< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث العرفان

39/12/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مقدمة علم العرفان

 

کتاب مبادی علم العرفان

نشرع اليوم الأحد 14 من شهر ذي الحجة لعام 1439 هجرية قمرية الموافق 4 شهريور شهر 6 لعام 1397 هجرية شمسية المصادف 26 أغسطس شهر 8 لعام 2018 ميلادية، نشرع في دراسة كتاب مبادئ علم العرفان وهو كتاب يقع في سلسلة مداخل العلوم التي دونتها لجنة في مركز نون للتأليف والترجمان.

التعریف بالکتاب

هذا الكتاب يأتي بعد كتاب للشهيد السعيد آية الله الشيخ مرتضى مطهري إذ ألف كتابا تحت عنوان مدخل إلى العلوم الإسلامية هذا المدخل يتألف من ثلاثة أجزاء وفي كل جزء يتكلم بنبذة مختصرة عن أهم العلوم الإسلامية فيتكلم في أحد الأجزاء عن الفقه والأصول وفي الحلقة الثانية أو الجزء الثاني يتكلم عن الكلام والعرفان والحكمة المتعالية ولكن ما كتبه الشهيد مرتضى مطهري بسطه كثيرا بحيث صار في متناول عامة الناس فهو أشبه بالكتاب الثقافي فهو يصلح للمثقفين لكي يكونوا صورة عن العرفان والكلام والفقه والأصول.

شباهة هذا الكتاب بالحلقات للشهيد الصدر

وأما ما كتبه مركز نون وهو مبادئ علم العرفان فهو أشبه بكتاب دراسي أعد لطلاب العلوم الدينية المتخصصين وإذا أردنا أن نمثل لذلك لتقريب الفكرة فإننا نمثل بجهد الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر “رضوان الله عليه” إذ كتب الحلقات الثلاث في علم الأصول تحت عنوان دروس في علم الأصول وكتب الحلقة الأولى والحلقة الأولى كانت مبسطة إلا أنه قد كتبها بلغة علمية رصينة محكمة بحيث يدرسها طلاب العلوم الدينية وفي المقابل كتب للمثقفين كتاب المعالم الجديدة للأصول وقد كتب كتاب المعالم الجديدة للأصول بلغة سهلة سلسلة أشبه بالبيان الثقافي لكي يطلع المثقفون على الفكر الأصولي للشيعة الإمامية، إذاً من أراد أن يطلع على الفكر العرفاني للشيعة الإمامية وغيرهم عليه بمراجعة كتاب أو حلقة العرفان من كتاب مدخل إلى العلوم الإسلامية للشهيد الشيخ مرتضى مطهري إن كان المثقفين.

وأما إن كان من المتخصصين أو طلاب العلوم الدينية فلعل كتاب مبادئ علم العرفان أنسب له فهذا لا يعني أن المثقفين لم يفهموا كتاب مبادئ علم العرفان فإنه قد كتب أيضا بلغة سهلة سلسة ولكن قد ذكر فيه تعاريف علمية تخصصية لأعلام العرفان كالقيصري وغيره من علماء العرفان وفهم هذه الاصطلاحات يحتاج إلى متخصص كما يقول العرفاء في العرفان العملي إن السير والسلوك إلى الله “عز وجل” بحاجة إلى أستاذ ومرشد كامل هذا الأستاذ والمرشد الكامل يطلق عليه في كلمات العرفاء طائر القدس أو الخضر كما قال الشهيد مرتضى مطهري في كتابه العرفان صفحة 60، نشرع في مقدمة الكتاب صفحة 11.

توضيح مقدمة الكتاب

النقطة الأولى في المقدمة يشير الكاتب إلى أن العرفان من العلوم الإسلامية أي أنه نشأ بعد مجيء الإسلام فهناك علوم كانت موجودة قبل الإسلام فاللغة العربية كان ينطق بها المسلمون واليهود والنصارى كما أن علم الفلك كان قبل الإسلام ولكن بعض العلوم نشأت بنشوء الإسلام وبمجيء الإسلام كعلم رجال الحديث فهو العلم المتخصص بدراسة الضوابط الكلية لتوثيق أو تضعيف رجال الحديث والحديث الشريف جاء بعد مجيء نبي الإسلام أبي القاسم محمد "صلى الله عليه وآله".

وهكذا علم التفسير من العلوم الإسلامية إذ أنه يدرس تفسير القرآن الكريم وبيان معاني القرآن الكريم فالتفسير والرجال والعرفان والكلام من العلوم الإسلامية بخلاف الفلسفة فإن الفلسفة كانت موجودة عند اليونان قبل مجيء الإسلام.

وينقسم علم العرفان إلى قسمين:

القسم الأول العرفان النظري.

القسم الثاني العرفان العملي.

وكما هو واضح إن اختلاف العلوم وتمايزها باختلاف وتمايز موضوعاتها فما هو موضوع علم العرفان أولا وثانيا ما هو موضوع علم العرفان النظري وعلم العرفان العملي ثانيا؟

موضوع علم العرفان النظري و العملي

الجواب موضوع علم العرفان هو الله ذات الحق تبارك وتعالى فعلم العرفان يدور حول الله تبارك وتعالى وأما موضوع علم العرفان النظري فهو دراسة وجود الله “عز وجل” وأما موضوع علم العرفان العملي فهو دراسة الطريق إلى الله، إذاً علم العرفان يدرس ذات الحق وجودا وطريقا، أولا كيف نعرف وجود الله “عز وجل” وثانيا كيف نعرف الطريق إلى الله “عز وجل”، إذاً العرفان النظري والعرفان العملي كلاهما يدور حول الله “عز وجل” وذات الحق لكن الحيثية في العرفان النظري تختلف عن الحيثية في العرفان العملي الحيثية التي تدرس في العرفان النظري هي ذات وجود الله “عز وجل” والحيثية التي تدرس في العرفان العملي هي كيفية السير والسلوك إلى الله كيفية سلوك الطريق إلى الله تبارك وتعالى ففي العرفان النظري ندرس وجود الله ووجود الإنسان ووجود الكون وأما في العرفان العملي ندرس بداية الطريق وهي اليقظة والمنازل التي يمر بها السائرون والسالكون إلى الله “عز وجل” والمقامات التي يصلون بها إلى المرحلة الأخيرة وهي الفناء في ذات الله تبارك وتعالى.

اسئلة اربعة بالنسبة إلى العرفان النظري

أما بالنسبة إلى العرفان النظري فهو يثير في الذهن أسئلة أربعة تتعلق بكل إنسان:

أولا ما هي علاقتي بنفسي؟

ثانيا ما هي علاقتي بغيري من أبناء الإنسان؟

ثالثا ما هي علاقتي بالكون الفسيح الذي أعيش فيه؟

رابعا ما هي علاقتي ببارئي وموجدي وهو الله تبارك وتعالى؟

هذه أسئلة أربعة وفي الفكر الإسلامي ينبغي أن تكون العلاقة الرابعة وهي العلاقة بالله حاكمة ومهيمنة على العلاقات الثلاث الأخر وهي علاقة الإنسان بنفسه وعلاقة الإنسان بمجتمعه وعلاقة الإنسان بالكون الذي يعيش فيه وقد ذكرت علاقات ثلاث من هذه في خطبة أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" المعروفة بخطبة المتقين خطبة همام قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" واصفا المتقين إذا زكي أحدهم خاف مما يقال له فيقول (أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي من نفسي اللهم لا تآخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون)[1] الشاهد إذا زكي احدهم خاف مما يقال له فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري إشارة إلى علاقتين علاقة الإنسان بنفسه علاقة الإنسان بغيره من بني جلدته من بني آدم وربي أعلم بي من نفسي أشار إلى العلاقة مع الرب تبقى العلاقة الرابعة وهي علاقة الإنسان بالكون، علاقة الإنسان بنفسه علاقة الإنسان بغيره من بني الإنسان تحتاج إلى معرفة الإنسان، إذاً نحن بحاجة إلى معرفة ثلاثة أشياء، الله، الكون، الإنسان، ما هو وجود الله وما هو وجود الإنسان وما هو وجود الكون، هذه الأسئلة الثلاثة تجد جوابها في العرفان وتجد جوابها أيضا في الفلسفة.

فموضوع الفلسفة دراسة الوجود وموضوع العرفان أيضا دراسة وجود الله والكون والإنسان إلا أن العرفان يركز على دراسة وجود الله وأسمائه وصفاته وتجلياته.

أنواع الفلسفة

والفلسفة على ثلاثة أنواع:

النوع الأول الفلسفة القديمة.

النوع الثاني الفلسفة الحديثة.

النوع الثالث الفلسفة المعاصرة.

وتختلف هذه الفلسفات الثلاث باختلاف موضوعها فموضوع الفلسفة القديمة دراسة الوجود وموضوع الفلسفة الحديثة دراسة المعرفة وموضوع الفلسفة المعاصرة دراسة اللغة واللسان فالفلسفة القديمة التي تعنى بدراسة الوجود مثل فلسفة المشائيين وزعيمهم أبو علي سينا الشيخ الرئيس والفلسفة الإشراقية وزعيمها شيخ الإشراق السهروردي أيضا تدرس الوجود هذه فلسفة الإشراقيين وأيضا تدرس الوجود وأيضا مدرسة الحكمة المتعالية للشيخ صدر الدين الشيرازي محمد بن إبراهيم ملا صدرا صاحب الشواهد الربوبية والأسفار الأربعة أيضا الحكمة المتعالية تدرس الوجود.

النوع الأول إذاً عندنا مدارس ثلاث في الفلسفة معروفة هذه كلها مدارس للفلسفة القديمة مدرسة المشائين لابن سينا مدرسة الإشراقيين للشيخ الإشراق السهروردي صاحب كتاب حكمة الإشراق وفلسفة الحكمة المتعالية للملا صدرا الشيرازي هذه الفلسفات الثلاث تدرس الوجود، تدرس الوجود بالمعنى الأعم مطلق الموجودات الإنسان والكون وتدرس الوجود بالمعنى الأخص وهو خصوص وجود الله تبارك وتعالى، إذاً النوع الأول الفلسفة القديمة هي ما تدرس الوجود والمتداول اليوم في الحوزة العلمية هو دراسة الفلسفة القديمة.

النوع الثاني الفلسفة الحديثة موضوعها المعرفة وهو ما يعرف بنظرية المعرفة، كيف يتعرف الإنسان على الأشياء؟ هل يتعرف عليها عن طريق العقل فقط أو يتعرف عليها عن طريق القلب والكشف والشهود فقط أو يتعرف عليها عن طريق الحس والتجربة فقط أو يتعرف عليها عن طريق النقل فقط أو يتعرف عليها عن طريق التلفيق بين هذه الأدوات الأربعة النقل وهو المعرفة النقلية والعقل وهو المعرفة العقلية القلب وهو المعرفة القلبية الشهودية العرفانية الحس والتجربة وهو المعرفة التجريبية العلمية فيصير المعرفة الملفقة أو المعرفة الكاملة المتكاملة عن طريق التلفيق بين العقل والنقل والكشف والحس والتجربة هذا ما يدرس في نظرية المعرفة، هذه النظرية نظرية المعرفة موجودة اليوم في الغرب وموجودة أيضا بشكل بسيط في الحوزة العلمية خصوصا في مؤلفات آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي وأيضا آية الله السبحاني لديه كتاب مستقل 500 أو 600 صفحة تحت عنوان نظرية المعرفة.

وأما النوع الثالث وهو الفلسفة المعاصرة الذي يدرس اللسانيات يعني اللفظ كيف يدل على المعنى هل لابد من معرفة الذهنية التاريخية للمؤلف لكي نستخرج المعنى من ألفاظه أو لا هنا نظريات نظرية هايدكر نظرية شلايوماخر الألماني وإلى آخره الكثير من الإشكالات الحديثة الآن ناظرة إلى النص القرآني واللسانيات هي ناظرة إلى النوع الثالث الفلسفة المعاصرة تيار الحداثة وتيار ما بعد الحداثة كثير من إشكالاتهم ناظرة إلى الفلسفة المعاصرة وللأسف الشديد الفلسفة المعاصرة إما أن نقول غير موجودة في الحوزة العلمية أو موجودة بشكل نادر وبسيط ولكنها موجودة في الجامعات الإسلامية والغربية.

الغرض من هذا العرض أولا التفرقة بين الفلسفة القديمة التي موضوعها الوجود وبين الفلسفة الحديثة الذي موضوعها المعرفة وبين الفلسفة المعاصرة التي موضوعها اللغة واللسان هذا أولا.

وثانيا إذا اتضح أن الفلسفة القديمة تعنى بدراسة الوجود وكذلك علم العرفان يعنا بدراسة العرفان يطرح السؤال التالي:

السؤال ما الفرق بين علم الفلسفة وعلم العرفان ما دام موضوعهما واحد وهو دراسة الوجود؟

الجواب الفرق في أدوات المعرفة فالفيلسوف يعتمد المعرفة العقلية والاستدلالات العقلية فالفيلسوف لا يعتمد النقل من كتاب وسنة ولا يعتمد الحس والتجربة وإقامة التجارب في المختبرات ولا يعتمد المكاشفات الروحية والإشراقات القلبية، الفيلسوف تنحصر المعرفة عنده بخصوص البرهان العقلي والاستدلال العقلي بخلاف العارف فإن العارف أساس معرفته هو الشهود القلبي ومعاينة القلب للحقائق ومن أهم وسائل تحقيق المعرفة القلبية هي تطهير الذات والاحتراز عن الذنوب وتطهير النفس فإذا أقلع الإنسان عن الذنوب وأكثر من العبادة والطاعة توصل إلى صقل نفسه وصقل روحه فإذا صقل نفسه فمع مرور الزمن ستنكشف له كثير من الحقائق وسيحصل على مكاشفات، إذاً الفيلسوف يعتمد الأدوات العقلية والعارف يعتمد الأدوات القلبية الكشفية ومن يرى المعرفة المتكاملة فإنه يأخذ بالمعرفة الملفقة بين العقل وهو استدلال الفيلسوف والكشف العرفاني وهي أدوات العارف والنقل وهي أدوات المفسر والمتكلم والحس والتجربة وغير ذلك.

بناء صدر المالهين في الحكمة المتعالية

وهذا هو مبنى صدر المتألهين في حكمته المتعالية إذ بنا حكمته المتعالية على أربعة أمور التلفيق بين أربعة أمور:

الأول فلسفة المشاء لابن سينا.

الثاني فلسفة الإشراق لشيخ الإشراق السهروردي وكلاهما استدلالات عقلية

الثالث والعرفان النظري وهو استدلالات كشفية قلبية

الرابع وعلم الكلام وهو يمثل النقل

إذا فلسفة صدر المتألهين المتمثلة في مدرسة الحكمة المتعالية عبارة عن التلفيق بين العقل المتمثل في مدرسة الإشراق ومدرسة المشاء والنقل المتمثل في علم الكلام والقلب المتمثل في عرفان النظري.

خلاصة ما أخذناه إلى الآن أهم شيء:

أولا موضوع علم العرفان دراسة وجود الله تبارك وتعالى وموضوع العرفان النظري معرفة وجود الله وأسمائه وصفاته وتجلياته وموضوع علم العرفان العملي دراسة السير والسلوك إلى الله “عز وجل” فالعرفان العملي يبين نقطة البدء طريقة الانطلاق المنازل المراتب المقامات إلى نقطة النهاية وهي الفناء في الله تبارك وتعالى.

ثانيا علم العرفان وعلم الفلسفة موضوعهما الوجود ولكن يختلفان في أدوات دراسة الوجود فالفلسفة تعتمد الأدوات العقلية والعرفان يعتمد الأدوات القلبية العرفانية.

هناك كتب معروفة في العرفان النظري تدرس في الحوزة وهناك كتب في العرفان العملي معروفة أيضا فالعرفان النظري من كتبه شرح خصوص الحكم للقيصري ومن كتبه مصباح الأنس وهو أعمق وأقوى كتاب عرفاني يدرس في المراحل المتأخرة وأما العرفان العملي فمن كتبه منازل السائرين ومن أشهر مؤلفيه الخواجه عبد الله الأنصاري وفي العرفان النظري عندنا كتب كثيرة من أهمها الفتوحات المكية لابن العربي وهناك سلسلة دراسات في العرفان النظري ولا يبدأ الطالب بدراسة خصوص الحكم وإنما قبل خصوص الحكم أيضا يوجد كتاب يدرس كتمهيد ثم بعد ذلك خصوص الحكم ثم مصباح الأنس الفتوحات المكية عموما هذا الكتاب يعطي مبادئ علم العرفان يعني يعطيك تصور عن علم العرفان.

تطبيق المتن

نقرأ المقدمة صفحة 11

علم العرفان مثل بقية العلوم الإسلامية التي نشأت في حضن الثقافة الإسلامية ونمت وتكاملت في ربوعها وهو علم يهدف إلى أمرين أساسين، إذاً المصنف يشير إلى أن علم العرفان من العلوم الإسلامية التي نشأت بنشأة الإسلام وليس من العلوم السابقة على مجيء الإسلام.

الأول العرفان النظري تفسير الوجود من خلال تقديم رؤية كونية نظرية صحيحة ومطابقة للواقع حول ثلاثة أمور الله والعالم والإنسان وهو ما يصطلح عليه بالعلم العرفان النظري ففي هذا القسم يبحث العارف حول علاقات الإنسان مع نفسه ومع العالم ومع الله وعمدة نظره تتجه نحو علاقة الإنسان بالله، العرفان النظري يركز على دراسة وجود الله وأسمائه وصفاته وتجلياته وبرأي العرفاء واعتقادهم فإن الوصول إلى هذه المرحلة لا يكون إلا عبر إعمال العقل والتفكير بالإضافة إلى القلب والمجاهدة والسير والسلوك وتصفية النفس وتهذيبها، المهم عند العرفاء هو تصفية النفس فالعرفان يعتمد المكاشفات القلبية والعرفانية ولا يعتمد الأدوات العقلية هذه هي المعرفة العرفانية وهناك معرفة اشمل وأكمل المعرفة المتكاملة المعرفة التلفيقية ولمعرفة النظرية المعرفة بشكل موجز وبسيط يمكن مراجعة ما ذكره آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي في جزء الأول من كتابه المنهج الجديد في تعليم الفلسفة وفي الجزء الأول في كتابه دروس في العقيدة الإسلامية، فالأدوات المعرفية التي يعتمد عليها العارف في تفسيره للوجود لا تعتمد العقل فقط كالفيلسوف الذي يعتمد العقل فقط بل يتعداه أيضا إلى القلب والحركة الباطنية بالإضافة إلى القرآن والسنة الشريفة.

هذه هي معرفة الحكمة المتعالية عقل ونقل وقلب وأما المعرفة الفلسفة المشائية عقل فقط من دون نقل ومن دون قلب وأما المعرفة العرفانية، إذاً عندنا خمس معارف أنواع المعرفة، معرفة عقلية فلسفية، اثنين معرفة عرفانية كشفية قلبية، ثلاثة معرفة حسية تجريبية أربعة معرفة تلفيقية الخامسة المعرفية النقلية.

تقول بعض الأمور تحتاج إلى النقل كالأمور الغيبية عن الآخرة هذه لا تنال لا بالقلب ولا بالحس ولا بالتجربة ولا بالعقل بعض الأمور بالاستدلال العقلي بعض الأمور بالكشف العرفاني وبعض الأمور بالحس والتجربة.

الثاني تقديم برنامج عملي تطبيقي لكيفية سير الإنسان المعنوي للوصول إلى الله سبحانه وتعالى وهو ما يسمى عند العرفاء بالعرفان العملي أو بالسير والسلوك العرفاني، السيد الإمام الخميني معروف في العرفان العملي السير والسلوك إلى الله وهو ما يسمى عند العرفاء بالعرفان العملي أو بالسير والسلوك العرفاني والعارف في هذا القسم يتحدث في نقطة البدء، البدء يقولون اليقظة في البداية تستيقظ تنتبه لذلك تحتاج أن تكون ذا عزم وإرادة بعد اليقظة أولا تستيقظ (الناس نيامون فإذا ماتوا انتبهوا)[2] أولا تحتاج تستيقظ ثم بعد ذلك يكون عندك عزم وإرادة ثم تسلك الطريق وعن المقصد ما هو المقصد؟ الفناء في الله والمراد بالفناء في الله يعني الوصول إلى الله “عز وجل” يعبر عنه الفناء في ذات الله وعن المنازل هناك منازل للسائرين ومراتب ودرجات كما يقولون حسنات الأبرار سيئات المقربين درجة الأبرار أدنى من درجة المقربين وآخر درجة هي درجة الصديقين هي أرفع درجة والمراحل التي ينبغي أن يطويها هنا التي ساقطة والمراحل ينبغي والمراحل التي ينبغي أن يطويها السالك يقولون هذا سالك وهذا واصل سالك يعني يسلك الطريق عنده سير وسلوك واصل يعني واصل إلى درجة الفناء في الله والمراحل التي ينبغي أن يطويها السالك بالترتيب حتى يصل إلى المنزل النهائي وهو التوحيد بعد إذا فنا في ذات الله يعني عاين توحيد الله تبارك وتعالى لذلك اشرف العلوم على الإطلاق هو علم التوحيد عندنا شرف العلم بشرف غايته فإذا وصلت إلى وحدانية الله هذه غاية عظيمة.

وعلم العرفان لكونه إسلاميا ويدرس بشكل رسمي في معاهدنا وحوزاتنا الدينية ولكونه علم خاصا وليس متاحا لأي فرد هنا أيضا سقط في العبارة وليس متاحا لأي أحد كان دخول صرحه صرح علم العرفان ما كان هنا المفروض ما كان دخول صرحه إلا بعد تجاوز، إذاً العبارة فيها سقط الصحيح هكذا ولكونه علما خاصا وليس متاحا لأي أحد ما كان دخول صرحه إلا بعد تجاوز المقدمات المطلوبة، ما هي المقدمات المطلوبة؟ أهمها اجتياز دورة فلسفية طالب العلم لكي يدرس العرفان أولا يحتاج إلى دراسة المنطق ويحتاج إلى دراسة دورة فلسفية كاملة ويحتاج إلى تقوية عقائده حتى لا يضل ولا يتشتف لذلك كان علم العرفان من العلوم المحاربة لخطره فالكثيرون قد درسوا العرفان وانحرفوا وضلوا وأضلوا.

وبعد التأكد من حصول الطالب على المؤهلات العلمية والسلوكية الخاصة، السيد الإمام الخميني “رضوان الله عليه” درس العرفان عند الشيخ محمد علي الشاه آبادي الشاه آبادي كان في طهران وأصيب بمرض فجاء إلى قم حينما جاء إلى قم السيد الإمام الخميني رأى الشاه آبادي في المدرسة الفيضية سأله كم سؤال في الفلسفة أجاب سأله كم سؤال في العرفان أجاب هنا الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني أدرك أن الشاه آبادي عارف كبير قال له أريد أن أدرس عندك العرفان الشاه آبادي قال لا أنا أدرسك الأسفار لم يقبل أن يدرسه العرفان ابتداء لأنه لا يعرف مداركه السيد الإمام قبل فدرس عنده الإمام كان أستاذ فلسفة درس عنده الحكمة المتعالية الأسفار الأربعة بعد مدة طلب منه أن يدرسه العرفان فقبل الشاه آبادي فدرس عنده قرابة خمس سنوات وكان يحظر معه احد الطلبة متقطعا فكأن الدرس خاص للإمام الخميني الله هيئ الشاه آباداي جاء به من طهران إلى قم لكي يدرس الإمام الخميني، ولذلك السيد الإمام يعبر عنه روحي فداه قال أستاذنا الشاه آبادي روحي فداه وأيضا السيد الإمام درس عند الميرزا جواد الملكي التبريزي صاحب كتاب أسرار الصلاة وهو من العرفاء ويعبر عنه بإجلال وإعظام لكن لا يقول في حقه روحي فداه كما يقول في حق الشاه آبادي وكلاهم من الأعاظم الأكابر الشاه آبادي الميرزا جواد الملكي التبريزي السيد الإمام الخميني.

يقول المصنف ونظرا للغط الكبير الذي دار وما زال حول مدى صحة هذا العلم وحجيته ومن أجل رفع اللبس عن أهم التهم التي الصقت به دون دراسة وتفحص علمي ومنطقي كان لابد من تعريف الشريحة المثقفة والمتعلمة، المثقفة كتاب الشهيد مطهري ينفعها كثيرا والمتعلمة هذا الكتاب ينفعها على بعض جوانبها للعلم من خلال التعريف به وبمسائله وشروطه وأهدافه الحقيقية فكان هذا الكتاب إطلالة أولى لمحة سريعة تمكن الطالب المتعلم من تكوين تصور أولي ومنهجي حول علم العرفان بكلى قسميه النظري والعملي، إذاً هذا الكتاب يبحث التصور لا التصديق يعني يمكن أن تتصور العرفان بشكل أولي لا أن تحكم عليه إيجابا أو سلبا، مركز نون للتأليف والترجمة.

الدرس الأول من مبادئ علم العرفان علم العرفان لغة واصطلاحا صفحة 17 يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo