< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/10/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /مبدأ سنة وجوب الخمس

 

مبدأ سنة وجوب الخمس:

قال صاحب العروة:

المسألة 60: مبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مؤونتها حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسب و أما من لم يكن مكتسباً و حصل له فائدة اتفاقاً فمن حين حصول الفائدة.

النظرية الأولى: من حين الشروع في التكسّب

قال بها الشهید الأول و صاحب الحدائق و المحقق القمي و صاحب الجواهر

الشهيد الأوّل في الدروس: و لا يعتبر الحول في كلّ تكسّب، بل يبتدئ الحول من حين الشروع في التكسّب بأنواعه، فإذا تمّ خمّس ما فضل.[1] ومثله عبارة صاحب الحدائق.[2]

المحقق القمي في غنائم الأيام: و الأقرب القول الأوّل [و هو مبدأ الحول من حين الشروع في التكسّب]، سيّما على ما اخترناه سابقاً من مختار المحقّق الأردبيلي[3] رحمه اللّه من الوجوه الثلاثة في محلّ‌ صرف المؤونة[4] ، مع أنّ‌ القول الثاني يوجب الحرج و الضيق؛ لجهالة وقت ظهور الربح غالباً، و سيّما مع اعتبار الإنضاض في الأمتعة ... .[5]

قال في نجاة العباد: و مجمع الرسائل اوّلها حال الشّروع[6] في التّكسّب[7] على الأصح.[8]

و مال إلیه المحقق العراقي ثمّ وقع في نفسه تشکیک فیه فقال: إنّ‌ في المقام كلاماً آخر في تحديد بدء السنة، من أنّه من حين البناء على التكسّب، أو حين ظهور الربح‌؟ وجهان.

مقتضى التحقيق أن يقال: إنّ‌ المتبادر عرفاً سنة التكسّب، المحتاج فيها إلى المؤونة ، القابلة لجبر الخسارات السابقة، بالربح الموجود فيها. و إلاّ فلو كان المدار على سنة ظهور الربح لم يكن يتصور فيه جبر الخسارات السابقة، فإطلاق كلماتهم في جبر الخسارة السابقة و اللاحقة أيضا مؤيد لمدّعانا.

و لكن مع ذلك في النفس تشكيك في هذا التعيين، لعدم مساعدة وجه صحيح عليه، خصوصاً مع أول الأمر فيه عند الشك إلى البراءة عن وجوب أدائه، بناء على المختار.

نعم على المسلك الآخر كان المرجع - مع إجمال المفهوم في المخصص - إطلاقات الباب، كما لا يخفى.[9]

أدلّة النظرية الأولى

صاحب المرتقی: كون مبدأ السنة حال الكسب و ان المراد بها سنة التكسب و التجارة لا الربح، هو تبادر لفظ السنة إلى ذلك و انصرافها إلى سنة التكسب. [10]

إيراد صاحب المرتقى

اشکال صاحب المرتقی: لم يرد في لسان الأدلة لفظ السنة كي يدعى انصرافها إلى سنة الكسب. مضافاً إلى إنكار الانصراف، بل انصراف السنة إلى سنة الربح أولى لظهور كون المستثنى من الربح مؤونة السنة في إرادة المؤونة التي يصرف الربح فيها و ذلك لا يرتبط بالمؤونة المصروفة قبل حصول الربح إذا لم يصرف الربح فيها.

كما أنّه يستبعد بحسب مذاق الأدلة و الشرع استثناؤها من الربح المتأخّر عنه و لحاظ المؤونة المصروفة قبل الربح في المستثنى و إن كان في نفسه معقولاً.

و ذلك لأنّ الظاهر من لسان الأدلة استثناء نفس المؤونة لا مقدارها و ذلك ظاهر أنّ المستثنى من الربح هو المؤونة الفعلية و هو يقتضي استثناء المؤونة من بداية الربح، لفعلية المؤونة حينذاك لا المؤونة قبل الربح. نعم لو كان المستثنى هو المقدار أمكن أن يدّعى أخذ المؤونة من بداية الكسب.

و بالجملة، فالذي نراه قريباً إلى ظاهر الأدلة هو كون مبدأ سنة المؤونة هو حصول الربح، فهو المتعيّن.[11]

النظرية الثانية: من حين حصول الربح

الشيخ الطوسي في بعض رسائله: و وقت وجوب الخمس فيه وقت حصوله.[12] و قد یستظهر من عبارات ابن إدریس کما یشیر إلیه في المختلف.

في المختلف: و قال ابن إدريس: يريد به المعادن، فإنّ‌ المستفاد من الأرباح و المكاسب و الزراعات لا يجب فيها شيء بعد حصولها بل بعد السنة، لجواز تجدّد الاحتياج.

ثمَّ‌ طوّل في الاستدلال على مطلوبه بإطلاق الجماعة أنّه لا يجب الخمس، إلا بعد مؤونة الرجل طول سنته. قال: و قد قال ابن البراج في كتاب التعريف:

الوقت الذي يجب فيه إخراج الخمس من المعادن، و هو الوقت الذي أخذها، فلو كان يجب إخراج الخمس من جميع ما يجب فيه الخمس من الأجناس وقت حصوله لما أفرد المعادن بالذكر دون غيرها، ثمَّ‌ أمر بتأمّل ذلك[13] .

و هذا الكلام منه غير معتمد، فإنّ‌ الآية و غيرها من الأدلّة يقتضي وجوب الخمس وقت وجوب ما يسمّى غنيمة و فائدة، و كون الخمس يجب بعد إخراج المؤونة لا يقتضي عموم وجوبه حالة الاكتساب، إذ لو لم يتعلّق به الوجوب لجاز للمكتسب إتلافه قبل الحول، و لا يجب عليه شيء، و ليس كذلك قطعا. فعلم أنّ‌ الوجوب يتعلّق به حالة حصوله، لكن وقت الإخراج يتضيّق بعد الحول، و لو أخرجه قبله جاز و كان مؤدّيا للواجب و مجزئا عنه، و إنّما جوّز له التأخير إرفاقا به، فلا يسقط عنه الوجوب بذلك.[14]

قال المحقق النراقي: في ابتداء الحول من الشروع في التكسّب، أو ظهور الربح، أو حصوله، وجوه، بل أقوال.

أظهرها الأخير، لإطلاقات وضع المؤونة، و لم يعلم خروج الأكثر من السنة التي مبدؤها حصول الربح منه.

و تظهر الفائدة في مؤونة الزمان المتخلّل بين النهايات دون المبادئ، إذ مؤونة ما تخلّل بين المبادئ إن كان من مال آخر فلا يوضع من الربح قطعا، و إن كان من الدين فيوضع كذلك.[15]

السيد مهدي الشيرازي: بل حال حصول الربح و الفائدة على‌ الأظهر، من غير فرقٍ‌ بين أهل الدكاكين والبساتين والمزارع والأغنام وغير ذلك.[16]

حسن القمّي: بل من حين حصول الفائدة مطلقاً. [17]

الروحاني: بل من حين حصول الفائدة.[18]

السيد السبزواري: رأس سنة المؤونة من حين حصول الربح و الفائدة فالزارع أو التاجر يجعل مبدأ سنته حين حصول الربح و الفائدة سواء كانت التجارة في أجناس مختلفة أو في جنس واحد و يجوز أن يجعل لكل ربح من أصناف تجارته سنة مستقلة.[19]

قال السيد الميلاني في المحاضرات: الأمر الخامس: لما كان المستثنى مؤونة السنة، و كان المراد اثنى عشر شهرا هل المبدأ للسنة أول الشروع في الكسب، أو أول ظهور الربح‌؟

تضمنت صحيحة علي بن مهزيار سنة المعصوم حيث قال: «في سنتي هذه» و جملة (كل عام) الظاهرة في الأعوام الخارجية التي تتحقق فيها الغلاّت و الأرباح، و أما مؤونة السنة فلم تذكر صريحاً، حتى يستظهر المبدأ لها.

و الذي يترجّح في النظر أن مبدأ النسبة لا بدّ و أن يكون هو تحقق الربح في الخارج، فإن المؤونة تستثنى ممّا فيه الخمس، و ان الخمس يضاف الى الربح، و السنة سنة المؤونة فمبدؤها هو تحقق الربح، فمهما حصل يصرف في المؤونة إلى حدّ السنة، حيث إن الخارج عن هذا الحد لا يحسب من المؤونة بالإجماع و الضرورة، و ما دون هذا الحدّ مندرج تحت إطلاق لفظ المؤونة التي بعدها الخمس.[20]

النظرية الثالثة: من حين ظهور الربح

 

قبل عدّ القائلین بهذه النظریة لابدّ من أن نشیر إلی نکتة مهمة و هي إنّ القائلین بهذه النظریة قد اعتقدوا بالنظریة الثانیة و لا فرق عندهم بین ظهور الربح و حصوله، و لکن بعض الأعلام مثل المحقق النراقي قد صرّح بالتفاوت بین العبارتین: أعني حصول الربح و ظهوره. مثلاً إذا ظهرت الثمرة علی الشجر یتحقق ظهور الربح دون حصوله.

 


[4] و هي أنّه من كان عنده مال مخمّس أو مال لم يتعلّق به الخمس كالمورّث و أرباح حصلت في أثناء السنة فهل يخرج المؤونة من المال غير المتعلٌ به الخمس أو من الأرباح أو منهما معاً بالنسبة؟ و اختار المحقق الأردبيلي. الأوّل و سيجيء البحث عنه في المسألة 64 ن مسائل العروة
[6] فيمن شغله التكسّب و في غيره من حين حصول الرّبح صدر مدّ ظلّه.
[7] فيمن شغله التكسّب و في غيره من حين حصول الرّبح ظم طبا دام ظلّه.
[9] شرح تبصرة المتعلمین، ج3، ص77.
[10] . المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص210.
[11] . المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص210-211.
[16] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص140.
[17] . العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص141.
[18] . العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص141.
[19] جامع الأحکام الشرعية (سبزواری)، ص221.
[20] . محاضرات في فقه الإمامیة (الخمس)، ص90.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo