الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث الفقه
45/04/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: جلسة117.كتاب الخمس- حكم من كان بحكم المسلم
قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في العروة الوثقى المسألة ثمانية وأربعين:
<من بحكم المسلم بحكم المسلم>.[1]
ومراده في المقام إذا اشترى الذمي أرض أطفال المسلمين أو مجانينهم فهو بمنزلة الشراء من المسلم فيجب على الذمي خمس الأرض، وذلك لإحدى جهتين:
وبناءً على ذلك يجب على الذمي الخمس حتى لو كان الملك الذي انتقل إليه من الموقوفات أو أرضاً مفتوحة عنوة لصدق عن انتقال ملك المسلم إلى ملك الذمي.
فمثلاً إذا كان وكيل المسلم ذمي أو كان وكيل الذمي مسلماً فاشترى الأرض من مسلمٍ فحينئذ لا يلاحظ إسلام أو كفر الوكيل وإنما يلاحظ إسلام أو كفر الموكل فإذا كان العاقد والمشتري ذمياً لكنه وكيل لمسلم واشترى من مسلم آخر فحينئذ لا يصدق عنوان الذمي اشترى أرضاً من المسلم وإن كان فعلاً الذمي هو الذي اشترى لأنه هو الذي قام بعقد البيع بل الملاحظ ذمة الموكل لا الوكيل.
والأهم أن يتطرق فيما إذا كان المشتري صبي أو مجنون أهل الذمة.
إن أدلة التنزيل مختصة بخصوص المسلمين دون الكافرين فهي نزلت أطفال ومجانين المسلمين بمنزلة المسلمين ولم تنزل أطفال ومجانين الكافرين بمنزلة الكافرين، فإذا كان المشتري من أطفال أو مجانين أهل الذمة فهل يجب عليه الخمس من جهة إطلاق أدلة التنزيل أو التعميم المستفاد من أدلة المقام أو لا؟
أما بالنسبة إلى إطلاق أدلة التنزيل فهي لا تشمل أطفال ومجانين الكفار، لكن لا يبعد القول بوجوب الخمس على أطفال ومجانين الكفار إذا قلنا بتعلق الخمس بمال الصبي والمجنون، فحينئذ تشمله الأدلة فالصبي أو المجنون الذمي قد اشترى وهو مكلفٌ بالحكم الوضعي يعني هناك أثر وضعي يثبت وهو تعلق الخمس بمال الصبي أو المجنون وإن لم يثبت التكليف على الصبي والمجنون، الحكم التكليفي لا يثبت لكن الحكم الوضعي يثبت.
هنا إذا التزمنا بقاعدة تكليف الكفار بالفروع فحينئذ يمكن القول بأن وليه ولي الصبي أو المجنون يخاطب بإخراج الخمس وإلا فالحاكم الشرعي يخرج الخمس.
هذا بناء على القول بتعلق الخمس بمال الصبي والمجنون.
وأما على القول بعدم تعلق الخمس بمال الصبي والمجنون فلا دليل على وجوب الخمس عليهما بالخصوص إذ لا يستفاد من الأدلة صبي ومجنون الكفار منزلة الكفار فلا يجب الخمس عليهما، والله العالم.
في خصوص النجاسة، عندنا أدلة يستفاد منها العموم كل ما يثبت للمسلم يثبت للصبي والمجنون يعني صبي ومجنون المسلمين ينزل في جميع الأحكام مطلقاً منزلة المسلمين البالغين يعني حكم غير البالغ هو حكم البالغ من المسلمين هذا مختص هذا إطلاق فيها هذا خاصة بالمسلم لا يوجد عندنا إطلاق من أدلة التنزيل بالنسبة إلى الكفار. نعم، في خصوص النجاسة أنهم بحكم آبائهم تكفي خصوص النجاسة لا مطلقاً.
<إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمي عليه وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه وهكذا>.[2]
هذه هي المسألة الأخيرة من المورد السادس من موارد وجوب الخمس وهو الأرض التي اشتراها الذمي من المسلمين فلو اشترى الذمي أرضاً من مسلمٍ ودفع الخمس ثم بيع عليه ذلك الخمس الذي دفعه أولاً فهل يجب عليه الخمس ثانياً وثالثاً ورابعاً إلى آخره أو لا؟ فما هو حكم الخمس الذي اشتراه الذمي بعد دفعه؟
هذه المسألة لها ثلاث صور:
فمثلاً لو اشترى الذمي أرضاً من مسلم قدرها مائة متر وحينما استلم الأرض دفع وهو قدر عشرين متراً إلى أرباب الخمس كالحاكم الشرعي أو السادة، ثم قام الذمي واشترى العشرين متراً من ولي الخمس فهذا موضوع جديد يصدق على الذمي أنه اشترى عشرين متراً من مسلم فحينئذ يجب عليه أن يخمس العشرين متراً، كم خمسة العشرين متر؟ أربعة متر.
وإذا دفع الأربعة متر ثم اشترى الأربعة متر من أرباب الخمس فحينئذ يجب عليه أن يخمس الأربعة متر إلى أن يصير كم متر وقليل إلى أن لا يبقى شيء يذكر.
هذه الصورة الأولى إذا دفع الذمي الخمس من عين الأرض ثم اشتراها فهنا يحدث موضوع جديد فيصدق عنوان الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم فيجب الخمس، هذا القدر المتيقن صدقه من مسألة تسعة وأربعين.
وبالتالي لا يجب عليه الخمس يعني لأن متعلق وجوب الخمس هو شراء شخص الأرض وما دفعه إنما كان قد تعلق بمالية الأرض فلا يصدق العنوان.
الصورة الثالثة نفس الصورة الثانية لكن بناءً على القول بالإشاعة أو الكلي في المعين فإذا التزمنا بأن أرباب الخمس يملكون مقدار خمس الأرض على نحو الإشاعة في كل الأرض من دون تعيين مقدار في جهة معينة من الأرض أو أنهم يملكون هذا الكلي مقدار عشرين في المئة خمس الأرض في المعين وهي الأرض المتعينة، وهذا مبنى سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي[4] ـ رحمه الله ـ .
فإذا اشترى الذمي خمس الأرض المتعلق لأربابه فحينئذ يصدق عليه أنه ذمي قد اشترى أرض المسلم فيجب عليه الخمس بلا فرق بين كون الشراء بعد الدفع والإقباض أو قبل الدفع والإقباض لأن الخمس قد تعلق بالأرض نحو إشاعة فيجب عليه الخمس.
ولقد أجاد وأفاد سيد المستمسك[5] السيد محسن الحكيم ـ رضوان الله عليه ـ في تعليقه على هذه المسألة مسألة تسعة وأربعين، قال معلقاً على هذه المسألة:
<وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه>.
قال:
<كما في كشف الغطاء[6] والجواهر[7] ورسالة شيخنا الأعظم[8] ـ رحمه الله ـ لإطلاق الأدلة وهو واضح بناء على الإشاعة أو الكلي في المعين، ويشكل بناء على أنه حقّ بنحو المالية>.
وقد اتضح أنه لم يثبت لدينا أن الخمس يثبت في رقبة بل الصحيح أن الخمس يثبت في نتاج الأرض، وهذا المورد السادس ليس كبقية الموارد يندرج تحت عنوان الغنيمة، وإنما هو أشبه بالضريبة والغرامة والخراج الذي يثبت على الذمي صوناً لخروج أراضي المسلمين إلى أهل الذمة، والله العالم.
نعم، هذه المسائل ذكرناها بناء على رأي المشهور من تعلق الخمس برقبة الأرض.
السابع الموارد وجوب الخمس ما يفضل عن مؤونة سنته يأتي عليه الكلام.