< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة66؛ المطلب الأول؛ النظریة الأولی؛ الدلیل الثاني

 

الدلیل الثاني: المتعارف بین الناس عدّ ذلک مؤونةً

و قال السید محمد سعید الحکیم: ... أن المتعارف كثيراً هو شراء الأعيان المستهلكة في المؤونة في الذمة و وفاء أثمانها بعد ذلك.[1]

و قال الشیخ السبحاني: أنّ‌ الرائج هو تأمين المؤونة بوجوه مختلفة، تارة برأس المال و أُخرى بالأرباح و ثالثة بسائر الأموال و رابعة بالاستدانة حسَب الظروف المختلفة للمكتسب.[2]

إیراد المحقق الفیّاض علی الاستدلال بالمتعارف:

و أما عمل الناس و عدم تقيدهم بملاحظة أنهم قد صرفوا في مؤنهم من نفس الفوائد و الغنائم أو من أموال أخرى، فلا قيمة له، لأنه اما مبني على فتوى جماعة من الفقهاء أو على التساهل و التسامح، و من هنا كان عملهم في الخارج جاريا على عدم الفرق بين أن يكون ذلك قبل ظهور الربح أو بعده، مع أن جماعة منهم يقولون بالفرق بين الحالتين.[3]

ملاحظتنا علی إیراد المحقق الفیاض:

إنّه لابدّ في في تحدید مفهوم ما ورد من المستفیضة «الخمس بعد المؤونة» أن نرجع إلی العرف و نتمسّک بالمتعارف بین الناس و خصوصاً التجار، فالعرف یفهم بحسب ما هو المتعارف بین التجار استثناء المؤونة الفعلیة، سواء صرف نفس الربح في المؤونة أو صرف مال آخر و لو کان مالاً مقترضاً في المؤونة و جبره من نفس الربح، فإنّ الأخذ من مال آخر أو مال مقترض و الجبر من الربح أمر متعارف بین الناس و التجار.

الدلیل الثالث: عدم صدق الربح أو الفائدة لما یقابل الدین

قال المحقق الخوئي: بل الظاهر أنّ‌ الأمر كذلك و إن لم يؤدّ الدين إلى أن مضت السنة، فيجوز الأداء منه بعد ذلك من غير تخميس، لعدم صدق الربح عند العقلاء بعد أن كان واقعاً في قبال الدين، فإنّ‌ العبرة عندهم في إطلاق الربح أو الخسران بملاحظة مجموع السنة، فإن زاد في آخرها على رأس المال شيء لم يصرف في المئونة فهو الربح و إلّا فلا. و عليه، فهم لا يعتبرون الربح الذي بإزائه دين استدانه للمئونة سواء أ كانت مئونة تحصيل الربح أم مئونة السنة ربحاً حقيقةً‌ و إن كان كذلك صورةً‌، بحيث لو سئل بعد انقضاء السنة هل ربحت في سنتك هذه‌؟ لكان الجواب منفيّاً، إذ لا يرى شيئاً يزيد على رأس ماله بعد اضطراره إلى الصرف في أداء الدين. و لو فرض صدق الربح بنحوٍ من العناية فلا ينبغي الإشكال في عدم صدق عنوان الفاضل على المئونة الذي هو الموضوع لوجوب الخمس، فلا يدخل في قوله: «فأمّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ‌ عام» إلخ.[4]

و قرّر هذا الوجه الشیخ الفیاض: قد استدل عليه بوجوه ... الأول: عدم صدق الفائدة على ما يوازي منها الدين بنكتة ان المعيار عندهم في الفائدة و الخسران انما هو بلحاظ مجموع ما استفاد في أثناء السنة، فان زاد في نهاية السنة عن وجود رأس مال له في بدايتها فهو فائدة، و الاّ فلا، و بما أنهم لا يعتبرون ما وقع بازاء الدين للمئونة فائدة فيكون استثناؤه منها في نهاية السنة على القاعدة. [5]

الإيراد على الوجه الثالث:

قال المحقق الفیاض: و الجواب: ان هذا الوجه لا يتم، فانه لا يتضمن ما يبرِّر عدم صدق الفائدة على ما يوازي الدين منها، بل الظاهر انه لا شبهة في صدق الفائدة على كل ما استفاده الكاسب في نهاية السنة و إن كان مدينا للمؤونة، ضرورة ان وجود الدين لا يمنع عن صدق الفائدة على الكل بدون استثناء ما يوازي الدين و قد تقدم أنّ الناتج من ضم روايات استثناء المؤونة من الفوائد و الغنائم إلى اطلاقات أدلة وجوب الخمس فيها هو أن موضوعه حصة خاصة من الفائدة، و هي الفائدة التي تبقى في نهاية السنة و لم تصرف في المؤونة، و الفرض صدق هذا العنوان على كل الفائدة في نهاية السنة في مفروض المسألة بدون استثناء.[6]

و هکذا قال السید محمد سعید الحکیم ردّاً علی الدلیل الثالث: هذا وأما ما ذكره بعض مشايخنا في وجه الحكم المذكور ... من عدم صدق الربح إلا بعد استثناء الدين المذكور، فهو في غاية المنع، ...[7]

ملاحظتنا علی الإیراد علی الدلیل الثالث:

إنّ الناس خصوصاً التجار و أهل الصنایع منهم بحسب عرفهم لا یعتقدون بتحقق الربح في سنتهم إذا استقرضوا في قبال الربح المذکور لمؤونتهم و مؤونة عیالهم. فمن استقرض خمسین میلیوناً لمعاشه و استربح أیضاً خمسین میلیوناً من کسبه، کیف یمکن أن نقول أنّه ربح في هذه السنة، فکان کسبه مربحاً.


[6] تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج7، ص156.. ثمّ قال في بسط ما قاله: إذا صرف الكاسب في المؤونة من رأس ماله المخمس، أو استدان شيئا و صرفه فيها لا من الفائدة عنده، فلا دليل على استثناء ما يوازيه منها، فان روايات المؤونة لا تدل على ذلك، و لا يوجد دليل آخر ينص على هذا الاستثناء. فالنتيجة ان من صرف في مئونته و سد حاجاته اللائقة بحاله من مال آخر عنده المخمس، أو استدان مالا و صرفه فيها و لم يصرف من نفس ما استفاده من الفائدة فيها، فاستثناء ما يوازيه من الفائدة في نهاية السنة و تخميس الباقي بحاجة إلى دليل، و روايات استثناء المؤونة بما أنها ظاهرة في أن المستثنى هو المؤونة من نفس الفائدة فلا تشمل ذلك، و الدليل الآخر غير موجود، و الصرف المذكور لا يمنع عن صدق الفائدة على ما يوازيه منها، لعدم العلاقة بين الأمرين، فان المبرر لصدق الفائدة على كل ما أفاده في نهاية السنة انما هو بقاؤه كذلك في النهاية و عدم صرف شيء منه في المؤونة، و اما الصرف من مال آخر فيها فهو لا يرتبط بذلك، و لا يمنع عن الصدق، و الفرض أن موضوع وجوب الخمس هو الفائدة التي يستفيدها طول مدة السنة و تبقى في نهايتها و لم تصرف في المؤونة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo