< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /التنبیه السادس:تنجیز العلم الإجمالي في التدریجیات؛ المطلب الثاني

 

المطلب الثاني: في أقسام أطراف العلم الإجمالي التدریجیة

قال المحقّق النائیني: إنّ الزمان لایخلو من ثلاثة أقسام: إمّا أن لایكون دخیلاً في ملاك الحكم و خطابه و إمّا أن یكون دخیلاً في الخطاب و الملاك و إمّا أن یكون دخیلاً في الخطاب دون الملاك على ما تقدّم في بحث الواجب التعلیقي.[1]

فلا‌بدّ من بیان هذه الأقسام و تطبیقها على الأقسام التي أفادها المحقّق الخوئي.

القسم الأوّل: أن لا يكون الزمان دخيلاً في ملاك الحكم و خطابه

قال المحقّق النائیني بتنجیز العلم الإجمالي في هذا القسم و المحقّق الخوئي أیضاً التزم بتنجیز العلم الإجمالي في هذا القسم إلّا أنّه قسّمه بقسمین، فالقسم الأوّل و الثاني في بیان المحقّق الخوئي هو بعینه هذا القسم الأوّل.

بیان المحقّق النائیني

لا ریب في وجوب الاجتناب عن أطراف العلم فیه، كما في مثال الابتلاء بالمعاملة الربویة، فإنّ الملاك في تنجیز العلم هو فعلیة الخطاب و إمكان الانبعاث عنه، و لا ریب في أنّ حرمة الربا كحرمة الكذب و الغیبة و نحوهما حكم فعلي قابل للإطاعة و المعصیة و مجرّد اختیار المكلّف إیقاع متعلّقه خارجاً في الزمان المتأخر لا‌یمنع عن فعلیة الحكم و تنجّزه كما هو ظاهر، و هذا هو المراد من عبارته (أي عبارة العلّامة الأنصاري) من فعلیة الابتلاء بالأطراف في مثل المثال فإنّ نظره إلى أنّ الحكم فیه فعليّ على كلّ تقدیر، و التأخیر باختیار المكلّف لایكون مانعاً عن فعلیة الحكم و الابتلاء كما هو ظاهر.[2]

بیان المحقق الخوئي [3]

أمّا المحقّق الخوئي فقد قسّم هذا القسم إلى صورتین و جعلهما القسم الأوّل و الثاني.

و الأوّل: هو أن تكون التدریجیة مستندة إلى اختیار المكلّف مع تمكّنه من الجمع بین أطراف العلم الإجمالي، كما إذا علم بغصبیة أحد الثوبین و كان متمكناً من لبسهما معاً و لكنه اقترح لبس أحدهما في زمان و لبس الآخر في زمان متأخر و الإشكال في خروج هذا القسم عن محل الكلام، فإنّ العلم بالتكلیف الفعلي مع تمكن المكلّف من الموافقة القطعیة و المخالفة القطعیة یوجب التنجّز على ما تقدّم بیانه.

و الثاني: هو أن تكون التدریجیة مستندة إلى عدم تمكن المكلّف من الجمع بین الأطراف مع تمكّنه من ارتكاب كلّ منها بالفعل مع ترك الآخر، كما إذا علم بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة، فإنّه و إن لم‌یتمكن من الجمع بینهما في زمان واحد، إلّا أنّه متمكّن من الإتیان بأیّهما شاء و نظیره العلم بحرمة أحد ضدّین لهما ثالث و لاینبغي الإشكال في تنجیز العلم الإجمالي في هذا القسم أیضاً للعلم بالتكلیف الفعلي و سقوط الأصول في الأطراف بالمعارضة.

القسم الثاني: أن یكون الزمان دخیلاً في ملاك الحكم و خطابه

و هو كما إذا علم بوجوب مردّد بین كونه فعلیاً الآن و كونه فعلیاً في الزمان المتأخر في ما إذا كان الواجب مردّداً بین كونه مطلقاً و مشروطاً بشرط یحصل في الزمان المتأخر.

و اختلف الأعلام في تنجیز العلم الإجمالي في هذا القسم؛ فقال الشیخ الأنصاري و صاحب الكفایة بعدم التنجیز، و قال المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي بتنجیزه.

نعم قال المحقّق الخوئي[4] في الوجه الثاني من القسم الثالث في بیانه: إنّ العلّامة الأنصاري قد ذهب إلى التفصیل بین ما إذا كان الملاك في الأمر المتأخر تامّاً من الآن فقال بتنجیز العلم الإجمالي فیه و بین ما إذا لم‌یكن الملاك في الأمر المتأخر تامّاً فعلیاً من الآن فقال بعدم تنجیزه.

و لكن الوجه الثاني من القسم الثالث في بیان المحقّق الخوئي أعمّ من القسم الثاني و القسم الثالث في بیان المحقّق النائیني، فإنّ ما كان ملاك الأمر المتأخر تامّاً فعلیاً فیه هو القسم الثالث فما أفاده العلّامة الأنصاري من التفصیل هو بین القسم الثاني و الثالث في بیان المحقّق النائیني، و لم‌یلتزم بالتفصیل في القسم الثاني الذي هو المبحوث عنه في المقام.

و تطبیق ما أفاده المحقّق الخوئي على تقسیم المحقّق النائیني هو أنّ القسم الثالث في كلام المحقّق الخوئي ما تكون التدریجیة مستندة إلى تقیّد أحد الأطراف بزمان أو زماني متأخر، و المحقّق الخوئي قسّم هذا القسم الثالث إلى وجهین:

الأوّل أن یكون التكلیف المعلوم فعلیاً على كلّ تقدیر و ذلك لایكون إلّا بالالتزام بالواجب المعلّق بأن لایكون الزمان دخیلاً في الخطاب و التكلیف، و لذا یكون التكلیف فعلیاً على كلّ تقدیر، كما إذا علم بتعلّق النذر بقراءة سورة خاصّة في هذا الیوم أو في الغد.

الثاني أن لایكون التكلیف المعلوم فعلیاً إلّا على تقدیر دون تقدیر كما إذا علم بوجوب مردّد بین كونه فعلیاً الآن و كونه فعلیاً في ما بعد، و معنی ذلك هو أنّ أحد أطراف العلم الإجمالي قد أُخذ الزمان المتأخر أو الأمر الزماني المتأخر في خطابه، سواء كان الزمان دخیلاً في ملاكه كما في القسم الثاني من كلام المحقّق النائینى أم لم‌یكن الزمان دخیلاً في ملاكه كما في القسم الثالث في بیان المحقّق النائیني.

و هذا الوجه الثاني أعمّ من القسم الثاني و الثالث في كلام المحقّق النائیني، و المحقّق الخوئي قد جعل هذا الوجه الثاني محل اختلاف الأعلام و نقل عن العلّامة الأنصاري القول بالتفصیل فیه بین ما إذا كان الملاك في الأمر المتأخر تامّاً من الآن و كان وجوبه استقبالیاً فقال بالتنجیز فیه و بین ما إذا لم‌یكن الملاك فعلیاً من الآن بل الملاك أیضاً مثل الخطاب و التكلیف یكون استقبالیاً، فقال بعدم التنجیز فیه.

فما أفاده المحقّق الخوئي في الوجه الثاني مشتمل على القسم الثاني و الثالث في كلام المحقّق النائیني و هذا هو المنشأ للتفصیل الذي نسبه إلى الشیخ الأنصاري فقال بالتنجیز في ما یكون الزمان المتأخر دخیلاً في الخطاب دون الملاك و مثّل لذلك بتعلّق النذر بالأمر المتأخر بناء على استحالة الواجب المعلّق و هذه الصورة نجدها في كلام المحقّق النائیني تحت عنوان القسم الثالث و سیجيء([5] ) الكلام حوله إن شاء الله تعالى بعد التحقیق حول الأقوال في القسم الثاني.

 


[5] سيجيء في ص160.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo