< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس التاسع والأربعون: حكم تعدد جنس المخرج وتعدد المعادن

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ وكذا لا يعتبر اتحاد جنس المخرج فلو اشتمل المعدن على جنسين أو أزيد وبلغ قيمة المجموع نصاباً وجب إخراجه.

تارة يكون المعدن واحداً كالذهب وتارة يكون المعدن متعدداً كالذهب والفضة والحديد والنفط، يقع الكلام في الأمر الأول لو كان المعدن واحداً فإما أن يتحد جنسه وإما أن يتعدد جنسه فمعدن النفط واحد لكن له أجناس متعددة النفط الأبيض والنفط الأسود والبنزين وسائر مشتقات البترول فالمعدن واحد وهو البترول أو النفط لكن أجناسه متعددة.

وأحياناً تكون المعادن متعددة مثل الذهب والفضة والبترول والنفط إلى آخره، وهذه المعادن المتعددة بعضها متقارب وبعضها متباعد مثل الذهب الأبيض والذهب الأصفر فالذهب الأبيض معدن آخر والذهب الأصفر أيضاً معدن آخر لكنهما متقاربان بخلاف الذهب والفضة معدنان متباعدان، الذهب والحديد معدنان متباعدان.

إذاً المسألة الأولى في بحث اليوم ما لو كان المعدن واحداً كالبترول وتعددت أجناسه فهل يعتبر النصاب في كل جنسٍ بمفرده أم النصاب يكفي في المجموع وإن لم يبلغ كل جنسٍ مقدار النصاب.

الظاهر عدم الخلاف بين الفقهاء القائلين باعتبار النصاب في عدم اعتبار واشتراط وحدة جنس المخرج فيلاحظ قيمة المجموع وإن لم يبلغ كل جنسٍ مقدار النصاب.

والوجه في عدم اعتبار وحدة الجنس هو التمسك بصحيحة البزنطي فقد ورد فيها عنوان ما أخرج المعدن من قليل أو كثير وعنوان ما أخرج المعدن صادقٌ على الجميع وعلى جميع الأجناس فالعبرة في الصحيحة بالمخرج الذي هو الفائدة من المعدن ولا فرق في المخرج بين أن يكون له جنس واحد أو أجناس متعددة.

نعم نسب الخلاف إلى بعض الجمهور وأهل العامة في خصوص الذهب والفضة بأن لا يضم أحدهما إلى الآخر.

وخلاصة المسألة الأولى إنه يجب الخمس في المعدن الواحد إذا بلغ مقدار النصاب سواء اتحد جنسه أو تعدد لصدق العموم الوارد في صحيحة البزنطي على جميع الأجناس.

هذا تمام الكلام في المسألة الأولى.

المسألة الثانية لو تعدد المعدن يعني في مكان واحد أخرجنا ذهب وفضة أو في مكان واحد أخرجنا ذهب أبيض وذهب أصفر ولم يبلغ كل واحد منها مقدار النصاب لكن قد يبلغ المجموع منها مقدار النصاب فهل يعتبر النصاب في كل واحد منها؟! لأن النصاب أخذ في شخص المعدن لا في جنس المعدن أو النصاب يلحظ في المجموع وإن لم يبلغ شخص كل واحد من معدن الذهب الأبيض والذهب الأصفر والفضة والحديد ما يبلغ النصاب، أقوال في المسألة:

فإذا تعددت المعادن فتارة يكون الجنس واحداً كل معدن له جنس واحد وأخرى يكون الجنس متعدداً وعلى كلا التقديرين فتارة تكون المعادن متقاربة المواضع كآبار النفط المتقاربة وأخرى تكون مواضع وأماكن المعادن متباعدة، هنا منجم ذهب وبعد ميلين منجم فضة، فهل يعتبر النصاب من الجميع أو يعتبر النصاب في كل معدنٍ على حدة، أقوال في المسألة:

القول الأول ذهب الشهيد الأول في الدروس الشرعية الجزء الأول صفحة مئتين وستين وتبعه كاشف الغطاء في كشف الغطاء الجزء الرابع صفحة مئتين إلى القول بملاحظة الجميع فالمدار على بلوغ النصاب في جميع المعادن ولا يشترط النصاب في خصوص المعدن الواحد من دون ضم المعادن الأخرى إليه.

القول الثاني أن يكون لكل معدنٍ نصاب على حدة وهذا ظاهر جماعة منهم الشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام جزء ستة عشر صفحة عشرين والمحقق الهمداني في مصباح الفقيه جزء أربعة عشر صفحة ثلاثة وثلاثين.

القول الثالث التفصيل بين تقارب الجنس وتباعده إذ يظهر من السيد اليزدي ـ رحمه الله ـ أن الاعتبار بالمجموع إذا كانت المعادن متقاربة مع اتحاد الجنس وأما إذا كانت المعادن متباعدة وأجناسها متعددة فالعبرة بالنصاب في كل واحد منها على حدة.

القول الرابع التفصيل فالتقارب والاتحاد في الجنس إذا كان موجباً لصدق الوحدة عرفاً كما في آبار النفط المتقاربة باعتبار وحدة المادة ووحدة الانبعاث من منبع مشترك فيلاحظ فيها المجموع، وإذا لم تصدق الوحدة العرفية فالنصاب يلحظ في كل معدنٍ على حدة.

وهذا ما يظهر من السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وواحد وستين، والسيد أبو القاسم الخوئي في كتاب المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة ثمانية وأربعين.

إذاً أقوال أربعة:

القول الأول ملاحظة المجموع وهذا قول الشهيد الأول.

القول الثاني ملاحظة كل معدن على حده، وهذا قول صاحب الجواهر والمحقق الهمداني.

القول الثالث أن المدار على التقارب والاتحاد في الجنس وهذا ما يظهر من السيد الماتن.

القول الرابع المدار على الصدق العرفي والوحدة العرفية وهو قول السيد الحكيم والسيد الخوئي.

نقرأ نصّ صاحب العروة الوثقى، يقول:

نعم لو كان هناك معادن متعددة اعتبر في الخارج من كلٍ منها بلوغ النصاب دون المجموع، وإن كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع خصوصاً مع اتحاد جنس المخرج منها سيما مع تقاربها بل لا يخلو عن قوة مع الاتحاد والتقارب.

إذاً أفتى صاحب العروة الوثقى بلزوم النصاب في كل معدن على حده إلا في صورة التقارب والاتحاد، يعني الاتحاد في الجنس.

ويمكن الاستدلال للقول الأول وهو قول الشهيد الأول ونحن نميل إليه بدليليين، كما يمكن الاستدلال لقول السيد الخوئي بثلاثة أدلة، وعند تطرقنا للدليليين ومناقشتهما سيتضح بطلان الأدلة الثلاثة التي قد يستدل بها على دعوى السيد الخوئي والسيد الحكيم.

الدليل الأول على أن النصاب يثبت في المجموع لا في كل معدن على حدة وهذا هو الأحوط مقتضى الاحتياط ثبوت النصاب في المجموع.

الدليل الأول التمسك بإطلاق صحيحة البزنطي فقد ورد فيها عنوان ما يخرج من المعدن فيما يخرج من المعدن أو فيما أخرج المعدن من قليل أو كثير فإن المعتبر هو المخرج وما يخرج من المعدن وأنه إذا بلغ النصاب وجب فيه الخمس، وأما أن يكون المعدن واحداً أو متعدد أو يكون المعدن من جنس واحد أو من أجناس متعددة فالرواية مطلقة من هذه الجهة وشاملة لكل المعادن والأجناس على اختلافها إذ أن عنوان ما أخرج المعدن يصدق على الجميع.

والإنصاف أن هذا الوجه تامٌ لا غبار عليه.

الدليل الثاني دعوى ظهور لفظ المعدن في الجنس لا الشخص فحينما يقول الإمام ـ عليه السلام ـ (ما أخرج المعدن) يعني أي معدن من المعادن فالمراد جنس المعدن وليس المراد شخص المعدن يعني ما أخرج المعدن الواحد كما استظهر السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ تمسكاً بدعوى الانحلال.

ولا شكّ إن جنس المعدن صادقٌ على الواحد والمتعدد من جنس واحد أو أجناس متعددة.

فهذان الدليلان تامان، وهما:

أولاً التمسك بإطلاق صحيحة البزنطي فيما أخرج المعدن من قليل أو كثير.

والثاني التمسك بظهور لفظ المعدن في الجنس لا الشخص والفرد.

وقد يستدل للقول الرابع وهو اشتراط الوحدة العرفية في المعدن وهو قول السيد الخوئي والسيد الحكيم بمنع الإطلاق والظهور بل نتمسك بالانصراف فيقال: إن المنصرف إليه من لفظ المعدن هو المعدن الواحد، فقوله ـ عليه السلام ـ (فيما أخرج المعدن) ينصرف إلى المعدن الواحد كما يقال (الكنز إذا بلغ مقدار كذا) أي كل كنز وهكذا الغنيمة فالمتبادر هو الوحدة لا المؤلف من عدة كنوز وعدة معادن أو غنائم فإنه خلاف الظاهر.

إذاً قد يتمسك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بالتبادر أولاً والانصراف ثانياً.

وقد يقال كما ذكر شيخنا الأستاذ الداوري كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وعشرة.

قد يقال إن دعوى التبادر إن كانت لظهور الجنس في الوحدة فلم يحرز ذلك من أين نحرز أن جنس المعدن هو ظاهر في الوحدة؟!

وإن كان الظهور من جهة قلة الأفراد فذلك لا يوجب الانصراف، إن إدعيت أن جنس المعدن ظاهرٌ في الأفراد لقلة أفراد المعدن هذا لا يوجب الانصراف وإحراز الانصراف في مثل المقام مشكلٌ.

يقول شيخنا الأستاذ الداوري:

نعم لا يبعد القول بالانصراف العرف، فلذا فمقتضى الاحتياط هو القول الأول أي ملاحظة النصاب في المجموع إذا صدق عليها الوحدة عرفاً من جهة التقارب والاتحاد في الجنس.

إذاً ذهب شيخنا الأستاذ الداوري ـ أيده الله ـ إلى أن مقتضى الاحتياط هو القول الأول لا الثاني ويمكن الجمع بينهما فيما إذا إدعينا ثبوت انصراف عرفي وصدقت الوحدة عرفاً على مجموع المعادن فيما إذا تقاربت واتحدت في الجنس.

إلا أن الصحيح ما ذهب إليه سيدنا الأستاذ الفذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ وفاقاً للشهيد الأول في الدروس فمثل هذه الدعاوى للانصراف لا أساس لها، لذلك قال ـ قدس سره ـ في كتاب بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئة وثلاثة وأربعين وما بعدها، قال:

ودعوى انصراف الصحيحة إلى المعدن الواحد حيث لا يخرج المعدن غالباً وعادة إلا جنساً واحداً لا أجناس عديدة فيشترط بلوغ النصاب في كل جنس مدفوعةٌ بما عرفت من منع مثل هذه الانصرافات المتوهمة في المقام.

وعلى تقدير ثبوتها لا يمنع عن ثبوت الخمس بالرجوع إلى مطلقات الخمس في كل معدن إلا أن ترجع إلى دعوى التقييد لا الانصراف وهي واضحة الفساد.

وقد ذكر سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ثلاثة وجوه يمكن أن يستدل بها لرأي السيد الخوئي والسيد الحكيم، يراجع كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئة وأربعة وأربعين، يقول:

يقول وقد استند القائلون بعدم الخمس إلى أحد وجوه:

الوجه الأول ما تقدم في المسألة الأولى من دعوى أن الموضوع انحلالي بعدد عمليات الاستخراج عرفاً فلا بدّ وأن يبلغ المعدن الخارج في كل واحد منها النصاب.

وقد ناقشناه مسبقاً في ردّ دعوى الانحلال.

الوجه الثاني دعوى انصراف كلمة البزنطي في صحيح البزنطي والتي هي بمعنى المحل لا الحال، وفيه منع هذا الانصراف.

الوجه الثالث ما ذكره المحقق العراقي من أن موضوع الخمس وإن كان طبيعي المعدن إلا أنه كـ كل طبيعي آخر يكون منحلاً وسارياً في كل فرد من أفراد المعدن.

عموماً هذه الدعاوى لا داعي لإطالة البحث فيها وقد أطال سيدنا الأستاذ مناقشتها أولاً وثانياً وثالثاً...

يكفي التمسك بإطلاق صحيحة البزنطي واستظهار الجنس في لفظ المعدن الوارد فيها، فالصحيح ما ذهب إليه الشهيد الأول ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ قال السيد محمود الهاشمي الشاهرودي كتاب الخمس الجزء الأول صفحة خمسمئة وأربعة وأربعين:

وظاهر الدروس وصريح الشيخ كاشف الغطاء عدم اعتبار ذلك وهو الصحيح لإطلاق أدلة خمس المعدن وعدم دلالة صحيحة البزنطي الدال على اعتبار النصاب على أكثر من اشتراط بلوغ ما هو موضوع الخمس وهو جامع المعدن أو المستخرج للنصاب من دون خصوصية للمخرج منه أو المخرج من حيث وحدتهما الشخصية أو النوعية أو تعددهما في موضوع هذا الحكم.

تبقى المسألة الثالثة والأخيرة قال صاحب العروة ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ في نهاية هذه المسألة الخامسة.

وكذا لا يعتبر استمرار التكون ودوامة فلو كان معدنٌ فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثم انقطع جرى عليه الحكم بعد صدق كونه معدناً.

المسألة الثالثة مفادها هل يعتبر استمرار المعدن فقد يخرج هذا النفط أو الذهب وينقطع؟

والجواب لا يعتبر الاستمرار المدار على صدق كونه معدناً فلا عبرة بالدوام والاستمرار يؤيد ذلك ما ورد في صحيحة زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال سألته عن المعادن ما فيها؟

فقال كل ما كان ركازاً ففيه الخمس.

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة واثنين وتسعين، الباب الثالث من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الثالث.

والركاز هو كل ما كان مركوزاً سواء كان له منبع أو لا فحصره في المعدن أو ظهور ما له مادة كما نسب إلى كاشف الغطاء مما لا وجه له يراجع كشف الغطاء الجزء الرابع صفحة مئتين وواحد.

وقد فصل سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئة وثمانية وأربعين.

طبعاً قد يستدل أو دليل الانصراف يقال ينصرف المعدن إلى ما له استمراريه.

السيد يهجم يقول:

وفيه أولاً عدم صحة مثل هذه الانصرافات المزعومة، كما تقدم.

عموماً تكفي الإطلاقات الإطلاق الوارد في صحيحة زرارة عنوان الركاز، الإطلاق الوارد في صحيحة البزنطي ما أخرج المعدن، وبالتالي العبرة بالحدوث والابتداء لا الاستمرار والبقاء، فمتى ما صدق على شيء أنه معدنٌ قد خرج وبلغ مقدار النصاب ثبت فيه الخمس، وإن انقطع عن مادته.

هذا تمام الكلام في حكم التعدد في نهاية المسألة الخامسة.

المسألة السادسة يأتي عليها الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo