< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الخامس والثمانون: المسألة الثالثة أنحاء الإخراج من البحر

قال السيد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في نهاية المسألة عشرين ما نصّه:

<والمخرج بالآلات من دون غوصٍ في حكمه على الأحوط وأما لو غاص وشده بآلةٍ فأخرجه فلا إشكال في وجوبه. نعم، لو خرج بنفسه على الساحل أو على نفس الماء فأخذه بغير غوصٍ لم يجب فيه من هذه الجهة بل يدخل في أرباح المكاسب فيعتبر فيه مؤونة السنة ولا يعتبر فيه النصاب>.

هذه المسألة تطرقت إلى أنحاء وصور الإخراج من البحر، ونتطرق إلى أربعة أنحاء:

النحو الأول أن يكون بالغوص.

النحو الثاني أن يكون مركباً من الغوص والآلة كما إذا غاص في الماء وشدّ محل اللؤلؤ بحبل ثم خرج من الماء وجرّ الحبل فأخرجه ففي هذه الحالة قد استعمل الغوص والآلة معاً.

ومن الواضح أن النحو الأول وهو الغوص بخصوصه، والنحو الثاني وهو التشريك بين الغوص والآلة يدخلان فيما أخرج من البحر بالغوص بلا إشكال فيصدق عليهما كلا العنوانين: العنوان الأول عنوان الغوص والعنوان الثاني عنوان ما أخرج من البحر، ولا يشترط تحقق عنوان الغوص مستقلاً بل يكفي فيه التشريك مع الآلة، فحينئذ يجب الخمس في الصورة الأولى والصورة الثانية بعنوان الغوص.

النحو الثالث أن يكون الإخراج بالآلة فقط فيجب فيه الخمس بناءً على إلغاء اعتبار عنوان الغوص وحمل عنوان الغوص على الغالب أو بناء على إلغاء كلا العنوانين فلا نشترط عنوان الغوص بخصوصه ولا نشترط عنوان ما أخرج من البحر بخصوصه بل نقول: إن المدار على ما أخرج من الماء فالجوهر الذي أخرج بالماء سواء كان بغوصٍ أو لا! وسواء كان من البحر أو لا!

فبناءً على إلغاء اعتبار كلا العنوانين يجب الخمس فيما أخرج بالآلة.

وأما بناء على اعتبار خصوص عنوان الغوص فلا يجب الخمس من جهة عنوان الغوص أو بناء على اشتراط عنوان الغوص مع عنوان ما أخرج من البحر فلا يجب الخمس من جهة العنوان الخاص. نعم، يجب الخمس من باب مطلق الفائدة فيدخل في أرباح المكاسب.

النحو الرابع أن لا يكون الإخراج بهما، فلا يكون بعنوان الغوص ولا يخرج الجوهر من البحر كما لو طفى الجوهر على الماء، أو قذف الماء الجوهر على الساحل والشاطئ، فهنا لا يصدق العنوان الأول وهو الغوص، ولا يصدق العنوان الثاني ما أخرج من البحر بل يصدق عنوان ما خرج من البحر أو ما طفى على سطح أو ما قذفه الماء على الشاطئ والساحل.

فبناءً على اشتراط كلا العنوانين: عنوان الغوص وما أخرج من البحر لا يجب الخمس، وبناء على اشتراط أحد العنوانين إما عنوان الغوص وإما عنوان ما أخرج من البحر أيضاً لا يجب الخمس من جهة العنوان الخاص.

وأما بناءً على إلغاء خصوصية كلا العنوانين وأن المدار على الجوهر الذي خرج من الماء سواءً خرج من تلقاء نفسه أو خرج بمخرج كالغوص أو الآلة ففي هذه الحالة يجب خمسه إذا ألغيت كلتا الخصوصيتين واكتفي بمطلق ما خرج من الماء.

وأما إذا قلنا باعتبار كلتا الخصوصيتين أو باعتبار خصوصية واحدة لا يجب الخمس من باب الغوص والعنوان الخاص بل يجب الخمس من باب الأرباح والمكاسب بعد المؤونة ولا يشترط فيه نصاب معين.

هذا تمام الكلام في المسألة الثالثة.

المسألة الرابعة أخذ الجوهر من الغائص.

قال السيد محمد كاظم اليزدي في المسألة (21) ما نصّه:

<المتناول من الغواص لا يجري عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصاً، وأما إذا تناول منه وهو غائص أيضاً فيجب عليه إذا لم ينوي الغواص الحيازة، وإلا فهو له ووجب عليه الخمس>.

تطرقت المسألة الحادية والعشرين إلى صور أخذ الجوهر من الغائص فتارة نفس الغائص الذي يغوص في البحر هو الذي يحوز الجوهر، وتارة يأتي شخص آخر ويأخذ ما أخذ بالغوص من الغاص، ومسألتنا تتطرق إلى الثاني وهي صور الأخذ من الغائص ونتطرق إلى أربع صور:

الصورة الأولى أن يكون الأخذ خارج البحر فالغواص يغوص في قعر البحر ويحوز اللؤلؤ والمرجان والزبرجد ثم يخرج إلى الشاطئ أو إلى السوق ويأتي المشتري ويأخذ اللؤلؤ من السوق أو يشتريه من على الساحل والشاطئ ففي هذه الصورة الأولى لا إشكال في أنه لا يجب على الأخذ الخمس، وأن الخمس إنما يجب على خصوص الغائص الذي حاز الجوهر كاللؤلؤ إذا كان الغائص ناوياً للحيازة والتملك.

هذا تمام الكلام في الصورة الأولى أن يأخذ الجوهر من الغائص خارج البحر.

الصورة الثانية أن يأخذ الجوهر من الغائص داخل البحر وكان الأخذ تحت الماء بعنوان الغوص فكلاهما غائصٌ وغواص إلا أن الأول هو الذي انتزع اللؤلؤ من الصدف وهو الذي انتزع الزبرجد والمرجان، وناوله للثاني فالأول مناول والثاني متناول وكلاهما غائصٌ.

في هذه الصورة الثانية يوجد شقان:

الشق الأول أن لا ينوي الأول الحيازة كما لو غاص في قعر الماء للتنزه ورأى صدفة أثارته فقلعها لا بقصد الحيازة والتملك وإنما فضولاً ثم ناولها للثاني فقبضها الأخذ قاصداً التملك ففي هذه الحالة لا شكّ ولا ريب أن الخمس لا يجب على الغائص الأول المتناول لأنه لم يقصد الحيازة وإنما يجب على الغائص الأخذ لصدق عنوان الإخراج من البحر بالغوص عليه من دون اعتبار واشتراط الاستقلال في الغوص يكفي صدق عنوان الغوص عليه ولو ضمنا لا استقلالاً.

الشق الثاني إذا كان الغائص الحائز الأول ناوياً للحيازة وقصد التملك هنا إن قلنا باعتبار عنوان الغوص سواء اعتبرت البحرية استقلالاً أو لا? فيجب الخمس على الغائص الحائز لأنه بمجرد أخذ الجوهر والاستيلاء عليه ووضع اليدّ عليه يصدق عليه عنوان الأخذ من البحر بالغوص فيجب عليه الخمس حتى لو لم يخرجه من الماء لعدم اعتبار الإخراج من الماء بل يصدق كلا العنوانين: العنوان الأول أنه غائص والعنوان الثاني أنه أخرج من البحر وإن لم يخرجه بنفسه فعلاً.

وأما إذا قلنا بعدم اعتبار عنوان الغوص كما عليه شيخنا الأستاذ الدوري[1] ـ حفظه الله ـ بل المعتبر عنده هو خصوص عنوان ما يخرج من البحر أو قلنا باعتبار العنوانين معاً الغوص وما أخرج من البحر كما عليه صاحب الشرائع المحقق الحلي وصاحب مصباح الفقيه الشيخ آقا رضا الهمداني فلا يجب الخمس على الغائص بل يجب على الأخذ لأن الغائص لا يصدق عليه أنه أخرجه من البحر، وإنما الذي أخرجه من البحر بالغوص هو خصوص الثاني الذي استلمه من الأول.

جيد إلى هنا تطرقنا إلى صورتين:

الصورة الأولى الأخذ خارج البحر.

الصورة الثانية الأخذ داخل البحر وكان الأخذ لم ينوي الحيازة.

الصورة الثالثة أن يكون الأخذ تحت الماء ولم يكن الثاني وهو الأخذ ناوياً للغوص بأن كان ناوياً لعمل آخر.

إذا الصورة الثالثة عكس الصورة الثانية الصورة الثانية الأخذ لم يكن ناوياً للغوص الصورة الثالثة يعني في الصورة الثانية الغائص الأول لم يكن ناوياً للحيازة والتملك والغوص.

الصورة الثالثة الغائص الثاني هو الذي لم ينوي الحيازة كما لو رافق شخص الغواص، وقال: أيها الغائص يا صائد اللؤلؤ أريد أن أرى كيف تنتزع من اللؤلؤ والأصداف من قاع البحر.

فقال له: رافقني، فأخذ الغواص ينتزع الأصداف ويسلمها لمرافقة وكان المرافق يتعجب من تلألؤ اللؤلؤ وتغير ألوان الأصداف فأخذ الثاني الجوهرة من الغائص الأول.

فإن قلنا باعتبار عنوان الغوص فقط أو باعتبار عنوان الغوص مع عنوان ما يخرج من البحر معاً فلا يجب الخمس على الغائص الثاني لأنه لم يقصد الغوص فإذا كان الغائص الثاني غير ناوي للحيازة والتملك وأيضاً الحائز الأول أيضاً غير ناوي للحيازة والتملك اثنينهم رايحين رحلة ترفيه فحينئذ لا يجب الخمس عليهما معاً من جهة الغوص. نعم، يجب من جهة مطلق الفائدة وأرباح المكاسب.

وإن قلنا بوجوب الخمس من جهة خصوص عنوان ما أخرج من البحر أو هذا مبنى الشيخ الداوري خصوص ما أخرج من البحر أو باعتبار كلاً من العنوانين مستقلاً كما عليه السيد الخوئي فيجب الخمس على الأخذ، وهذا واضح لأن الأخذ هو الذي أخرج الجوهر واللؤلؤ من البحر فيصدق عليه ما أخرج من البحر.

هذا تمام الكلام في الصورة الثالثة.

الصورة الرابعة أن يكون الأخذ خارج البحر ولم يكن الغائص ناوياً للحيازة والتملك هذا عكس الصورة الأولى الصورة الأولى أن يكون الأخذ خارج البحر لكن الغائص الأول كان ناوياً للحيازة والتملك فيجب الخمس على الغائص الأول لا على الأخذ خارج البحر.

وأما الصورة الرابعة فالغائص الأول لم يكن ناوياً للحيازة والتملك كما لو غاص في البحر ناوياً التنزه فصادفه شيء وأخرجه فتبين أنه جوهر وأخذه منه شخص آخر.

والظاهر عدم وجوب الخمس عليهما، فلا يجب الخمس على الغائص لأنه لم يقصد الحيازة والتملك ولا يجب الخمس على المستلم خارج البحر لأنه لم يغص ولم يخرج من البحر.

فبناءً على اعتبار كلا العنوانين الغوص وما أخرج من الماء لا يجب عليهما، فلا يجب على الأخذ لعدم توفر كلا العنوانين. نعم، بناء على إلغاء كلا العنوانين لا نشترط عنوان الغوص ولا نشترط عنوان ما أخرج من البحر، فالظاهر وجوبه على الأخذ لأنه في حكم ما إذا كان على الساحل.

فالمستلم في الخارج يجب عليه الخمس من جهة المورد الخاص لأنه يصير حكمه حكم ما أخرجه الشاطئ وما أخرجه البحر إلى الساحل أو الشاطئ هذا بناء على إلغاء كلتا الخصوصيتين.

هذا تمام الكلام في المسألة واحد وعشرين.

المسألة اثنين وعشرين قال صاحب العروة ـ رحمه الله ـ :

<إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئاً ففي وجوب الخمس عليه وجهان والأحوط إخراجه> هذه هي المسألة الخامسة الغوص من غير قصد للحيازة.

إذا غاص في البحر من غير قصدٍ للحيازة كما لو غاص للتنزه فظفر بجوهرهٍ فهل يجب فيه الخمس? احتاط السيد الماتن في العروة الوثقى بإخراج الخمس، والظاهر أنه لا وجه للاحتياط فإن المستفاد من الأدلة على جميع الأقوال الخمسة المتقدمة هو وجوب الخمس.

وذلك لعدم اشتراط قصد الحيازة والتملك من أول الأمر في صدق عنوان الغوص أو صدق عنوان ما يخرج من البحر بل يكفي قصد الحيازة والتملك عند انتشال الجوهر ولا يشترط قصد الغوص قبل الدخول إلى قاع البحر.

أما بالنسبة إلى صدق عنوان ما يخرج من البحر فواضح فإنه لو قصد الحيازة قبل قطع الصدفة أو اللؤلؤة وأخرجها من البحر فحينئذ يصدق عليه عنوان ما أخرج من البحر، وأما بالنسبة إلى الأول وهو عنوان الغوص فمن الواضح أنه يصدق على ما أخرجه وقصده قصد تملكه عند انتشاله يصدق عليه أنه أخرج بعنوان الغوص لا بعنوان آخر كالآلات أو الإخراج من الماء أو على الساحل، ولا يشترط في صدق العنوان أن يكون مقيداً بشيء معين.

إذا من الواضح أنه يجب الخمس والله العالم.

المسألة ثلاثة وعشرين يأتي عليها الكلام.


[1] كتاب الخمس في فقه أهل البيت، ج1، ص461.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo