< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الأول؛ التنبیه الحادي عشر: تنجیز العلم الإجمالي في الأصول الطولیة

 

التنبیه الحادي عشر:
تنجیز العلم الإجمالي في الأصول الطولیة

إذا كانت الأصول الجاریة في أطراف العلم الإجمالي أصولاً طولیة، بأن یكون الأصل الجاري في بعض الأطراف في مرتبة لاحقة من الأصل الجاري في الطرف الآخر كما إذا علم إجمالاً بوقوع النجس في الماء أو التراب مع انحصار الطهور بهما، فهنا ثلاثة احتمالات:

الأوّل: وجوب الوضوء فقط و هذا مختار المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي.

الثاني: وجوب الاجتناب عن كلّ منهما فیحكم علیه بحكم فاقد الطهورین.

الثالث: وجوب الجمع بین الوضوء و التیمّم.

بیان المحقّق النائیني
([1]
)

قال: هل یجب علیه الوضوء فقط، نظراً إلى أنّ وجوب التیمّم في مرتبة متأخرة عن وجوب الوضوء، ففي المرتبة السابقة علیه لا علم له بتكلیف فعلي على كلّ تقدیر، فیكون الشك في النجاسة من حیث وجوب الوضوء شكاً بدویاً یجري فیه الأصل؟

أو لایجب علیه شيء، نظراً إلى أنّه لا أثر لطولیة الحكم بعد كون كلّ من الماء و التراب مورداً لابتلائه و قدرته على ارتكابه فیجب الاجتناب عنهما، فیجري علیه حكم فاقد الطهورین؟

أو یجب الجمع بین الوضوء و التیمّم، للتمكن من تحصیل الطهارة و عدم علمه بتنجّس بدنه، لاحتمال نجاسة التراب و لم‌یرد في المقام نصّ على الاجتناب عنهما كما ورد في الماءین المشتبهین؟

ثم قال المحقّق النائیني: أقواها الأوّل، ثم الأخیر و إن كان الأحوط هو الجمع.

و المحقّق الخوئي([2] ) أیضاً ذهب إلى عدم تنجیز العلم الإجمالي و وجوب الوضوء فقط و قال: إنّ تنجیز العلم الإجمالي یتوقّف على كونه متعلّقاً بالتكلیف الفعلي على كلّ تقدیر و هو مفقود في المقام، إذ النجاسة على تقدیر وقوعها في التراب لایترتّب علیها عدم جواز التیمّم، بل عدم جوازه حینئذٍ إنّما هو من جهة التمكن من الماء الطاهر، لا من جهة نجاسة التراب.

و إن شئت قلت: إنّ النجاسة المعلومة بالإجمال لایترتّب علیها عدم جواز التیمّم أصلاً، لأنّها إن‌كانت واقعة في الماء فهي مقتضیة لجواز التیمّم لا لعدم جوازه و إن كانت واقعة في التراب فعدم جواز التیمّم مستند إلى وجود الماء الطاهر لا إلى نجاسة التراب، و علیه لاتجري أصالة الطهارة في التراب و تجري في الماء بلا معارض و بجریانها یرتفع موضوع جواز التیمّم و هو عدم التمكن من الماء الطاهر، بمعنی أنّه لو جرت أصالة الطهارة في الماء لاتصل النوبة إلى جریانها في التراب أي لا أثر لها لعدم جواز التیمّم مع وجود الماء الطاهر.

و التحقیق هو تمامیة ما أفاده المحقّق النائیني و ما ذهب إلیه المحقّق الخوئي لأنّ تنجیز العلم الإجمالي متفرّع على وجود التكلیف الفعلي و هو مفقود هنا، لأنّ التكلیف بالتیمّم لیس فعلیاً في رتبة التكلیف بالوضوء.

 

تكملة في الأصول العرضیة

إنّ المحقّق الخوئي ([3] )زاد هنا ثلاث صور، كلّها خارجة عن عنوان البحث، لأنّ البحث هنا في تنجیز العلم الإجمالي في الأصول الطولیة و هذه الصور الثلاث كلّها مرتبطة بالأصول العرضیة.

بیانه: إنّه على فرض وجود أثر آخر لطهارة التراب غیر جواز التیمّم بحیث كان ذلك الأثر في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء یكون هنا ثلاث صور:

الصورة الأولی: المعلوم بالإجمال له أثر وضعي فقط

و هي أن یكون للمعلوم بالإجمال أثر وضعي فقط، و كان لطهارة التراب أثر شرعي وضعي في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء (مثل جواز السجدة علیه).

و العلم الإجمالي في هذه الصورة منجّز لتعارض أصالة الطهارة في الماء و أصالة الطهارة في التراب و تساقطهما.

قال المحقّق الخوئي: و حینئذٍ لا وجه لإدراج المكلّف في فاقد الطهورین بل یجب علیه الجمع بین الوضوء و التیمّم تحصیلاً للطهارة الیقینیة.

ما یتصور كونه مانعاً عن الحكم بالجمع بین الوضوء و التیمم

و هما أمران: أحدهما: حرمة التوضّي بالماء المتنجس لكونه تشریعاً و كذلك التیمّم بالتراب المتنجس.

و ثانیهما: احتمال نجاسة بدنه بملاقاة الماء المحتمل كونه نجساً.

دفع المانعیة

أمّا الأوّل: فمدفوع بأنّ المكلّف یحتاط و یأتي بها رجاءً فلا تشریع هناك.

و أمّا الثاني: فمدفوع بأنّ مجرّد الاحتمال ممّا لا بأس به بعد كونه مورداً لأصالة الطهارة و سیجيء أنّ الحكم في ملاقي الشبهة المحصورة هي الطهارة.

فتحصل أنّ المتعیّن هو الجمع بین الوضوء و التیمّم تحصیلاً للطهارة الیقینیة.

و بعبارة أخری هناك علمان إجمالیان:

أحدهما العلم الإجمالي بنجاسة الماء أو التراب، و الثاني: العلم الإجمالي بوجوب الوضوء أو التیمّم.

و مقتضى العلم الأوّل لیس حرمة الوضوء و التیمّم ذاتاً، بل عدم الاجتزاء بكلّ واحد منهما في مقام الامتثال، و مقتضى العلم الثاني هو الجمع بینهما تحصیلاً للیقین بالطهارة و لا منافاة بینهما.

نعم یجب تقدیم التیمّم على الوضوء، لأنّه مع تقدیم الوضوء على التیمّم یعلم تفصیلاً بفساد التیمّم، إمّا من جهة نجاسة التراب على تقدیر كون الماء طاهراً و إمّا من جهة نجاسة محلّ التیمّم على تقدیر كون الماء نجساً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo