< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/08/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة71؛ المبحث الثالث؛ الدلیل الثانی علی النظریة الأولی

 

الدلیل الثاني: صدق المؤونة الفعلیة عرفاً علی الدین

قال المحقق الخوئي: و الظاهر تحقّق الصدق المذكور [أي صرف الربح في المؤونة]، فإنّ منشأ هذا الدين و إن كان قد تحقّق سابقاً إلّا أنّه بنفسه مؤونة فعليّة، لاشتغال الذمّة به و لزوم الخروج عن عهدته، سيّما مع مطالبة الدائن، بل هو حينئذٍ من أظهر مصاديق المؤونة، غايته أنّ سببه أمر سابق من استدانة، أو إتلاف مال أحد، أو ضرب، أو قتل بحيث اشتغلت الذمّة بالبدل أو الدية، فالسبق إنّما هو في السبب لا في المسبّب، بل المسبّب أعني: كونه مؤونة متحقّق بالفعل.

فهو نظير من كان مريضاً سابقاً و لم يكن متمكّناً من علاج نفسه إلّا في هذه السنة، أو كان متمكّناً و أخّر عامداً، فإنّه على التقديرين إذا صرف من أرباح هذه السنة في معالجة نفسه فقد صرفه في مؤونته و إن كان سببها المرض السابق، فليست العبرة بسبق السبب، بل الاعتبار بفعليّة المؤونة و هي صادقة حسبما عرفت.[1]

و قال صاحب مباني المنهاج: لا إشكال في أنّ‌ أداء الدين من شؤون الإنسان و لا فرق فيه بين الدين السابق أي دين السنة السابقة و دين سنة الربح، كما أنّه لا فرق بين التمكّن من الأداء و عدمه و في فرض التمكّن أدّاه أم لم يؤدّ، فإنّ مقتضى القاعدة سقوط الخمس عن المقدار الذي أدّى به دينه، إذ لا إشكال في صدق أنّه صرفه في مؤونته و شأنه.

... و صفوة القول: أنّ‌ الدين على أيّ نحو فرض يكون أداؤه من المؤونة الفعلية فأداؤه يحسب منها بلا فرق بين أقسامه و أنحائه.[2]

قال الشیخ الفیاض في تعالیق مبسوطة: بل مع التمكن من الأداء أيضاً، لأنه من المؤونة في كلّ وقت و إن أخّره إلى ذلك الوقت عامداً و ملتفتاً إلى عدم جوازه، بل هو من أظهر مصاديقها، سواء أ كان الدين في سنة الفائدة أم كان قبلها و سواء أ كان متمكّناً من أدائه أم لا و لا فرق فيه بين أن يكون الدين للمؤونة أو لغيرها ... .[3]

الدلیل الثالث: الاحتیاج العرفي إلی أداء الدین

إنّ الاحتیاج العرفي إلی أداء الدین موجب لصدق المؤونة و الدلیل السابق هو صدق المؤونة و هذا الدلیل هو الاستدلال بما هو منشأ لصدق المؤونة .

قال السید عبد الأعلی السبزواري: للاحتياج العرفيّ‌ إليه و تقدّم أنّ‌ المرجع في المؤونة هو العرف. [4]

النظریة الثانیة: یجب الخمس مع تمکّنه من الأداء في العام السابق

و قال المحقق القمي في غنائم الأيّام: و أمّا الدين السابق على العام فليس منها [المؤونة] إذا كان له [للدائن] في عام حصول الدين ما يفي به ... لأنّ‌ الدليل مقتضاه وضع مؤونة العام من أرباح العام، و هذا ليس من مؤونة العام و سوانحه.[5]

قال صاحب الجواهر في مجمع الرسائل:... الدين والخسارة في تلك السنة من المؤونة، و إن كان من السنة السابقة أيضاً، إذا لم تكن له قدرة على أدائه إلا في هذه السنة؛ بخلاف ما لو كان قادراً على أدائه في العام الماضي، و لكنه أخّره إلى هذا العام، و إن خرج المبلغ عن يديه [یعنی تلف أو صرف الربح الموجود عنده من السنة السابقة و یتمکن أداء الدین به و لکنّه لم یؤدّه]، ففي هذا الفرض لا يعدّ من المؤونة.[6]

ملاحظتنا علیه:

إنّ التمکّن من أداء الدین قبل وصول السنة الخمسیة لا یمنع من صدق المؤونة العرفیة علی أداء الدین، لما قلنا من أنّه محتاج عرفاً إلی أداء الدین و سیجي إن شاء الله تعالی کلمات الأعلام ردّاً علی هذه النظریة، عند الإ یراد علی تفصیل صاحب العروة في النظریة الثالثة.

و قال المحقق الحکیم إیراداً علی هذه النظریة: إنّ التمكن من وفائه قبل عام الاكتساب و بقاء مقابله لا يخرج وفاءه عن كونه مؤونة، بعد ما كان صرف المال فيه في محلّه، لكونه من أهمّ الحوائج العقلائية، التي لا يكون صرف المال فيها سرفاً ...[7]

النظریة الثالثة: الأحوط الخمس مع تمکّنه من الأداء في العام السابق

و علّق الشیخ الأنصاري، و صاحب العروة علی کلام صاحب الجواهر بأنه: علی الأحوط.[8]

قال صاحب العروة: إذا لم يؤد دينه حتى انقضى العام فالأحوط إخراج الخمس أوّلاً و أداء الدين مما بقي.

و به قال أیضا صاحب العروة و السید إسماعیل الصدر في التعلیقة علی صراط النجاة للشیخ الأنصاري.[9]

و قد مرّ أنّ الشيخ الأنصاري اختار النظرية الأولى في صراط النجاة

یلاحظ علیه:

إنّه بعد ما أوردناه علی صاحب الجواهر لایبقی عندنا وجهٌ للاحتیاط المذکور و نشیر إلی عبارات الأعلام:

بیان المحقق الخوئي: لم يظهر لنا وجه لهذا التقييد، إذ لا مدخل للتمكّن و عدمه في هذا الحكم، بل العبرة بصدق كون الأداء المزبور مئونة لهذه السنة، فإن ثبت بحيث صدق على صرف الربح فيه أنّه صرفه في المئونة جاز استثناؤه، و إلّا فلا. و لا يناط ذلك بعدم التمكّن السابق بوجه كما هو الحال في بقيّة المؤن، فلو تزوّج أو اشترى داراً من أرباحه و لو مع التمكّن من الصرف من مالٍ‌ آخر صدق عليه بالضرورة أنّه قد صرف الربح في المئونة، فالتمكّن المزبور أو عدمه سيّان في هذا الحكم و أجنبيّان عن صدق الصرف في المئونة جزماً، فلا فرق إذن بين الصورتين أبداً.[10]

بیان السید عبدالأعلی السبزواري: و منه يظهر أنّ‌ تقييده بعدم التمكن من الأداء لا وجه له، لأنّ‌ المناط كله في المؤونة ما كان الصرف في مصرف غير محرّم شرعي و أداء الدّين في المقام كذلك و إن تمكن منه و لم يؤده سابقا فهو نظير من وجبت عليه معالجة مرضه فلم يفعل ثمَّ‌ عالج بعد مدّة، فإنّ‌ مصرف المعالجة من المؤونة و إن تركها أولا.[11]

النظریة الرابعة: أداء دین السنة السابقة لیس من المؤونة

قال الشیخ محمد حسین كاشف الغطاء: الدَين لا يخلو: إمّا أن يكون قد استدانه في عامه الذي هو فيه فعلاً أو في عامٍ‌ سابق ... أمّا الدين الّذي استدانه في عامٍ‌ سابقٍ‌ وأراد وفاءه من ربح هذه السنة فالواجب إخراج الخمس أوّلاً، ثمّ‌ وفاء الدَين مطلقاً، سواء أنفقه في ما يحتاج إليه في وقته أم لا ... و الأصحّ‌ عندنا: وفاء الدَين بعد سنة الربح يتأخّر عن الخمس مطلقاً.[12]

قال صاحب فقه الصادق: إذا كان [الدین] مصروفاً في مؤونة غير هذا العام من السنين الماضية أو الآتية فالأظهر عدم كونه من المؤونة حتّى‌ في ما لم يتمكّن من أدائه إلى‌ عام حصول الربح.[13]

قال في منهاجه: إذا كان عليه دين لمؤونته في سنة، فأداء الدين في تلك السنة يحسب من المؤونة، بخلاف ما لو كان الدين لسنة أخرى ...[14]

ملاحظتنا علیه:

إذا استدان لمؤونة السنة السابقة أو لمؤونة هذه السنة فأداؤه عند العرف من المؤونة، و لا دخل في ذلک کون الدین لمؤونة أيّ سنةٍ کان، لأنّ المناط في مؤونیة أداء الدین هو أمران؛ الأول: تعلّق الدین بالذمّة و الثاني: کون الدین للمؤونة أو کونه لغیر المؤونة مع تلف ما استدانه له.


[2] الغایة القصوی، ص216.
[6] دين و خسران در آن سال جزء مؤونه است و از سال گذشته نيز همين حكم را دارد، البتّه در صورتى كه قدرت بر اداى آن براى او جز در اين سال حاصل نشده باشد؛ به خلاف آنكه در سال گذشته قادر بر اداء آن بوده و ليكن آن را تا امسال به تأخير انداخته باشد هر چند كه مبلغ مذكور از دست او بيرون رفته باشد كه بنابراين فرض جزء مؤونه محسوب نمى‌شود. مجمع الرسائل، نجفی، محمد حسن، ج1، ص516.
[8] بنابر احتياط، اگر چه حكم در اين مسأله و مسأله حج محل تأمّل است. مجمع الرسائل، نجفی، محمد حسن، ج1، ص516.
[9] قال صاحب العروة: اگر مال به اداء آن نداشته باشد تا حال حصول ربح.و قال السید إسماعیل الصدر: محسوب بودن دين سابق اگر قدرت بر اداء آن داشت و تأخير نمود محل تأمل است. (صراط النجاة، للشیخ الأنصاری.)، ص۲۰۲، م814)
[13] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص155.
[14] منهاج الصالحین (للسید الروحاني.)، ج1، ص435، م1419

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo