< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الكلام في النصاب في خمس المعدن

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ ويشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ ما أخرجه عشرين ديناراً.[1]

قد اختلفت كلمات الفقهاء في نصاب المعدن ويمكن ذكر ثلاثة أقوال:

القول الأول عدم اعتبار النصاب وهو المشهور بين قدماء الأصحاب، جواهر الكلام للشيخ محمد حسن النجفي الجزء ستة عشر صفحة تسعة عشر بل إدعى الشيخ الطوسي الإجماع في الخلاف، يراجع كتاب الخلاف الجزء الثاني صفحة مئة وتسعة عشر، كتاب الزكاة المسألة مئة واثنين وأربعين، وكذلك إدعى ابن إدريس الحلي الإجماع على عدم اعتبار النصاب في المعدن كتاب السرائر الجزء الأول صفحة أربعمئة وثلاثة وتسعين.

القول الثاني اعتبار بلوغ المعدن ديناراً وقد ذهب إليه الشيخ الصدوق في المقنع وكتاب من لا يحضره الفقيه وأبو الصلاح الحلبي في كتاب الكافي.

المقنع للصدوق صفحة مئة واثنين وسبعين، من لا يحضره الفقيه الجزء الثاني صفحة تسعة وثلاثين الحديث ألف وستمئة وستة وأربعين،[2] والكافي في الفقه لأبي الصلاح الحلبي صفحة مئة وسبعين.[3]

القول الثالث اعتبار بلوغ المعدن عشرين ديناراً وهو المنسوب إلى الشيخ الطوسي في النهاية والمبسوط.

كتاب النهاية ونكتها الجزء الأول صفحة أربعمئة وثمانية وأربعين، المبسوط للشيخ الطوسي الجزء الأول صفحة مئتين وسبعة وثلاثين.[4]

وقال به أيضاً ابن حمزة في الوسيلة.

يراجع كتاب الوسيلة إلى نيل الفضيلة صفحة مئة وثمانية وثلاثة.

واعتبار عشرين ديناراً هو المشهور بين المتأخرين فعليه عامة المتأخرين.

يراجع مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام للسيد محمد سبط الشهيد الثاني الجزء الخامس صفحة ثلاثمائة خمسة وستين. [5]

ومنشأ اختلاف الأقوال هو اختلاف الروايات والروايات على ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى ما دل على وجوب إخراج الخمس من المعدن مطلقاً وهي عدة روايات نذكر منها أربع:

الرواية الأولى صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص، فقال عليها الخمس جميعاً.

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وواحد وتسعين الباب الثالث من أبواب ما يجب فيه الخمس[6] والرواية أيضاً مروية في الكافي للكليني والتهذيب الشيخ الطوسي.

الرواية الثانية صحيحة محمد بن مسلم الثانية قال سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن الملاحة، فقال وما الملاحة؟

فقال وفي نسخة فقلت أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحاً.

فقال هذا المعدن فيه الخم

قلت فالكبريت والنفط يخرج من الأرض.

فقال هذا وأشباهه فيه الخم

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة واثنين وتسعين الباب الثالث من الأبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الرابع. [7]

والرواية أيضاً مروية في الكافي ومن لا يحضره الفقيه تخريج بقية المصادر يمكن مراجعة ما ذكره شيخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة مئتين وثمانية.

الرواية الثالثة صحيحة الحلبي في حديث الحديث طويل قال سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن الكنز كم فيه؟ فقال الخمس، وعن المعادن كم فيها؟ فقال الخمس، وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها؟ قال يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة.

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة واثنين وتسعين الثالث من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الثاني[8] والرواية أيضاً مروية في كتاب من لا يحضره الفقيه والصدوق.

الرواية الرابعة معتبرة عمار بن مروان قال سمعت أبا عبدالله ـ عليه السلام ـ يقول فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس.

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة واثنين وتسعين الباب الثالث من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث السادس. [9]

ورواها الشيخ الصدوق في كتاب الخصال صفحة ثلاث مئة وواحد وعشرين باب الخمسة الحديث واحد وخمسين.

هذه الروايات الأربع وغيرها دلّ على وجوب الخمس في المعدن ولم يذكر نصابه لا ديناراً ولا عشرين ديناراً.

الطائفة الثانية ما دلّ على اعتبار نصاب دينارٍ واحد وهي ما رواه محمد بن علي عن أبي الحسن ـ عليه السلام ـ قال سألته عن ما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه؟

قال إذا بلغ ثمنه ديناراً ففيه الخم

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثلاثة وتسعين الباب الثالث من أبواب ما يجب فيه الحديث الخامس.

والرواية مروية في الكافي[10] ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب ثلاثة من الكتب الأربعة، يراجع الكافي لثقة الإسلام الكليني الجزء الأول صفحة ستمئة وسبعة وعشرين كتاب الحجة الباب مئة وسبعة وثمانين الحديث واحد وعشرين، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق الجزء الثاني صفحة تسعة وثلاثين الحديث ألف وستمئة وستة وأربعين وتهذيب الأحكام للشيخ الطوسي الجزء الرابع صفحة مئة واثنين وعشرين الحديث ثلاثمئة وواحد وتسعين.

إذا هذه الرواية المخصصة بدينار واحد وردت في ثلاثة من الكتب الأربعة.

الطائفة الثالثة ما دلّ على اعتبار نصاب عشرين ديناراً في خمس المعدن وهي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال سألت أبا الحسن ـ عليه السلام ـ عما أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟

قال ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً.

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وأربعة وتسعين الباب الرابع من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الأول رواه الشيخ الطبسي في تهذيب الأحكام الجزء الرابع صفحة واثنين وعشرين الحديث ثلاث مئة وتسعين. [11]

والرواية تصدرت بالنهي ليس فيه شيء حتى يبلغ يعني إلى أن يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينار.

فالظاهر أن بين هذه الطوائف الثلاث تنافياً إلا أن يرفع هذا التنافي بالجمع بين الطوائف الثلاث ومن الواضح أن الطائفة الأولى مطلقة والطائفة الثانية والثالثة مقيدتان ومقتضى حمل الإطلاق على المقيد هو رفع اليدّ عن إطلاق الطائفة الأولى وحمل الطائفة الأولى على إحدى الطائفتين إما الطائفة الثانية دينار واحد أو الطائفة الثالثة عشرين ديناراً.

وقد أشكل بأن كلتا الطائفتين الثاني والثالثة غير صالحتين لتقييد الطائفة الأولى وسيتضح إن شاء الله تعالى أن الصحيح هو تقييد الطائفة الأولى المطلقة بالطائفة الثالثة المقيدة بنصاب عشرين ديناراً لا الطائفة الثانية المقيدة بدينارٍ واحد.

واليوم إن شاء الله نبحث تقييد الطائفة الأولى المطلقة بالطائفة الثانية الدالة على التقييد بنصاب دينار واحد وسيتضح أن الطائفة الثانية لا تنهض لتقييد الطائفة الأولى.

فقد أشكل على الطائفة الثانية المقييدة بدينارٍ واحد سنداً ودلالة وهذه الأبحاث كلها موجودة في تقرير بحث السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ كتاب الخمس المستند في شرح العروة الوثقى الجزء خمسة وعشرين صفحة سبعة وثلاثين،[12] وقد قررها بشكل لطيف وبيان واضح وترتيب أنيق شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئتين واثنين وثمانين.

أما حديث اعتبار الدينار فإنه ضعيف سنداً ودلالة.

أما ضعف السند فلان الراوي عن الإمام ـ عليه السلام ـ هو محمد بن علي بن أبي عبد الله ولم يرد فيه ما يدل على وثاقته وقد نصّ السيد الخوئي على أنه مجهول وهذا الراوي لم يروي في الكتب الأربعة إلا روايتين إحداهما هذه الرواية عن البزنطي هذه الرواية عن أبي الحسن والرواية الثانية وردت في كتاب الصلاة رواها عنه علي بن أسباط الكافي الجزء الثالث صفحة أربعمئة وثلاثة وثمانين كتاب الصلاة الباب مئتين وستة وستين الحديث اثنا عشر وتهذيب الأحكام الجزء الثاني صفحة مئة واثنا عشر الحديث أربعمئة واثنين وخمسين.

وأما ضعف الدلالة فلأنه يحتمل أن جواب الإمام ـ عليه السلام ـ راجع إلى صدر الحديث وهو السؤال عما يخرج من البحر وليس شاملاً لما ورد في الذيل وهو السؤال عن المعادن وإلى هذا المعنى ذهب الحر العاملي صاحب الوسائل.

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثلاثة وتسعين الباب ثلاثة من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث خمسة.[13]

لاحظوا الرواية ما رواه محمد بن علي عن أبي الحسن ـ عليه السلام ـ قال سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه؟ قال إذا بلغ ثمنه ديناراً ففيه الخمس.

فيحتمل أن هذا الجواب ناظر إلى الشق الأول وهو ما يخرج من البحر وليس ناظراً إلى الشق الثاني معادن الذهب والفضة ويؤيده تذكير الضمير في جواب الإمام ـ عليه السلام ـ بقوله إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخمس وإذا كان شامل للمعدن أيضاً لقال إذا بلغت قيمتها ديناراً بتأنيث الضمير.

يضاف إلى ذلك أن الشيخ الصدوق ذكر نفس هذه الرواية في كتاب المقنع صفحة مئة واثنين وسبعين من دون الجملة الأخيرة أي وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ [14]

وإن كان لا يبعد أن لشيخ الصدوق ـ قدس الله نفسه الزكية ـ قد أسقط هذه الجملة من الرواية معتمداً على موضع الشاهد منها إذ أن كتاب المقنع عبارة عن كتاب فتوائي للشيخ الصدوق وكتاب المقنع رسالة عملية للشيخ الصدوق وكتاب النهاية رسالة عملية للشيخ الطوسي لكن هذان المتنان عبارة عن نصوص روايات فهو أخذ من النصّ الذي يفتي به وموضع الحاجة منه.

وذلك لأن الشيخ الصدوق نفسه قد أورد نفس هذه الرواية في الفقيه وفيها هذه الجملة الأخيرة.

من لا يحضره الفقيه الجزء الثاني صفحة واحد وعشرين باب الخمس الحديث الأول. [15]

بعد يا أخي يا أخي الضعف الثالث ضعف العمل بالرواية إذاً عندنا ثلاث تضعيفات سنداً ودلالة وعملاً فهذا الحديث شاذ لم يعمل به إلا أبو الصلاح الحلبي في الكافي فلا ينهض لمقاومة سائر الروايات الدالة على أن الخمس في المعادن مطلقاً من دون اعتبار النصاب أو إذا بلغ عشرين ديناراً.

هذا تمام الكلام فيما أفاده سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ .

ثم يعلق شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ هذا ولا يخفى إن ضعف السند وإن كان قابلاً للدفع فإن أحمد بن محمد بن أبي نصر يقصد البزنطي وهو أحد المشايخ الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن الثقة قد روى عن محمد بن علي بن أبي عبد الله كما في نفس هذه الرواية.

إذا شيخنا الداوري لتصحيح سند الرواية أولا استند إلى مبنى الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة وهو تام عندنا.

المستند الثاني قال مضافاً إلى وقوعه في إسناد نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى ولم يستثنه ابن الوليد وكلا الأمرين أمارتان على الوثاقة على ما بيناه في محله.

بينه الشيخ الدواري في كتابه أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق الجزء الأول صفحة مئتين وعشرة وكذلك الجزء الثاني صفحة مئة وواحد وستين ومئة وخمسة وستين.

وما أفاده شيخنا الأستاذ الداوري تام على مبنانا أيضاً فإننا نقبل مبنى الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقا ونقبل أيضاً وثاقة من ورد في كتاب نوادر الحكمة دبت شبيب إذا لم إذا لم يقع في الاستثناء الذي استثناه محمد بن الحسن بن الوليد وقبله تلميذه الصدوق وقبله أيضاً السيرافي فعلى هذين المبنيين يمكن توثيق محمد بن علي.

بل يوجد مبنى ثالث ورابع وهو وقوعه بالكتب الأربعة بناء على مبنى الأخباريين إلا أننا لا نقبله المبنى الثاني وقوعه في خصوص كتاب الكافي بناء على صحة جميع أحاديث الكافي وهذا أيضاً لا نقبله.

المبنى الثالث روى عنه أحد أصحاب الإجماع وهو البزنطي وهذا أيضاً لا نقبله.

السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ذكر خصوص مبنى أصحاب الإجماع وبين أنه غير تام عنده ولم يذكر مبنى الثلاثة أو وقوعه في أسانيد نوادر الحكمة إذا يمكن توثيق هذا الراوي وتصحيح هذه الرواية على مبنانا ولكن الإشكال في دلالة الرواية وعدم صلاحية الرواية للتقييد من كلا الوجهين الآخرين وهما الدلالة وضعف العمل بها بل كونها شاذة.

إذا تسقط هذه الرواية عن الاعتبار ولا يصح العمل بها فلا تصلح لتقييد المطلقات إلى أن تبقى الأولى على إطلاقها.

يبقى الكلام في الطائفة الثانية التي دلت على اعتبار بلوغ النصاب عشرين ديناراً وفيها إشكالات كثيرة ووفيرة وسيتضح إن شاء الله من خلال البحث القادم أنها تصلح لتقييد المطلقات

فتكون النتيجة موافقة للسيد الماتن وموافقة لمشهور المتأخرين خلافاً لمشهور القدماء فنلتزم باعتبار بلوغ المعدن عشرين ديناراً لكي يجب الخمس والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo