< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة61؛ المطلب الرابع؛ شروط لتحقق وجوب الإنفاق؛ الدلیل الأول: إطلاق أدلة وجوب الإنفاق

 

الدليل الأوّل: إطلاق أدلة وجوب الإنفاق

قال صاحب الرياض: و لا يشترط عدالته و لا إسلامه، بل يجب و إن كان فاسقاً؛ للعموم.[1]

و هذا الدلیل یشمل الوالدین و الأولاد.

الإيراد علىه:

هو [أي عموم أدلة وجوب الإنفاق بالنسبة إلی الکافر] معارض بعموم النهي عن المُوادَّة إلى من نصب مع اللّه سبحانه المُحادّة[2] ، و مقتضى تعارض العمومين التساقط، و معه يرجع إلى الأصل النافي للوجوب.[3]

الجواب الأول عن هذا الإيراد:

إنّ القاعدة عند تعارض الدلیلین تخصیص عموم النهي عن مُوادَّة الکافر بخصوص الوالدین.

الجواب الثاني عن هذا الإیراد:

قال صاحب الرياض: ... اعتضاد العموم هنا بالعمل مع عدم خلاف فيه يظهر، بل و دعوى بعضهم بل جماعة الإجماع عليه كما مرّ أوجب ترجيحه و تخصيص ما خالفه. [4]

الدليل الثاني: الإجماع

ويظهر من الشهيد الثاني في المسالک الإجماع عليه[5] و قال الفاضل الصَّيمَري: اما الكفر فجميع الأصحاب أوجبوا النفقة على القريب و ان كان كافرا.[6]

و هذا الدلیل الثاني یشمل الوالدین و الأولاد.

الدليل الثالث: الاستدلال بالقرآن

استدلّ بعض الأعلام بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ‌ جَاهَدَاكَ‌ عَلى أَنْ‌ تُشْرِكَ‌ بِي مَا لَيْسَ‌ لَكَ‌ بِهِ‌ عِلْمٌ‌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾[7] .

و تعميم الحكم إلى غير الوالدين لعدم الفرق بينهم من جهة الإنفاق عليهم.

الدليل الرابع: الروايات الدالة على تعميم البرّ للوالدین المخالفین أو الفاجرین

الرواية الأولى: صحیحة معمّر بن خلّاد

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا أَدْعُو لِوَالِدَيَّ إِذَا كَانَا لَا يَعْرِفَانِ الْحَقَّ؟ قَالَ: ادْعُ لَهُمَا وَ تَصَدَّقْ عَنْهُمَا وَ إِنْ كَانَا حَيَّيْنِ لَا يَعْرِفَانِ الْحَقَّ فَدَارِهِمَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بِالرَّحْمَةِ لَا بِالْعُقُوقِ.[8]

قال النجاشي: معمّر بن خلاد بغدادي ثقة روى عن الرضا.[9]

الرواية الثانية: صحیحة أبي الصباح الکناني

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عّنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ لِي أَبَوَيْنِ مُخَالِفَيْنِ فَقَالَ: بَرَّهُمَا كَمَا تَبَرُّ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَتَوَلَّانَا. [10]

الروایة صحیحة، فإنّ محمد بن يحيى العطار و أحمد بن محمد بن عیسی و علي بن الحكم الأنباري و سيف بن عميرة و أبا الصباح الکناني و جابر بن یزید الجعفي کلهم من الأجلّاء و نسبة سیف بن عمیرة إلی الوقف باطلةٌ.

الرواية الثالثة: موثقة عنبسة بن مُصعب

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: ثَلَاثٌ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِأَحَدٍ فِيهِنَّ رُخْصَةً أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ لِلْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَرَّيْنِ كَانَا أَوْ فَاجِرَيْنِ. [11]

الروایة موثقةٌ، فإنها مشتملةٌ علی سندین إلی مالک بن عطیة، أما مالک فقال النجاشي في حقّه: مالك بن عطية الأحمسي أبو الحسين البجلي الكوفي ثقةٌ، روى عن أبي عبد الله.[12] إنّ عنبسة بن مصعب ناووسي واقفي‌ و لکنّه ثقةٌ، فإنّ مشایخ الثقات کلّهم من صفوان و البزنطي و ابن أبي عمیر، و کثیر من أجلّاء أصحاب الإجماع رووا عنه.

و الدلیل الرابع لا یشمل الأولاد، بل یختص بالوالدین.

تنبیهٌ: إنّ الدلیل علی وجوب الإنفاق علی الأولاد إما عموم أدلة الإنفاق کما قال به صاحب الریاض أو الإجماع. أما الزوجة فیشترط فیها عدم الکفر، لأنّها بالکفر تخرج عن علقة الزوجیة.

النظرية الثانية: عدم وجوب الإنفاق على الكافر

قال فخر المحققين: المانع من الإرث كالرقّ و الكفر و القتل، مانعٌ من وجوب الإنفاق.[13]

الدليل الأوّل: التنظير بالإرث

و هو ظاهر من عبارة فخر المحققين في عبارته السالفة.

الدليل الثاني: حكاية إدعاء الإجماع من فخر المحققين

قال الشهيد الثاني: و قد أغرب الفاضل فخر الدين في شرحه[14] حيث جعل المانع من الإرث - كالرقّ‌ و الكفر و القتل - مانعاً من وجوب الإنفاق. و ربما نقل عنه أن ذلك إجماعي.[15]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo