< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الأول؛ الدلیل الرابع؛ الاحتمال الثالث لمعنی الروایة الأولی من الروایات القسم الأول

 

الاحتمال الثالث

تقریب المحقق الإصفهاني لهذا الاحتمال

قال: و أمّا [الاحتمال] الثالث [و هو أن یكون الجزاء جملة: «وَ لَا‌يَنْقُضُ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ»] فهو على قسمین:

أحدهما: أن یكون قوله: «فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ» من متمّمات الشرط و مفاده حینئذٍ: إن لم‌یستیقن بالنوم و أیقن بالوضوء، فلا‌ینقض یقینه بالشك.

ثانیهما: أن یكون من متعلّقات الجزاء و مفاده حینئذٍ: إنّ من لم‌یستیقن بالنوم، فحیث أنّه على یقین من وضوئه، لاینقض الیقین إلخ، نظیر قولهم: إذا جاءك زید فحیث أنّه عالم أكرمه. ([1] )

مناقشة المحقّق الإصفهاني في الاحتمال الثالث

إنّ المحقّق الإصفهاني یری بطلان كلا القسمین قال:

[القسم] الأوّل منهما منافٍ لتصدیر المتمّم للشرط [أي جملة فإنّه على یقین من وضوئه] بالفاء و [منافٍ] لعطف جزائه بالواو.

و [القسم] الثاني منهما یناسب التصدیر بالفاء كما في نظیره من المثال لكنّه ینافیه عطف الجزاء بالواو. ([2] )

مناقشة المحقّق النائیني في الاحتمال الثالث

إنّه بعید عن سوق الكلام، مع أنّه یلزم اختصاص قوله: «وَ لَا‌يَنْقُضُ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ» بخصوص باب الوضوء، و یتعیّن أن یكون الألف و اللام فیه للعهد و لایصلح لأن یكون كبری كلّیة في جمیع المقامات. ([3] )

و ستجيء إن شاء الله تعالى المناقشةُ في ذلك من جهة لزوم إلغاء الخصوصیة و إن كانت الألف و اللام عهدیة.([4] )

الاحتمال الرابع

الاحتمال الرابع هو أن یكون الجزاء جملة: «فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ» مع بقائها على الخبریة من دون تأویلها بالإنشائیة.

مناقشة صاحب الكفایة في الاحتمال الرابع

إنّ صاحب الكفایة ذهب إلى أنّ جملة: «فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ» هي العلّة قامت مقام الجزاء المحذوف و لایمكن أن تكون هذه الجملة هي نفس الجزاء فقال:

إنّه لایكاد یصحّ أن یجعل بظاهره نفس الجزاء، لإباء لفظه و معناه عن ذلك إذ كلمة «فإنّه» ظاهرة في التعلیل، و ظاهر القضیة هو الیقین في الحال بثبوت الوضوء سابقاً قبل الشك في حدوث حدث النوم و هو غیر مترتّب على هذا الشرط [أي عدم الیقین بالنوم] لأنّه ربّما كان من قبل، و یتخلّف عنه فیما بعد كما لایخفی. ([5] )

جواب المحقّق الإصفهاني عن هذه المناقشة

و جوابه عن ظهور كلمة «فإنّه» في التعلیل قد تقدّم سابقاً([6] ) و محصّله أنّ حرف الفاء و كلمة «إنّ» بل مجموعهما یقع في صدر جملة الجزاء و له نظائر كثیرة في الآیات القرآنیة.

و أمّا جوابه عن إیراد صاحب الكفایة من حیث عدم ترتّب جملة: «فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ» على جملة: «إن لم‌یستیقن أنّه قد نام» فقال:

حدیث ترتّب الجزاء على الشرط فهو أمر توهّمه جملة من النحاة خلافاً للمحقّقین منهم و لأهل المیزان، فإنّهم مطبقون على أنّ الجزاء لایجب أن یكون مسبّباً عن الشرط و مترتّباً علیه في الوجود.

بل ربّما یعكس الأمر كقولهم: «إن كان النهار موجوداً كانت الشمس طالعة» و «إن كان هذا ضاحكاً كان إنساناً».

بل قد مرّ في مبحث مفهوم الشرط أنّه لا حاجة إلى اللزوم أصلاً، بل یكفي الترتّب بفرض العقل و اعتباره في ظرف عقد القضیة ... .

و أمّا حدیث التخلّف [و المراد من ذلك هو ما قال صاحب الكفایة: «لأنّه ربّما كان من قبل و یتخلّف عنه فیما بعد»] فإنّما یصحّ إذا كانت قضیة كلّیة متضمنة للملازمة بین «عدم الیقین بالنوم» و «الیقین بالوضوء» فإنّه یمكن أن لایكون یقین بالوضوء أصلاً، مع عدم الیقین بالنوم [هذا تقریر لاستدلال صاحب الكفایة بالتخلّف حاصله: إنّ معنی الروایة بناء على الاحتمال الرابع هو أنّه: «إن لم‌یستیقن بالنوم، فإنّه على یقین من وضوئه» مع أنّ هذا المعنی غیر تامّ لأنّه یمكن تحقّق الشرط و هو عدم الیقین بالنوم مع عدم تحقّق الجزاء یعني مع عدم تحقّق الیقین بالوضوء]، أو كان الیقین موجوداً سابقاً و زال لاحقاً، لمكان الشك الساري [و هذا بیان آخر للتخلّف المذكور حیث أنّه یمكن تحقّق الشرط و هو عدم تحقّق الیقین بالنوم مع عدم تحقّق الجزاء بمعنی عدم تحقّق الیقین بالوضوء و ذلك لأنّ الجزاء كان محقّقاً فیما سبق، و لكن الشك الساري أزاله و رفعه].

إلا أنّه من الواضح أنّه لیس فیما نحن فیه كذلك [أي لیست فیما نحن فیه قضیة كلّیة متضمّنة للملازمة بین الشرط و هو عدم الیقین بالنوم و بین الجزاء و هو الیقین بالوضوء] بل حیث أنّ المفروض كونه على وضوء و الشك في النوم، فعدم الیقین لاحقاً بأحد الوجهین [أي عدم تحقّق الیقین بالوضوء من أوّل الأمر أو تحقّق الیقین به أوّل الأمر مع طروّ الشك في نفس الیقین من الأوّل بنحو الشك الساري] خُلف، فالترتّب و عدم التخلّف بحسب الفرض ثابت [و سیشیر المحقّق الإصفهاني إلى ذلك]. ([7] )

 


[4] ستجيء ذیل بیان المحقّق الإصفهاني. في تقریر الاحتمال الرابع ص181
[6] تقدّم في ص168.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo