتفقوا على وقوع التحريف المعنوي هذا بشكل موجز ونأتي بشكل مفصل يسير.
السيد الخوئي “رحمه الله” تحت هذا العنوان صيانة القرآن من التحريف يذكر عناوين نقرأ هذه العناوين
العنوان الأول وقوع التحريف المعنوي في القرآن الكريم باتفاق المسلمين وهو المعنى الأول.
التحريف الذي لم يقع في القرآن بلا خلاف وهو المعنى الخامس وهو تحريف بعض القرآن بالزيادة،
الثالث التحريف الذي وقع فيه الخلاف وهو المعنى السادس تحريف بعض القرآن بالنقيصة
تصريحات أعلام الإمامية بعدم التحريف كجزء من معتقداتهم سنتكلم عنه إن شاء الله تعالى.
هناك كتب ودراسات خصصت لنفي تحريف القرآن الكريم من قبل علمائنا المتأخرين والقدماء إلى يومنا هذا مثلا من المعاصرين توجد ثلاثة كتب بارزة ومهمة:
الكتاب الأول كتاب صيانة القرآن من التحريف لسماحة آية الله الشيخ محمد هادي معرفة “رحمه الله”
الكتاب الثاني سلامة القرآن من التحريف تأليف أستاذنا الشيخ الدكتور فتح الله نجار زادكان
الكتاب الثالث التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف لسماحة آية الله السيد علي الحسيني الميلاني "حفظه الله"
هذه ثلاثة كتب لعلمائنا المعاصرين تكلمت عن التحريف وردته بشكل مفصل وواسع.
السيد الخوئي “رحمه الله” في هذا البحث يتكلم في نقاط النقطة الأولى في معنى التحريف ولفظ التحريف يراد منه عدة معان على نحو الاشتراك بعضها قد اتفق على وقوعه وهو المعنى الأول التحريف المعنوي وبعضها اتفق على عدم وقوعه وهو المعنى الخامس زيادة بعض القرآن وبعضها قد وقع الخلاف فيه وهو المعنى السادس تحريف بعض القرآن بالنقيصة.
والمعاني الستة كما يلي:
المعنى الأول هو التحريف المعنوي أي نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره يعني إلى معنا مغاير كقوله "عز من قائل" ﴿من الذين هادوا أي اليهود يحرفون الكلمة عن مواضعه﴾[5] يعني يغيرون معنى الكلم والكلام عن مواضعه يعني عن معناه الحقيقي والأصلي ولا خلاف في وقوع التحريف المعنوي في القرآن الكريم فإن كل من فسر القرآن بغير حقيقته وحمله على غير معناه فقد حرفه لذلك ترى الكثير من البدع والمذاهب الفاسدة والكثير من أرباب هذه البدع قد استند إلى القرآن الكريم وأوله وأول آيات كتاب الله بناء على آرائهم وأهوائهم
وقد ورد الردع والنهي عن هذا التحريف وذم فاعله في عدة روايات منها هذه الرواية التي رواها الكليني في الكافي بإسناده عن الإمام الباقر "عليه السلام" أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير قال "عليه السلام" (وكان من نبذهم الكتاب يعني كان من تركهم للقرآن أن أقاموا حروفه يعني حفظوا حروفه وحرّفوا حدوده يعني وغيروا معناه فهم يرونه ولا يرعونه فهم يرون القرآن ولا يرعونه يعني ولا يراعوا معانيه)[6] .
تذكرني برواية أخرى رواية تدريها خير من ألف رواية ترويها[7] المهم دراية الحديث بعد حفظه والجهال يعجبهم حفظه للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية.
