< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الأول؛ الدلیل الرابع؛ الروایة الثالثة

 

الإیراد الثاني من المحقّق الإصفهاني

التحقیق أنّ صلاة الاحتیاط إمّا هي صلاة مستقلّة، لها أمر مستقل، تكون على تقدیر نقص الصلاة جابرة لها من حیث مصلحتها و على تقدیر التمامیة نافلة.

و إمّا هي جزء الصلاة التي وقع الشك في أثنائها، بحیث یدور أمرها بین وقوعها جزءً – حقیقة - من الصلاة، على تقدیر النقص و لغواً صرفاً على تقدیر التمامیة.

فإن قلنا بالأوّل فلا معنی لاستصحاب عدم إتیان الرابعة إلا التعبّد ببقاء الأمر بها بعین الأمر بالصلاة، كما هو شأن الجزء، مع أنّ المفروض أنّ الأمر بصلاة الاحتیاط أمر مستقلّ بصلاة مستقلّة، لا أنّه بقاء الأمر الأوّل لا واقعاً و لا ظاهراً سواء قیل بتبدّل الحكم الواقعي إلى حكم واقعي آخر، أو بأنّه حكم ظاهري مع بقاء الحكم الواقعي بأربع ركعات على حاله، لأنّ صلاة الاحتیاط على أيّ حال صلاة أخری، لها أمر آخر، إمّا واقعاً أو ظاهراً، فلا‌یعقل أن یكون عنوان النقص و بقاء الأمر محفوظاً ... .

و إن قلنا بالثاني و هو كونها جزء حقیقة لا من حیث الأثر فقط، فمقتضى جزئیّتها كونها مأموراً بها بعین الأمر بالصلاة، إذ لا وجوب استقلالي، لا نفسیاً و لا غیریاً للجزء الحقیقي.

و من الواضح عدم كون الصلاة الواجبة بالوجوب النفسي الممكن بقاء أمرها واقعاً بعینه، مشتملة على تسلیمتین و تكبیرتین، فلیس الإشكال من حیث مانعیة زیادة التسلیمة و التكبیرة، حتّی یقال بتقیید إطلاق أدلّة المانعیة و بقاء الأمر بذوات الأجزاء على حالها.

بل الإشكال من حیث وجوب هذه الزیادات بنحو الجزئیة، التي لا مجال لدخولها في الواجب، إلا بتبدّل الأمر بما عداها إلى الأمر بما یشتمل علیها.

فلا‌محالة هناك أمر آخر بصلاة مشتملة علیها، إمّا واقعاً أو ظاهراً، و على أيّ حال لایعقل عنوان بقاء الأمر الواقعي تعبّداً، كما هو مفاد الاستصحاب. ([1] )

یلاحظ علیه

إنّا نقول بالثاني و نقول: إنّه لایجوز اشتمال الصلاة الواحدة على تسلیمتین و تكبیرتین فیما إذا قصد من جمیعها التسلیم الواقعي و التكبیر الواقعي، و أمّا إذا قصد وجود التسلیم الواقعي بین أحد التسلیمین على أن یكون أحدهما واقعیاً و الآخر زائداً فلا إشكال فیه و أدلّة مانعیة الزیادة تتقیّد بهذه الصحیحة و نتیجته عدم مانعیة زیادة التسلیم على فرض كون الصلاة المشكوكة ثلاث ركعات.

الإیراد الثالث من المحقّق الخوئي

إنّ مقتضى أدلّة الاستصحاب هو البناء على الیقین السابق و عدم الاعتناء بالشك الطارئ، و فرض وجوده بمنزلة العدم، و لازم ذلك وجوب الإتیان بركعة أخری متّصلة، فلیس التنافي بین الصحیحة على تقدیر دلالتها على الاستصحاب و بین الروایات الأخر بالإطلاق و التقیید، حتّی یجمع بینهما بتقیید الصحیحة بها بل بالتباین، لدلالة الصحیحة على وجوب الإتیان بركعة أخری متّصلة، و الروایات الأخر على وجوب الإتیان بها منفصلة فالأخذ بالصحیحة یستلزم رفع الید عن الروایات الأخر التي علیها اعتماد المذهب. ([2] )

یلاحظ علیه

إنّ الصحیحة لاتدلّ على وجوب الإتیان بركعة أخری متّصلة، بل الصحیحة تدلّ على وجوب الإتیان بركعة أخری، أمّا كونها متّصلة فإنّما هو باقتضاء الأدلّة الدالّة على مانعیة الزیادة من التشهّد و التسلیم عند اختتام الصلاة المشكوكة و التكبیر عند افتتاح الصلاة الاحتیاطیة، فلا‌بدّ من تقیید إطلاق أدلّة مانعیة الزیادة، و نتیجة ذلك هو الجمع بین جریان الاستصحاب و قاعدة لاتنقض و بین إقامة الركعة الواحدة بعد التسلیم على نحو الركعة المنفصلة مع اعتبار زیادة التسلیم الواقع قبلها فیما إذا فرضنا كون الصلاة المشكوكة ثلاث ركعات حتّی تكون هذه الركعة الواحدة متمّمة لها و تكون جزءاً منها.

و الحاصل أنّ جواب صاحب الكفایة عن مناقشة الشیخ مخدوش بالإیراد الأوّل الذي أفاده المحقّق الإصفهاني، أمّا الإیراد الثاني الذي أفاده المحقّق الأصفهاني و كذلك إیراد المحقّق الخوئي علیه، فلا‌نسلّم ورودهما.

جواب المحقّق النائیني عن مناقشة العلامة الأنصاري

لانسلّم أنّ إطلاق الاستصحاب یقتضي الإتیان بالركعة الموصولة، بل الاستصحاب لایقتضي أزید من البناء على عدم الإتیان بالركعة المشكوكة.

و أمّا الوظیفة بعد ذلك ما هي؟ فهي تتبع الجعل الشرعي و المفروض أنّ الوظیفة التي قرّرها الشارع للشاك في عدد الركعات هي الإتیان بالركعة المفصولة، فإنّ الحكم یتبدّل في حقّ الشاك واقعاً و یكون تكلیفه الواقعي هو عدم وصل الركعة.

و الحاصل أنّ مقتضى الاستصحاب عند الشك في فعل بعض الركعات هو الإتیان بالركعة المشكوكة. و أمّا تعیین كیفیة الإتیان و أنّها موصولة أو مفصولة فهو یدور مدار تعیین الشارع، و الذي عیّنه الشارع في باب الشك في عدد الركعات هو الإتیان بركعات الاحتیاط مفصولة بتكبیر و تسلیم فتأمّل.

فتحصّل أنّ منشأ توهّم عدم انطباق الروایة على الاستصحاب هو تخیّل أنّ الشارع أسقط الاستصحاب في باب الشك في عدد الركعات و قد ظهر فساده.

فالأقوی أنّ الروایة لاتقصر عن بقیّة الروایات في ظهورها في حجّیة الاستصحاب فتأمّل جیّداً. ([3] )

هذا ما أفاده المحقّق النائیني و كلامه تامّ إلا أنّه لابدّ من الإشارة إلى أنّ ما دلّ على إتیان الركعة الاحتیاطیة مفصولةً، یكون تقییداً لأدلّة مانعیة الزیادة في الصلاة، بالنسبة إلى خصوص المورد.

نتیجة ذلك تمامیة دلالة الصحیحة الثالثة لزرارة على حجّیة الاستصحاب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo