40/03/05
نظرة في القراءات
موضوع: نظرة في القراءات
نظرة في القراءات
تواتر القرآن من الضروريات
ليست القراءات متواترة
تصريحات أرباب الفن بعدم تواتر القراءة
نقد ما استدل به على تواتر القراءات
ليست الأحرف السبع هي القراءات السبع
حجية القراءات
جواز القراءة بها في الصلاة.
هذه عناوين رئيسية سبعة بحثها السيد الخوئي "رحمه الله" في هذا البحث نظرة في القراءات.
تقدم فيما سبق عندما بحثنا أضواء على القراء أن تواتر القراءات ليس تاما وان الصحيح ما ذهب إليه المحققون من نفي تواتر القراءات وأن المسلمين قد أطبقوا على تواتر القرآن نفسه وأما تواتر القراءات فهو أمر غير مسلم وسنذكر في درس اليوم عشر كلمات لأرباب الفن تنفي تواتر القراءات وهم من أعلام أهل السنة.
وقبل أن نذكر كلمات أرباب الفن العشرة نذكر نقاطا خمسة تدل على عدم تواتر القراءات وهذه النقاط الخمسة أو المناقشات الخمسة قوية جدا وفي محلها.
وقبل أن نذكر هذه النقاط الخمسة لا بأس أن نشير إلى أهم قراءتين:
القرائة الأولى وهي قراءة حفص عن عاصم الكوفي وهي قراءة أهل المشرق اليوم وهي قراءة عاصم بن بهذلة الكوفي
والقراءة الثانية هي قراءة ورش عن نافع المدني وهي قراءة أهل المدينة وهي القراءة التي يمشي عليها أهل المغرب اليوم
وإذا لحظنا الوسائط في سلسلة السند فإننا نجد وسائط قبل الراوي وهو عاصم بن بهذلة الكوفي أو نافع المدني ووسائط بعد الراوي لذلك ستنصب المناقشات الثلاث:
الأول على لحاظ الوسائط الثلاثة من قبل الراوي وهو حفص أو ورش بالنسبة لنا يكون قبل الراوي طبعا بالنسبة إلى نفس الراوي يكون الذي قبله غير ثم مناقشة بلحاظ نفس الراوي والقارئ وهو عاصم بن بهذلة أو نافع المدني أو غيرهما من القراء العشرة والمناقشة الثالثة للوسائط التي بعد الراوي.
المناقشة الأولى وهي بلحاظ الراوي الذي ينقل لنا رواية القارئ فهذه المناقشة بلحاظ الواسطة التي تقع قبل القارئ بالنسبة لنا أي بلحاظ حفص عن عاص أو بلحاظ ورش عن عاصم عن نافع المدني فإذا راجعنا حال الرواة الذين رووا عن القراء السبعة أو العشرة وقد ذكرنا أن الرواة عن القراء العشرة كثيرين لكن اشتهر لكل قارئ راويان وإذا رجعنا إلى حال الرواة المشهورين نجد أن الكثير منهم قد اختلف فيه أئمة الرجال والجرح والتعديل وهنا نذكر ملاحظتين تكشفان عن عدم تواتر القراءات:
الملاحظة الأولى هذه الأخبار قد نقلت إلينا بأخبار الآحاد فالواسطة المباشرة التي تنقل عن القارئ نجد أنه في أغلب الطبقات لم تبلغ الطبقة مرحلة التواتر ودرجة التواتر وإنما نقلت بخبر الواحد الذي لم يصل إلى درجة التواتر فكيف يدعى أن القراءات متواترة في جميع الطبقات والحال إن أهم طبقة وهي طبقة الراوي المباشر للقارئ قد نقلت إلينا قراءة القارئ بالخبر الواحد لا بالخبر المتواتر.
الملاحظة الثانية في الأمر إن بعض هؤلاء الرواة لم تثبت وثاقته أصلا فضلا عن الاختلاف فيها فإذا رجعنا إلى القراءات الأخرى غير أهم قراءتين وهما قراءة عاصم الكوفي وقراءة نافع المدني نجد أن الكثير من الرواة عن هؤلاء القراء السبعة أو العشرة قد نوقش في وثاقتهم وأن بعضهم لم تثبت وثاقتهم إذن الأمر الأول مناقشة بلحاظ الواسطة التي تقع قبل القارئ بالنسبة إلينا وهي الواسطة التي تقع بعد القارئ بالنسبة إلى السند لأن السند يبدأ بالنبي عن الله فتكون هذه الواسطة بعد القارئ بلحاظ السند وقبل القارئ بلحاظنا نحن الذين نأخذ عنه هذه القراءة، هذا تمام الكلام في الأمر الأول وهو أن الراوي الذي يروي عن القارئ أولا ينقل لنا هذه القراءة بأخبار الآحاد وثانيا لم تثبت وثاقة بعضهم فكيف يدعى أن القراءات قد نقلت إلينا بالتواتر.
المناقشة الثانية نقاش بلحاظ الوسائط التي تقع بعد القارئ أي الوسائط التي تكون قبل القارئ بلحاظ السند وهي الوسائط والطرق التي تقع قبل الراوي بلحاظنا نحن فإذا تأملنا في طريق عاصم إلى النبي نجد أن طريقه من أخبار الآحاد فإن عاصم يروي عن السلمي وهو فرد واحد والسلمي يروي عن أمير المؤمنين وهو فرد واحد وأمير المؤمنين ينقل عن النبي وهو فرد واحد والنبي ينقل عن الله "عز وجل" وهكذا لو درسنا بقية القراءات فإننا سنجد طرق القراء عبارة عن أخبار آحاد وليست عبارة عن أخبار متواترة فإذا راجعنا طرق القراء سنقطع أن طرقهم من أخبار الآحاد لا من الأخبار المتواترة ودونك كتاب طبقات القراء وكتاب النشر في القراءات العشر فإنهما من أشهر الكتب التي تناولت وسائط وطرق القراء.
المناقشة الثالثة بلحاظ نفس القارئ فلو سلمنا أن الوسائط التي قبل القارئ متواترة وهذا ما لم نسلمه في الأمر ولو سلمنا أن الوسائط التي بعد القارئ متواترة وهذا ما لم نسلمه في الأمر الثاني فإن التواتر ينقطع في طبقة نفس القارئ فإن القارئ واحد وليس متعددا فإن عاصم الكوفي واحد وليس متعدد وحفص لا ينقل إلا عن واحد وهو عاصم وهكذا نافع المدني رجل واحد لا أنه هناك عدة قراء في طبقته وورش ينقل عن واحد وقالون إنما ينقل عن واحد وهو نافع المدني فحفص وأبو عبد الرحمن ينقلان عن عاصم وقالوا وورش ينقلان عن واحد وهو نافع المدني إذن لو سلمنا أن الطرق متواترة فإن التواتر ينقطع في طبقة القارئ نفسه.
المناقشة الثالثة طبعا بالنسبة إلى المناقشة الثالثة الملاك فيها النكتة فيها التي تقطع التواتر أن القارئ إنما ينقل قراءة نفسه ولا ينقل قراءة غيره فهذا يعني أنه فرد واحد.
المناقشة الرابعة لو رجعنا إلى القراء السبعة أو العشرة لوجدنا أمرين:
الأمر الأول نجد القارئ يحتج على صحة قراءته
والأمر الثاني نجد القارئ يعرض عن قراءة غيره
هذه الظاهرة ملحوظة في القراء وتابعيهم فإننا نجد كل قارئ وتابعيه يصروا على صحة قراءته من جهة وإعراضهم عن قراءة غيره من جهة أخرى وهذا دليل قطعي على أن القراءات تستند إلى اجتهادات القراء وآرائهم لان هذه القراءات لو كانت منقولة عن النبي "صلى الله عليه وآله" عن حس لم تحتج في إثباتها إلى الاحتجاجات والاستدلالات يكفي أن يقال إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قالها إذن المناقشة الرابعة يكفي استدلال القراء على صحة قراءتهم من جهة وإعراضهم عن قراءة غيرهم من جهة أخرى في الدلالة على أن هذه القراءات إنما هي قراءات اجتهادية وليست منقولة عن حس عن النبي "صلى الله عليه وآله" ولو كانت منقولة عن حس لما احتاجوا إلى الاستدلال والاحتجاج.
الأمر الخامس والأخير لو رجعنا إلى كلمات أعلام المحققين في القراءات وعلوم القرآن لوجدنا أن الكثير منهم قد أعرض عن بعض القراءات بل إن بعضهم قد أنكر بعض القراءات وشنع عليها وقال بعدم صحة الصلاة إذا قرأ بها فابن جرير الطبري وهو من الأعلام قد أنكر قراءة ابن عامر الدمشقي وطعن في كثير من المواضع في بعض القراءات السبع وطعن بعضهم في قراءة حمزة الكوفي وهي القراءة رقم خمسة وطعن بعضهم في قراءة أبي عمر البصري وهي القراءة رقم أربعة وطعن بعضهم في قراءة ابن كثير المكي وهي قراءة رقم اثنين حسب ترتيب السيد الخوئي.
فنلاحظ أن قراءة المكي والدمشقي والبصري وحمزة الكوفي أصبحت محلا للنقض والإضراب وهي أربع قراءات من القراءات السبع ماذا بقي لنا اسلم قراءتين هما قراءة عاصم الكوفي وقراءة نافع المدني بل بقية قراءة واحدة وهي قراءة الكسائي الكوفي والبعض أيضا ناقش فيها.
ففي إنكار أئمة القراءات والمحققين في هذا الفن للكثير من قراءات دلالة على أن هذه القراءات ليست متواترة بل نلاحظ إن الكثير من العلماء أنكروا بعض القراءات لأنه ليس لها وجه في اللغة العربية وحكموا بوقوع الخطأ من بعض القراء وهذا يدل على أن قراءات القراء هي من الاجتهادات بل إن إمام الحنابلة وهو احمد بن حنبل وهو عالم كبير في الحديث أنكر بعض القراءات وغيره من العلماء أيضا مثل يزيد بن هارون وأبو بكر بن عياش وابن دريد وابن مهدي، ابن مهدي يقول الشافعي في حقه لا اعرف له نظيرا في الدنيا، ابن مهدي هو عبد الرحمن بن مهدي قال في تهذيب التهذيب الجزء السادس صفحة 280 قال احمد بن سنان سمعت علي بن المد يقول كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس قالها مرارا وقال الخليلي هو إمام بلا مدافعة وهو ينكر بعض القراءات.
هناك بحث
هل هذه القراءات قراءات توقيفية؟
يعني تتوقف على الأخذ بها على الشارع المقدس مثل الآيات هذا بحث يبحثونه في السور القرآنية هل ترتيب السور 114 توقيفي أو لا؟
يقولون ليست توقيفية بحيث لابد لنا في البداية الفاتحة ثم البقرة هذا اجتهادي
ثم هل ترتيب الآيات توقيفي أو لا؟
المشهور أنه توقيفي
ثم هل ترتيب الكلمات والحروف توقيفي أو لا؟
الرأي المشهور عند الإمامية أن ترتيب الكلمات توقيفي وترتيب الآيات توقيفي النبي كان يقول بعض هذه الآية في السورة الفلانية يبقى الكلام في ترتيب السور والمشهور أن ترتيب السور ليس توقيفيا وإنما هو اختياري هنا
هل هذه القراءات السبع أو العشر توقيفية؟ يعني الشارع المقدس قد أعطانا إياها يعني هم ينقلون عن النبي عن حس أم أن هذه القراءات اختيارية؟ الصحيح أن هذه القراءات اختيارية وليست توقيفية لأنها قراءات اجتهادية منشأها اجتهاد كل قارئ.
قال الزركشي بعدما اختار أن القراءات توقيفية والزركشي من الأعلام في علوم القرآن وله أيضا كتاب الأعلام للزركشي خلافا لجماعة منهم الزمخشري حيث ظنوا أنه اختيارية الزمخشري من علماء السنة الأقوياء في البلاغة وتفسيره الكشاف من أقوى التفاسير في الأمور البلاغية لكنه كان من المعتزلة لذلك فكره متحرر فذهب إلى إن القراءات اختيارية وليست توقيفية حيث ظنوا أنها اختيارية تدور مع اختيار الفصحاء واجتهاد البلغاء ورد على حمزة قراءة والإرحام هي والأرحام قرأها والإرحام ومثل ما حكي عن أبي زيد والأصمعي ويعقوب الحضرمي من أنهم خطئوا حمزة في قراءته وما انتم بمصرخية بكسر الياء يعني وما انتم بمصرخي بكسر الياء المشددة وكذلك أنكروا على أبي عمر إدغامه الراء في اللام يغفر لكم فتصير يغفل لكم تحذف الراء وقال الزجاج إنه غلط فاحش.
إلى هنا تم الكلام في إقامة أمور خمسة على عدم تواتر القراءات هذه الأدلة تعضد بتصريحات أئمة الفن الذين نفوا تواتر القراءات يذكر السيد الخوئي عشرة لا بأس أن نقرأ المهم منها قال ابن الجزري، ابن الجزري في كلامه يذكر ثلاثة شروط لكي نقبل القراءة فلو كانت القراءة توقيفية لما احتاجت إلى الشروط الثلاثة واشتراطه ثلاثة شروط يكشف عن أن القراءات ليست متواترة.
قال ابن الجزري كل قراءة:
الشرط الأول وافقت العربية ولو بوجه يعني يوجد لها وجه باللغة العربية وجه صحيح،
الشرط الثاني ووافقت احد المصاحف العثمانية ولو احتمال يعني بنحو الاحتمال يحتمل أنها توافق احد المصاحف الخمسة أو السبعة مصحف أهل المدينة مصحف أهل مكة أهل البصرة أهل الكوفة أهل الشام هؤلاء الخمسة وإذا السبعة نضيف إليها مصر واليمن.
الشرط الثالث وصح سندها أن يكون السند صحيحا فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها
إذن ثلاثة شروط موافقة اللغة العربية وموافقة احد المصاحف وصحة السند، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
في الفكر الامامي نحن نرفض روايات الأحرف السبعة وبالتالي القراءات ليست هي الأحرف السبعة ولكن بعض علماء السنة والعامة قالوا إن الأحرف السبعة هي القراءات السبعة وهم يقبلون مبنى الأحرف السبعة وسيأتي عندنا بعض الروايات إن القرآن نزل على سبعة أحرف.
وأما الإمامية فيقولون لا القرآن نزل على حرف واحد قراءة واحدة لا أنه سبع قراءات أو سبعة حروف.
بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين وأما تختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت من السبعة أم عمن هو اكبر منهم إذن ليست القراءات السبعة متواترة.
السيد الخوئي يعلق يقول هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمر عثمان بن سعيد الداني ونص عليه في غير موضع يعني في أكثر من موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب صاحب طبقات القراء معروف وكذلك الإمام أبو العباس احمد بن عمار المهدوي وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منه خلافه.
القول الثاني لأبي شامة في كتابه المرشد الوجيز وقال أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تنسب إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وإنها هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط لأن المدار على الضابطة لا المدار على القراءة لو كانت القراءة متواترة فلا نحتاج إلى ضابط إلى أن يقول وحينئذ لا يتفرد بنقلها مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عن غيره من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه يعني المدار على الضابطة وتوفر الصفات يقول فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ يعني كل القراءات بعضها مجمع عليه وبعضها شاذ إذا كانت كلها متواترة بعد بالشذوذ غير أن هؤلاء السبعة لشورتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم النشر في القراءات العشر الجزء الأول صفحة 9.
المقولة الثالثة لابن الجزري قال وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتفي فيه بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن وهذا مما لا يخفى ما فيه إذن يرى أن القرآن يثبت بالخبر الواحد.
في الأخير يقول ولقد كنت قبل اجنح إلى هذا القول يعني لابد من التواتر ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف رأيه السابق هو الأصح كان يرى لزوم التواتر ثم عدل إلى خبر الواحد.
القول الرابع وقال الإمام الكبير أبو شامة في مرشده يعني صاحب المقولة الثانية وقد شاع على السنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة أي كل فرد فرد ما روي عن هؤلاء السبعة قالوا والقطع بأنها من زمان عند الله واجب ونحن بهذا نقول ولكن في ما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاد فلا اقل من اشتغال ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها، إذن هو يرى أن القراءات السبع توقيفية منزلة من الله ولكن نقلها إلينا بعضها لم يكن بالتواتر لذلك قال إذا لم يتفق التواتر في بعضها.
الخامس السيوطي من اكبر أعلام أهل السنة السيوطي عالم كبير في علوم القرآن مقتدر جدا والفخر الرازي في علم الكلام والتفسير مقتدر جدا وقال السيوطي وأحسن من تكلم في هذا النوع إمام القراء في زمانه شيخ شيوخنا أبو الخير بن الجزري قال في أول كتابه النشر كل قراءة وافقت العربية إلى أن يقول فنقل كلام ابن الجزري بطوله الذي نقلنا جملة منه أنفا ثم قلت أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل جدا الشاهد هنا اشتراط موافقة العربية لو كانت القراءات متواترة لما اشترط موافقة العربية إذا منزلة من قبل الله تشترط موافقة اللغة العربية.
القول السادس وقال أبو شامة في كتاب البسملة إنا لسنا ممن يلتزم بالتواتر في الكلمات المختلف فيها بين القراء الشاهد هنا بل القراءات كلها منقسمة إلى متواترة وغير متواتر كلام صريح وذلك بين واضح لمن أنصف وعرف وتصفح القراءات وطرقها.
القول السابع وذكر بعضهم أنه لم يقع لأحد من الأئمة الأصوليين تصريح بتواتر القراءات وقد صرح بعضهم بأن التحقيق إن القراءات السبع متواترة عن الأئمة السبعة بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد.
القول الثامن وقال بعض المتأخرين من علماء الأثر ادعى بعض أهل الأصول تواتر كل واحد من القراءات السبع وادعى بعضهم تواتر القراءات العشر وليس على ذلك أثارة من علم إلى أن يقول وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر وفيها ما هو آحاد إجماع ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحد من السبع فضلا عن العشر وإنما هو قول قاله بعض أهل العصور وأهل الفن أخبر بفنهم وهم المتخصصون في علوم القرآن وخصوص باب القراءات.
القول التاسع وقال مكي من جملة ما قال وربما جعل الاعتدال بما اتفق عليه عاصم ونافع عاصم قراءة كوفية عاصم بن بهذلة الكوفي ونافع المدني يعني المشرق والمغرب فإن قراءة هذين الإمامين أولى القراءات وأصحها سندا وأفصحها في العربية لم يقل إنها من المتواترات قال إن ملاك ترجيح قراءة عاصم ونافع كونها اصح سندا وأفصح في العربية.
القول العاشر والأخير وممن اعترف بعدم التواتر حتى في القراءات السبع الشيخ محمد سعيد العريان في تعليقاته حيث قال لا تخلو إحدى القراءات من شواذ فيها حتى السبع المشهورة فإن فيها من ذلك أشياء وقال أيضا وعندهم أن اصح القراءات من جهة توثيق سندها نافع وعاصم وأكثرها توخيا للوجوه التي هي أفصح أبو عمر والكسائي يعني ما قاله الكسائي وأبو عمر له وجوه في العربية توافقه أكثر من وجه يوافقه هذا تمام الكلام في نقل المقولات العشر.
ثم السيد الخوئي يعلق بثلاث تعليقات حلوة وجميلة:
التعليقة الأولى يقول بعد شهادة هؤلاء الأعلام كلهم بعدم تواتر القراءات هل تبقى قيمة لدعوى تواتر القراءات بلا شك لا تبقى قيمة لدعوى تواتر القراءات وهؤلاء أئمة الفن والمتخصصون في القراءات القرآنية.
الأمر الثاني هل يمكن إثبات التواتر بالتقليد وإتباع كل من قال بالتواتر من دون أن يطالب بدليل خصوصا إذا كانت دعوى التواتر يكذبها الوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان.
الأمر الثالث العجب العجاب أن يفتي مفتي الديار الأندلسية أبو سعيد بكفر من أنكر تواتر القراءات فلو سلمنا جدلا أن القراءات متواترة عند الجميع فهل يكفر من أنكر تواترها والحال إنها ليست من ضروريات الدين ثم يختم يقول اللهم إني هذه الدعوى جرأت عليك وتعدي لحدودك وتفريغ لكلمة أهل دينك، هذا تمام الكلام في الرأي المخالف وهو الرأي المنكر لتواتر القراءات ناقشناه بخمس مناقشات وذكرنا كلمات أئمة الفن.
يبقى الكلام في أدلتهم أولا لابد من عرض أدلتهم ومناقشتها وبعد ذلك لابد من ملاحظة أن هذه القراءات هل هي حجة في حقنا أو لا، أدلة تواتر القراءات يأتي عليها الكلام.