جاء احدهم إلى احد العلماء والفقهاء قال له كم تحفظ من الأحاديث حتى صرت فقيها ومرجعا قال لا أدري لعله حديث أو حديثين أو ثلاثة قال عجيب أنا أحفظ مئة ألف حديث ولست بفقيه وأنت لا تحفظ الأحاديث وأصبحت فقيها قال هات احد الروايات التي تحفظها قال قال فلان عن فلان عن فلان عن فلان قال رسول الله “صلى الله عليه وآله” كذا وكذا ثم تكلم الفقيه قال يقع الكلام في مقامين المقام الأول في البحث السندي المقام الثاني في البحث الدلالي أما المقام الأول في البحث السندي هذه الرواية وردت فيها فلان فلان ضعفه النجاشي ووثقه الشيخ الطوسي فيحصل تعارض في الجرح والتعديل ثم دخل في الكثير من المباحث الرجالية تكلم مدة طويلة قال هذا تمام الكلام في البحث السندي على مختلف المباني ثم تكلم عن البحث الدلالي قال هذه الرواية ورد فيها مفردة كذا بعض أهل اللغة يرى كذا وبعض الآخر يرى كذا إن استظهرنا كذا أصبحت الدلالة كذا إن استظهرنا كذا اختلف المعنى إلى كذا وذلك الحافظ يتأمل في لحية الفقيه كيف تتحرك قال من أين جئت بكل هذا فالتفت إليه الفقيه قال إذا وجدنا فقيه يجمع بيني وبينك هذا فقيه جيد يعني الحفظ أيضا له أهميته لكن هناك من هو أهم منه وهو دراية الحديث لذلك جاء في خطبة النبي “صلى الله عليه وآله” في منا (نظّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم نقلها إلى من لم يسمعها ورب حامل فقه إلى من هو افقه منه)[8] أنت تحفظ ولكن هناك من يفقه أكثر منك، المعنى الأول هو التحريف المعنوي وهذا واقعي.
المعنى الثاني النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات حركة زائدة أو حركة ناقصة مثلا هذا اللفظ يقرأه مشددا وغيره يقرأه من دون تشديد ﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن﴾[9] حتى يطهرن إما بالتشديد الطاء أو عدم تشديدها وهنا زيادة في الشدة زيادة في الحركة مع حفظ القرآن وعدم ضياعه وإن لم يكن متميزا في الخارج عن غيره لأن هذه القراءة أصبح فيها اختلاف والتحريف بهذا المعنى زيادة حركة ونقصان حركة زيادة حرف ونقصان حرف قطعا واقع مثل ﴿مالك يوم الدين﴾ وملك يوم الدين هاتان قراءتان قراءة مع الهمزة مالك يوم الدين وقراءة بدون همزة ملك يوم الدين أماناتهم آمانتهم التحريف بهذا المعنى واقع لأن القراءات القرآنية مختلفة وقد أثبتنا أن القراءات القرآنية ليست متواترة فإذا كانت ليست متواترة قطعا القرآن النازل على قلب النبي “صلى الله عليه وآله” وفق قراءة واحدة إذن ما خالف القراءة التي نزلت على النبي هذا تحريف زيادة حروف أو نقصان حروف زيادة حركات أو نقصان حركات.
المعنى الثالث للتحريف النقص أو الزيادة بكلمة أو بكلمتين مع التحفظ على نفس القرآن المنزل والتحريف بهذا المعنى وقع في صدر الإسلام وإلا لما أحرق عثمان بن عفان المصاحف لأن مصاحف بعض الصحابة كانت تختلف مثلا أبي بن كعب مصحف عبد الله بن مسعود مصحف حفصة مصحف عائشة ما شاء الله مصاحف كثيرة حتى أن عبد الله بن أبي داود السجستاني كتب كتاب المصاحف، كتاب المصاحف إلى اليوم مطبوع قد اثبت ابن داود السجستاني اختلاف مصاحف الأنصار يعني هذه المصاحف التي احرقها عثمان بعض المصاحف مواطن الاختلاف بينها كتاب المصاحف لأبي داود السجستاني وسمى كتابه بكتاب المصاحف لم يقل مصحف مصاحف يعني هناك اختلاف في الكلمات ولو لم يكن هناك اختلاف في الكلمات لما اوجب أن يحرقها عثمان بن عفان بل أمر ولاة على الأنصار أن يحرقوا ما عدى النسخة التي كتبها ولا محال إن عثمان بن عفان كتب القرآن من مصحف واحد وأنه قد نبذ بقية المصاحف التي كان يرى أنها مصاحف محرفة أو فيها كلمات زائدة أو ناقصة وسيتضح أن القرآن الذي جمعه عثمان بن عفان وهو القرآن المتداول اليوم بين المسلمين هو القرآن الذي نزل على النبي “صلى الله عليه وآله” يدا بيد هذا ما يعتقد به الشيعة والسنة جمهور الشيعة والسنة يعتقدون بصحة القرآن العثماني الذي جمعه عثمان بن عفان والتحريف الذي وقع بالزيادة أو النقيصة في كلمة أو كلمتين كان في المصاحف التي احرقها عثمان بن عفان.
والخلاصة إن من يقول بعدم تواتر القراءات القرآنية وبعدم تواتر تلك المصاحف وهو الصحيح يرى أن التحريف بهذا المعنى بزيادة كلمة أو كلمتين أو نقيصة كلمة أو كلمتين قد وقع في الصدر الأول من الإسلام إلى أن جاء عثمان بن عفان لكن هذا التحريف بهذا المعنى قد انقطع بعد توحيد عثمان للمصاحف وانحصرت نسخة القرآن الكريم بما أمر بكتابته عثمان بن عفان.
وأما القائل بتواتر القرآن وتواتر القراءات القرآنية والمصاحف باجمعها فلابد له من أن يلتزم بوقوع التحريف المتنازع في القرآن وأنه قد ضاع شيء منه نظرا للاختلاف.
المعنى الرابع للتحريف، التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل والتسالم على قراءة النبي “صلى الله عليه وآله” إياها وهذا التحريف واقع قطعا وهناك اختلاف في البسملة الشيعة الإمامية يرون أن البسملة جزء من السورة ولكن أهل السنة يختلفون في ذلك فبعضهم يرى أن البسملة إنما هي افتتاح للسورة وليس جزء من القرآن أصلا المشهور أن البسملة جزء من سورة الفاتحة وأما غير سورة الفاتحة ففيها الخلاف لذلك إذا تراجعون القرآن المتداول تراجعون سورة الفاتحة في بداية القرآن البسملة مرقمة ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ واحد ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ اثنين إذن البسملة جزء من سورة الحمد باتفاق جميع المسلمين ولكن هل هي جزء من بقية السور إذا تراجعون بقية السور من سورة البقرة وهي ثاني سورة بعد سورة الحمد إلى آخر سورة وهي سورة الناس تجد البسملة غير مرقمة سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم لا يوجد رقم ﴿الم﴾ واحد ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾ اثنين ﴿هدى للمتقين﴾ ثلاثة.
إذن هناك خلاف جمع من السنة يرون أن البسملة هي افتتاح للسورة وليست جزءا من السورة وليست جزء من القرآن بل ذهب المالكية إلى كراهة الإتيان بالبسملة قبل قراءة الفاتحة في الصلاة المفروضة، يرون الكراهة إلا إذا نوا قارئ البسملة الخروج من الخلاف يعني حتى لا يخالف المسلمين يقرأ كما يقرأ المسلمون بالبسملة لذلك تجدهم في الصلاة يقرؤون البسملة لكن اخفاتا في سورة الحمد إذا تلاحظ إمام الحرم الله اكبر ثم يبسمل اخفاتا بسم الله الرحمن الرحيم ثم يرفع صوته الحمد لله رب العالمين لكن بعد سورة الحمد يقرأ آية من دون بسملة طبعا المسلمين اتفقوا على أنه توجد مائة وأربعة عشر سورة وأن سورة من السور لا تبدأ بالبسملة وهي سورة البراءة ولكن توجد مئة وأربعة عشر بسملة توجد بسملة في سورة النمل ﴿إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلو علي واتوني مسلمين﴾[10] .
السنة بعضهم ذهب إلى أن البسملة جزء من القرآن وذهب جمع منهم بأن البسملة جزء من القرآن الكريم وأما الشيعة فقد تسالموا على أن البسملة جزء من كل سورة عدى سورة التوبة براءة لأنها بدأت بالإنذار ﴿براءة من الله ورسوله﴾[11] والبراءة لا تتناسب مع الرحمة حتى تبدأ بسم الله الرحمن الرحيم.
طبعا بعض أهل السنة وافقوا الشيعة الإمامية في جزئية السورة ويأتي تفصيل ذلك في تفسير سورة الفاتحة في نهاية هذا الكتاب.
المعنى الخامس التحريف بالزيادة بمعنى أن بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين بل مما علم بطلانه بالضرورة.
المعنى السادس التحريف بالنقيصة بمعنى أن المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء فقد ضاع بعضه على الناس.
والتحريف بهذا المعنى هو موطن الخلاف مثلا الشيخ يوسف البحراني “رحمه الله” في كتابه الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية في الجزء الثاني هناك يشير إلى التحريف ويستند إلى بعض الروايات التي وردت في مصحف الإمام علي "عليه السلام" وأنها كانت موجودة في القرآن وقد حذفت والصحيح أن مصحف الإمام علي "عليه السلام" كانت فيه زيادات تفسيرية وتوضيحية وقد ذكرت "صلوات الله وسلامه عليه" أسباب النزول وأسماء المنافقين وشرح بعض الآيات وجاء بتفسيرها فكانت الزيادات زيادات تفسيرية وتوضيحية وتاريخية ولم تكن الزيادات من القرآن الكريم هذا تمام الكلام في النقطة الأولى معنى التحريف.
النقطة الثانية رأي المسلمين في التحريف
المشهور بين المسلمين جميعا السنة والشيعة عدم وقوع التحريف في القرآن الكريم وأن الموجود هو ما نزل على النبي “صلى الله عليه وآله” صرح بذلك أعاظم المذهب شيخ المحدثين الشيخ محمد بن علي بن بابويه الصدوق وقد عد القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية صرح أيضا بذلك الشيخ المفيد وصرح بذلك أيضا شيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي في أول تفسيره التبيان ونقل القول بعدم التحريف إلى شيخه السيد المرتضى علم الهدى ومنهم أيضا ممن قال بعدم التحريف الشيخ الطبرسي أمين الإسلام في كتابه مجمع البيان ومنهم بعض الأساطير الشيخ جعفر كاشف الغطاء وادعى الإجماع على عدم التحريف في القرآن ومنهم العلامة الجليل الشهشهاني وهو السيد محمد الشهشهاني الأصفهاني المتوفى سنة 1287 هجرية وعلى قول 1289 هجرية له كتاب مشهور اسمه العروة الوثقى ذكر فيه بعض مباحث علوم القرآن ونسب القول بعدم التحريف إلى جمهور المجتهدين ومنهم المحدث الشهير المولى محسن القاساني الشيخ محمد محسن الفيض الكاشاني قاساني يعني كاشاني في كتابيه الوافي وعلم اليقين في معرفة أصول الدين.
لاحظ السيد الخوئي كيف يذكر أستاذه ومنهم بطل العلم المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي في مقدمة تفسيره آلاء الرحمن ونسب أيضا هذا القول إلى كثير من الأعاظم الشيخ المفيد الشيخ البهائي القاضي نور الله التستري الشهيد الثالث صاحب كتاب إحقاق الحق وأمثالهم ثم السيد الخوئي يقول يمكن أن نستظهر القول بعدم التحريف لكل عالم كتب في الإمامة عند بحث الإمامة تذكر هناك المثالب فتذكر مثالب الثلاثة ومنهم عثمان بن عفان لأن هناك مناقب يقابلها المثالب فمن ذكر مثالب عثمان بن عفان وذكر إحراق المصاحف لكن ما ذكر التحريف فحينئذ يقول يمكن أن يستفاد منه أنه ينفي التحريف لأنه لو كان يعتقد بالتحريف وأن القرآن وقع فيه التحريف ففي هذه الحالة ربما يعدها منقصة من مناقص عثمان بن عفان ومثلب من مثالبه.
والخلاصة المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم بل المتسالم عليه هو القول بعدم التحريف نعم ذهب جمع من محدثي الشيعة الإمامية وجمع من أهل السنة إلى القول بتحريف القرآن الكريم والرافعي ينسب ذلك إلى جماعة من أهل الكلام يقول ممن لا صناعة لهم إلا الظن والتأويل واستخراج أساليب الجدلية من كل حكم وكل قول.
أمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان نسب القول بالتحريف إلى الحشوية من العامة والمراد بالحشوية هم الذين يحشون الأحاديث حشوا يعني يذكرون كل الأحاديث من دون التدقيق فيها.
النقطة الثالثة نسخ التلاوة سيأتي أن من يقول بنسخ التلاوة فإن نسخ التلاوة نوع من أنواع التحريف ومشهور أهل السنة يرون النسخ في التلاوة، النقطة الثالثة نسخ التلاوة يأتي عليه الكلام.
وصلى الله على محمد وآله الكرام