< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الفقه الاقتصادی/الربا و البنوک /الطریق التاسع عشر؛ أجوبة خمسة؛ الجواب الثاني

 

الجواب الثاني: للمحقّق الصدر
أیضاً

و الوجه الثاني الذي أشار إلیه المحقّق الصدر لکون الأموال المودعة في البنوك ودائع حقیقیة هو ما أفاده بقوله: «و يمكن التوصل في المقام إلى فكرة الضمان عن طريق آخر:

و هو أن يتفق البنك والمودع على تحويل المبلغ الشخصي الذي يملكه المودع إلى الكلي في المعين ، فمودع الألف ديناراً يحوّل مملوكه من هذه الألف الشخصية إلى ألف كلية في مجموع الأموال التي يملكها البنك.

وهذا نظير ما تقدم من صاحب الجواهر في الملحق الثاني عند توجيهه للرواية الدالة على اصطلاح الشريكين على أن يكون لأحدهما رأس المال والآخر له الربح وعليه التوى».‌([1] )

و الروایة هي صحیحة الحلبي:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِفِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي مَالٍ فَرَبِحَا فِيهِ وَ كَانَ مِنَ الْمَالِ دَيْنٌ وَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَعْطِنِي رَأْسَ الْمَالِ وَ لَكَ الرِّبْحُ وَ عَلَيْكَ‌ التَّوَى.‌([2] )فَقَالَ: لَا بَأْسَ إِذَا اشْتَرَطَا فَإِذَا كَانَ شَرْطٌ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ رَدٌّ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ. ([3] )

و السند في أعلى درجات الصحّة.

قال السید الصدر: «فإنه (أي صاحب الجواهر) ذكر في توجيه ذلك: أن أحد الشريكين يحول مملوكه إلى كلي في المعين ومحصل ذلك: أنه كما يمكن تحويل الكلي في المعين إلى عين شخصية ، كذلك يمكن تحويل العين الشخصية إلى الكلي في المعين إما بإرجاع ذلك إلى تمليك الخصوصية مع التحفظ على أصل الكلي أو إلى نحو من المبادلة.

و أثر هذا الاتفاق على تحويل الوديعة إلى الكلي في المعين أن لا يتحمل المودع شيئا من التلف ما دام يوجد في الباقي من أموال البنك ما يكون بإزاء ذلك الكلي كما تقتضيه قواعد ملكية الكلي في المعين.

و يشترط المودع على البنك في اتفاقهما الحفاظ على مالية الوديعة التي أصبحت كلّية في المعين بمعنى أن البنك يلتزم متى أراد إجراء المعاوضة على شيء من الأموال التي في حوزته، والتي يملك المودع منها كليا في المعين، أن يقصد وقوع جزء من الثمن بإزاء ذلك الكلي لا يقل عن مالية ذلك الكلي. فلو فرض أن البنك باع عشرة آلاف دينار بخمسة آلاف، بيعاً خاسراً و كان للمودع كلي ألف دينار في المجموع ، فمقتضى طبع التقسيط و إن كان هو شمول النقص له و لكن بالإمكان إلزام البنك بالشرط بأن يقصد بيع كلي ألف دينار في العشرة بكلي ألف دينار في الخمسة، و بيع أشخاص المال في العشرة آلاف بأشخاص المال في الخمسة آلاف و بذلك يبقى ملك المودع محفوظ المالية حتى مع وقوع الخسارة على البنك.

كما أن المودع يكون له على هذا الأساس حصة من الربح لكونه مالكاً للكلي في المعين من المال. و يمكن للبنك حينئذ أن يشترط عليه بنحو شرط النتيجة أن يكون مالكاً لما زاد عن المقدار المقرر دفعه إلى المودع من أرباح ذلك الكلي في المعين.

و لا نريد بشرط النتيجة هذا - كما عرفت - أن ينتقل الثمن الواقع بإزاء الكلي ابتداء إلى البنك، بل ينتقل إليه في طول انتقاله إلى البنك.

وبهذا أمكن تصوير بقاء الودائع على ملك أصحابها وإخراجها عن كونها قروضاً. و بذلك تخرج الفوائد المدفوعة إلى المودعين عن كونها فوائد ربوية على القرض.» ([4] )

یلاحظ علیه:

إنّ فکرة تبدیل الودیعة من الحیثیّة الشخصیّة للعملة إلى الکلّي في المعیّن فکرة جیّدة، و تنحلّ به الإشکال، و لکن لا شبهة في أنّ ما أودعه المودع عند الودعي هو العین الشخصیّة للمال، لا الکلّي في المعیّن و الظاهر من أدلّة الودیعة وجوب التحفّظ على العین الشخصیّة للودیعة، فیجب على الودعي حفظ العین و لا یجوز له التصرّف فیه.

و تحویل ذلك من العین إلى الکلّي في المعیّن یحتاج إلى الدلیل و المفروض في کلام المستشکل هو عدم ورود الدلیل على ذلك، فلا وجه للعدول عن حکم وجوب التحفّظ الثابت لموضوع العین الشخصیّة إلى حکم آخر بالنسبة إلیه، فعلى هذا لابدّ من تتمیم بیان السید الصدر حتّی یصحّ الجواب عن المناقشة المذکورة و ترتفع به، و سنشیر إلى ما یتمّ به بیان السید الصدر.


[2] ‌. التوی، بمعنی هلاك المال.
[3] ‌. الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص258.، کتاب المعیشة، باب الصلح، ح1؛ من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص229.، کتاب المعیشة، باب البیوع، ح3848، (رواه بإسناده عن حماد نحوه)؛ تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص207.، کتاب الدیون، باب83، ح7، (رواه بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي و عن علي بن النعمان عن أبي الصباح جميعا عن أبي عبد الله مثله‌) و أیضاً ج‌7، ص186، کتاب التجارات، باب18، ح9، (رواه بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن صالح بن خالد و عبيس بن هشام عن ثابت بن شريح عن داود الأبزاري عن أبي عبد الله‌ مثله‌)، وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص444، أبواب الصلح، باب4، ح1، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo