< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة64؛ المطلب الأول؛ النظریة الثانیة؛ الدلیل الخامس: ظهور سیاق أخبار الاستثناء

 

الدلیل الخامس: ظهور سياق أخبار الاستثناء و خصوص رواية ابن راشد

قال المحقق القمي: «الإنصاف بعد التأمّل التام ظهور ما ذكره المحقّق الأردبيلي) سيّما بملاحظة رواية أبي عليّ‌ بن راشد[1] ، فإنّ‌ قوله «بعد مؤونتهم» بيان لقوله «إن أمكنهم» أو بدل، ...، فتبقى عمومات الخمس بحالها.[2]

قال المحقق الآملي في توضیح ذلک: استدل المحقق القمي أيضاً بالتبادر لكن لا تبادر لفظ المؤونة إلى صورة الاحتياج الى الصرف من الربح، بل بظهور سياق أخبار استثناء المؤونة في ذلك خصوصاً رواية على بن راشد فإنّ قوله: «بعد مؤونتهم» بيان لقوله «إن أمكنهم» أو بدل منه فيكون المعنى: إن استثناء المؤونة [من الأرباح] إنما هو [ملازمٌ] لعدم إمكان أداء الخمس معها [یعني لا یمکن أداء خمس الأرباح، لأنّه لا یبقی ربح بعد استثناء المؤونة منها] فيدلّ على ان استثنائها [أي استثناء المؤونة من الأرباح] إنّما هو مع الحاجة إليها[أي الحاجة إلی استثناء المؤونة من الأرباح]، المنتفية مع وجود مال آخر.

المناقشة الأولی: عدم ظهور هذه الرواية في المدّعى

قال المحقق الآملي: إن الظاهر هو اعتبار المكنة من إخراج الخمس و أدائه بعد استثناء المؤونة و لا دلالة فيه على كون استثناء المؤونة مع الحاجة إليها بل مقتضاه ثبوت الخمس فيما زاد عن المؤونة إن أمكن أداؤه منه.[3]

قال السيد محمود الهاشمي الشاهرودي: المنع عن ظهور قوله (اذا امكنهم) في ما ذكر، بل الظاهر انه كناية عن بقاء شيء من ذلك الربح لهم بعد مئونتهم، فيكون مساوقا مع التعبير بفاضل المؤونة و ما يتبقى زائدا على ما يصرفه في مؤونته من ذلك الربح، فيكون مطلقا من ناحية وجود مال آخر و عدمه، و ان شئت قلت: انّ‌ المراد من الامكان، الامكان من ناحية ذلك الربح لا الامكان المطلق و لو بلحاظ سائر امواله و ممتلكاته.[4]

المناقشة الثانیة: إمکان التمسك بإطلاق غیر هذه الصحیحة من أدلة الاستثناء

قال السيد محمود الهاشمي الشاهرودي: ... غاية ما يثبت بهذا البيان - لو تم - قصور هذه الصحيحة من أدلة الاستثناء بالخصوص عن الإطلاق و هو لا يمنع عن التمسك بإطلاق غيره من أدلة الاستثناء. [5]

و هنا دلیل آخر، لا نذکره احترازاً عن التطویل.[6]

النظرية الثالثة: التوزیع

ذُكِر هذا الوجه لمجرّد احتمال و لم يُذكَر قائله، قال الشيخ الأنصاري: و لم أقف على قائل بالثالث.[7]

و المحقق الهمداني: أمّا القول باعتبارها من المجموع فلم يتحقق قائله و لم يعرف له وجه عدا مجرّد الاستحسان الذي لا ينبغي الالتفات إليه، خصوصا في مقابل إطلاقات أدلّة الخمس، كما هو مستند القول الأول أو ظواهر ما دلّ‌ على أنّه بعد المؤونة كما هو مدرك القول الثاني، و اللّه العالم.[8]

و ذكر المحقق القمي في كيفية ذلك: لو كانت مؤونته مائة و أرباحه مائتين و ماله الآخر مائتين، فإذا وزّع المؤونة على المالين بالمناصفة فيخمس مائة و خمسين من الأرباح ...»[9]

و قال الشهيد الثاني في فرض اختلاف الأرباح و المال الآخر: فلو كانت المؤونة مائة و الأرباح مائتين و المال الآخر ثلاثمائة مثلاً بسطت المؤونة عليهما أخماساً، فيسقط من الأرباح خمسها و يخمّس الباقي و هو مائة و ستون، و هكذا.[10]

أدلة النظرية الثالثة:

الدلیل الأول: التعارض و عدم الترجیح

قال المحقق القمي: و أمّا دليل التقسيط؛ فلعلّه تعارض دليلي المالين و تساويهما و لا ترجيح، فيقسّم بينهما بالنسبة ... .[11]

و قال الشیخ الأنصاري: لعلّ‌ وجهه: أنّ‌ تخصيص المؤونة بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح، فيؤخذ منهما بالنسبة.[12]

الإیراد علیه:

إن المحقق القمّي بعد ذکر هذا الدلیل قال بأن الترجیح لأحد الدلیلین هنا موجود، فلا تعارض بین الدلیلین و لا حاجة إلی التقسیط. [13]

الدلیل الثاني: تزاحم حقّ المالک و حق أرباب الخمس

قال المحقق الآملي حول هذا الاستدلال: ليس في المقام تعارض في دليلي المالين و الأنسب أن يقال في وجه التقسيط تزاحم الحقّين أعني حقّ المالك و حق أرباب الخمس، فمقتضى القاعدة هو التوزيع بالنسبة و لعل هذا مراد المحقق القمي أيضا.[14]

یلاحظ علیه:

إنّ إطلاق المستفیضة و مکاتبة علي بن مهزیار و روایة النیسابوري یقتضي جواز صرف المؤونة من الأرباح فلا یبقی معها مجالٌ للتزاحم.

الدلیل الثالث: اعتبار مجموع الربح و غیره مالاً واحداً تقسّط المؤونة علیه

قال الشیخ الأنصاري: ... لعلّ‌ وجهه أنّ‌ المجموع من الربح و غيره مال واحد و صرف بعضه في نظام المعاد و المعاش - الذي هو المقصود من اقتناء المال و اكتسابه - نقص فيه، يدخل على جميع المال، فيقسّط عليه.[15]

الإیراد علیه:

و أورد علیه الشیخ بأنه: اجتهاد في مقابل النصّ‌ المطلق في وجوب الخمس في الأرباح أو المقيّد له بما بعد إخراج المؤونة منها.[16]

الدلیل الرابع: قاعدة العدل و الإنصاف

إنه یظهر من کلام الشهید الثاني في المسالك حیث قال: ... و الأعدل احتسابها منهما بالنسبة ... . [17]

و قال المحقق الخوئي: علّلوا الأخير [أي: التوزیع بالنسبة] بأنّه مقتضى قاعدة العدل و الإنصاف.[18]

الإیراد الأول: الإشکال الکبروي

قال السید الطباطبایي القمي: ... انّ‌ قاعدة العدل و الانصاف لا أصل لها.[19]

قال المحقق الخلخالي: ... أنها قاعدة استحسانية لا فقهيّة معتبرة.[20]

الإیراد الثاني: الإشکال الصغروي

إن بعض الأعلام قالوا بأن هذه القاعدة _ و إن سُلّم أنّ لها أصل _ لا تجري في هذه الموارد.

قال المحقق الخوئي: ... أمّا حديث التوزيع: فهو أيضاً لا وجه له، إذ لا أساس لقاعدة العدل و الإنصاف في شي‌ء من هذه الموارد. [21]

و قال صاحب المرتقی: الوجه فيه ليس إلا قاعدة العدل و الإنصاف و هي واردة في موارد خاصة في باب الأموال، فتطبيقها على ما نحن فيه لا يعدو كونه استحساناً و هو لا يصادم الإطلاق.[22]

و قال المحقق الخلخالي: إنّ القاعدة المذكورة ليست مما يؤخذ بها في أمثال المقام ... . [23]

و قال السید محمود الهاشمي الشاهرودي: إنّ‌ دعوى التوزيع بين ذلك المال و الربح عملاً بقاعدة العدل و الإنصاف غير تامة أيضاً، لأنّ‌ موردها الاشتباه و التردد بين مالين بنحو الشبهة الموضوعية[24] ، لا المقام الذي يكون الشك فيه بنحو الشبهة الحكمية في أصل الاستثناء.[25]

قال المحقق الفیاض: لا أساس لدعوى أنّ التوزيع يكون مقتضى قاعدة العدل و الإنصاف، لأن هذه القاعدة و إن كانت لا بأس بها في الجملة إلاّ أن كون المقام من عناصر هذه القاعدة غير معلوم.[26]

الإیراد الثالث: لا مجال لهذه القاعدة مع وجود الإطلاق في المقام

قال السید الطباطبایي القمي: إنه اجتهاد في مقابل النص و بعد وجود الإطلاق المقتضي للجواز مطلقاً لا مجال للبيان المذكور.[27]

قال السید محمد سعید الحکیم: لا موضوع له [أي: العدل و الإنصاف] مع الأدلة، إذ مع تمامية إطلاق استثناء المؤونة يتعين إخراجها من الربح لا غير، ويكون إخراج بعضها من المال الآخر مجحفاً بالمالك ومنافياً للعدل.

و مع عدم تمامية الإطلاق المذكور يتعين إخراج المؤونة من المال الآخر لا غير، عملاً بإطلاق أدلة تشريع الخمس و يكون استثناء بعض المؤونة من الربح مجحفاً بالخمس ومنافياً للعدل أيضاً. ومن هنا يبقى التوزيع خالياً عن الدليل.[28]

قال المحقق الفیاض: ... أن اطلاق النص يمنع من تطبيقها عليه.[29]

بیان السید محمود الهاشمي الشاهرودي: ... إنّ‌ أدلة الاستثناء إذا فرضت مطلقة كانت دالة لا محالة على استثناء تمام المؤونة من الربح و إلاّ كان مقتضى إطلاق دليل الخمس ثبوته في تمام الربح، فلا يجوز استثناء مقدار منه أيضاً و هذا يعني أنّه على كلا التقديرين لا شك في ما هو الحكم الشرعي لكي يُرجع فيه إلى قاعدة العدل و الإنصاف.[30]


[1] عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَار قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ رَاشِدٍ: «قُلْتُ لَه أَمَرْتَنِي بِالْقِيَامِ بِأَمْرِكَ وَ أَخْذِ حَقِّكَ فَأَعْلَمْتُ مَوَالِيَكَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ وَ أَيُّ شَيْ‌ءٍ حَقُّهُ فَلَمْ أَدْرِ مَا أُجِيبُهُ. فَقَالَ: يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْخُمُسُ. فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ شَيْ‌ءٍ؟ فَقَالَ: فِي أَمْتِعَتِهِمْ وَ ضِيَاعِهِمْ. قُلْتُ‌: وَ التَّاجِرُ عَلَيْهِ وَ الصَّانِعُ بِيَدِهِ. فَقَالَ.: ذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَهُمْ بَعْدَ مَئُونَتِهِم»
[6] الدلیل السادس: استثناء المؤونة فرع تعلّق الخمس بهاقال المحقق البروجردي في وجه تأیید هذا القول مع أنه لم یلتزم به: و يمكن أن يؤيد بانّ‌ استثناء المؤونة فرع تعلّق الخمس بها، بحيث لو لا الاستثناء لدخلت فينحصر بما إذا كان من الفوائد التي تعلّق بها الخمس، و أمّا إذا كانت من غيرها فلم يتعلّق بها الخمس أولا حتّى تستثنى من ذلك.المناقشة المحقق البروجردي في هذا الدليل:قال المحقق البروجردي: ما تقدّم مدفوع بصحة الاستثناء بلحاظ مجموع أمواله، مضافا إلى انّه لم يقع التعبير عن اخراج المؤونة من الفوائد في شىء من الروايات بلسان الاستثناء، بل انما عبّر عن ذلك بقولهم( بعد المؤونة، كما تقدم. نعم يفيد ذلك مفاد الاستثناء بما في صحيحة علي بن مهزيار عن علي بن محمّد بن شجاع المتقدمة من قول أبى الحسن الثالث عليه السّلام: «لى منه الخمس مما يفضل من مؤونته» يحمل على الاعم من مؤونة الشخص و عياله، و مؤونة الضيعة، و على الاعم مما يصرفه من نفس الفوائد و غيرها، و هكذا غيرها من الروايات. زبدة المقال، ص116 و 117.
[19] الغایة القصوی، ص209.
[22] المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص226.
[24] و المذکور في الروایة هو التردّد بین الدرهم و الدرهمین.
[27] الغایة القصوی، ص209.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo