< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/08/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الشرط الثانی ان لا یثبت بجریان الاصل حکم شرعی من جهة اخری

 

القسم الأوّل

و هو أن لایكون بین جریان الأصل و ثبوت الحكم الشرعي ترتّب شرعي أو ترتّب عقلي، إلا أنّ الأمر الآخر أوجب الملازمة بینهما كوجوب صلاة الجمعة الملازم لعدم وجوب صلاة الظهر، هذا نظیر المثال الأوّل الذي أفاده الفاضل التوني من العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءین، فإنّ نجاسة أحد الإناءین لایكون مترتّباً على طهارة الآخر، لكن العلم الإجمالي أوجب الملازمة بینهما.

و هنا التزم المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي أیضاً بعدم إمكان الرجوع إلى الأصل.

بیان المحقّق النائیني لعدم إمكان الرجوع إلى الأصل

لا ریب في أنّ جریان أصالة البراءة في مورد لایثبت حكماً آخر ملازماً لعدم الحكم في مورده، إذ الثابت بأصالة البراءة لیس إلا المعذوریة فقط فكیف یثبت بها ما یلازم عدم الحكم واقعاً؟ بل ستعرف في بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى أنّه مع كونه أقوی الأُصول و له جهة نظر إلى الواقع و لذا كان من الأُصول المحرزة، لاتثبت به اللّوازم و الملزومات، فكیف بالأصل غیر المحرز.[1]

فإنّ المحقّق النائیني قبل وروده في ذكر أقسام الأربعة قال:

إنّ أصالة البراءة عقلیة و شرعیة ... لایترتّب علیها إلا المعذوریة و عدم تنجّز الحكم الواقعي لو كان في موردها و إن كان بین العقلیة و الشرعیة فرق من جهة أُخری و هي أنّ الوظیفة الشرعیة إنّما هو الترخیص لا الحكم بعدم استحقاق العقاب و إنّما یثبت عدم الاستحقاق بالتبع و الملازمة و هذا بخلاف حكم العقل، فإنّ إدراكه إنّما یتعلّق بعدم الاستحقاق و هو الذي یستقل به، و یلزمه الترخیص في العمل بالتبع و إلا فالترخیص لیس من شأن العقل و مدركاته[2] .

استدلال المحقّق الخوئي على عدم إمكان الرجوع إلى الأصل

لایمكن الرجوع إلى الأصل، لا لما ذكره الفاضل التوني من كون الأصل فیه مثبتاً [كما تقدّم هذا الاستدلال في كلمات المحقّق النائیني] بل لعدم جریانه في نفسه لابتلائه بالمعارض، فلاتصل النوبة إلى استناد عدم الجریان إلى كون الأصل مثبتاً، و لذا لو فرضنا قیام الأمارة في الطرفین لایمكن العمل بها لأجل المعارضة، مع حجّیة المثبتات في الأمارات[3] .

یلاحظ علیه

إنّ ما أفاده و إن كان تامّاً في نفسه إلا أنّ رتبة الاستدلال بعدم المقتضي و عدم الشرط مقدّم على الاستدلال بوجود المانع و ما أفاده المحقّق النائیني و الفاضل التوني (على ما حكي عنه) هو من قبیل عدم المقتضي و ما أفاده المحقّق الخوئي من قبیل وجود المانع.

القسم الثاني

و هو أن یكون ترتّب ثبوت الحكم الشرعي على الأصل ترتّباً عقلیاً، كترتّب وجوب المهمّ على جریان الأصل بالنسبة إلى وجوب الأهمّ.

و في هذا القسم التزم الأعلام مثل المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي بجریان الأصل و قد مثّلوا لذلك بترتّب وجوب المهمّ على عدم وجوب الأهمّ، بناءً على القول باستحالة الترتّب، فإنّه إذا قلنا باستحالة الترتّب لایكون المهمّ واجباً إلا إذا سقط الأهمّ عن الوجوب و حینئذٍ یترتّب عقلاً على جریان أصالة البراءة عن وجوب الأهمّ وجوبُ المهمّ، و أمّا إذا قلنا بإمكان الترتّب فلیس مبحث الترتّب من أمثلة القسم الثاني، لأنّ وجوب المهمّ حینئذٍ لیس مترتّباً على عدم وجوب الأهمّ بل هو واجب على فرض عصیان الأهمّ.

الدلیل على جریان البراءة في القسم الثاني

الوجه في جریان البراءة في هذا القسم من دون اشتراطه بعدم إیجاب لثبوت حكم شرعي من جهة أُخری، هي أنّ جریان البراءة بالنسبة إلى وجوب الأهمّ لایوجب إثبات حكم شرعي بل هو یرفع المانع عن إیجاب المهمّ، أمّا دلیل وجوب المهمّ فهو أمر آخر.

مثلاً إذا شككنا في تنجّس المسجد فتجري البراءة عن نجاسته و عن وجوب إزالتها عن المسجد و حینئذٍ یرتفع المانع عن فعلیة التكلیف بالصلاة، أمّا دلیل وجوب الصلاة فهو الإطلاقات الآمرة بالصلاة، لا جریان البراءة عن وجوب إزالة المسجد بل جریان البراءة یوجب ارتفاع المانع عن وجوب الصلاة.

و حینئذٍ لا وجه لاشتراط جریان البراءة بعدم إیجابه لثبوت حكم شرعي من جهة أُخری لأنّ جریان البراءة في هذا القسم لایوجب ثبوت حكم شرعي، فما أفاده الفاضل التوني لا مصداق له في هذا القسم أیضاً، بل جریان البراءة بالنسبة إلى الواجب الأهمّ یوجب مقدوریة الصلاة بالقدرة الشرعیة، حیث إنّ القدرة واحدة و وجوب الأهمّ یقتضي صرف القدرة فیه و یمنع شرعاً عن صرفها في الأمر المهمّ و یشغل المكلّف عنه و یزاحم وجوبه، فبارتفاع الأهمّ تتوجّه القدرة الشرعیة إلى الواجب المهمّ و یكون التكلیف في المهمّ فعلیاً لكونه مقدوراً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo