< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: كتاب الخمس/استثناء مؤونة السنة/

 

قال السيد محمد كاظم اليزني في العروة الوثقى ـ رحمه الله ـ ما نصّه:

فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك قليلاً كان أو كثيراً من غير ملاحظة خروج مؤونة السنة على ما يأتي في أرباح المكاسب وسائر الفوائد. [1]

كان الكلام في تخميس أربعة أمور وهي الفداء والجزية وما صولح عليه المقاتلون وما يؤخذ من الكفار عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم.

قلنا إن الخمس يثبت في هذه الأمور الأربعة لصدق عنوان الغنيمة عليها ثم يقع الكلام في استثناء مؤونة السنة فهل المؤونة تستثنى من التخميس أو لا؟

الصحيح أن المؤونة لا تستثنى من تخميس هذه الأمور الأربعة بل إن المؤونة لا تستثنى من الموارد الستة التي ثبت فيها الخمس.

نعم استثناء المؤونة خاص بخصوص المورد السابع من موارد وجوب الخمس وهو خصوص خمس أرباح المكاسب وسائر الفوائد.

والوجه الصحيح في عدم ثبوت الخمس في عدم استثناء مؤونة السنة في الموارد الأربعة هو أن أدلة استثناء المؤونة خاصة بخصوص الموارد السابع وهو خمس أرباح المكاسب ولا تشمل الموارد الستة الأخرى.

إذا الصحيح في وجه عدم الاستثناء إن دليل استثناء مؤونة السنة ظاهر في النظر إلى خصوص أرباح المكاسب فهو خاصٌ بخصوص الخمس الثابت بعنوان مطلق الفائدة أو أرباح المكاسب لا العناوين الخاصة الأخرى كعنوان غنيمة دار الحرب أو الغوص أو المعدن أو المال المختلط بالحرام أو الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم، فكلما صدق على فائدتين أحد هذه العناوين الستة ثبت فيها الخمس من دون استثناء مؤونة السنة.

وقد يقال إن دليل استثناء مؤونة السنة ينفي الخمس في المؤونة، ودليل هذه الموارد الستة يثبت الخمس في المؤونة فيثبت التنافي.

والجواب سيأتي إن شاء الله تعالى إن العنوان المبيح لا يرفع حكم العنوان غير المبيح إذا اجتمع معه هكذا نقول كلما صدق على فائدتين أحد العناوين الستة كغنيمة دار الحرب أو المعدن أو الغوص ثبت الخمس مطلقاً بمقدار المؤونة وبغير مقدار المؤونة ولا ينافيه الدليل الدال على استثناء المؤول.

فالدليل الدال على ثبوت الخمس في مطلق غنيم دار الحرب لا ينافي جواز استثناء مؤونة السنة من حيث كونها فائدة.

لأن العنوان المبيح يعني يبيح لك أن تستثني مؤونة السنة لا يرفع حكم العنوان غير المبيح كعنوان غنيمة دار الحرب لا يبيح لك أن تستثني مقدار مؤونة السنة، فلا يوجد التنافي بينهما.

فالفداء والجزية وما صلح عليه وما أخذ عند الدفاع يصدق عليه أنه فائدة أم لا؟

أفتونا مأجورين يصدق عليها أنه فائدة.

فإذا صدق عليه أنه فائدة فببركة هذا العنوان هذا العنوان السابع نستثني مؤونة السنة من التخميس ونستثني المؤونة التي من خلالها حصلنا على الفداء أو الجزية أو الصلح فنستثنيها من التخميس.

إذا أحد العناوين وهو عنوان الفائدة يبيح يعني يبيح استثناء المؤونة والعنوان الآخر لا يبيح كعنوان غنيمة دار الحرب فهو لا يبيح استثناء المؤونة، هنا لا تنافية في البين.

فنقول يجوز استثناء المؤونة بلحاظ العنوان المبيح وهو مطلق الفائدة ولا يجوز ولا يصح اسثناء المؤونة بلحاظ العنوان غير المبيح وهو عنوان غنيمة دار الحرب.

فالعنوان المبيح وهو مطلق الفائدة لا يرفع حكم عنوان غير المبيح وهو عنوان غنيمة دار الحرب إذ أن الأحكام تابعة للعناوين ونحن أبناء الدليل أينما مال نميل.

فنقول والله العالم يجب تخميس الفداء والجزية وما صلح عليه و ما أخذ عند الدفاع مطلقاً قليلاً كان أو كثيراً بلحاظ عنوان غير مبيح وهو عنوان غنيمة دار الحرب.

وإن كان بلحاظ العنوان الآخر وهو مطلق الفائدة يكون هذا العنوان يبيح استثناء المؤونة.

بلحاظ الدليل إذا لاحظنا أدلة خمس أرباح المكاسب نجد روايات استثناء المؤونة.

وقلنا لو نظرنا إلى روايات استثناء المؤونة لوجدناها خاصة بخصوص خمس أرباح المكاسب ولا تشمل الموارد الستة ومنها خمس غنيمة دار الحرب فنتمسك بإطلاق الموارد الستة.

فدليل الموارد الستة كخمس غنيمة دار الحرب و تخميس المعدن والغوص مطلق يشمل حتى مورد المؤونة.

مبيح لاستثناء المؤونة وغير مبيح لاستثناء المؤونة يعني دليل أرباح خمس أرباح المكاسب يبيح يعني يجيز يعني يجوز لك استثناء مقدار المؤون ويجوز لك حتى تخميس مقدار المؤونة لأن الخمس في أصل الشيء واضح أو لا؟ فهو يجيز ويبيح لك أن تستثني المؤونة لكن أدلة الموارد الستة لا يبيح لك ذلك واضح إن شاء الله؟

الإستدلال بالدليل الذي لم يثبت عندنا

وقد يستدل على على عدم استثناء المؤونة من غنيمة دار الحرب والموارد الأربعة بدليل لم يثبت عندنا ومفاده:

إن دليل استثناء مؤونة السنة مطلق فهو يشمل جميع الموارد السبعة من خمس دار الحرب إلى خمس مكاسب، لكن إطلاق دليل استثناء المؤونة مقيد في الموارد الستة الأول بالدليل الخاص لكل دليل فنحمل العام على الخاص والمطلق المقيد.

والمطلق هو دليل استثناء المؤونة والمقيد هو دليل خمس الغنيمة أو دليل أي خمس ثبت بعنوان خاص غير أرباح المكاسب كدليل وجوب تخميس الغوص أو المعدن فهذه الأدلة الخاصة تدل على وجوب دفع خمس المورد الخاص فوراً وعدم جواز التصرف فيه.

دليل خمس الغنيمة أو المعدن أو الغمص يدل على وجوب تخميسه فوراً من دون استثناء المؤونة فنحمل الدليل المطلق وهو جواز استثناء مؤونة السنة مطلقاً في الموارد السبعة على الدليل الخاص والمقيد وهو في موردنا دليل وجوب تخميس خمس أرباح المكاسب.

تصير النتيجة هكذا يجوز استثناء مؤونة السنة مطلقاً إلا في خمس دار الحرب فيجب التخميس فوراً حتى في مورد المؤونة واضح إن شاء الله.

لماذا لا نقبل هذا التوجيه لثلاثة أمور:

الأمر الأول: مبنائي وهو أننا نبني هذا أولا إننا نبني على أن أدلة استثناء مؤونة السنة ليست مطلقة بحيث تشمل جميع الموارد السبعة بل أدلة استثناء مؤونة السنة ناظرة إلى خصوص المورد السابع فهي خاصة بخصوص خمس أرباح المكاسب هو مطلق الفوائد لا مطلق الموارد السبعة التي يجب فيها الخمس هذا أولاً.

الأمر الثاني: وثانيا لو تنزلنا وأنكرنا اختصاص دليل المؤونة بخصوص أرباح المكاسب وأثبتنا الإطلاق وقلنا أن دليل استثنائي المؤون مطلق فهو يشمل أرباح المكاسب وغير أرباح المكاسب.

لقلنا إن المعارض له أيضاً مطلق فالذي يعارض إطلاق دليل استثنائي المؤونة ليس أصل دليل وجوب تخميس الغنيمة بل مطلق دليل تخميس الغنيمة فإن دليل وجوب تخميس الغنيمة أيضاً مطلقا يشمل مورد المؤونة وغير مورد المؤونة.

إذا التعارض بين إطلاقين لا بين الإطلاق والأصل حتى تحمل المطلق على المقيد وتحمل مطلق دليل استثناء المؤونة على أصل دليل وجوب تخميس الغنيمة فتصير النسبة بينهما عموم وخصوص المطلق بل النسبى الصحيح هي نسبة العموم والخصوص من وجه، لأن التعارض بين مطلقين لا بين مطلق وأصل الدليل توضيح ذلك:

أولاً دليل استثنائي المؤونة مطلق يشمل خمس أرباح المكاسب وبقية الستة ومنها غنيمة دار الحرب، فهذا يثبت استثناء مقدار المؤونة من غنيمة دار الحرب.

والثاني أصل دليل وجوب تخميس الغنيمة فإنه أيضاً مطلق فهو يقول يجب تخميس الغنيمة مطلقاً قليلة أو كثيرة حتى في مقدار المؤونة.

أين يثبت التعارض صارت النسبة عموم وخصوص من وجه، أين يلتقيان؟

في مقدار المؤونة من خمس الغنيمة وأرباح المكاسب.

فإطلاق دليل وجوب تخميس الغنيمة يثبت وجوب تخميس مقدار المؤونة وإطلاق دليل استثناء المؤونة ينفي وجوب تخميس مقدار المؤونة فالنسبة بين الإطلاقين إنما هي نسبة العموم والخصوص من وجه فيثبت التعارض لأن مورد التعارض هو نسبة العموم والخصوص من وجه والتباين.

ولا يثبت حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد فإنما هو يثبت في خصوص نسبة العموم والخصوص المطلق لا العموم الخصوص من وجه كما هو مورد بحثنا.

واضح إن شاء الله هذا بحث صناعي واستظهاري.

الأمر الثالث: وثالثا لو سلمنا أن دليل استثنائي المؤونة مطلق على أننا لا نسلم بذلك، لكن لو تنزلنا وقلنا أن دليل استثناء المؤونة مطلق وعام ويشمل جميع موارد السبعة.

لقلنا إن دليل استثناء المؤونة مقدم على جميع أدلة الموارد السبعة لا أنه مطلق وتخصصه أدلة الموارد الستة.

والسر في ذلك أن دليل استثناء حاكم ناظر وبقية الأدلة محكومة ومنظورة والملاك في الحكومة هو النظر لاحظ هذي إبداعات سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي ـ رحمه الله ـ كتاب الخمس الجزء الأول صفحة ثمانية وستين لكن عبارته مغلقة هذا بيان سلس وعبارته مغلقة فنك تطلع هاي الكلام منها.

توضيح ذلك:

إن دليل استثناء المؤونة لو كان مطلقاً في نفسه دالاً على استثنائها في كل ما ثبت فيه الخمس بأي عنوان كان دليل استثناء المؤونة مقدماً على ظهور دليل الخمس في وجوب دفعه فوران بسبب الحكومة لأنه حاكم وناظر نظراً لكون دليل استثناء المؤونة ناظراً إلى كل ما ثبت فيه الخمس.

وإطلاق الدليل الحاكم الناظر يتقدم على إطلاق الدليل المحكوم جزماً.

توضيح ذلك:

أدلة وجوب تخميس الموارد السبعة ناظرة إلى أصل إثبات الخمس في كل مورد مورد من الموارد السبعة فدليل وجوب تخميس أرباح المكاسب أو المعدن أو الغوص أو غنائم دار الحرب ناظر إلى أصل إثبات وجوب الخمس في الغنيمة أو الفائدة أو المعدن أو الكنز، لكن دليل استثناء المؤونة ليس ناظراً إلى أصل التخميس بل هو ناظر إلى أن ما ثبت فيه الخمس يستثنى منه مقدار المؤونة.

فلو قلنا إن دليل الاستثناء مطلق وليس خاصاً بخصوص خمس أرباح المكاسب فهذا يعني إن مطلق دليل استثناء المؤونة ناظر إلى أصل الدليل الدال على وجوب ثبوت الخمس في موردٍ كالغوص أو الغنيمة أو الكنز.

فدليل استثناء المؤونة ناظر إلى تلك الأدلة فهو حاكم عليها وتلك الأدلة السبعة الدالة على وجوب التخميس في الموارد السبعة منظور إليها وملاك الحكومة النظر وتقديم الدليل الحاكم ناظر على الدليل المحكوم والمنظور.

فلو التزمنا بإطلاق دليل باستثناء المؤونة لن نلتزم بأنه مخصص بالأدلة الستة بل نلتزم إنه حاكم على الأدلة الستة.

والسر في ذلك أنه دليل ناظر وحاكم وتلك الأدلة محكومة.

على أننا لا نسلم بالحكومة هنا لأننا لا نلتزم بوجود إطلاق في دليل استثناء المؤونة بل نرى إن أدلة استثناء المؤونة خاصة بخصوص المورد السابق وهو تخميس أرباح المكاسب ولا يتعدى إلى الموارد الأخرى كوجوب تخميس غنيمة دار الحرب فنلتزم بإطلاق دليل المورد الخاص كإطلاق دليل وجوب تخميس الغنيمة مطلقا بمقدار المؤونة وغير مقدار المؤونة والله العالم.

هذا تمام الكلام في الموارد الأربعة الفداء والجزية وما صولح عليه وما أخذ عند الدفاع.

واتضح:

أولا أن عنوان الغنيمة غنيمة دار الحرب يصدق عليها يعني عنوان الغنيمة الخاص يصدق عليها فضلاً عن عنوان الغنيمة العام مطلق الفائدة.

ثانياً يجب تخميسها بلحاظ عنوان الغنيمة الخاص خمس دار الحرب.

ثالثا لا يستثنى مقدار المؤونة لأن الخمس فيها ثبت بالعنوان غير المجيز وهو عنوان غنيمة دار الحرب لا العنوان المجيز وهو مطلق الغنيمة ومطلق الفائدة.

هذا تمام الكلام في الموارد الأربعة يبقى الكلام في المسألة الأولى.

المسألة الأولى أيضاً ناظرة إلى موارد أربعة ويمكن جعلها ثلاثة:

المورد الأول ما يؤخذ بغارة المسلمين على الكفار وما يؤخذ هذا المورد الأول.

المورد الثاني ما يؤخذ بالسرقة والغيلة.

المورد الثالث ما يؤخذ بالربا.

المورد الرابع ما يؤخذ بالدعوة الباطلة.

يمكن دمج الاثنين ما يؤخذ بالربا والدعوة الباطلة في مورد واحد.

المسألة الأولى[2] يأتي عليها الكلام صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo