< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة62؛ فروعات الفقهیة؛ ملاك تعلق الخمس بآلات الکسب

 

فروع في المسائل التطبيقية

ملاک تعلّق الخمس بآلات الكسب

السؤال (1): آلات الكسب و الاتجار هل يتعلّق الخمس بكلفة شرائها فقط، لو مرّ على مقدار الكلفة الحول، أو على الزيادة الطارئة أيضا، بعد مرور الحول على تلك الزيادة، أي فلو خمّس شخص مبلغا و اشترى به سيّارة اتّخذها رأس مال يتكسّب بها ينقل الركاب فزادت قيمتها عند رأس السنة فهل في القيمة الزائدة خمس؟

جواب المحقق الخوئي: إذا اشتريت بثمن أخرج خمسه ثم زاد سعرها فما لم يبعها و ليست مما أريد الاتجار ببيعه فلا خمس على تلك الزيادة من سعرها مهما زاد السعر، أما لو اشترى بثمن هو من ربح أثناء سنة الشراء قبل أن يخمسه و أراد إخراج خمسها من قيمتها و قد زاد سعرها فاللازم إخراج خمسها بما لها من السعر الزائد فعلا.[1]

التحقيق في الجواب: أنّ آلات الكسب و الاتجار مع الاحتياج إليها في تحصيل المؤونة اللائقة به و بعياله لا يتعلّق بها الخمس إلّا في المقدار الزائد على ما يحتاج إليه فيجب فيه بقيمته المرتفعة.

الدليل على ذلك: مرّ عدم تعلّق الخمس في المسألة 59 برأس المال و آلات الكسب بالمقدار المحتاج إليه في تحصيل المؤونة.

خمس آلات التكسّب بعد أن مرّ عليها أحوال و قد زادت و نقصت قيمتها

السؤال (2): لو اشترى آلة التكسب من مال غير مخمّس و بعد مرور الحول كانت قيمتها مائة مثلا، و في الحول الثاني صارت مائتين، و في الثالث تدنّت إلى الخمسين مثلا نتيجة الاستعمال و الاستهلاك، فقيمة أي حول يخمّس؟

جواب المحقق الخوئي: إن كان الشراء بربح سنة الشراء فعليه في مفروض السؤال إخراج خمس ما وقفت عليه من السعر الراقي قبل أن يتدنّى بالاستعمال، و إن كان الشراء و الوفاء بثمن مضى عليه الحول لزمه خمس ما وفى ثمنه به دون ما هو عليه فعلا من السعر ترقّى أم تدنّى.[2]

التحقيق في الجواب: هنا صور ثلاث:

الصورة الأولی: أن یشتریها بأرباح سنة الشراء فیجب أداء خمسها بقیمتها المرتفعة.

الصورة الثانیة: أن یشتریها بمال تعلّق به الخمس فینتقل الخمس إلی العوض التي هي آلة الکسب فيجب أداء الخمس بالقيمة المرتفعة قبل التدنّي بالاستعمال.

و في الصورتین يخصم المائة و الخمسين التي نقصت من الربح من أرباح السنة الثالثة من جهة كونها من مؤن تحصيل الربح.

الصورة الثالثة: أن یشتریها بما في الذمّة و یوفّيَ ثمنها بمال قد تعلّق به الخمس فلا یجب الخمس في ارتفاع قیمتها إلّا إذا کان ارتفاع القیمة من جهة انخفاض قیمة العملة.

الدليل على ذلك: أمّا الدليل على وجوب الخمس في القيمة الزائدة فإنّ المكلّف بتركه التخميس عند ارتفاع القيمة كان كالغاصب ضامناً لتدنّي القيمة.

و أمّا الدليل على خصم النقص من الربح فهو ما قاله المحقق الخوئي في المنهاج في بيان موارد مؤونة تحصيل الربح: و من هذا القبيل [أي من قبيل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح] ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع، و السيارات، و آلات الصناعة، و الخياطة، و الزراعة، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح، مثلا إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين، و المائتان الباقيتان من المؤنة.[3]

 

63:عدم الفرق بين العين التي تتلف بالتصرف و التي لا تتلف

قال صاحب العروة:

المسألة 63: لا فرق في المؤونة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول و المشروب و نحوهما و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه مثل الظروف و الفروش و نحوها فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها و إن بقيت للسنين الآتية أيضاً.[4]

توضیح ذلك:

المؤونة علی أقسام:

القسم الأول: ما يصرف فتتلف کالمأکول و المشروب.

و هذا لا شكّ و لا ريب فيه و هو القدر المتيقن و المتفق عليه من المؤونة المستثناة

القسم الثاني: ما ینتفع به مع بقاء عینه.

و هذا القسم علی ثلاثة أصناف:

الأول: ما یحتاج إلیه فعلاً مع بقاء عينه کالظروف و الفرُش.

الثاني: ما یحتاج إلیه في سنة و یستغنی عنه بعدُ کالحلي للنسوان و الکتب العلمیة للطلبة.

سيجيء البحث فيه في المسألة 67.

الثالث: ما لایحتاج إلیه فعلا و سوف ینتفع به بعدُ مثل الجهاز، و الكتب المحتاج إليها و الأواني للضیوف، و ... و قد مرّ البحث فيها.

و قد أضاف المحقق الحكيم هذا الصنف في تعليقته على العروة: أو في غيرها [سنة الربح] إذا كان من شأنه ادّخارها لوقت الحاجة، كالفراش الّذي يحتاج ‌إليه لضيوفه، ونحوه من أواني ومعدّات اخرى.[5]

قد مرّ البحث و التفصيل فيه و لا نعيد. و منه يظهر حكم الصنف الأوّل و لكن لاستيفاء البحث نذكر هنا الأدلّة على استثنائه.

دلیلان لعدم الخمس في الصنف الأول (ما یحتاج إلیه فعلا مع بقاء عينه)

الدلیل الأول: إطلاق أدلة استثناء المؤونة

قال المحقق الحكيم: كما صرّح به جمع كثير، لأنها من المؤونة، فتشملها إطلاقات استثنائها. [6]

قال المحقق الخوئي: الظاهر أنّه لا ينبغي التأمّل في عدم الوجوب، إذ بعد أن صدق عليه عنوان المؤونة في هذه السنة المقتضي للاستثناء فبقاؤها و كونها مؤونة في السنين الآتية أيضاً لا يمنع عن ذلك.

و بعبارة اخرى: قد يفرض الاحتياج و لكنّه لا يختصّ بهذه السنة بل في السنة اللاحقة أيضاً يصرف في الحاجة، و أُخرى يستغنى عنه بعد ذلك كما في حليّ النِّساء.

و مقتضى البَعديّة في قوله: «الخمس بعد المؤونة» أنّ تشريع الخمس إنّما هو بعد استثناء المؤونة، نظير بَعديّة الإرث بالإضافة إلى الوصيّة و الدين في قوله تعالى ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ﴾[7] ، فكما لا إرث إلّا بعد إخراج الأمرين فكذلك لا خمس إلّا بعد إخراج المؤونة.

و من الظاهر أنّ بقاءها بعد انقضاء السنة أو عدم البقاء لا مدخل له في هذا الاستثناء بعد فرض صدق المؤونة، فإنّ المتعارف خارجاً تملّك جملة من الأُمور المحتاج إليها في الإعاشة حتى دار السكنى، إذ الاقتصار على الإيجار يعدّ عرفاً نوعاً من الاضطرار، فضلًا عن مثل الألبسة و الظروف و الفروش و نحوها ممّا لا شكّ في تعارف ملكيّتها لا مجرّد الانتفاع بها بإجارة أو عارية و نحوها، و من المعلوم جريان العادة على بقاء هذه الأُمور غالباً و عدم استهلاكها في سنة واحدة. و هذا كما عرفت لا يمنع عن الاستثناء.[8]

قال السيد الخلخالي: إطلاق أدلة استثناء المؤونة، فإنها تشمل مطلق المؤونة، سواء صرفت أم بقيت للسنين الآتية، احتاج إليها في تلك السنين أو استغنى عنها. و يؤيده أن المتعارف تملك جملة من المؤونات - كالدار و الفرش و الظروف -، و هي تبقى إلى السنين المتمادية عادة.[9]


[5] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص145.و قال الشيخ زين الدين: «تكفي في الحاجة أن يعدّها لوقت الحاجة بحسب شرفه وشأنه، كمن يعدّ الفرش والأواني لضيوفه وإن لم يكن محتاجاً لها بالفعل».قال السید عبدالأعلی السبزواري.: «المناط تحقّق الاحتياج العرفي، سواء كان زمانه سنة الربح، أم غيرها، فالمؤونة علىٰ‌ أقسام ما يتلف عينه، وما ينتفع به فعلاً، وما يحتاج إليه فعلاً، وينتفع به بعد ذلك، وما يحتاج إلىٰ‌ ادّخاره بحيث لو لم يدّخِرهُ‌ لكان في الحرج، ولكنّ‌ الأحوط في الأخير إخراج خمسه، خصوصاً في بعض أقسامه». العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص145

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo