< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /التنبیه الثاني عشر؛ ملاقي اطراف الشبهة المحصورة؛ استدلال المحقق النائینی علی التنجیس بالسرایة؛ إشکال و دفع منه

 

إشكال علی ما أفاده المحقق النائيني
في المبنی الثاني (طهارة الملاقي)

إنّ العلم باتّحاد حكم الملاقي و ما لاقاه أوجب لنا العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو الطرف الآخر.

جواب العلّامة الأنصاري[1]
و المحقّق النائیني
عن هذا الإشكال ([2]
)

العلم بنجاسة الملاقي أو الطرف الآخر إنّما یكون مؤثراً ما لم‌یكن الحكم في الطرف الآخر متنجّزاً بمنجّز سابق و مع تنجّز التكلیف في أحد الطرفین بمنجّز شرعي أو عقلي نشك في حدوث تكلیف جدید.

و أمّا العلم بنجاسة مجموع الملاقي و ما لاقاه أو الطرف الآخر فلا أثر له أیضاً، فإنّ نجاسة الملاقي و نجاسة ما لاقاه لیستا في مرتبة واحدة بل الشك في إحداهما مسبب عن الشك في الأخری، فالعلم بخطاب مردّدٍ بین الطرفین سابقٍ في الرتبة على الخطاب المشكوك أوجب تنجّز المعلوم و سقوط الأصول في أطرافه، فلم یبق إلّا الشك في خطاب متعلّق بخصوص الملاقي، و من الضروري أنّ الأصول إذا سقطت في ناحیة الشك السببي فینتهي الأمر إلى الأصل الجاري في الشك المسببي.

و الحاصل أنّ البراءة تجري في الملاقي بلا كلام أو فقل: إنّ أصالة الطهارة جاریة فیه بلا معارض.

مناقشة في جواب العلّامة الأنصاري و المحقّق النائیني
([3]
)

إنّ جریان أصالة الطهارة في الملاقي في طول جریان أصالة الطهارة في الملاقی، و كذلك جریان أصالة الحلّ في الطرفین في طول جریان أصالة الطهارة فیهما، إذ لو أُجریت أصالة الطهارة و حكم بالطهارة لاتصل النوبة إلى جریان أصالة الحلّ، فتكون أصالة الطهارة في الملاقي و أصالة الحلّ في الطرف الآخر في مرتبة واحدة، لكون كلیهما مسببیاً.

فإنّا نعلم إجمالاً بعد تساقط أصالة الطهارة في الطرفین بأنّ هذا الملاقي نجس أو أنّ الطرف الآخر حرام، فیقع التعارض بین أصالة الطهارة في الملاقي و أصالة الحلّ في الطرف الآخر و یتساقطان، فیجب الاجتناب عن الملاقي.

نعم لا مانع من جریان أصالة الحلّ في الملاقي بعد سقوط أصالة الطهارة فیه بالمعارضة لأصالة الحلّ في الطرف الآخر، لعدم معارض له في هذه المرتبة.

ملاحظة علی هذه المناقشة

إنّ العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو حرمة الطرف الآخر لیس بمنجّز، و الوجه فیه هو ما أفاده المحقّق النائیني من أنّه یعتبر في تنجّز العلم الإجمالي أن لایكون الحكم في بعض أطرافه متنجّزاً بمنجّز سابق، إذ لو تنجّز التكلیف في أحد الطرفین بمنجّز عقلي أو شرعي نشك في حدوث تكلیف جدید و الأصل الجاري عند الشك في حدوث التكلیف هو البراءة الشرعیة.

و المقام من هذا القبیل، لأنّ العلم الإجمالي بنجاسة الملاقَی أو الطرف الآخر یقتضي الاجتناب عنهما و مع وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر لایوجب العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو حرمة الطرف الآخر علماً بتكلیف جدید، لاحتمال كون المعلوم بالإجمال هو حرمة الطرف الآخر و حینئذٍ نجاسة الملاقي لیست إلّا شبهة بدویة لحدوث تكلیف جدید و القاعدة فیها هي أصالة البراءة فما أفاده المحقّق النائیني وافٍ بدفع هذه المناقشة.

هذا هو بیان نظریة المشهور على تقریر المحقّق النائیني.

النظریة الثانیة: تفصیل صاحب الكفایة
([4]
)

إنّ المحقّق الخراساني ذهب إلى التفصیل في هذه المسألة و أفاد هنا صوراً ثلاثاً ففي الصورة الأولى یجب الاجتناب عن الملاقی دون الملاقي و في الصورة الثانیة یجب الاجتناب عن الملاقي دون الملاقی و في الصورة الثالثة یجب الاجتناب عن الملاقي و الملاقی كلیهما.

فهنا صور ثلاث:

الصورة الأولی: وجوب الاجتناب عن الملاقَى دون الملاقي

و هي ما إذا كانت الملاقاة بعد العلم إجمالاً بالنجس بینهما، فإنّه إذا اجتنب عنه و عن طرفه اجتنب عن النجس في البین قطعاً و لو لم‌یجتنب عن الملاقي، فإنّه على تقدیر نجاسته لنجاسة الملاقی كان فرداً آخر من النجس قد شك في وجوده، كشيء آخر شُك في نجاسته بسبب آخر.([5] )

فلا مجال لتوهّم أنّ مقتضى تنجّز الاجتناب عن المعلوم بالإجمال هو الاجتناب عن الملاقي أیضاً، ضرورة أنّ العلم الإجمالي بالمعلوم بالإجمال إنّما یوجب تنجّز الاجتناب عن المعلوم بالإجمال في أطراف العلم الإجمالي، لا تنجّز الاجتناب عن فرد آخر و هو ملاقٍ لم‌یعلم حدوثه و إن احتمل.([6] )

الصورة الثانیة: وجوب الاجتناب عن الملاقي دون الملاقی

و هي ما إذا علم إجمالاً نجاسة الشيء الأوّل و هو الثوب مثلاً أو نجاسة الشيء الثاني و هو الإناء الأبیض، ثم حدث العلم بملاقاة الشيء الأوّل مع الشيء الثالث و هو الإناء الأحمر، فالملاقي هو الشيء الأوّل أي الثوب و الملاقی هو الشيء الثالث أي الإناء الأحمر، و أیضاً حدث العلم الإجمالي بنجاسة الشيء الثالث أو الشيء الثاني فإنّ حال الملاقی و هو الإناء الأحمر في هذه الصورة بعینها حال الملاقي في الصورة السابقة في عدم كونه طرفاً للعلم الإجمالي و أنّه فرد آخر على تقدیر نجاسته واقعاً غیر معلوم النجاسة، لأنّ العلم الإجمالي الثاني غیر منجّز، لأنّ بعض أطرافه كان طرفاً لعلم إجمالي سابق منجّز، حیث أنّ العلم الإجمالي الثاني كان له طرفان: أحدهما الشيء الثالث و هو الملاقی الذي لاقاه الثوب و هو الإناء الأحمر و ثانیهما الشيء الثاني و هو الإناء الأبیض الذي كان طرفاً للعلم الإجمالي الأوّل و لذا لم‌یتنجّز العلم الإجمالي الثاني.([7] )

و لهذه الصورة الثانیة مثال آخر أیضاً، أشار إلیه صاحب الكفایة:

إنّه إذا عُلم بملاقاة الثوب للإناء الأحمر ثم حدث العلم الإجمالي بنجاسة الإناء الأحمر أو الإناء الأبیض و لكن كان الملاقی و هو الإناء الأحمر خارجاً عن محلّ الابتلاء، فحینئذٍ یجب الاجتناب عن الثوب الملاقي و عن الإناء الأبیض لأنّهما طرفان للعلم الإجمالي و إذا صار الإناء الأحمر الملاقی داخلاً في محلّ الابتلاء في ما بعد فلا‌یجب الاجتناب عنه.([8] )

الصورة الثالثة: وجوب الاجتناب عن الملاقي و الملاقی

إذا حصل العلم الإجمالي بعد العلم بالملاقاة یجب الاجتناب عنهما، ضرورة أنّه حینئذٍ نعلم إجمالاً إمّا بنجاسة الملاقي و الملاقی أو بنجاسة الطرف الآخر، فیتنجّز التكلیف بالاجتناب عن النجس في البین و هو الواحد (أي نجاسة الطرف الآخر) أو الاثنان (أي نجاسة الملاقى و ملاقیه)([9] ).


[5] استدلال الشیخ الأنصاري على عدم وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه بالنجس في هذه الصورة و مناقشة المحقق الإصفهاني فیه:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص284.: «من جميع ما ذكرنا تبيّن عدم صلاحية العلم الإجمالي «في هذه الصورة» لوجوب الاجتناب عقلاً عن الملاقي و مع عدم المقتضي عقلاً لوجوب الاجتناب لا وجه للاستناد إلى المانع، كما هو ظاهر الشيخ الأعظم. في رسالة البراءة و في كتاب الطهارة حيث استند في عدم وجوب الاجتناب عقلاً عن الملاقي إلى سلامة أصالة الطهارة فيه عن المعارض فإنّ انحلال العلم بجريان الأصل الغير المعارض، إنّما يحتاج إليه إذا كان مع عدم الانحلال مقتضياً لوجوب الاجتناب و ليس باب العلم الإجمالي باب ترتيب آثار الطاهر و النجس «بما هما طاهر و نجس» ليتوهّم الحاجة فيه إلى إجراء الأصل، بل بابه باب تأثير العلم في وجوب الاجتناب عقلاً، و عدمه. فافهم جيداً»
[6] في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص281. في التعلیقة على قوله: «تارةً يجب الاجتناب عن الملاقىٰ دون ملاقيه‌»: «حاصل الوجه في عدم وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه بالنجس عقلاً عدم العلم بفرد آخر من النجس غير ما علم به أولاً بين الإناءين، و حيث لا علم فلا‌يجب الاحتياط».ثم ذكر ثلاثة إشكالات على عدم وجوب الاحتیاط في هذه الصورة و أجاب عنها:الإشكال الأول: «إنّ مجرد عدم العلم بفرد آخر من النجس ليس مناطاً لعدم وجوب الاحتياط، كيف و مع سبق الملاقاة على العلم الإجمالي، كما في الصورة الثالثة الآتية في كلامه أيضاً ليس هناك علم بفرد آخر من النجس، و مع ذلك أوجب الاحتياط فيها؟ بل لايجب العلم بأصل وجود النجس في وجوب الاحتياط، و يكفي مجرد كونه من أطراف العلم، كما إذا علم بنجاسة هذا الإناء أو بغصبية ذلك الإناء الآخر، فإنّه لا شبهة في منجزية هذا العلم، فلا‌يجب في الاحتياط إلا الطرفية للعلم، و من الواضح أنّ الملاقي بعد الملاقاة طرف للعلم وجداناً، بداهة أنّ الشخص بعد الملاقاة يقطع بأنّ هذا الإناء نجس أو ذاك الإناء الآخر و ملاقيه معاً للقطع بالملازمة بينهما.»الجواب عن الإشكال الأول: «غرضه. من عدم العلم بفرد آخر من النجس عدم كون الملاقي في هذه الصورة طرفاً للعلم المنجز، لا عدم كونه طرفاً فقط، و ذلك لأنّ العلم الإجمالي بعد تعلّقه بالنجس المعلوم بين الإناءين أوجب تنجّز التكليف المعلوم، و بعد حدوث الملاقاة «و صيرورة أطراف العلم ثلاثة وجداناً» لايعقل تأثير العلم الثاني؛ إذ المنجز لايتنجز فهذا العلم الثاني لم‌يتعلق بتكليف لم‌يتنجز حتى يعقل تنجزه بالعلم الحادث ثانياً، لاحتمال أن يكون التكليف في طرف الملاقىٰ، و بعد تنجّزه لا علم بتكليف آخر لم‌يتنجز حتى يتنجز بالعلم الثاني، بل مجرد احتمال التكليف في الملاقي تبعاً للملاقىٰ بخلاف الصورة الثالثة، فإنّ العلم حدث بعد الملاقاة فقد تعلق بتكليف لم‌يتنجز بعد، و إنّما يتنجز بهذا العلم.»الإشكال الثاني: «یقاس انقلاب العلم الأول إلى ما صار أطرافه ثلاثة بصورة انقسام أحد الإناءين إلى قسمين، فكما أنّ مقتضى الملازمة بين الأجزاء في العلم هو الاحتياط، كذلك الملازمة بين الملاقى و ملاقيه في الحكم.»الجواب عن الإشكال الثاني: «إنّ وجوب الاحتياط في صورة الانقسام ليس لمجرد الملازمة، بل لأنّه تفريق لما تنجز حكمه بخلاف ما نحن فيه، فأنّه لا معنى للملازمة بين ما تنجز و ما لم‌يتنجز.»الإشكال الثالث: «بناء على أنّ الحجية الشرعية بمعنى تنجيز الواقع إذا قامت البينة على نجاسة شي‌ء فلاقاه شي‌ء آخر، فإنّ مجرد قيام الحجة على نجاسة ذلك الشي‌ء يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن ملاقيه و لا فرق بين المنجز الشرعي و العقلي، فإنّه لا تفاوت بينهما إلا أنّ الأول بحكم الشارع و الثاني بحكم العقل، و إلا فأثر كل منهما استحقاق العقوبة على تقدير المصادفة و بعد تنجز الحكم في الملاقىٰ على تقدير ثبوته فيه واقعاً يجب الاجتناب عن ملاقيه أيضاً، و إن لم‌يكن عليه منجز عقلي، كما في ملاقي ما قام عليه المنجز الشرعي، فإنّه لا منجز شرعي على الملاقي، و مع ذلك يجب الاجتناب عنه بتبع تنجز الحكم في ملاقاه.»الجواب عن الإشكال الثالث: «أولاً: إنّ دليل المنجز الشرعي كما يدلّ بالمطابقة على تنجز وجوب الاجتناب عن ما قامت البيّنة على نجاسته، كذلك يدلّ بالالتزام على وجوب الاجتناب عن ملاقيه، و ليس هذه الدلالة في طرف المنجز العقلي الذي هو بحكم العقل.و ثانياً: إذا كان احتمال التكليف المقرون باحتمال آخر هو المنجز للتكليف المحتمل عقلاً صحّ قياس المنجز العقلي بالمنجز الشرعي، و أما إذا كان المنجز هو العلم و كان احتمال التكليف المنجز بالعلم هو المقتضي لوجوب الموافقة القطعية فلا مجال للقياس، فإنّ ملاقي ما قامت عليه البيّنة ملاق لما تنجّز حكمه بالمنجز الشرعي قطعاً بخلاف ما نحن فيه، فإنّ المنجز هو العلم و المعلوم هو المنجز، و لا ملاقي للمعلوم لا إجمالاً و لا تفصيلاً بل احتمالاً فقط.»
[7] إیراد المحقق النائیني على نظریة صاحب الكفایة في الصورة الثانیة:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص286.: «ربما يقال‌ بأنّ العلم حيث أنّه طريقي لم‌يؤخذ على وجه الصفتية، فالعبرة حينئذٍ بسبق المعلوم، و إن كان العلم به متاخراً في الوجود، و حيث أنّ الملاقىٰ سابق بالرتبة على الملاقي فهو يتنجّز قبل تنجّز الملاقي بسبب العلم الثاني و إن كان متأخراً».جواب المحقق الإصفهاني. عن هذا الإیراد: «إنّ الطريقية لايقتضي إلا أنّ المعلوم السابق إذا كان له أثر يترتب عليه فعلاً، لترتّبه على وجوده لا على العلم به، فإذا لاقاه شي‌ء قبل العلم به يترتب عليه فعلاً أثر ملاقاة النجس، و لا مجال لتوهّم لزوم الملاقاة بعد العلم بالنجس، و أما عدم تأثير العلم الإجمالي الأول فلا معنى له، لأنّ مجرد وجود شي‌ء واقعاً سابق في الرتبة لايعقل أن يكون بوجوده مانعاً عن تأثير العلم الوجداني، و وجوده العلمي المتأخر يستحيل أن يمنع فعلاً عن تأثير العلم الإجمالي؛ لأنّ المعدوم حال وجود المقتضي و ترقّب تاثيره لايعقل أن يكون مانعاً عن تأثيره و مانعيته عن تأثير العلم الأول بقاء توجب الدور؛ لأنّ مانعيته فرع كونه علماً بحكم فعلي على أي تقدير، و غير منجز بمنجز سابق، و كونه كذلك فرع سقوط العلم الأول عن التأثير بقاء، فافهم جيداً»
[8] قال المحقق الإصفهاني في توضیح عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي إذا صار محل الابتلاء في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص285.: «دخول الملاقىٰ بعد ذلك في مورد الابتلاء، و إن كان يوجب حصول شرط التنجز من حيث الابتلاء، لكنّه لم‌يبق تكليف على أيّ تقدير غير منجز كي يتنجز بهذا العلم».إیرادان على كون الملاقي في هذا المثال طرفاً للشبهة و جواب المحقق الإصفهاني عنهما: الإیراد الأول:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص285.: «ربما يتوهم أن الملاقي ليس طرفاً للشبهة، بل طرفا الشبهة هما الملاقىٰ و ما هو في عرضه. غاية الأمر أنّه لم‌يكن العلم منجزاً للخروج عن مورد الابتلاء، و بعد دخول الملاقىٰ يؤثر العلم بالتكليف أثره، و كان منشأ التوهم أنّ البول المعلوم أو الخمر المعلوم أو ما أشبه ذلك مردد بين الإناءين، و ليس الملاقي طرفاً لهذا العلم».الجواب عن هذا الإیراد: «إنّ الغرض من الطرفية ليس انطباق عنوان البول أو الخمر أو جامع آخر على كل من الطرفين، بل مجرد الطرفية للتكليف الصالح للتنجّز و من البيّن حصول العلم الوجداني بأنّ هذا نجس أو ذاك متنجس، فيجب الاجتناب على أي تقدير شرعاً، فيتنجز بالعلم به عقلاً».الإیراد الثاني: في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص287..: «إنّ مقتضى عدم منجزية العلم للملاقىٰ بعد دخوله في مورد الابتلاء جريان أصالة الطهارة فيه، لسلامتها عن المعارض على الفرض، لتساقط الأصلين في طرفي العلم الإجمالي الأوّلي، و مقتضى جريان أصالة الطهارة في الملاقىٰ التعبد بطهارة ملاقيه، و إلا لزم انفكاك المسبب عن سببه، و مقتضى طهارة الملاقي و عدم جريان حكم المقدمة العلمية عليه عدم جريان أصالة الطهارة في الملاقىٰ، لدوران النجس المعلوم إجمالاً بينه و بين ما هو في عرضه، فيتساقط الأصلان فيهما فلازم طرفية الملاقي للعلم الإجمالي هذا المحذور المحال، بخلاف ما إذا انحصر الطرف في الملاقىٰ و ما هو في عرضه، فإنّه قبل تمامية شرائط التنجز لايجب الاجتناب عن شي‌ء منهما، و بعد التمامية يجب».الجواب عن الإیراد الثاني: «إنّا نلتزم بانفكاك المسبب عن سببه بلحاظ بعض الآثار، لمكان الموجب له، فإنّ التعبد بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي إنّما يصح بتبع التعبد بعدمه في الملاقىٰ إذا لم‌يكن هناك مانع عقلي أو شرعي ... و مقتضى التعبد بطهارة الملاقىٰ بعد تنجز التكليف في الملاقي و طرفه ليس إلا ترتيب أثر الطاهر بما هو طاهر على الملاقي لا رفع وجوب الاجتناب العقلي التابع للعلم الإجمالي الذي لا مانع منه عند تأثيره، فيجب الاجتناب عقلاً عن الملاقي و عن طرفه، و إن كان لايعامل معه معاملة النجس من حيث ملاقاة شي‌ء معه، فضلاً عن طرفه، فإنّ خروج الملاقي عن وجوب الاجتناب لا‌يمنع بقاء احتمال التكليف المنجز في الآخر على حاله، فتدبر جيداً، فإنّه حقيق به»
[9] إیراد المحقق الآشتیاني في بحر الفوائد في شرح الفرائد، الآشتياني، الميرزا محمد حسن، ج2، ص111.، على كون الملاقي طرفاً للعلم الإجمالي في الصورة الثالثة:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص288. في التعلیقة على قوله: «و ثالثة يجب الاجتناب عنهما فيما لو حصل‌»: «و عن بعض الأجلة تسليم طرفية الملاقي للعلم الإجمالي «في الصورة الثانية المتقدمة» بناء على تعميم تنجيز العلم لما إذا تعلق بخطاب مفصل أو بخطاب مردّد، لتردّده بين وجوب الاجتناب عن النجس أو المتنجس هناك، دون هذه الصورة، حيث لا علم بخطاب مردد، بل يعلم بخطاب مفصل، و هو وجوب الاجتناب عن النجس بين الإناءين، و يحتمل خطاباً آخر في الملاقي»جواب المحقق الإصفهاني عن هذا الإیراد: «إنّ تنجيز العلم الإجمالي لايدور أمره بين الأمرين، من حيث تعلقه إما بخطاب مفصل أو بخطاب مردّد، ليتوهّم أنّه لم‌يتعلق بالمردد، فمتعلقه مفصل، و الملاقي محتمل، بل من أنحاء تعلقه أن يتعلق بتكليف في طرف، و تكليفين في طرف آخر متوافقين أو متخالفين، كما إذا علم بنجاسة هذا الإناء أو بنجاسة ذاك الإناء و غصبية الثالث، فإنّه لا ريب في تنجيز التكليف الواقعي بالعلم، و ليس أحد التكليفين بالإضافة إلى الآخر قدراً متيقناً حتى يتوهم انحلاله إلى خطاب مفصل معلوم و خطاب آخر مشكوك».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo