< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الدلیل السابع: أخبار التثلیث

 

الدلیل السابع: أخبار التثلیث

منها مقبولة عمر بن حنظلة

إنّ صاحب الوسائل قد أورد بعضها في موضع و جاء فیها هذا التعبیر: «يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ»[1] ، و أورد قطعة أخری منها في موضع آخر[2] و إلیك نصّها:

محمّد بن یعقوب عن محمّد بن یحیی (العطّار) عن محمّد بن الحسین (محمّد بن الحسن الصفّار)([3] ) عن محمّد بن عیسی (بن عبید) عن صفوان بن یحیی عن داود بن الحُصَین (ثقة قد رووا عنه قبل وقفه) عن عمر بن حنظلة عن أبي ‌عبد‌الله في حدیث قال: «إِنَّمَا الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ: أَمْرٌ بَيِّنٌ‌ رُشْدُهُ‌ فَيُتَّبَعُ،‌ وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ‌ غَيُّهُ‌ فَيُجْتَنَبُ، وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَ (إِلَى رَسُولِهِ)».

قَالَ رَسُولُ الله: «حَلَالٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ، فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُ»، -ثمّ قال في آخر الحدیث:- «فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَاتِ».[4] [5] [6] [7]

منها صحیحة جمیل بن صالح

محمّد بن علي بن الحسین بإسناده عن علي بن مهزیار عن الحسین بن سعید عن الحارث بن محمّد بن النُّعمان (ثقة) عن جمیل بن صالح (من الأجلّاء) عن الصادق عن آبائه، قال: قال رسول الله في كلام طویل: «الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ: أَمْرٌ تَبَيَّنَ‌ لَكَ‌ رُشْدُهُ‌ فَاتَّبِعْهُ،‌ وَ أَمْرٌ تَبَيَّنَ لَكَ غَيُّهُ فَاجْتَنِبْهُ، وَ أَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ فَرُدَّهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».[8] [9] [10] [11]


تقریب الاستدلال بأخبار التثلیث بوجهین

الوجه الأوّل

إنّ المقبولة تدلّ على وجوب ترك الخبر الشاذّ الذي لیس بمشهور و علّل ذلك بقوله: «فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ» و المستفاد من التعلیل هو أنّ الوجه في ترك الخبر الشاذّ وجود الشكّ و الریب فیه، و هذه العلّة بعینها موجودة في مورد البحث و هي الشبهات التحریمیة، فلابدّ من ترك الشبهات التحریمیة لما فیها من الشكّ و الریب.

هذا من جهة صدر المقبولة.

و أمّا ذیل المقبولة فیشتمل على خبر التثلیث المنقول عن النبي و الإمام في صدر المقبولة أمر بترك الخبر الشاذّ لوجود الشك و الریب فیه و استشهد على ذلك في ذیل المقبولة بخبر التثلیث المنقول عن النبي و مورد الاستشهاد لیس إلّا قوله: «فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَم»([12] ) فالمقبولة تدلّ على لزوم ترك الشبهات و لذا قال الشيخ الأنصاري:«فیعلم من ذلك كلّه أنّ الاستشهاد بقول رسول الله في التثلیث لایستقیم إلّا مع وجوب الاجتناب عن الشبهات».[13]

الوجه الثاني

إنّ خبر التثلیث المذكور في المقبولة بنفسه یدلّ على وجوب ترك الشبهات مع قطع النظر عن استشهاد الإمام به، لأنّ قوله: «فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ» و أیضاً قوله: «وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُ» صریح في لزوم الاجتناب عن الشبهات. [14]

أجوبة ثلاثة عن الاستدلال بأخبار التثلیث

الجواب الأوّل

إنّ الأمر بالاجتناب عن الشبهة إرشادي للتحذیر عن المضرّة المحتملة فیها، فقد تكون المضرّة عقاباً و حینئذٍ فالاجتناب لازم، و قد تكون مضرّة أُخری فلا عقاب على ارتكابها على تقدیر الوقوع في الهلكة، كالمشتبه بالحرام حیث لایحتمل فیه الوقوع في العقاب على تقدیر الحرمة اتفاقاً، لقبح العقاب على الحكم الواقعي المجهول باعتراف الأخباریین أیضاً.[15]

و على هذا قد یكون الاجتناب من الشبهات إلزامیاً و قد یكون غیر إلزامي.

و المحقّق النائیني أیضاً التزم بأنّ الأمر بترك الشبهات إرشادي و قال:

إنّ الظاهر من قوله: «وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ» هو الملازمة بین التعرض للشبهات و الوقوع في المحرّمات، فالأخذ بالشبهات بنفسه لیس من المحرّمات بل یستلزم ذلك الوقوع فیها، فیكون النهي عن الأخذ بالشبهات للإرشاد إلى عدم الوقوع في المحرّمات، لأنّ التجنّب عن الشبهات یوجب حصول ملكة الردع عن المحرّمات، كما أنّ الاقتحام فیها یوجب التجرّي على فعل المحرّمات. [16]

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق العراقي

قال المحقّق العراقي في ذیل كلام المحقّق النائیني: و یمكن أن یكون الأمر فیها للاستحباب، كما مرّ منه في توجیه أخبار التوقّف السابق.[17]

توضیح ذلك: أنّ المحقّق النائیني أجاب عن أخبار التوقّف بوجهین:

أمّا جوابه الأوّل عن أخبار التوقّف فمبني على كون الأمر بالتوقّف فیها إرشادیاً ثم أجاب ثانیاً بوجه آخر بناءً على أن یكون الأمر في أخبار التوقّف مولویاً استحبابیاً.

و على هذا ینبغي له أن یجیب ثانیاً باستحباب الأمر بترك الشبهات من غیر أن یكون الأمر فیها إرشادیاً.

 


[3] الظاهر المراد من محمد بن الحسين هو محمد بن الحسن الصفّار لروايته كثیراً عن محمد بن عيسى بن عبيد.
[5] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص8. (رواه الصدوق بإسناده عن داود بن الحصين)؛.
[6] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص301. (رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى مثله)؛.
[9] الأمالي، الشيخ الصدوق، ج1، ص382. (رواه عن علي بن عبد الله الوراق عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي مثله)؛.
[10] الخصال، الشيخ الصدوق، ج1، ص153. (رواه عن أبيه عن محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق التاجر عن علي بن مهزيار مثله)؛.
[12] تقدمت في ص239.
[16] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج3، ص377. جاء فیه « وقع في المحرمات» و في الروایة « ارتکب المحرمات».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo