< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الأول؛ الدلیل الرابع؛ القسم الثاني من الروایات

 

تقریب الاحتمال الخامس على ما أفاده صاحب الكفایة

«إنّ الغایة فیها [أي في هذه الروایات] إنّما هو لبیان استمرار ما حكم على الموضوع واقعاً من الطهارة و الحلّیة ظاهراً ما لم‌یعلم بطروّ ضدّه [كعروض الحرمة التي هي ضد الحلّیة] أو نقیضه [كعروض النجاسة التي هي نقیض الطهارة بناء على أنّ الطهارة أمر عدمي] لا لتحدید الموضوع كي یكون الحكم بهما قاعدة مضروبة لما شك في طهارته أو حلّیته.

و ذلك لظهور المغیّى فیها [أي في هذه الروایات] في بیان الحكم للأشیاء بعناوینها، لا بما هي مشكوكة الحكم كما لایخفی فهو و إن لم‌یكن له بنفسه مساس بذیل القاعدة و لا الاستصحاب إلّا أنّه بغایته دلّ على الاستصحاب، حیث أنّها [أي الغایة] ظاهرة في استمرار ذلك الحكم الواقعي ظاهراً ما لم‌یعلم بطروّ ضدّه أو نقیضه، كما أنّه لو صار مغیاً لغایة مثل الملاقاة بالنجاسة أو ما یوجب الحرمة لدلّ على استمرار ذاك الحكم واقعاً و لم‌یكن له حینئذٍ بنفسه و لا بغایته دلالة على الاستصحاب.

و لایخفی أنّه لایلزم على ذلك استعمال اللفظ في معنیین أصلاً و إنّما یلزم لو جعلت الغایة -مع كونها من حدود الموضوع و قیوده- غایةً لاستمرار حكمه لیدلّ على القاعدة و الاستصحاب من غیر تعرّض لبیان الحكم الواقعي للأشیاء أصلاً، مع وضوح ظهور مثل "كلّ شيء حلال أو طاهر" في أنّه لبیان حكم الأشیاء بعناوینها الأوّلیة و هكذا "الماء كلّه طاهر" و ظهور الغایة في كونها حدّاً للحكم لا لموضوعه، كما لایخفی فتأمل جیداً».([1] )

مناقشة المحقّق الخوئي في الاحتمال الخامس

«لایمكن الجمع بین الطهارة الواقعیة و الاستصحاب في الاستفادة من الأخبار المذكورة لأنّ قوله: "حَتَّی تَعلَم" إمّا أن یكون قیداً للموضوع أو للمحمول، و لاتستفاد الطهارة الواقعیة و الاستصحاب على كلا الوجهین:

أمّا إن كان قیداً للموضوع ... فیكون المراد من قوله: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ نَظِيفٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ قَذِرٌ» أنّ كلّ شيء لم‌تعلم نجاسته فهو طاهر، فیكون المراد قاعدة الطهارة الظاهریة للأشیاء المشكوك فیها، فإنّ الشيء الذي لم‌تعلم نجاسته عبارة أخری عن الشيء المشكوك فیه.

و كذلك إن كان قیداً للمحمول، لأنّ المراد حینئذٍ أنّ الأشیاء طاهرة ما لم‌تعلم نجاستها أي مادام مشكوكاً فیها فیكون مفاد الروایة هو الحكم بالطهارة الظاهریة للأشیاء المشكوك فیها على التقدیرین، و لا ربط لها بالطهارة الواقعیة و لا الاستصحاب.

نعم لو كان في الكلام تقدیر و كان قوله: "حَتَّی تَعلَم" متعلّقاً به و قیداً له و كان التقدیر هكذا: "كلّ شيء طاهر و طهارته مستمرّة حتّی تعلم أنّه نجس" كان الكلام دالاً على الطهارة الواقعیة و الاستصحاب، و لكن التقدیر خلاف الأصل و لا موجب للالتزام به».([2] )

یلاحظ علیها

إنّ ما أفاده المحقّق الخوئي من أنّ الغایة إذا كانت قیداً للموضوع أو المحمول یلزم حمل الطهارة على الطهارة الظاهریة، صحیح بلا إشكال.

إلّا أنّ الكلام هو في أنّ قوله: «كُلُّ‌ شَيْ‌ءٍ نَظِيف» بنفسه ظاهر في الطهارة الواقعیة لما تقدّم من أنّ موضوع الحكم بالطهارة هو كلّ شيء و الظاهر منه هو الشيء بما هو شيء لا الشيء بما هو مشكوك، و أمّا العلم في قوله: «حَتَّى‌ يُعْلَمَ‌ أَنَّهُ‌ قَذِرٌ» إمّا یحمل على العلم الطریقي و هذا یتطرّق في الاحتمال الأوّل الذي قلنا فیه بحمل الروایة على بیان حكم الطهارة الواقعیة، و حمل العلم على العلم الطریقي خلاف الظاهر كما تقدّم([3] ).

و إمّا یحمل على العلم و الیقین الذي هو غایة للاستصحاب (أعني ما یرادف قوله: «لَكِنْ يَنْقُضُهُ بِيَقِينٍ آخَرَ»).

و الاستدراك الذي أفاده المحقّق الخوئي بقوله: «نعم» من أنّ الحمل على الطهارة الواقعیة و الاستصحاب یحتاج إلى تقدیر عبارة «و طهارته مستمرّة» فلا ملزم له، لأنّ قوله «حتّی» یدلّ على الاستمرار فإنّ صدر الروایة یدلّ على أنّ الشيء بعنوانه الأولي محكوم بالطهارة، و المستفاد من ذيلها هو استمرار هذا الحكم عند طروّ العنوان الثانوي و هو الشك في الطهارة حتّی إذا حصل العلم بالنجاسة فإظهار عبارة «و طهارته مستمرة» ممّا لا ملزم له حتّی یكون تقدیرها خلافاً للظاهر.([4] )


[3] راجع ص293.
[4] . في نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص113..: «و أما الاحتمال الرابع و هو ما في المتن- من تكفّل الرواية للحكم الواقعي و للحكم الظاهري الاستصحابي، فهو و إن كان يندفع عنه محاذير ضمّ الحكم الظاهري- الّذي هو مفاد القاعدة- إلّا أن محاذير الجمع بين الحكمين على حالها»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo