< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/10/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الثاني؛ التفصیل الخامس؛ المقام الأول

 

ملاحظتان على نظریة المحقّق الإصفهاني

الملاحظة الأولی

إنّ المحقّق الإصفهاني قال: «إنّ حقیقة الحكم خصوصاً في الأحكام الشرعیة عبارة عن البعث و الزجر أعني الإنشاء بداعي جعل الداعي»([1] ) و لكنّه قال في موضع آخر: «إنّ البعث و الزجر عبارة عن المعنی الاعتباري المنتزع عن الإنشاء بداعي جعل الداعي، و من الواضح أنّ الإنشاء الخاصّ مركّب من كیف مسموع و هو اللفظ و من كیف نفساني و هو قصد ثبوت المعنی به» ([2] ).

و الحقّ أنّ البعث و الزجر منتزعان من الإنشاء المذكور.

الملاحظة الثانیة

إنّ الحكم أمر اعتباري و الإرادة التشریعیة تتعلّق به و هذه الإرادة التشریعیة اعتباریة كما أنّ متعلّقها أیضاً اعتباري و الإنشاء الاعتباري یتعلّق بهذا الحكم. و أمّا الإنشاء الذي ینتزع البعث و الزجر منه هو أمر خارجي مركب من كیف مسموع و كیف نفساني و هو مبرز للحكم و إنشاؤه الاعتباري. ([3] )

نظریة المحقّق العراقي

«إنّه لایرتبط باب التكالیف بالأمور الجعلیة إلا بنحو من الادّعاء و العنایة كما سنشیر إلیه.

فإنّ الحقائق الجعلیة عبارة عن اعتبارات متقوّمة بالإنشاء الناشئ عن قصد التوصّل به إلى حقائقها على نحو یكون القصد و الإنشاء واسطة في ثبوتها و من قبیل العلّة التامّة لتحققها بحیث لولا القصد و الإنشاء لما كان لها تحقّق في وعاء الاعتبار المناسب لها كما هو الشأن في جمیع الأمور القصدیة كالتعظیم و التوهين و الملكیة و نحوها من العناوین التي یكون الجعل المتعلّق بها مصحّح اعتبارها في موطنها و بذلك تمتاز عن الأمور الاعتباریة المحضة ... كما أنّها تمتاز بذلك عن الأمور الانتزاعیة إذ هي تابعة لمنشأ انتزاعها ... .

بعد ما عرفت ذلك نقول: إنّ من المعلوم عدم تصوّر الجعلیة بالمعنی المزبور في الأحكام التكلیفیة في شيء من مراتبها: [الأولى: المصلحة، الثانیة: الإرادة و الكراهة، الثالثة: الإنشاء المبرز للإرادة و الكراهة، الرابعة: البعث المنتزع من إبراز الإرادة].

أمّا بالنسبة إلى مرحلة المصلحة و العلم بها فظاهر.

و أمّا بالنسبة إلى لبّ الإرادة التي هي روح التكلیف، فلأنّها من الكیفیات النفسانیة التابعة للعلم بالمصلحة في الشيء بلا مزاحمة لمفسدة أخری فیه أو في لازمه فلا‌ترتبط بالإنشائیات.

و هكذا الأمر بالإضافة إلى الإنشاء المبرز للإرادة، فإنّه أیضاً أمر واقعي و كان من مقولة الفعل الخارج عن الاعتباریات الجعلیة.

فلا‌یبقی حینئذٍ إلا مرحلة الإیجاب و البعث و اللزوم و نحوها من العناوین المنتزعة من إبراز الإرادة بالإنشاء القولي أو الفعلي، و هذه أیضاً غیر مرتبطة بالجعلیات المتقوّمة بالإنشاء و القصد لأنّها اعتبارات انتزاعیة من مرحلة إبراز الإرادة الخارجیة، حیث ینتزع العقل كلّ واحدة منها من الإنشاء المظهر للإرادة بعنایات خاصّة و لذا یكتفي في انتزاع تلك الأمور و كذا في حكم العقل بلزوم الاتباع بصرف إنشاء الآمر بداعي الإعلام بإرادته و لو لم‌یقصد به مفهوم الطلب و لا خطر بباله عنوان البعث و الإیجاب، و علیه فلا أصل لما اشتهر و تداول في الألسنة من جعلیة الأحكام التكلیفیة.

نعم لا بأس بدعوی الجعل فیها بمعنی التكوین و الإیجاد و لو بلحاظ إیجاد المنشأ القهري لا القصدي للاعتبارات المزبورة، فإنّها بهذه الجهة تكون تابعة لما بید الشارع وضعه و رفعه، و هو الطلب و الأمر الذي هو عین إنشائه الاختیاري بالقول أو الفعل، فیكون الغرض من جعلیتها حینئذٍ مجرّد احتیاجها في مقام انتزاع مفاهیمها إلى الإنشاء المبرز للإرادة لا الجعلیة بالمعنی المتقوّم بالقصد و الإنشاء من القول أو الفعل الجاري في الأحكام الوضعیة».([4] )


[3] قد تقدّم في مبحث الأمارات من عيون الأنظار، ج7، ص89 قولنا: «و أمّا ما أفاده المحقّق الإصفهاني. في الجمع بین الحكم الواقعي و الظاهري: ... »

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo