< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة56؛ النظریة الأولی؛ الدلیل الخامس علی النظریة الأولی: الأخذ بالقدر المتیقن

 

الدليل الخامس على النظرية الأولى: الأخذ بالقدر المتیقن

قال صاحب المرتقى: أن المأخوذ في موضوع الخمس و ان كان كل ربح، و قد ورد استثناء المؤنة من الربح الثابت فيه الخمس، الا أن دليل استثناء المؤونة ليس في مقام البيان من جهة استثناء المؤونة من كل ربح ربح أو من مجموع الارباح، بل هو ليس الا في مقام بيان استثناء المؤونة من الربح لا اكثر، أما خصوصيات المستثنى منه و انه كل ربح أو المجموع، فذلك مما لا نظر للكلام اليه.

و عليه، فالكلام مجمل من هذه الناحية، و يؤخذ بالقدر المتيقن منه، و هو الاستثناء من مجموع الارباح، اذ المتيقن من الدليل استثناء المؤنة بهذا النحو، فيرجع في غيره الى دليل ثبوت الخمس في الربح، فان الدليل يدل على ثبوت الخمس في الربح فعلا و مطلقا و دليل المؤنة اقتضى تأخيره[1] استثناء مقدار منه، و القدر المتيقن منه هو التأخير الى نهاية سنة الربح الاول و استثناء مقدار المؤنة لذلك الحد، فيبقى الباقي تحت دليل ثبوت الخمس و لزوم ادائه.[2]

یلاحظ علیه:

إنّ المؤونة تستثنی من وجوب الخمس و قد قلنا بانحلال وجوب الخمس بتعدّد الفوائد، فما استثنیت منه المؤونة هو كلّ فرد فرد من أفراد الوجوب، فلا وجه لأخذ قدر المتیقّن في المقام.

الدليل السادس على النظرية الأولى:

قال صاحب المرتقى: ما يظهر من النصوص من ايجاب الخمس في الارباح التي يعلم عادة بعدم وفائها بمؤونة السنة، كربح الصانع بيده و ربح الخياط خمسة دوانيق و ربح مطلق الكسب الشامل للكسب القليل، فانه لو التزم بحساب سنة لكل ربح خاصة لم يثبت الخمس على هؤلاء الا نادراً جداً، و هو لا يتلاءم مع الاهتمام ببيان وجوب الخمس و التأكيد عليه، كما يظهر من قوله في رواية عبد الله بن سنان المتقدمة[3] «حتى الخياط يخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق».[4]

یلاحظ علیه:

إنّ الشارع اهتمّ بوجوب الخمس في ما زاد علی مؤونة الشخص و ندرته بالنسبة إلی بعض الأفراد لا ینافي ذلك، فإنّ كثیراً من المكلّفین تحصل لهم أموال كثیرة زائدة علی مؤونتهم و تبقی عندهم بعد سنین متعدّدة. فهنا أشخاص كثیرون هم مكلّفون بالخمس و إن جعلنا سنة خاصة لكلّ ربح.

النظرية الثانية: جعل سنة لكلّ ربح تخصّه

قال به الشهید الثاني

الشهيد الثاني في الروضة: و لو حصل الربح في الحول تدريجاً اُعتبر لكلّ خارجٍ حولٌ بانفراده. نعم تُوزَّع المؤونة في المدة المشتركة - بينه [الربح المتأخر] و بين ما سبق [علی الربح المتأخر]، عليهما [الجار و المجرور في قوله علیهما، متعلّق بقوله توزّع، أي توزّع علی الربح الأول و الثاني] و يختص بالباقي و هكذا.[5]

و قال في المسالك: و إنما يعتبر الحول بسبب الربح فأوله ظهور الربح فيعتبر منه مؤونة السنة المستقبلة. و لو تجدد ربح آخر في أثناء الحول كانت مؤونة بقية حول الأول معتبرة منهما [أي موزّعٌ بینهما]، و له تأخير إخراج خمس الربح الثاني إلى آخر حوله، و يختص بمؤنة بقية حوله بعد انقضاء حول الأول و هكذا، فإن المراد بالسنة هنا ما تجددت [أي السنة] بعد الربح، لا بحسب اختيار المكتسب.[6]

الدليل الأوّل على النظرية الثانية:

ما نقله المحقق الهمداني في الاستدلال علی النظرية الثانیة:

تحقّق الطبيعة في ضمن الفرد الأول من الربح كالخمسة دوانيق التي اكتسبها الخياط[7] في اليوم الأول في المثال المفروض، سبب تام لوجوب خمسه مشروطاً بذلك الشرط [بشرط زيادته عن مؤونة السنة]، و هكذا، فحدوث كلّ‌ فرد من الربح سبب مستقلّ‌ لوجوب خمسه بشرط زيادته عن مؤونة السنة، فكيف يجعل مبدأ السنة التي اعتبرت زيادة مؤونتها شرطاً في الوجوب بالنسبة إلى الأسباب اللاحقة من حين حصول الفرد الأول!

نعم، تعلّق الحكم بالطبيعة دون الأفراد إنّما يجدي في الأفراد المجتمعة دون المتعاقبة، حيث إنّ‌ مجموعها على تقدير الاجتماع سبب واحد لتنجّز التكليف بخمس المجموع مشروطاً بكذا، لا الأفراد المتعاقبة التي يكون كلّ‌ واحد منها بمقتضى تعلّق الحكم بالطبيعة من حيث هي سبباً لحدوث تكليف كذلك، فلا يتفاوت الحال حينئذ بين جعل متعلّق الحكم الطبيعة أو الأفراد.[8]

إیراد المحقق الهمداني علی استدلال القائلین بالنظریة الثانیة:

الطبيعة من حيث هي لا تتكرّر، و إنّما المتكرّر أشخاصها، و القيد اعتبر قيدا للطبيعة لا لأشخاصها، فالعبرة بزيادة مطلق الربح عن مئونة السنة، لا كلّ‌ ربح ربح، فسببية الفرد الأول لتنجّز التكليف بخمسه بخصوصه مشروطا بزيادته عن المئونة، لا لمدخلية خصوصية فيه، بل لانحصار الطبيعة فيه في ذلك الوقت، فإذا وجد ربح آخر فقد ازداد متعلّق ذلك الحكم، لا أنّه تنجّز في حقّه حكم آخر وراء ذلك الحكم؛ إذ المفروض أنّه لا مدخلية لخصوصيات الأشخاص في الموضوعية، كي يكون لكلّ‌ فرد فرد حكم مقيّد بما بعد المئونة، بل الحكم ثابت لمطلق ربحه الذي يفضل عن مئونة سنته.[9]

یلاحظ علیه:

قد تقدّم في الدلیل الرابع علی النظریة الأولی بطلان هذا الإیراد، فراجع.


[1] قال: «هذا يبتني على كون زمن الوجوب بعد المؤنة كما سنحققه في الجهة الآتية».
[2] المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص214.
[3] وسائل الشيعة/باب٨: من ابواب ما يجب فيه الخمس، ح٨.
[4] المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص214، و قال في الوجه و الوجه الذي يليه: «و هذان الوجهان لا مناقشة فيهما، و بهما يتعين الالتزام بما هو المشهور من استثناء مئونة السنة من مجموع الارباح، فتدبر».
[7] إشارة إلى ما في التهذيب: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ غَنِمَ‌ أَوِ اكْتَسَبَ‌ الْخُمُسُ مِمَّا أَصَابَ لِفَاطِمَةَ. وَ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهَا مِنْ بَعْدِهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا الْحُجَجِ عَلَى النَّاسِ فَذَاكَ لَهُمْ خَاصَّةً يَضَعُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا وَ حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ حَتَّى الْخَيَّاطُ يَخِيطُ قَمِيصاً بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ فَلَنَا مِنْهُ دَانِقٌ إِلَّا مَنْ أَحْلَلْنَاهُ مِنْ شِيعَتِنَا لِتَطِيبَ لَهُمْ بِهِ الْوِلَادَةُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ‌ءٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظمَ مِنَ الزِّنَا إِنَّهُ لَيَقُومُ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هَؤُلَاءِ بِمَا أُبِيحُوا وسائل الشيعة، ج‌9، ص503

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo