< قائمة الدروس

درس خارج اصول استاد محمدعلی پسران‌بهبهانی

44/08/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصول العملية/أصالة التخيير /المقام الاول، ملاحظاتنا علی ما افاده المحقق النائیني، ملاحظة الثانیة

الملاحظة الثانیة

ما ذكره في الوجه الأوّل لعدم جریان الاستصحاب إنّما یتمّ على مسلك القائلین بعدم جریان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي.

و أمّا إن قلنا بإمكان جریانه في بعض أطرافه، بحیث لم‌یلزم المخالفة القطعیة، فجریان الاستصحاب حینئذٍ في أحد الجانبین یؤیّد جریان أصالة التخییر في المقام و هذا یناسب المبنی الذي التزم به الشيخ الأنصاري و المحقّق النائیني و هو المختار من أنّ العلم الإجمالي علّة تامّة للموافقة الاحتمالیة و حرمة المخالفة القطعیة، و أمّا بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعیة فهو اقتضائي. أمّا جریان الاستصحاب في جمیع الأطراف فهو مخدوش كما ذكره المحقّق النائیني

الملاحظة الثالثة

ما ذكره في الوجه الثاني لعدم جریان الاستصحاب من عدم ترتّب أثر عملي على جریان الاستصحابین فیلاحظ علیه أنّ استنباط الحكم الشرعي و جواز الإفتاء به هو أثر عملي و یجري الاستصحاب بلحاظ هذا الأثر.

الملاحظة الرابعة

ما ذهب إلیه المحقّق النائیني[1] -من عدم جریان الاستصحاب في الشبهات الحكمیة حیث قال: إنّ استصحاب عدم الجعل لإحراز عدم المجعول من أوضح أنحاء أصل المثبت- لایمكن المساعدة علیه، لأنّ الحكم وجود اعتباري و الإیجاد فیه عین الوجود و الجعل فیه عین المجعول و لایتفاوت الإیجاد و الوجود إلّا بالاعتبار و سیأتي تحقیق ذلك إن شاء الله تعالى.

الملاحظة الخامسة

إنّ المحقّق الخوئي ناقش في الوجه الأوّل لعدم جریان البراءة الشرعیة بأنّ الرفع فرع إمكان الوضع و مع عدم إمكان الوضع لایعقل تعلّق الرفع.

و حاصل ما أفاده هو أنّ الوضع بالنسبة إلى كلّ من الوجوب و الحرمة مستقلاً ممكن قطعاً، فإنّه یمكن وضع الوجوب بخصوصه كما أنّه یمكن وضع الحرمة أیضاً بخصوصها و على هذا یعقل رفع الوجوب بخصوصه كما أنّه یمكن رفع الحرمة بخصوصها.

و أمّا عدم إمكان وضع الوجوب و الحرمة معاً فلا‌یضرّ بإمكان رفعهما و ذلك لأنّ القدرة على كلّ واحد من الأفعال المتضادّة كافیة في القدرة على ترك الجمیع و لایعتبر فیها القدرة على فعل الجمیع في عرض واحد، كما أنّ الإنسان مع عدم قدرته على إیجاد الأفعال المتضادّة في آنٍ واحد یقدر على ترك جمیعها.

ففي المقام و إن لم‌یكن الشارع متمكّناً من وضع الإلزام بالفعل و الترك معاً لكنّه متمكّن من وضع الإلزام بكلّ منهما بخصوصه، و ذلك یكفي في قدرته على رفعهما معاً. تمّ ما أفاده المحقّق الخوئي. [2]

مع أنّ المراد من عدم إمكان الوضع هو عدم إمكان وضع التكلیف لا عدم إمكان وضع الاحتیاط، لأنّ الوضع یتعلّق بالتكلیف لا بالاحتیاط، و لعلّ هذا هو منشأ الخلط، لأنّ وضع التكلیف بخصوصه ممكن، أمّا الاحتیاط فلا.

الملاحظة السادسة

إنّ ما أفاده المحقّق النائیني [3] في الوجه الثاني لعدم جریان البراءة الشرعیة ممنوع لأنّ أصالة البراءة تجري بالنسبة إلى الوجوب من دون ملاحظة الحرمة، كما أنّ أصالة البراءة تجري بالنسبة إلى الحرمة من دون ملاحظة الوجوب، و ذلك لمشكوكیة كلّ منهما، و لكلّ منهما أثر عملي مع قطع النظر عن الآخر و على هذا أصالة البراءة عن الوجوب مفادها جواز الترك، كما أنّ مفاد أصالة البراءة عن الحرمة جواز الفعل فیترتّب الأثر العملي على جریان البراءة الشرعیة.

الملاحظة السابعة

إنّ ما ذكره المحقّق النائیني في الوجه الثالث لعدم جریان البراءة الشرعیة إنّما یتمّ على القول بعدم جریان الأصل النافي في أطراف العلم الإجمالي.

و لكن على القول بجریانه ما لم‌یلزم المخالفة القطعیة كما تقدّم یتمّ أصالة التخییر في المقام.

أمّا جریان البراءة الشرعیة في جمیع الأطراف فیوجب القطع بالمخالفة لأمر المولى و ما أفاده المحقّق النائیني من عدم جریان البراءة الشرعیة في جمیع أطراف العلم تامّ لا غبار علیه.

و ما أجاب به المحقّق الخوئي[4] من أنّ جریان البراءة الشرعیة في جمیع الأطراف لایوجب المخالفة القطعیّة العملیة لأنّ فرض المقام هو العلم الإجمالي بوجوب الشيء أو حرمته في الواجبات التوصلیة. نعم إنّ جریان البراءة الشرعیة في جمیع الأطراف یوجب المخالفة الالتزامیة القطعیة و لكنّه لا بأس بها.

فیرد علیه: أنّه كما تحرم المخالفة القطعیة بالعمل بمتعلّق الحكم هكذا تحرم المخالفة القطعیة بتشریع الحكم على خلاف العلم التفصیلي (حیث إنّ العلم الإجمالي بالنسبة إلى نفي الثالث علم تفصیلي) و بالإفتاء بما یعلم المجتهد مخالفته للواقع قطعاً بالعلم التفصیلي.

فالحقّ هو ما أفاده المحقّق العلّامة الأنصاري و المحقّق الخراساني و المحقّق النائیني من عدم جریان البراءة الشرعیة في جمیع الأطراف، خلافاً لما ذهب إلیه المحقّق الخوئي.

الملاحظة الثامنة

إنّ ما ذكره في الوجه الرابع لعدم جریان البراءة الشرعیة لایمكن المساعدة علیه، لأنّ المقام لیس من موارد الشكّ في التكلیف الذي هو مجری البراءة و لا من موارد الشكّ في المكلّف به الذي هو مجری الاشتغال.

أمّا عدم كونه من موارد الشكّ في التكلیف فلوجود العلم الإجمالي بأنّ هذا الفعل إمّا واجب و إمّا حرام و هذا العلم الإجمالي منجّز كما أفاده المحقّق الإصفهاني خلافاً للمحقّق النائیني و المحقّق الخوئي فإنّ ما ذهبا إلیه -من أنّ العلم بوجود الإلزام في حكم العدم- ممّا لایمكن الالتزام به.

أمّا عدم كونه من موارد الشكّ في المكلّف به، فلأنّا لانعلم اشتغال الذمّة بفعل المكلّف به أو بتركه و ذلك للجهل بنوع التكلیف من الوجوب و الحرمة، و على هذا لایعدّ موارد الدوران بین المحذورین من الشكّ في المكلّف به.

كما أنّه لایمكن الفراغ الیقیني لما تقدّم من أنّ الموافقة القطعیة غیر ممكنة و ذلك لعدم إمكان الاحتیاط، فلایمكن إجراء حكم الشكّ في المكلّف به (أي الاشتغال) في المقام فلایعدّ مورد البحث من موارد الشكّ في التكلیف و لا من موارد الشكّ في المكلّف به.

الملاحظة التاسعة

إنّ ما ذكر في الوجه الخامس لعدم جریان البراءة الشرعیة نقلاً عن المحقّق العراقي یبتني على سقوط العلم الإجمالي عن التأثیر و المنجّزیة، فإنّ حكم العقل بمناط الاضطرار هو مسقط له.

و لكن تقدّم أنّه لایسقط العلم الإجمالي عن المنجّزیة و التأثیر بل العلم الإجمالي بنفسه لیس علّة تامّة للموافقة القطعیة، بل هو مقتضٍ لها و مع وجود المانع لایتمّ الاقتضاء المذكور، و المانع هو عدم إمكان الاحتیاط و الموافقة القطعیة لعدم التمكّن.

فتحصّل من ذلك: أنّ ما ذكره بعض المحقّقین في الوجه الثالث إنّما یدلّ على عدم جریان البراءة الشرعیة في جمیع الأطراف، كما أنّ الوجه السادس (و هو أنّ البراءة الشرعیة أصل امتناني و لا امتنان في المقام) یقتضي عدم جریان البراءة و لو في بعض الأطراف.

الملاحظة العاشرة

إنّ ما أفاده المحقّق النائیني في الوجه الأوّل لعدم جریان البراءة العقلیة من أنّ معذّریة الشكّ إنّما هو في ظرف إمكان الاحتیاط، فیرد علیه أنّ الشكّ إذا كان معذّراً في ظرف إمكان الاحتیاط فلابدّ أن یكون معذّراً في ظرف عدم إمكان الاحتیاط بطریق أولى فهذا البیان لایتمّ في المقام.

الملاحظة الحادیة عشرة

إنّ ما ذكره في الوجه الثالث لعدم جریان البراءة العقلیة ممنوع حیث إنّه یبتني على سقوط العلم الإجمالي عن المنجّزیة و هذا لایتمّ في المقام، نعم لابدّ من إصلاح بیان هذا الوجه بأن نقول: إنّا نقطع بعدم العقاب لعدم التمكّن من الامتثال القطعي.

الملاحظة الثانیة عشرة

إنّ ما ذكره المحقّق العراقي الذي تقدّم ذكره في الوجه الرابع لعدم الجریان البراءة العقلیة مبتنٍ على سقوط العلم الإجمالي عن التنجّز و لكن قد قلنا: إنّ العلم الإجمالي باقٍ على تنجّزه.

ثمّ إنّه لو سلمنا سقوط العلم الإجمالي عن المنجّزیة فما یوجب سقوطه عن المنجّزیة هو عدم التمكّن من الموافقة القطعیة، فلاتصل النوبة إلى حكم العقل بالترخیص بمناط الاضطرار، حتّی یكون هو المسقط للعلم الإجمالي عن المنجّزیة.

فبالنتیجة: إنّ الوجه الأوّل و الرابع لعدم جریان البراءة العقلیة لایمكن المساعدة علیهما، أمّا الوجه الثاني فهو صحیح، فإنّ جریان البراءة العقلیة لایترتب علیه أثر عملي، لأنّ مفادها لیس حكماً شرعیاً مثل الجواز الشرعي حتّی یقال بوجود الأثر العملي، بل مفادها تعیین الوظیفة العقلیة و لكنها معلومة من غیر احتیاج إلى جریان أصالة البراءة العقلیة.

و هذا بخلاف جریان البراءة الشرعیة حیث یترتّب علیه أثر عملي و هو استنباط الحكم الشرعي بالجواز و الإفتاء به.

أمّا الوجه الثالث لعدم الجریان البراءة العقلیة الذي أفاده المحقّق النائیني بعد إصلاحه یدلّ على المقصود، حیث إنّ عدم التمكّن من الامتثال بالموافقة القطعیة یوجب القطع بعدم العقاب و حینئذٍ جریان قاعدة قبح العقاب بلا بیان تحصیل للحاصل.

فالحقّ تمامیة أصالة التخییر العقلي في موارد دوران الأمر بین المحذورین و عدم جریان أصالة الإباحة و الحلّ و عدم جریان الاستصحاب في كلا الطرفین و إن قلنا بجریانه في أحد الطرفین و أیضاً عدم جریان البراءة الشرعیة و العقلیة في كلا الطرفین بل و عدم جریانهما في أحد الطرفین أیضاً.


النظریة الرابعة: التخییر الشرعي

و التخییر إمّا في المسألة الأُصولیة و إمّا في المسألة الفقهیة.

و حینئذٍ إن كان المراد منه التخییر في المسألة الأُصولیة (و هو - في مسألة فقدان النصّ أو إجماله - التخییر في الأخذ بأحد الاحتمالین بنحو یصیر الحكم الظاهري بعد الأخذ به حكماً تعیینیاً، و في مسألة تعارض النصین التخییر في الأخذ بإحدی الحجّتین) فنقول: غایة ما یستفاد من الأدلّة إثباته في باب تعارض الأدلّة، و أمّا في فقدان النص أو إجماله فلا دلیل علیه.

و إن كان المراد منه التخییر الشرعي في المسألة الفقهیة بمعنی التخییر في العمل فقد أشكل علیه المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي[5] [6] [7] بأنّ أحد المتناقضین حاصل في مقام العمل، لأنّ الواجب هو أحد الأمرین الفعل أو الترك، و لایعقل تعلّق الطلب بما هو حاصل تكویناً.

النظریة الخامسة: جریان أصالة البراءة شرعاً و عقلاً

الإیراد على النظریة الخامسة

قد مضى بطلان هذه النظریة بعد تحقیق الأوجه التي استدلّ بها على عدم الجریان و ملخّص هذه الأوجه:

أمّا البراءة الشرعیة فلاتجري في كلّ من الطرفین لأنّا نعلم إجمالاً بأنّ الحكم إمّا الوجوب و إمّا الحرمة و لازم ذلك هو العلم التفصیلي بأنّ الحكم لیس أمراً ثالثاً مثل الجواز فجریان البراءة الشرعیة في كلّ من الطرفین مخالف للعلم التفصیلي.

و أمّا جریانها في أحد طرفي العلم الإجمالي فممنوع أیضاً ، لأنّ البراءة أصل امتناني و لا امتنان في جریانها في أحد طرفي العلم الإجمالي.

و أمّا البراءة العقلیة فلاتجري لعدم ترتب أثر عملي على جریانه، مع أنّا نقطع بعدم العقاب لعدم التمكّن من الموافقة القطعیّة فجریان البراءة العقلیة لإثبات عدم العقاب تحصیل للحاصل.

و الحاصل: أنّ الصحیح من بین الأقوال هو التخییر العقلي و العقلائي بین الأخذ باحتمال الوجوب أو الحرمة و هو مفاد أصالة التخییر بمعنی التعبّد العقلائي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo