< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الجواب الثالث: ما أفاده المحقق الخوئي

 

الجواب الثالث: ما أفاده المحقّق الخوئي

إنّ المذكور فیها هو عنوان الشبهة و هو ظاهر في ما یكون الأمر فیه ملتبساً بقول مطلق فلایعمّ ما علم فیه الترخیص الظاهري، لأنّ أدلّة الترخیص تخرجه عن عنوان المشتبه و تدرجه في معلوم الحلّیة.

و یدلّ على ما ذكرناه من اختصاص الشبهة بغیر ما علم فیه الترخیص ظاهراً، أنّه لا إشكال و لا‌ خلاف في عدم وجوب التوقّف في الشبهات الموضوعیة بل في الشبهة الحكمیة الوجوبیة بعد الفحص، فلولا أن أدلة الترخیص أخرجتها عن عنوان الشبهة لزم التخصیص في أخبار التوقّف و لسانها آبٍ عن التخصیص و كیف یمكن الالتزام بالتخصیص في مثل قوله: «الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ‌ الِاقْتِحَامِ‌ فِي‌ الْهَلَكَةِ»؟[1]

الإیراد على الجواب الثالث

إنّ عنوان الشبهة في الروایات الواردة في الاجتناب عن الشبهات قد انطبق على ما التبس فیه الأمر واقعاً و ورد فیه الترخیص من الشارع ظاهراً كما تقدّم في موثّقة مسعدة بن زیاد و كما ورد في روایة النعمان بن بشیر قال: سمعت رسول الله يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ مَلَكٍ حِمًى، وَ إِنَّ حِمَى اللهِ حَلَالُهُ وَ حَرَامُهُ‌ وَ الْمُشْتَبِهَاتُ‌ بَيْنَ‌ ذَلِكَ‌، كَمَا لَوْ أَنَّ رَاعِياً رَعَى إِلَى جَانِبِ الْحِمَى لَمْ تَثْبُتْ غَنَمُهُ أَنْ تَقَعَ فِي وَسَطِهِ، فَدَعُوا الْمُشْتَبِهَاتِ».[2] [3]

و أیضاً ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ فِي كَلَامٍ ذَكَرَهُ‌: «حَلَالٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ فَهُوَ لِمَا اسْتَبَانَ لَهُ أَتْرَكُ وَ الْمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ فَمَنْ يَرْتَعْ‌ حَوْلَهَا يُوشِكْ‌ أَنْ‌ يَدْخُلَهَا».[4] [5] [6]

و على هذا لایمكن تفسیر عنوان المشتبه بما یكون الأمر ملتبساً بقول مطلق و لم‌یرد فیه الترخیص الظاهری.

و أمّا ما أفاده من أنّه یلزم من تعمیم عنوان المشتبه تخصیص أخبار التوقّف بالنسبة إلى الشبهات الموضوعیة و الشبهات الحكمیة الوجوبیة بعد الفحص مع أنّ لسانها آبٍ عن التخصیص، فیرد علیه: أنّ العلم بورود الترخیص الظاهري بالنسبة إلى بعض الشبهات لایقتضي تخصیص أخبار التوقّف بل یقتضي حملها على الاستحباب بالنسبة إلى هذه الموارد.

فتحصّل أنّ الجواب الصحیح من هذه الأجوبة هو الجواب الثاني الذي أفاده المحقّق النائیني.

الدلیل السادس: الروایات الدالّة على وجوب الاحتیاط

و هي على قسمین:

القسم الاول: أخبار الاحتیاط التي وردت في مورد خاصّ

الرواية الأُولى: موثّقة عبدالله بن وضّاح

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ (ثقة واقفي) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ (ثقة عامي) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَضَّاحٍ (ثقة إمامي) «أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْعَبْدِ الصَّالِحِ يَسْأَلُهُ عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَ الْإِفْطَارِ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَرَى لَكَ أَنْ تَنْتَظِرَ حَتَّى تَذْهَبَ الْحُمْرَةُ وَ تَأْخُذَ بِالْحَائِطَةِ لِدِينِكَ‌.».[7] [8] [9] [10]

الجواب عن الروایة الأولى

قال المحقّق النائیني([11] ) تبعاً للشیخ الأنصاري([12] ):

إنّ الشبهة في مورد الموثّقة إمّا شبهة موضوعیة و إمّا شبهة حكمیة:

(أمّا كونها حكمیة بعیدة لاستبعاد تقریر الإمام الجاهلَ على جهله في الشبهات الحكمیة، فإنّه على الإمام رفع الشبهة و تبیین الأحكام للجاهلین لا الأمر بالاحتیاط).

فإن كانت الشبهة موضوعیة فالاحتیاط فیها واجب على كلّ حال لاستصحاب بقاء النهار و عدم دخول اللیل و مع جریان الاستصحاب لایبقی موضوع للبراءة مع أنّه لو كانت الشبهة موضوعیة و أغمضنا النظر عن الاستصحاب فالاحتیاط لایجب فیها باتّفاق الأخباریین.

و إن كانت الشبهة حكمیة بأن یكون المراد من الحمرة المرتفعة الحمرة المشرقیة التي لابدّ من زوالها في تحقّق الغروب، فیكون السؤال حینئذ عن وقت المغرب الذي تجب الصلاة فیه و یجوز الإفطار عنده و أنّه هل یتحقّق باستتار القرص أو لابدّ من ذهاب الحمرة المشرقیة؟

و الإمام في مقام رفع هذه الشبهة و بیان أنّ الحمرة المشرقیة ‌لابدّ من زوالها في جواز الإفطار و صحّة الصلاة كما هو المشهور عند الخاصّة، فبین الحكم الشرعي بلسان الأمر بالاحتیاط و قال: «تَأْخُذَ بِالْحَائِطَةِ لِدِينِكَ».([13] )

و لعلّ السرّ في الأمر بالاحتیاط (مع أنّه كان ینبغي إزالة الشبهة و رفع جهل السائل بإلزامه بالانتظار حتّی تذهب الحمرة المشرقیة) هو التقیة و التباس الأمر على العامّة القائلین بتحقّق المغرب باستتار القرص، فأمر بالاحتیاط لكي یتخیل لهم أنّ الأمر بالانتظار إنّما كان لأجل الاحتیاط و حصول الیقین باستتار القرص لا لأجل أنّ المغرب لایتحقّق إلّا بذهاب الحمرة المشرقیة، فالإمام قد أفاد وجوب الانتظار على خلاف فتوی العامّة ببیان لاینافي التقیة.

كما أنّ قوله: «أَرَى لَكَ أَنْ تَنْتَظِرَ» الذي یستشم منه رائحة الاستحباب إنّما كان للتقیة و التباس الأمر على العامّة لكي یزعموا أنّ الحكم بالتأخیر إلى ذهاب الحمرة عند الخاصّة إنّما هو للاستحباب.

فالاحتیاط بمعنی التأخیر إلى ذهاب الحمرة في مفروض السؤال -على كلّ حال- واجب لا دخل له بما نحن فیه.

یلاحظ علیه

بناء على أنّ الشبهة كانت حكمیة یمكن أن یقال بأنّ الإمام أشار إلى استحباب الانتظار كما صرّح به الشيخ و المحقّق النائینی و لازم ذلك هو أن یكون وقت المغرب استتار القرص فما أفاده من أنّ للإمام تبیین الأحكام للجاهلین و یستبعد تقریر الإمام الجاهلَ على جهله في غیر محلّه بل الإمام بیّن الحكم للجاهل و الانتظار مستحب احتیاطاً لرعایة إحراز الموضوع.

 


[11] فوائد الأُصول، ج3، ص376: «و أما الموثقة فالشبهة في موردها لا‌تخلو: إما أن تكون موضوعية، و إما أن تكون حكمية...».
[12] فرائد الأصول (ط. النشر الإسلامي)، ج‌1، ص348: «و أمّا عن الموثقة فبأنّ ظاهرها الاستحباب و الظاهر أنّ مراده الاحتياط من حيث الشبهة الموضوعية...».
[13] راجع ص229.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo