< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /خاتمة؛ التنبیه الثاني: في أن وجوب الفحص نفسي أو طریقي؟

 

التنبیه الثاني:
في أنّ وجوب الفحص نفسي أو طریقي؟

في المسألة قولان:

القول الأوّل: إنّ وجوب الفحص طریقي (و هو مختار المشهور)

القول الثاني: إنّ وجوب الفحص نفسي (و هو مختار المحقّق الأردبیلي و السبزواري و صاحب المدارك)

و قبل بیان تفصيل الأقوال و ما استدل علیها و بیان المختار ینبغي تقدیم مقدّمات:

المقدّمة الأُولى: تعریف أقسام الواجب

بیان المحقّق النائیني

إنّ الواجب ینقسم إلى نفسي و غیره و المراد من الأوّل [الواجب النفسي] هو ما كان وجوبه لا لأجل خطاب آخر سواء كان هو بنفسه غرضاً أوّلیاً كما في معرفة الله تعالى أو كان سبباً تولیدیاً للغرض كما في الإلقاء الواجب لأجل الإحراق أو كان علّة معدّة له في ما إذا لم‌یمكن تعلّق التكلیف بنفس الغرض كالمصالح المترتبة على جُلّ الواجبات الشرعیة ... .

و الجامع بین الكلّ هو أن یكون الغرض من الإیجاب، التوصّل إلى إیجاد متعلّقه خارجاً من دون أن یكون هناك نظر إلى خطاب آخر.

و یقابل هذا المعنی من النفسي كلّ خطاب یكون لأجل خطاب آخر، سواء كان ذلك الخطاب مقتضیاً له بنفسه من دون احتیاج إلى إنشاء آخر، كما في الخطابات الغیریة المتعلّقة بالمقدّمات المترشّحة من الواجبات النفسیة،أم لم‌یكن كذلك، بل كان محتاجاً إلى جعل آخر، كما في موارد الاحتیاج إلى جعل المتمّم على اختلافها نتیجةً.[1]

أمثلة ثلاثة لما كان محتاجاً إلى جعل آخر

المثال الأوّل

ما یكون الخطاب المتمّم لأجل عدم إمكان استیفاء الخطاب لتمام أجزاء الواجب أو شروطه، كما في مورد قصد القربة و الغسل قبل الفجر في شهر رمضان، فإنّ قصد القربة الذي هو جزء لما یترتّب علیه غرض المولى في العبادات أو الطهارة التي هي شرط لصحّة الصوم حیث لایمكن الأمر بهما في ضمن الأمر بالعبادة أو الصوم لابدّ من الأمر بهما بالخصوص تتمیماً للجعل الأوّل.

فالخطاب بهما و إن لم‌یكن خطاباً غیریاً مترشّحاً من الخطاب الآخر إلّا أنّه لأجل رعایة الخطاب الآخر و هو الأمر بالعبادة أو الصوم، فلامحالة لایكون خطاباً نفسیاً ناشئاً عن تعلّق غرضه بمتعلّقه.[2]

ملاحظة على هذا المثال

إنّ قصد القربة و النیة من أجزاء العبادة و الأمر المتعلّق بالأجزاء أمر نفسي، إلا أنّ الأمر قد یتعلّق بمجموع أجزاء الواجب و هذا أمر نفسي استقلالي و قد یتعلّق أوّلاً بالمجموع الذي يشتمل على أكثر الأجزاء ثمّ یتعلّق أمر آخر بالجزء أو الأجزاء التي لم‌تكن داخلة في تلك المجموعة و هذان الأمران كلاهما أمران نفسیان تضمّنیان.

فإنّ الأمر بجزء الواجب أمر نفسي تضمّني و كذلك الأمر المتعلّق بعمدة الأجزاء إلّا أنّه أمر نفسي تتضمّن عمدة الأجزاء إلّا جزءً لایمكن تعلّقه به مثل قصد القربة في المثال الذي ذكره.

المثال الثاني

ما یكون لأجل أنّه لولاه لزم فوات الواجب لأجل توقّفه على مقدّمات خارجیة دخیلة في القدرة علیه، نظیر السیر في الحجّ، فإنّ الواجب -لتأخّر زمانه و عدم إمكان إیجاده فعلاً حتّی یترشّح منه وجوب مقدّماته- لابدّ من إیجاب مقدّماته لیتمكّن المكلّف من إیجاده في ظرفه، فلو لم‌یجب السیر قبل وجوب الحجّ، لما وصل المولى إلى غرضه، لجواز ترك المقدّمة فعلاً و عدم تمكّن المكلّف من امتثال الواجب في ظرفه، فیجب السیر لامحالة رعایةً للتكلیف بالحجّ، فیكون واجباً لأجل واجب آخر.[3]

ملاحظة على المثال الثاني

إنّ هذا المثال یبتني على القول بوجوب المقدّمة وجوباً شرعیاً غیریاً، بحیث كان الخطاب محتاجاً إلى جعل آخر و خطاباً متمّماً، و قد أشكل علیه بعض الأعلام مثل المحقّق الإصفهاني و بعض تلامیذه (مثل الشيخ المظفّر في أُصول الفقه) بأنّ الداعي العقلي یكفي لبعث المكلّف نحو هذه المقدّمات من غیر احتیاج إلى جعل آخر بل هو لغو، لأنّ الجعل الآخر بداعي ایجاد الداعي یكون حینئذٍ لغواً، لانّ الداعي العقلي موجود في المكلّف و ایجاده ثانیاً إمّا تحصیل للحاصل و إمّا لغو.

نعم قلنا سابقاً بعدم تمامیة هذا الإشكال كما أنّ المحقّق الإصفهاني قد عدل عن هذا الكلام على ما أفاده الأُستاذ العلّامة البهجت، و ذلك لأنّ لكلّ داع أثراً فإنّ الداعي العقلي و إن كان باعثاً للمكلّف نحو المقدّمات بالباعثیة العقلیة و لكن بعض النفوس لاینبعثون من الدواعي العقلیة و یقصّرون في ذلك لعدم استناده إلى الشرع، و لذا یستحسن إیجاد الداعي الشرعي بالنسبة إلیهم، بل الداعي الشرعي یوجب حالة التعبّد في المكلّف، حیث إنّه حین امتثاله یكون مشغولاً بأمر الشارع.

و لكن ذلك یقتضي عدم لغویة الجعل الغیري بالنسبة إلى تلك المقدّمات و غایة الأمر أنّه یقتضي حسنه، و أمّا وقوع ذلك فلایدلّ علیه إلا إذا قلنا بأنّ الوجوب الغیري للمقدّمات لایحتاج إلى جعل آخر متمّم للجعل المتعلّق بنفس الواجب كما ذهب إلیه بعض الأعلام مثل المحقّق النائیني بل نفس الخطاب الأوّل یقتضي خطاباً غیریاً متعلّقاً بالمقدّمات.

المثال الثالث [4]

ما یكون لأجل أنّه لولاه لما وصل المكلّف إلى خطاب المولى حتّی ینبعث عنه من دون مدخلیة له في القدرة على متعلّقه و هذا كوجوب الفحص، فإنّه لأجل رعایة التكالیف الواقعیة و إیصالها إلى المكلّف من دون مدخلیة له في القدرة على متعلّقاتها و یلحق بذلك وجوب الاحتیاط بل مطلق الطرق و الأُصول المحرزه و یسمّی هذا القسم من المتمّم للجعل بالوجوب الطریقي.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo