< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث العرفان

39/12/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عرفان الامام الخميني(قده)

 

الدرس العاشر عرفان الإمام الخميني “رضوان الله عليه”

وإذا أردنا أن نأخذ ترجمة الإمام الخميني "قدس" فهي ترجمة طويلة وقد ذكر مختصرها صاحب هذا الكتاب في آخر درس فلا بأس بقراءتها صفحة 139 آخر صفحة من الكتاب و140.

ولد السيد روح الله الموسوي الخميني في 20 من جمادي الثاني سنة 1320 هجرية قمرية في يوم مولد الزهراء "عليها السلام" الموافق 24 ايلول 9 سبتمبر 1902 ميلادية يعني السيد الخوئي اكبر من سيد الإمام بثلاث سنوات أن السيد الخوئي ولد سنة 1899 ميلادية الفارق بينهما ثلاث سنوات.

مدينة خمين

ولد السيد الإمام الخميني في مدينة خمين إحدى مدن المحافظة المركزية خمين غير خميني شهر خميني شهر هذه مدينة من مدن أصفهان وأما خمين هذه مدينة مستقلة قريب كلبايكان وخوانسار، ولد السيد الإمام في بيت عرف بالعلم والتقوى والجهاد والهجرة ومن أسرة تنتسب إلى الصديقة الطاهرة السيد الطاهرة فاطمة الزهراء "عليها السلام" ورث سجايا آبائه وأجداده الذين سعوا لهداية الناس وهو من أسرة علمية طبعا أصلهم من الحجاز ذرية الرسول وفترة استوطنوا الهند ثم جاءوا إلى إيران فجد السيد الإمام الثالث أو الرابع كانوا في الهند فجاءوا إلى إيران فكان الشاه يقول الخميني أصله هندي وأنا أصلي إيراني والخميني أكبر مني وسيموت وأنا سأحكم فتغيرت المعادة خرج الشاه ذليلا ومات وعاش بعده الإمام الخميني عشر سنوات وقاد الثورة وقاد الجمهورية الإسلامية في إيران.

السيد مصطفى الخميني

والده الشهيد آية الله السيد مصطفى الخميني السيد الإمام ولده شهيد اسمه مصطفى وأبوه شهيد أيضا اسمه مصطفى والده الشهيد السيد مصطفى الخميني ممن عاصر الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك درس والده العلوم والمعارف في النجف الأشرف لعدة سنوات وبعد أن بلغ مرتبة الاجتهاد عاد إلى إيران ليقيم في خمين موطنه الأصلي وكانت الناس ترجع إليه في أمور دينهم السيد الإمام لم يكمل خمسة شهور حتى استشهد والده، تولت والدته تربيته واستشهد والده على يد قطاع الطرق والخونة المدعومين من قبل علماء السلطة الشاهنشاهية آنذاك لأنه كان يسعى في إحقاق الحق والوقوف في وجه الطغاة والظلمة.

النشو العلمي

درس الإمام الخميني منذ نعومة أظفاره وصغره مستفيدا بما حباه الله من ذكاء متوقب ودرس المعارف الشائعة في عصره ومقدمات العلوم والسطوح المعروفة في الحوزات الدينية مثل آداب اللغة العربية المنطق الفقه الأصول درس أيضا العروض والقوافي في الأدب العربي الفلسفة الإسلامية الفلسفة الغربية وواصل دراسته مع العلوم المعنوية والعرفانية ودرس أعلى مستويات العرفان النظري والعملي لمدة ستة أعوام عند المرحوم آية الله الميرزا محمد علي الشاه آبادي "أعلى الله مقاماتهم أجمعين".

أيضا درس عند الميرزا الملكي التبريزي صاحب كتاب اصرار الصلاة وهو من العرفاء السيد الإمام انتقل بعد ذلك إلى أراك لأن مؤسس الحوزة العلمية في قم آية الله العظمى المرجع الكبير الشيخ عبد الكريم الحائري كان في أراك ثم جاء إلى قم ودعا تلامذته للمجيء إلى قم وشكل الحوزة العلمية في قم وبعد وفاة الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي أثمرت جهود السيد الإمام مع عدة من المجتهدين في أقناع آية الله العظمى السيد حسين البروجردي للمجيء إلى قم وتسلم زعامة الحوزة العلمية فيها السيد البروجردي كان في بروجرد فأصيب بمرض وأراد أن يتعالج في طهران خرج من بروجرد إلى طهران مر بقم خرج العلماء لاستقباله ودعوه إلى الاستقرار في قم وبعد انتهاء العلاج استخار الله وقلب الموضوع وقرر أن يستقر في قم ويتسلم زمام المرجعية.

خلال هذه الفترة عرف الإمام الخميني بصفة احد المدرسين والمجتهدين له الرأي في الفقه والأصول والفلسفة والعرفان والأخلاق وكان زهده وورعه وتعبده وتقواه يتردد على لسان الخاصة والعامة كان في الحوزة معروف آقاي مصطفوي ثم بعد قيامه بالثورة عرف بالإمام الخميني ترك الإمام الخميني العديد من المؤلفات الفقهية والأصولية العرفانية نذكر منها تنقيح الأصول تنقيح الأصول ليس هو الذي كتبه تنقيه الأصول هو تقرير بحثه في الأصول تقرير اشتهاردي جواهر الأصول أيضا تقرير بحث السيد الإمام في الأصول وهو تقرير لنكرودي نعم كتاب البيع السيد الإمام كتب البيع في خمسة مجلدات وقرره أيضا تلميذه الشيخ القديري الشيخ اللنكراني كتاب الطهارة كتبه في أربعة مجلدات الآداب المعنوية للصلاة مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية شرح دعاء السحر لعل أول كتاب كتبه، كتبه أواخر العشرينات من عمره الأربعون حديثا.

بعد أن تعرفنا بشكل ميسر على هذه الشخصية الفذة وهي شخصية صاحبة كمالات والسيد الإمام موسوعي وإذا تلاحظ مختلف العموم قد بلغ القمة في الفقه الأصول الفلسفة التفسير العرفان السياسة الأدب السيد الإمام شاعر السيد الإمام بلغ الخصال الغر شخصية متعددة الجوانب شخصية كمالية في مختلف الجوانب في الأدب في التاريخ السيد الإمام قرأ الكثير من الكتب التاريخية قرأ قصة البؤساء في الأدب الفرنسي السيد الإمام إنصافا شخصية في مختلف الجوانب وليس فقيه من الطراز العادي من الطراز الأول أصولي من الطراز الأول فيلسوف من الطراز الأول عرفاني من الطراز الأول وقلة ما تجد شخصية جامعة، السيد الخوئي “رضوان الله عليه” عالم كبير لكنه برز في أربعة علوم والكتب التي كتبها أو الدروس التي ألقاها في هذه العلوم الأربعة هي محور عمل الحوزات العلمية في يومنا هذا في قم والنجف الأشرف والعالم الفقه الأصول التفسير الرجال لكنه لم يشتهر في الفلسفة والعرفان مع أنه يعرف درس عرفان فترة وجيزة عند السيد علي القاضي ويعرف للفلسفة وأيضا شاعر ينظم الشعر السيد الخوئي له منظومة ولكن برز في هذه العلوم الأربعة السيد الإمام برز في مختلف هذه الجوانب ولكن أكثر الناس تعرفه في بعدين أو ثلاثة أبعاد البعد الأول الفقاهة لأنه مرجع تقليد البعد الثاني العرفان والبعد الثالث السياسة.

التجربة العرفانية للسيد الخميني

السيد الإمام تجربته العرفانية تجربة عرفانية فريدة وخاصة ويمكن الإشارة إليها وإلى معالم تجربته الرائدة فعادة العرفاء ينعزلون عن الناس ولكن السيد الإمام يرى أن العرفان في قلب المجتمع وفي هداية الناس وفي هداية الخلق إلى الخالق فالسيد الإمام رجل سياسة وجهاد أسس وقاد الدولة الشيعية القوية في عالم المعاصر وهي الجمهورية الإسلامية في إيران التي يقودها الآن تلميذه الوفي والفقيه الفذ سماحة آية الله العظمى ولي أمر المسلمين السيد علي الحسيني الخامنائي "حفظه الله" السيد الإمام حكيم وفقيه أصولي من الطراز الأول فما هي مميزات وخصائص عرفان السيد الإمام الخميني نذكر عدة عناوين:

مميزات و خصائص عرفان السيد الخميني

النقطة الأولى التوجه إلى الله تعالى

لابد أن يعيش العارف الفقر العرفاء يركزون على الفقر الذاتي وأن الجميع فقير والله هو الغني المطلق يقول سيد الشهداء في دعاء عرفة إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولا في جهلي الهي مني ما يليق بلؤمي ومنك ما يليق بكرمك.

العارف دائما ينظر إلى الفقر الذاتي أنه دائما فقير ومحتاج إلى الغني المطلق وهو الله تبارك وتعالى فجميع الموجودات بحاجة إلى رب العباد وعندما يبلغ العارف أعلى درجات المعرفة يدرك ضعفه وفقره الذاتي وحاجته إلى الله "عز وجل".

يقول السيد الإمام الخميني مخاطبا ابنه السيد أحمد الخميني له وصايا عرفانية إلى السيد أحمد الخميني ولده وإلى زوجة ولده السيدة فاطمة الطباطبائي يقول أعلم أن العالم سواء أكان أزليا أو أبديا أو لا وسواء أكان سلاسل الموجودات غير متناهية أو لا فإنها جميعا محتاجة لأن وجودها ليس ذاتيا لها ولو تفكرت وأحط عقليا بجميع السلاسل الغير المتناهية فإنك ستدرك الفقر الذاتي والاحتياج في كمالها.

إذاً يبين السيد الإمام أن الشعور بالفقر الذاتي أمر فطري ولا يحتاج إلى دليل إقناعي يكفي التأمل فيه ويضيف أن هذه الفطرة بعينها تعترف بحاجتها إلى من ليس محتاجا في وجوده وهو الله الغني المتعال،

إذاً التوجه إلى الله يتطلب الشعور بالفقر الذاتي ولكن هذا لا يكفي إذ أنه يقتضي أن يشعر العابد بأنه غير محتاج لأحد سوى الله فالتوجه إلى الله تعالى وحده يستلزم نفي كل ما سواه لأن ما سوى الله عاجز عن تحويل الفقر إلى غناء.

يقول السيد الإمام الخميني ارتبط بالغني المطلق حتى تستغني عمن سواه واطلب التوفيق منه حتى يجذبك من نفسك ومن جميع من سواه الإنسان يتصور أن حاجته عند فلان وعند علان لكن العارف إذا تعمق يدرك أنه لا معبود سواه ولا غني غيره الله الصمد يعني الذي يصمد إليه في الحوائج وحده.

النقطة الثانية القرآن الكريم المرجع الأساسي للعرفان السيد الإمام

طبع له تفسير البسملة وهذه مجموعة دروس كان يلقيها وتبث في التلفزيون تفسير سورة الحمد يعتبر السيد الإمام القرآن الكريم هو كتاب معرفة الله ومعرفة طريق السير والسلوك إلى الله ويذهب الإمام إلى أن العرفان ومسائله من معجزات القرآن الكريم وإن من أعظم وأسمى معاجز القرآن هذه المسائل العرفانية العظيمة التي لم تكن معروفة لدى فلاسفة اليونان وبما أن هذه المسائل العرفانية لم تكن معروفة فقد أخذها السابقون من القرآن الكريم وانعكست على شخصية الرسول.

يقول السيد الإمام وإنها لمعجزة الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" إذ كان على درجة عالية من المعرفة بالله بحيث إن الباري "جل وعلى" كان يوضح له أسرار الوجود لذلك لابد من التعرف على القرآن لاستهان المعارف والحقائق الغائبة.

السيد الإمام يوصي ابنه السيد احمد قائلا بني تعرف إلى القرآن كتاب المعرفة العظيم ولو بمجرد قراءته واجعل منه طريقا إلى المحبوب ولا تتوهمن أن القراءة من غير معرفة لا اثر لها يعني حتى لو تقرأ وما تعرف اقرأ أيضا هذا يؤثر فهذه وساوس الشيطان فهذا الكتاب كتاب من المحبوب إليك وإلى الجميع واعلم أننا لو أنفقنا أعمارنا بتمامها في سجدة شكر واحدة على أن القرآن كتابنا لما أوفينا هذه النعمة حقها من الشكر.

النقطة الثالثة الأدعية والمناجاة

السيد الإمام “رضوان الله عليه” كان مولع بقراءة القرآن والدعاء يقول خادمه إن السيد الإمام فترة انتصار الثورة وحكمه تقريبا عشر سنوات قد بدلنا له كتاب مفاتيح الجنان ثلاث أو أربع مرات لأن الكتاب قد تقطع وتفرقت أوراقه وتلف جلده من كثرة استخدامه مع أن السيد الإمام الخميني “رضوان الله عليه” كان دقيقا جدا في فتح القرآن وفي فتح مفاتيح الجنان ولكن لكثرة الاستخدام قد تفرق ذلك الكتاب وأصلحوه عدة مرات.

يعتبر السيد الإمام إن الأدعية وبالأخص المأثورة عن الأئمة “عليهم السلام” إحدى الوسائل التي يمكن السير والسلوك بواسطتها على أساس أن الأدعية الواردة عن المعصومين “عليهم السلام” أعظم دليل على معرفة الله واسما وسيلة للسير والسلوك إلى الله وأقوى رابط بين الحق والخلق والأدعية في وجهة نظر السيد الإمام تحمل في طياتها المعارف الإلهية وهي وسيلة يمكن أن يركن إليها السالك للأنس بالله تبارك وتعالى.

يقول السيد الإمام وتمثل وسيلة يشكرها أهل بيت الواحد الأنس بالله جلت عظمته فضلا عن أنها تمثل نموذجا لحال أصحاب القلوب وأرباب السلوك.

يوم من الأيام السيد القائد كان جالسا مع السيد الإمام الخميني فقال القائد الخامنئي للسيد الإمام الخميني أي الأدعية إليك حبيبة؟ فقال الإمام الخميني جميع الأدعية إلي حبيبة فقال السيد الخامنئي ولكن توجد بعض الأدعية ربما تأنس بها أكثر فقال الإمام الخميني دعاء كميل والمناجاة الشعبانية السيد القائد الخامنئي يعقب ويقول ومن الملفت أن دعاء كميل ومناجاة الشعبانية كلاهما مروية عن أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" فيه أنفاس علي بن أبي طالب "سلام الله عليه".

النقطة الرابعة الابتعاد عن حب الدنيا والرياسة

الدنيا بنفسها ليست مذمومة المذموم هو التعلق بالدنيا لذلك يوضح علماء الأخلاق أنه توجد دنيا مذمومة ودنيا محمودة الدنيا المذمومة طلب الدنيا للدنيا والتعلق بها وأما الدنيا المحمودة طلب الدنيا للآخرة كما يقول أمير المؤمنين (الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فخذوا من ممركم إلى مقركم)[1] فالسيد الإمام يقول إن حب الدنيا والتعلق بها مانع من السير والسلوك كما في الرواية عن أمير المؤمنين (حب الدنيا رأس كل خطيئة فهي تقع على رأس الموبقات)[2] يقول السيد الإمام “رضوان الله عليه” إن السبب الرئيس للندم وأساس ومنشأ جميع ألوان الشقاء والعذاب والمهالك ورأس جميع الخطايا والذنوب إنما هو حب الدنيا الناشئ من حب النفس.

يؤكد السيد الإمام في وصيته لابنه على ضرورة عدم إتعاب النفس في طلب الدنيا والمناصب والمقامات الدنيوية لأنه ليس من ورائها إلا الشقاء والعذاب

يقول السيد الإمام الخميني لابنه السيد أحمد ولا تتعب نفسك بالانتقال بطرق باب هذا الباب أو ذاك الباب للوصول إلى منصب أو الشهرة التي تشتهيها النفس فأنت مهما بلغت من مقام فإنك سوف تتألم وتشتد حسرتك وعذاب روحك لعدم بلوغك ما فوق ذلك.

هذه كلها وصايا عرفانية للسيد الإمام “رضوان الله عليه” لكن دعوة السيد الإمام إلى ترك الدنيا لا يعني القعود عن العمل السياسي والاجتماعي والسعي في هذه الدنيا بل السيد الإمام فهم خاص حول الدنيا فهو يرى أنه لابد من العمل والتصدي للشأن الاجتماعي والسياسي لكن من دون التعلق بالمناصب والدنيا

يقول السيد الإمام في فهمه للدنيا إن عالم الملك الذي نعيش فيه عالم الملك والشهادة ليس مذموما في حد ذاته يعني بما هو هو ليس مذموما المذموم هو التعلق به إن عالم الملك ليس مذموما في حد ذاته فهو مظهر الحق ومقام ربوبيته تعالى ومحبط ملائكته ومسجد أحباء الله ومكان تربية الأنبياء والأولياء “عليهم السلام” ومعبد تجلي الحق على قلوب عشاق المحبوب الحقيقي وهو الله "عز وجل" إذاً للدنيا فهم خاص في نظر السيد الإمام الخميني "أعلى الله مقامه الشريف".

بناء على هذا ينبغي أن ينظر العارف للدنيا على أنها مكان لخدمة الخلق وخدمة خلق الله ومساعدة المجتمع يعني الدنيا طريق للوصول إلى الله من خلال خدمة الخلق كما يقول سيد الشهداء الإمام الحسين (حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فَتَحُوزُوا نقما)[3] تصير نقمة بدل النعمة يقول السيد الإمام ولا يعني ما ذكرت أن تترك خدمة المجتمع وتعتزل وتكون كلا على خلق الله إلى أن يقول بني لا تلقي عن كاهلك حمل المسؤولية الإنسانية التي هي خدمة الحق في صورة خدمة الخلق ومن هنا نفهم أن على عاتق الإنسان مسؤوليات في الدنيا وإن الدنيا ليست مذمومة بحد ذاتها بل المذموم هو الانشداد إليها والتعلق بها

يقول السيد الإمام “رضوان الله عليه” إنما ورد في القرآن والأحاديث من ذم هذه الدنيا لا يكون عائدا في الحقيقة للدنيا من حيث نوعها أو كثرتها بل يعود للتوجه إلى نحوها وانشداد القلب بها وبحبها هذه هي الدنيا التي هرب منها العرفاء ورفضها بعض أصحاب العقول فالله تعالى خلق آدم من تراب والتراب مكان أساسي لنشاط الفرد في الدنيا فكيف يذم ما خلقه الله للإنسان لتكون حياته فيه، إذاً السيد الإمام تمكن من رسم خط فاصل بين الدنيا المذمومة والدنيا المحمودة التي ينبغي أن يعيش فيها العابد والسالك لكي يصل إلى الله فلابد أن يتحمل العابد والسالك المسؤولية تجاه خلق الله.

النقطة الخامسة التصدي للشأن السياسي والاجتماعي

تميز عرفان السيد الإمام “رضوان الله عليه” بأنه تمكن من المزج بين السلوك العرفاني والحياة الاجتماعية والسياسية بخلاف العرفاء السابقين فإنهم كانوا يصرون على العزلة والابتعاد عن المجتمع السيد الإمام يرى أن السير والسلوك من خلال الانخراط في المجتمع فالسالك والمسلم لابد أن يتحمل مسؤولياته الاجتماعية والسياسية وهي وسيلة للقرب الإلهي.

يقول السيد الإمام وما أكثر ما يرتقي المتصدي لشؤون الحكومة فيحظى بلب قرب الحق لما يحصله من دافع إلهي كداود وسليمان “عليهم السلام” بل وأفضل منهما منزلة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" وخليفته بالحق علي بن أبي طالب وكالمهدي "أرواحنا لمقدمه الفداء" في عصر حكومته العالمية، هذا المسلك وهذه النظرة تختلف عن نظرة العرفاء السابقين فإنهم كانوا يذهبون إلى الكهوف وسفوح الجبال ويتعبدون ويعتزلون المجتمع وقد كتبوا الكثير في العزلة السيد الإمام يقول أنه من أهم الطرق إلى الله خدمة الخلق والتصدي للمسؤوليات الاجتماعية والسياسية كما تصدى الأنبياء السابقون داود وسليمان والنبي "صلى الله عليه وآله" وكذلك أمير المؤمنين وإن شاء الله دولة الحجة متعنا الله وإياكم بالنظر إلى وجهه الكريم وخدمته والشهادة بين يديه، إذاً الاعتزال عن المحيط مرفوض ويجب على المكلف الالتزام بالتكاليف الموجه إليه.

النقطة السادسة الإخلاص

يعتقد الإمام الخميني أن الوصول إلى الفوائد المعنوية وحصول الآثار النورانية يتوقف على جملة من الآداب المعنوية من أبرزها الإخلاص والعرفاء تكلموا كثيرا عن النية والإخلاص في النية والسيد الإمام كتب فيها كثيرا يقول السيد الإمام “رضوان الله عليه” في كتابه الآداب المعنوية للصلاة السيد الإمام أيضا له كتاب آخر اسمه سر الصلاة أو صلاة العارفين يقال أن أول كتاب كتبه دعاء السحر ويقال سر الصلاة أو صلاة العارفين ثم بعد ذلك بعد أن تقدم في العمر والدراسة كتب الآداب المعنوية للصلاة يقول يتكلم عن الإخلاص في الآداب المعنوية للصلاة صفحة 294 وحقيقته تصفية العمل عن شائبة سوى الله وتصفية السر عن رؤية غير الحق تعالى في جميع الاعماد الصورية واللبية والظاهرية والباطنية وكمال الإخلاص تكر الغير مطلقا يعني أن لا يتجه إلا إلى الله ويترك ما سواه فما السيد الإمام فصل الحديث في أقسام الإخلاص ومراتب الإخلاص والنتائج المترتبة في الإخلاص.

النقطة السابعة أداء التكليف الشرعي

السيد الإمام معروف بنظرية التكليف المهم هو أداء التكليف الشرعي والنتائج لا أهمية لها ليس المهم هو النظر إلى النتائج المهم هو التكليف الشرعي التكليف الشرعي هو الحكم الشرعي والفقهي المتوجه إلى المكلف فقد شدد الإمام الخميني في الكثير من كلماته على أن الإنسان مأمور بأداء التكليف بصرف النظر عن النتائج التي تترتب على ذلك يقول السيد الإمام "قدس" كلنا مأمورون بأداء التكليف والواجب ولسنا مأمورين بتحقيق النتائج هذه الحقيقة التي يشير إليها بيت الشعر:

على المرء أن يسعى بمقدار جهدهوليس عليه أن يكون موفقا[4]

التوفيق بيد رب العالمين ففي المثل المعروف يا عبد منك الحركة ومن الله البركة، أداء التكليف من وجهة نظر السيد الإمام عبارة عن الالتزام بما أمر الله به تعالى والذي وصل إلينا عبر الشريعة الإلهية وقد أشار السيد الإمام إن هذا التكليف قد حدده الإسلام فلا حاجة لتقليد وإتباع غير المسلمين فتعاليم الإسلام وقوانينه قد تضمنت كل شيء.

يقول السيد الإمام حدد الإسلام التكليف في كل شيء ووضع القوانين لكل شيء ولا حاجة بالمسلمين لتقليد احد أو إتباعه في قوانينه السيد الإمام كل كلماته منذ انتصار الثورة إلى آخر أنفاسه المباركة قد جمعت في صحيفتين، الصحيفة الأولى هي صحيفة النور عدة مجلدات والصحيفة الثانية صحيفة الكوثر هاتان صحيفتان ترتيبيتان وهناك كتب أخرى لكلمات السيد الإمام بحسب المواضيع يعني ماذا قال في الصبر، ماذا قال في الإخلاص ماذا قال في السياسة الكذائية، هذا تمام الكلام في الدرس العاشر،

الدرس الحادي عشر والأخير يحتاج إلى دقة وملاحظة مصطلحات علم العرفان يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo