< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/11/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /الفروعات الفقهیة؛ الفرع التاسع؛ النظریة الرابعة

 

النظریة الرابعة: الوجوب المشروط

قال المحقق الخوئي في المستند: فالمعروف و المشهور أنّ‌ التعلّق المستتبع لحصول الاشتراك بين المالك و مستحقّ‌ الخمس إنّما هو من أوّل ظهور الربح.

و نسب الخلاف إلى الحلّي في السرائر و أنّه ذهب إلى أنّ‌ التعلّق في آخر السنة[1] .

و هذا على تقدير صدق النسبة لا نعرف له وجهاً صحيحاً، فإنّ‌ الآية المباركة و لو بضميمة الروايات الكاشفة عن إرادة الغنيمة بالمعنى الأعمّ‌ ظاهرة في تعلّق الخمس من لدن تحقّق الغنيمة.

كما أنّ‌ الروايات و عمدتها موثّقة سماعة: «ما أفاد الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس»[2] أيضاً ظاهرة في ثبوت الحكم حين صدق الفائدة الذي هو أوّل ظهور الربح.

و ليس بإزاء ذلك إلّا قولهم( في عدّة من الأخبار: «إنّ‌ الخمس بعد المؤونة».

و لكن من الظاهر أنّ‌ المراد بالبَعديّة ليست هي البَعديّة الزمانيّة لتدلّ‌ على أنّ‌ حدوث الخمس متأخّر عن إخراج المؤونة، بل المراد البَعديّة الرتبيّة، نظير قوله تعالى ﴿مِنْ‌ بَعْدِ وَصِيَّةٍ‌ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ‌﴾ [3] ، يعني: أنّ‌ مرتبة الخمس متأخّرة عن المؤونة، كما أنّ‌ مرتبة الإرث متأخّرة عن الوصيّة و الدين، و مرجع ذلك إلى أنّ‌ إخراج الأمرين مقدّم على الصرف في الإرث، كما أنّه في المقام يلاحظ الخمس فيما يفضل على المؤونة من الربح من غير نظر إلى الزمان بتاتاً.

فمقتضى الجمع بين هذه الروايات الدالّة على أنّ‌ الخمس بعد المؤونة و ما دلّ‌ على تعلّقه من لدن ظهور الربح: أنّ‌ الحكم ثابت من الأوّل لكن مشروطاً بعدم الصرف في المؤونة بنحو الشرط المتأخّر، فإنّ‌ البعديّة الرتبيّة لا تنافي الثبوت من الأوّل كما في الإرث، غايته أنّه من قبيل الواجب المشروط بالشرط المتأخّر، فكلّما صرفه في المؤونة لم يتعلّق به الخمس من الأوّل، و كلّ‌ ما بقي و فضل كما عبّر به في رواية ابن شجاع[4] وجب خمسه. و هذا هو الظاهر من الجمع بين الأخبار.

و ممّا يرشدك إلى إرادة البَعديّة الرتبيّة أنّ‌ لازم إرادة الزمانيّة جواز إتلاف الربح أثناء السنة أو الصرف في غير المؤونة من هبةٍ‌ لا تليق بشأنه و نحوها، لعدم لزوم حفظ القدرة قبل تعلّق التكليف، و مرجع هذا إلى سقوط الخمس عنه، و لعلّ‌ الحلّي أيضاً لا يلتزم بذلك.

هذا، و لكنّ‌ الإنصاف أنّ‌ ما ذكرناه إنّما يتّجه بالإضافة إلى مؤونة الاسترباح و ما يصرف في سبيل تحصيل الربح، فإنّ‌ ما ورد من أنّ‌ الخمس بعد المؤونة ناظر إلى ذلك.

و أمّا بالنسبة إلى مؤونة السنة التي هي محلّ‌ الكلام فتعلّق الخمس باقٍ‌ على إطلاقه، و إنّما المتقيّد بعدم الصرف فيها هو الحكم التكليفي أعني: وجوب الخمس لا تعلّقه، على ما تشهد به نصوص الباب، حيث إنّ‌ المعلّق على ما بعد المؤونة في صحيحة ابن مهزيار[5] إنّما هو وجوب الخمس، كما أنّ‌ المعلّق عليه في صحيحته الأُخرى[6] هو قوله: «عليه الخمس»، الظاهر في الوجوب.

إذن فيكون المشروط بعدم الصرف فيها على سبيل الشرط المتأخّر إنّما هو الوجوب لا أصل التعلّق، فإنّه باقٍ‌ على إطلاقه.

و كيفما كان، فما ذكره المشهور من ثبوت الحكم من الأوّل مشروطاً بعدم الصرف في المؤونة هو الصحيح، بل لا ينبغي التردّد فيه.[7]

ملاحظتنا علی النظریة الرابعة:

إنّ البعدیة هنا في الوجوب التکلیفي، لا الحکم الوضعي الذي هو تعلّق الخمس و لا إشکال في کونها زمانیة و ما أفاده من أنّ‌ لازم إرادة الزمانيّة جواز إتلاف الربح أثناء السنة أو الصرف في غير المؤونة من هبةٍ‌ لا تليق بشأنه و نحوها، لعدم لزوم حفظ القدرة قبل تعلّق التكليف، و مرجع هذا إلى سقوط الخمس عنه، لا یمکن المساعدة علیه؛ لأنّ الحکم الوضعي تعلَّق من حین حصول الفائدة و ذلک یقتضي تعلّق التکلیف الوجوبي عند الاتلاف أو الهبة بما لا تلیق بشأنه، لأنّ الوجوب لا یتعلّق بما صرفه في المؤونة، دون ما تعلّق به الحکم الوضعي من الخمس و لم یصرفه في مؤونته.

 


[7] موسوعة المحقق الخوئي.، ج25، ص272 – 275

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo