< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الأول؛ فی التنبیه الرابع؛ نظریة بعض الأعلام

 

نظریة بعض الأعلام

خالف المحقق النائیني و المحقق الخوئي بعض آخر([1] ) و قال مقرّر أبحاث المحقّق الخوئي في تعلیقته([2] ):

إنّ الأظهر عدم السقوط، لأنّ الأصول في أطراف العلم الإجمالي الموجب للتنجّز الساقط باقیة بحالها على الفرض، و سیصرّح سیدنا الأستاذ ‌دام‌ظلّه به([3] ) و بعد بقاء العلم الإجمالي بحاله لو خرج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء مثلاً لایكون الشك في الطرف الآخر شكاً حادثاً لیرجع فیه إلى الأصل، بل الشك فیه هو الشك الموجود أوّلاً و قد سقط الأصل فیه للمعارضة فكیف یعود بعد سقوطه.

یلاحظ علیها

إنّه لا مانع من رجوع الأصل و عوده بعد سقوطه، لأنّ إطلاق دلیل حجّیة الأصل العملي یشمل كلّ طرف من أطراف العلم الإجمالي، فإذا ارتفع المانع الذي هو الأصل العملي المعارض له، یعود بعد سقوطه.


شبهة في المقام واردة علی نظریة المحقق النائیني و الخوئي

و هذه الشبهة في الحقیقة نقض على المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي بل نقض على أكثر أعلام الأصولیین حیث قالوا بانحلال العلم الإجمالي في الموارد المذكورة و سقوطه عن التنجیز مع أنّ ذلك یجري في ما إذا امتثل المكلّف أحد أطراف العلم الإجمالي فإنّ الأصل العملي بالنسبة إلى هذا الطرف ساقط أوّلاً لسقوط الحكم فیه بعد امتثاله و ثانیاً لعدم وجود الأثر العملي لجریان الأصل العملي لو قلنا بعدم سقوط الحكم. و على هذا، الأصل العملي بالنسبة إلى الطرف الآخر الذي لم‌یمتثل إلى هذا الزمان یجري بلا معارض و جریانه یوجب سقوط العلم الإجمالي عن التنجیز بعین ما ذكرنا في العلم الإجمالي المنجّز في ما إذا خرج أحد أطراف العلم الإجمالي عن الابتلاء أو في ما إذا كان أحد أطرافه مضطراً إلیه، و ذلك لأنّ إطلاق دلیل حجّیة الأصل العملي یشمل جمیع الأطراف و الأصل العملي في كلّ طرف من الأطراف ساقط بالتعارض و بعد ارتفاع التعارض لسقوط الأصل في أحد الأطراف، یرجع الأصل العملي في الطرف الآخر لشمول دلیل حجّیته بالنسبة إلیه بلا معارض فالمقتضي للجریان موجود و المانع عنه مفقود.

أجوبة أربعة عن هذه الشبهة

الجواب الأوّل: ما أفاده المحقّق الخوئي

إنّ الشك في وجوب أحد طرفي العلم الإجمالي أو أحد أطرافه الذي لم‌یؤت به و إن كان موجوداً، إلّا أنّه لیس شكاً حادثاً غیر الشك الذي كان موجوداً أوّلاً، و قد فرضنا عدم شمول دلیل الأصل له للمعارضة، فكیف یشمله بعد الإتیان بأحد الطرفین أو أحد الأطراف و كیف یعود الأصل الساقط بعد سقوطه. ([4] )

یلاحظ علیه

إنّ الوجه في عود الأصل العملي هو إطلاق دلیل حجّیته بالنسبة إلى هذا المورد مع عدم وجود المانع عن جریانه.

مضافاً إلى النقض علیه بالنسبة إلى الأصل العملي الجاري في بعض أطراف العلم الإجمالي في ما إذا خرج بعضها الآخر عن محلّ الابتلاء أو كان مضطرّاً إلیه، فإنّ الأصل العملي یعود فیه بعد سقوطه و كذلك في ما نحن فیه.

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق الخوئي أیضاً

لیس الموجب لرفع الید عن الدلیل إلّا المحذور العقلي و لكنّه كما یقتضي عدم شمول دلیل الأصل للطرفین في زمان واحد، كذلك یقتضي عدم شموله لهما في زمانین أیضاً فإذا علم بحرمة أحد الماءین، فكما لا‌یمكن الحكم بحلّیتهما معاً في زمان واحد، كذلك لا‌یمكن أن یحكم بحلّیة أحدهما في زمان و یحكم بحلّیة الآخر في زمان آخر، فإنّه من الترخیص في المعصیة،‌ فلا‌یمكن جریان الأصل في كلیهما على كلّ حال للزوم الترخیص في المعصیة و لا في أحدهما لعدم الترجیح.([5] )

یلاحظ علیه

أوّلاً: إنّ الكلام هو في الترخیص في أحد أطراف العلم الإجمالي لا في جمیع أطرافه، و المحذور العقلي هو الترخیص في جمیع الأطراف بحیث یلزم الترخیص في المعصیة القطعیة، فما أفاده من أنّ المحذور العقلي كما یقتضي عدم شمول دلیل الأصل للطرفین في زمان واحد، كذلك یقتضي عدم شموله لهما في زمانین أیضاً، لایرتبط بالمبحوث عنه و هو الترخیص في طرف واحد بعد امتثال الطرف الآخر، مع أنّ امتثال أحد الطرفین یوجب انحلال العلم الإجمالي فیرتفع المحذور العقلي عند هذا القائل.

ثانیاً: ما أفاده من عدم جواز الترخیص في أحد الطرفین لعدم الترجیح لاینطبق على المقام، لأنّ موضوع قاعدة قبح الترجیح بلا مرجح منتف هنا، لأنّ الأصل العملي لایجري بالنسبة إلى أحد الطرفین، فجریانه في الطرف الآخر لیس من باب ترجیحه على الطرف الأوّل.

الجواب الثالث

هو ما أفاده القائلون بالتفصیل في الموارد الأربعة المذكورة من أنّ هذه الموارد (مثل خروج أحد الطرفین عن محلّ الابتلاء أو كونه مضطرّاً إلیه) في ما إذا تحصّلت قبل تنجیز العلم الإجمالي تمنع عن تنجیزه، و أمّا إذا تحصّلت بعد تنجیز العلم الإجمالي لا‌یمكن أن تمنع عنه، و ما نحن فیه أیضاً من هذا القبیل، حیث أنّ امتثال أحد الطرفین هو بعد تنجیز العلم الإجمالي.

و هذا الجواب مبتن على تفصیلهم الذي ذكرناه، و لذا لا‌یمكن الاعتماد علیه لبطلان التفصیل على المبنی المختار.

الجواب الرابع

إنّ الحكم هو أمر اعتباري و غایته هو جعل الداعویة الإمكانیة في نفس المكلّف و قد یكون متعلّقه صرف إیجاد الطبیعة و قد عبّر عنه المحقّق النائیني بصرف الوجود([6] ) و إن كان التعبیر تسامحاً و قد یعبّر عنه بأوّل الوجودات، و على أيّ حال بعد إیجاد الحكم في وعائه «و هو عالم الاعتبار» و وصوله إلى المكلّف تتحقّق الداعویة الإمكانیة في نفس المكلّف، فإذا امتثل المكلّف أمره و أتی بفرد من أفراد الطبیعة مثل الصلاة، فقد بلغ الحكم غایته و حیث أنّ الداعویة الإمكانیة تعلّقت بإیجاد فرد من أفراد الطبیعة تنتهي داعویته بعد الامتثال بهذا الفرد و معنی ذلك هو بلوغه إلى غایته بحیث تنتهي داعویته لا سقوط الحكم و انعدامه في عالم الاعتبار كما توهّم.

و هذا بخلاف الحكم في ما إذا خرج متعلّقه عن محل الابتلاء أو صار متعلّقه مضطراً إلیه فإنّ الحكم حینئذٍ یسقط عن عالم الاعتبار، و بهذا یفترق مورد خروج المتعلّق عن محل الابتلاء أو صیرورته مضطراً إلیه و مورد امتثاله و إتیانه.

و جریان الأصل العملي النافي للتكلیف بالنسبة إلى الحكم الذي امتثله المكلّف یوجب عدم اتصاف ما أتی به المكلّف بكونه مأموراً به و متعلّقاً لحكم الشارع.

 


[5] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo