« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث الفقه

46/07/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس (الرابع والستون): مراحل تشريع الجهاد في القرآن الكريم

الموضوع: الدرس (الرابع والستون): مراحل تشريع الجهاد في القرآن الكريم

ثلاث مراحل لتحريم الخمر في القرآن

من الواضح أن أحكام الشريعة الغراء تدريجية، فبعض التشريعات وقع فيها التدريج مراعاة للعرف والمجتمع، مثال ذلك: تحريم الخمر، فقد مرّ بثلاث مراحل في القرآن الكريم:

المرحلة الأولى: قوله تعالى:

﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾[1]

فلم يُنهَ عن شرب الخمر، وإنما نُهي عن الصلاة في حال السكر.

المرحلة الثانية: قوله تعالى:

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾[2]

فالآية الكريمة أثبتت وجود الإثم والضرر الأكبر من النفع في الخمر.

المرحلة الثالثة: التحريم الصريح، وهي قوله تعالى:

﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾[3]

ففي المرحلة الثالثة تم النص على أن الخمر رجسٌ وأُمر باجتنابه مما يُدلّ على حرمته.

تشريع الجهاد بست مراحل

كذلك آيات الجهاد في القرآن الكريم، لو درسنا آيات الجهاد في القرآن الكريم ولاحظنا مراعاتها لخصوص المجتمع المكي والمدني، فإننا سنجد أن تشريع الجهاد مر بست مراحل أشار لها سماحة آية الله المجاهد المرحوم الشيخ محمد مهدي الآصفي رحمه الله في تقرير بحثه الذي قرره الشيخ عبدالإله الشبيب أبو ميثم، ص 18 إلى 21.

والمراحل الست كما يلي:

المرحلة الأولى: مرحلة الكف والمنع أو سياسة اللاعنف، فالكف عن المواجهة، والامتناع عن اللجوء إلى القوة كانت سياسية المرحلة الأولى، فالمؤمنون في هذه المرحلة، وهي مرحلة المجتمع المكي، لو تصدوا للجاهلية بالجهاد والقتال والكفاح المسلح في الأيام الأولى من انطلاق الدعوة الإسلامية لأبادهم المشركون ولمحوا وجودهم، فهذه المرحلة كانت تقتضي من المسلمين أن يكفوا أيديهم وأن يقتصروا على الثبات على المبادئ يتوجب عليهم أن يكفوا أيديهم وأن يقتصروا على الثبات على المبادئ وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ويشير إلى هذه المرحلة قوله تعالى:

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾[4]

ومن الواضح أن سورة النساء وهذه الآية مدنية لكنها كانت تتحدث عن المرحلة المكية ففي مجتمع مكة قيل لهم كفوا أيديكم ثم كتب عليهم القتال في مجتمع المدينة، فهذه الآية تتحدث عن مرحلة الكف والمنع من القتال في مكة التي سبقت مرحلة تشريع الجهاد في المدينة المنورة.

المرحلة الثانية: الإذن في القتال: ويشير إلى ذلك قوله تعالى:

﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾[5]

بعد أن تم إخراج المسلمين من مكة واستقروا في المدينة المنورة أذن الله تبارك وتعالى للمسلمين بقتال من أخرجهم بغيرها، وهذا الإذن لا يعني الجواز فقط بل يعني الوجوب والفرض، وقد عرف وفهم المسلمون أن وراء هذا الإذن فرض وتشريع فريضة واجبة وهي فريضة الجهاد، وفرق كبير بين مجرد الإذن والجواز وبين الفرض والوجوب.

ومن هنا يأتي هذا السؤال: لماذا عبرت الآية بالإذن في هذه المرحلة الثانية ولم تعبر بالوجوب والفرض وأن الله قد كتب عليهم الجهاد؟

والجواب: لعله مراعاة للمرحلة، وهذا يرتبط بالوضع النفسي والاجتماعي للمسلمين آنذاك فهم كانوا محاربون وطلب منهم الكف في مجتمع مكة، والانتقال مباشرة من الكف إلى وجوب وفرض وكتابة الجهاد عليهم تحتاج إلى تهيئة نفسية فلعل التعبير بالإذن فيه تدرج ومراعاة لنفسية المسلمين في المجتمع الجديد، ومن هنا جاءت.

المرحلة الثالثة: شريع وجوب الجهاد، فلم تعبر الآية بالإذن وإنما عبرت بالفرض والوجوب والكتابة قال تعالى:

﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾[6]

ويلاحظ أن الآية قد استخدمت الأمر والنهي، والأمر يدل على الوجوب والنهي يدل على التحريم، إذ قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ﴾، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، ثم قال: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ﴾ ثم قال: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عَنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.

وصيغة الآمر تدل على الوجوب هذه الآيات خرج فيها أمر الجهاد من دائرة الإذن إلى دائرة الوجوب والفرض والكتابة لكن هذه الآية في هذه المرحلة الثالثة شرعت الجهاد الدفاعي، إذ قالت: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ ، ثم قالت: ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ فهي ناظرة إلى الجهاد الدفاعي.

المرحلة الرابعة: وجوب الجهاد الإبتدائي والبدء بالقتال، قال تعالى مبينا ذلك:

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[7]

وتعبير كُتِب من أقوى التعبيرات على الوجوب والفرض خصوصاً بصيغة الماضي أي أن هذا أمر جزمي وقد فُرِغ عنه.

سؤال: ولكن ما هي القرينة على أن هذه الآية ناظرة إلى الجهاد الابتدائي لا إلى الجهاد الدفاعي؟

والجواب: التمسك بقوله: ﴿وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ فالإنسان لا يكره أن يدافع عن نفسه، الدفاع عن النفس أمر قهري إلا الذي سُلِب من المروءة والقوة الغضبية يعني بتنحره واقف مكانه، فالتعبير بالكره في الآية يعبر عن مدى عمق المعاناة في هذه المرحلة.

وقد نص صاحب الجواهر أعلى الله في الخلد مقامات في كتاب الجهاد من جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام[8] على أن الآية نزلت في الأصلي منه وهو قتال الكفار ابتداء، أي أنها نازلة في الجهاد الابتدائي الذي هو الجهاد الأصلي، إذا أطلق الجهاد ينصرف إلى الجهاد الابتدائي لا الجهاد الدفاعي، بل البعض يعبر عن الجهاد الدفاعي بالدفاع ولا يعبر بالجهاد، وإن ذهب كاشف الغطاء رحمه الله إلى أن لفظة الجهاد تطلق على الجهاد الدفاعي ولا تشمل الجهاد الدفاع الشخصي.

وهكذا، يتضح أن مراحل تشريع الجهاد في القرآن الكريم تتسم بالتدرج، مما يعكس ارتباط التشريع بظروف المجتمع والمراحل التاريخية المختلفة.

المرحلة الخامسة: الجهاد الدفاعي: الذي يتطلب من المسلمين الرد على الاعتداءات.

التحريض على الجهاد والتهديد به، هذه مرحلة أرفع، فبعد أن كُتب الجهاد الابتدائي على المسلمين، وصلت النوبة إلى مرحلة التحريض على الجهاد والتشويق إليه، قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾[9]

وهذه من أقوى أساليب التحريض على القتال، ومنه قوله تعالى:

﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾[10]

ومن الآيات التي تدعو إلى التحريض قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾[11]

والآية الثالثة قوله تعالى:

﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[12]

المرحلة السادسة والأخيرة: الجهاد الشامل: الذي يستهدف كل الكفار ولا يقتصر على الدفاع.

إعلان النفير العام. في المرحلة الخامسة يوجد تحريض على القتال، ولكن في المرحلة السادسة يكون النفير العام، والكل يهب للقتال في سبيل الله. قال تعالى: والخطاب للجميع:

﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[13]

فهذه المراحل الست تحتاج إلى دراسة قرآنية وفقهية معمقة، وسنحتاج إليها عندما نتطرق إلى الجهاد الابتدائي والجهاد الدفاعي، فالجهاد الدفاعي تم التطرق إليه في المرحلة الثانية بعد مرحلة الكف، ثم بعد ذلك جاءت مراحل الجهاد الابتدائي بالتدريج، وهي: مرحلة الإذن، ثم مرحلة الفرض، ثم مرحلة التحريض، ثم مرحلة النفير العام.

فهذه مراحل ست: أولاً الكف، ثم الدفاع، ثم الإذن في القتال، ثم فرض القتال، ثم التحريض على القتال، ثم النفير العام للقتال.

أهداف الجهاد في القرآن الكريم

ما هي الأهداف والأغراض التي تترتب على الجهاد؟ فلو رجعنا إلى القرآن لوجدنا أربعة أهداف:

المهمة الأول: الدفاع عن معاقل ومواقع التوحيد، يدل عليه قوله تعالى:

﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ﴾[14]

والصوامع والبيع والصلوات والمساجد إشارة إلى مواطن العبادة ومواقع ومعاقل عبادة الله، والشريعة المقدسة أولتها اهتماماً لأنها محال ذكر الله تبارك وتعالى.

المهمة الثاني: الدفاع عن المستضعفين وحمايتهم، يدل على ذلك قوله تعالى:

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾[15]

وسبب النزول هو وجود مستضعفين في مكة آنذاك وكانوا يحتاجون إلى حماية المسلمين في المدينة.

المهمة الثالث: إزالة الفتنة والعقبات عن طريق الدعوة إلى الله والتوحيد. يدل على ذلك قوله تعالى:

﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾[16]

وفي آية أخرى: ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ[17] ”.

فإذا من أغراض الجهاد إزالة الفتنة والقضاء على العقبات في طريق التوحيد.

قال تعالى:

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾[18]

فأشارت الآية إلى القضاء على الفتنة التي هي أكبر من القاتل والدفاع عن المستضعفين الذين يراد إخراجهم بل أخرجوهم من المسجد الحرام.

المهمة الرابع: الدفاع عن المجتمع الإسلامي بل المجتمع الإنساني لأنه من دون قتال يتحقق الفساد في الأرض، قال تعالى:

﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾[19]

فهذه الآية تشير إلى سنة تكوينية أن الحياة قائمة على ماذا؟ على التدافع، ولكي تحمي نفسك، ولكي تصل إلى ما تريد، لابد من اقتحام ساحة الصراع والجهاد في سبيل الله.

هذا تمام الكلام في فقه الجهاد في القرآن الكريم، لأن دراسة الآيات مهمة جداً، فالشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه الله، بعد أن ذكر المقارنة بين الجهاد الابتدائي والجهاد الدفاعي، ذكر جميع الآيات في فضل الجهاد، ثم ذكر جملة من الروايات في فضل الجهاد، ولكن هذه الآيات تحتاج إلى تبويب ودراسة، فاقتضى الأمر أن نأتي بدراسة قرآنية لأنها تعيننا في الفهم الفقهي.

 


logo